يتوقع مراقبون أن يكون الدخول الاجتماعي مقترنا بحكومة جديدة، أو أن يمدد الرئيس في عمر الحكومة الحالية إلى ما بعد الانتخابات المحلية أو أن يقوم بتعويض الوزراء المقالين بوزراء جدد قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولند للجزائر قبل نهاية هذا العام.
وهذه التوقعات تستند إلى "وهم" خلاف قائم بين المرادية وتاقارا حول اسم المرشح لرئاسة الحكومة الجديدة وحول بقاء حزب "حمس" فيها أم تعويضه بحزب إسلامي جديد؟.
أما العارفون بالشأن الجزائري فإنهم يتذكرون آخر اجتماع لمجلس الوزراء في 7 فيفري الماضي، وينتظرون اجتماعا آخر مع الدخول الاجتماعي حتى يصبح اجتماع مجلس الوزراء مرة كل ستة أشهر، واجتماع مجلس الحكومة تحت طلب الرئيس.
والاجتماع القادم سيشمل رزنامة "قوانين" ولائحة توجيهات سياسية حول الدخول الاجتماعي، والتحضيرات لزيارة الرئيس الفرنسي التي ستنقذ من الإفلاس الكثير من المؤسسات الفرنسية وتجدد الروح في حزب فرنسا الذي قال عنه الجنرال المتقاعد خالد نزار بأنه "حزب لغوي"، متجاهلا جذور رجاله المنحدرين من ضباط الجيش الفرنسي والمدعمين -بعد استرجاع السيادة - بمزدوجي الجنسية.
حكومة ما بعد هولاند
تختلف آراء المتتبعين للوضع السياسي القائم في الجزائر حول مفهوم (المنطق) في السياسة الجزائرية الداخلية، فهناك من يعتقد أن منطق الحكم هو أن الرئيس ليس في حاجة إلى حكومة وليس في حاجة إلى وزراء، لهذا رفض إجراء "جلسات رمضانية" معهم بالرغم من مطالبتهم بتقديم ملفات حول الوزارات التي يديرونها بالنيابة، ويوعز البعض الآخر ذلك إلى الخلافات التي شبت بين إدارتي الوزارتين اللتين على رأسهما وزير واحد، وأمثال هؤلاء الوزراء بالنيابة يواجهون مشاكل التسيير واتخاذ القرارات ولهذا أعفاهم الرئيس من هذه المهمة وهي إعداد التقرير والتحدث باسم الوزارتين مما جعل بعضهم يأخذ "عطلة سرية" لبضعة أيام، والكل متخوف من أن يكون الدخول الاجتماعي ساخنا مثل سخونة رمضان الطبيعية والمادية.
أصحاب هذا الرأي يعتقدون أن الأهم في السياسة الجزائرية هي استرجاع "مكانة الجزائر" لدى الرئيس الفرنسي وبداية علاقات جديدة تحمي السلطة الجزائرية من أي ربيع محتمل، أو هجوم إعلامي أوروبي، وهناك من يرى أن السياسة في الجزائر لا تخضع لأي منطق، وليس لأصحابها أجندة، وإنما هي "سياسة مزاجية"، ويستدلون على ذلك بما يدور من أحاديث بين الناس حول مستقبل الجزائر وهو: "دعوها إنها مأمورة" وأنها مجبرة على التوقف في كل موعد انتخابي لتجدد الأمل ثم تمشي حيثما شاءت ما دام هناك موعد آخر يتجدد في كل انتخاب.
وإذا كانت الجزائر مأمورة بالمنطق الديني فإن الحكومة في أحاديث الشارع هي مأجورة، ومهمتها هي الإشراف على الانتخابات والتأكيد على أنها "انتخابات مصيرية شبيهة بثورة أول نوفمبر" وهي مجبرة على إجرائها والإعلان عن نتائجها حتى ولو أن الشعب كله قاطعها.
نهاية النهاية
الحكاية باختصار أن السلطة في ورطة فهي مطالبة بعقد مجلس وزراء لمناقشة الدستور الجديد وعرضه على البرلمان للتصديق عليه، ولكنها أمام إحراج كبير فهل تبقي على العهدة مفتوحة أم تحددها، وهذا القرار يصعب اتخاذه لأن الجزائر مأمورة وتصعب مناقشته لأن الحكومة مأجورة، فما العمل؟؟.
لا تستطيع أن تبني تحليلك على المعطيات المتوفرة لتصل إلى نتيجة منطقية، ولا تستطيع التكهن بالمستقبل، لأنه مرهون بمنطق "اللا منطق"، فقد أسر لي أحد الأصدقاء بأن السلطة بدأت تستولي على مقرات بعض الأحزاب التي ربما يقاطع أصحابها الانتخابات المحلية القادمة، لكن الأسئلة التي لا يستطيع أحد الإجابة عنها، باستثناء الرئيس، فهي: هل ستبقى الحكومة أم سترحل؟ وهل سيلجأ الرئيس إلى "وجه جديد"؟ أم أنه سيجدد الوجوه القديمة؟ وهل سيقوم بتعديل جزئي أم كلي أو تغييرجذري؟.
أعتقد أن الإجابة الوحيدة التي يمكن استخلاصها من الواقع المعيش للمواطن الجزائري أنه لم يعد في حاجة إلى شباب لتسيير البلاد وليس في حاجة إلى تعديل أو تغيير الحكومة لأنه لم يعد يهمه من يأتي أو يذهب في الحكومة، فقد صار ينتزع حقه بالقوة متى شاء، ولا يحتاج إلى تلبية حاجاته اليومية ما دامت البلاد كلها "طرابندو"، وبات لا يختلف في تفكيره عن تفكير من يديرون البلاد بمنطق "ما بعدي الطوفان"، فأي مستقبل لربيع عربي في بلد همّ أصحابها لا يتعدى مصالحهم الشخصية؟