وأين العيبُ اِن كُنتُ جاهل بما يجري في العالم من حروب واختلافات ؟ المهمُّ انّني أعلمُ أنّها سياسةُ ولِعبة كائنات ظلاميّة اِستولت على العقول ونوّمتها وبرمجتها على التّفرقة والقتلِ والتّعذيب والتّخريب والتّدمير...باسم الدّفاع عن الوطن أو الدّين أو العِرْقِ او الأصل...وأنّ هدفها هو تغذية أرواحِها الشّريرة على تِلك الطّاقات السّلبيّة المُنطلقة من سفك الدّماء والأحزان والمشاعر السّلبيّة...
وما الفرقُ اِن علِمتُ أو لمْ أعلم بالسّياسة وبأسماءِ الأحزاب ورؤساء الدّول ومخطّطاتِهم ؟ المُهِمُّ أنّني أعلمُ أنّ تِلك الكائِنات الظلاميّة قد نجحت في تدمير البشر وجعلِهم ينسوْن قيمتهُم وقُدُراتِ عُقولِهم ونجحت في رفْعِ نِسْبةِ حُبِّ التّملُّكِ والِاستيلاء والسّيطرة عند بعْضِهم وأنانيتهم وطمعِهم في توسيع رُقعةِ دولتهِم واِيهامِ البعض الآخرِ أنّ واجبهم هو الدّفاع عنْ مساحة مِن الأرض عرّفُوا أنفُسهم فيها ومجموعة من المعتقدات أصبحوا هُمْ جزءا منها بدل أن تكون هي جزءا مِنهُم. المُهِمُّ أنّني أعلمُ أنّ تِلك الكائِناتِ الظّلاميّة هدفُها هو أنْ ترفع نسبة الاِيغو عند الاِنسان وتُغفّله عن الحقيقة بأن الأرض تتّسِعُ لنا جميعا مع المخلوقات أجمعين وأنّ لِكُلِّ واحد مِنّا مساحة مِن الأرْضِ ما يُعادِل طُول قدميْهِ في عرضِهِما اِن كان واقفا وطوله في عرضِه اِن كان مُتمدّدا وأنّ النّعيم في التّنقُّل والسّياحةِ عبر الأرضِ دُون قُيود ودون اِذن أحد لأنّ الأرض مِلكٌ للجميع وليْست الحقيقةُ في الدّفاعِ عنْ وطن كامل قد لا يكفيه عمره كاملا ليجول أرجاءه. المُهمّ أنّني أعلمُ أنّها توفّقت في اِيهامه أنّ واجبه هو الدّفاع عن وطنه وعِرقه ودِينه وحتّى عن اِلهِهِ الذي هو غنيٌّ على أن يُدافع عنهُ مخلوق...وحصر تفكيره فقط في ما تراه عينه وتشتهيه لا فيما يُبْصِرُه قلبُه ويشهد به...وأنْستهُ أنّ حقّهُ من كُلِّ تِلْك الجُغرافيا هو رقعةُ ظِلِّه التي يستقرّ فيها وأن واجبه ليس الدّفاع عن انتِسابِه أو البحْثِ عن توسيع مُمتلكاته بل البحثُ عن نفسِه والتّعرُّفِ عليْها وعن خالقها الحقيقيّ الذي يُحبّها حُبّا لا مشروطا...لأنّ الاِنسان في الحقيقة لايملك شيئا من غير تلك النفس ومن غير عقله الذي يساعده عن الاِترقاء...
ما التّغييرُ الذي سأُحدِثُه اِنْ تفاعلتُ بشدّة وحرقتُ أعصابي بسببِ سياسة دولتي أو بِسبب مخطّطات اِسرائيل أو العرب أو أمريكا أو غيرها ؟ هلْ سيسمعُون صوْتِي ؟ هلْ سأُغيّرُ العالم ؟ منذ قامت الدُّنيا والعالمُ هكذا لماذا نبحثُ عن تغييره وفرْضِ السّلامِ فيه ؟ هذا مستحيل ! ليس من واجبنا ذلِك بل مِنْ واجبنا أن نُحقِّق سلامنا الدّاخليّ. فالسلام هنا بين أيدينا وليس في مكان ما ولا في زمن ما...
أغلب النّاسِ الذين يعتقدون أنّهم يُفكّرون ويتابعون الأحداث أجدُهُم يتجادلون في مواضيع لنْ تُغير شيئا من العالم فقط هم يُهدرون طاقاتِهم فيما لا ينفعُهُم وغافلون عن تطوير ذواتهم وهم لا يعلمون أنّهم يعانُون مِنْ حُبّ الظهور وحُبِّ الاِختلاف وفي الحقيقة اِنّهُ تقليد من نوع آخر لأنّ أغلبهُم متشابهين...
لستُ مجبرة أن أتابع ما يحدث من خراب فأُضِيعُ وقتي وتشمئزُّ نفسي وتكتسِبُ طاقة سلبيّة وتخسِرُ طاقة اِيجابيّة
أنا لا أنتمي لهذا العالم أنا انتمي فقط لي وللمصدر النُّورانِيّ الذي أتيْتُ مِنْه والذي نفسي تحِنُّ اِليه...