Enlarge font Decrease font
لا أحد يعرف سبب فشل مشروع محلات الرئيس، التي بدل أن تساهم في حل مشاكل البطالة في أوساط الشباب، تحولت إلى موضوع مؤرق للمواطنين والسلطات العمومية في نفس الوقت.
المشكل بدأ بكذبة بسيطة على رئيس الجمهورية، عندما طرح على الذين اختارهم لينفذوا برنامجه، أن يجدوا حلا للشباب الجامعيين البطالين. وجاءت فكرة توفير محلات مهنية لهم. ولما سأل كم يكلف محل، جاءه الرد 54 مليون سنتيم. فأمر بأن يتم إنجاز 100 محل في كل بلدية عبر ولايات الوطن الـ48.
ولما كان الذي نطق بذلك المبلغ يعرف أنه يستحيل إنجاز محل محترم بذلك المبلغ، ومع ذلك قاله للرئيس، اجتهدت وزارتا الداخلية والتجارة لإنجاز محلات بذلك المبلغ. ولم يجرؤ حتى ''الرجل القوي'' زرهوني، الذي أخطره ''عدد قليل'' من الولاة أن المشروع سيفشل لا محالة، أن يصحح الأمر ويقول لصديقه الرئيس أن المشروع آيل للفشل، لأن 54 مليون سنتيم لا تكفي حتى لبناء ''براكة''.
واختار ولاة الجمهورية مكاتب الدراسات والمقاولين القادرين على ''تنفيذ'' برنامج الرئيس. وأبدعوا في تصميم ''مكعبات'' مرمية في أطراف المدن والأرياف. وأنفق المال العام، وأنجزت مئات الآلاف من المحلات في كل البلديات، وصارت اليوم ملجأ للأشرار والمنحرفين. ويمكن القول إنّ الدولة بدل أن تحل مشكل الشباب الجامعيين البطالين، حلت مشكل ''إيواء مجموعات الأشرار'' التي صارت تلك المحلات مجالها الحيوي.
لا يستطيع وزير الداخلية دحو ولد قابلية ولا وزير التجارة مصطفى بن بادة أن يقولا أن مشروع ''محلات الرئيس'' فشل. رغم أن الأول يعرف بحكم كونه وزير ''البوليس'' ما يحدث فيها. ويعرفان أيضا من ورط الرئيس في هذا الفشل، ولن يحاسباه أو يحابياه على إهدار المال العام، وأكثـر من ذلك أن ''جزءا'' من برنامج الرئيس مبني على كذبة، تم أخذها مأخذ الجد وأنتجت ما أنتجت.
هذا مثال بسيط على أشكال ''الكذب'' الذي أوصل بلدا مثل الجزائر إلى حالة حيث لا تنتج منظومتها التربوية أساتذة في الرياضيات، وهي التي هرب منها آلاف الجامعيين الذين تتهافت عليهم كبريات الجامعات العالمية للاستفادة مما يملكون من مؤهلات.
جمع دحو ولد قابلية، نهار أول أمس، ولاة الوسط، وسيجمع بعدهم ولاة الشرق والغرب والجنوب، والذين ازدهرت في عهدهم كل الانحرافات. وأمرهم بأن يجدوا بديلا للأسواق الفوضوية التي انتعشت وصارت تهدد الأمن العام أمام أعينهم ولم يتحركوا. ولا شك أنهم سيقترحون عليه حلولا قريبة من ''مكعبات الرئيس''، لأنه لا أحد حاسب الذين خلقوا السوق الفوضوية، ولا أحد سيحاسب الذين سيفشلون في إيجاد حل لها.
عن الخبر مجرد رأي