![]() |
|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
أسباب النصر الحقيقية // للشيخ العثيمين -رحمةُ الله عليه-
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدُ لله العظيمِ في قَدْرِه، العزيزِ في قهْرِه، العالمِ بحالِ العَبْدِ في سِرِّه وجَهْرِه، الجائِدِ على المُجَاهدِ بِنَصْرِه، وعلى المتَواضِعِ من أجْلِهِ بِرَفْعِه، يسمعُ صَريفَ القلمِ عند خطِّ سَطْرِه، ويرى النَّملَ يدبُّ في فيافي قَفْرِه، ومِن آياتِه أنْ تقوم السَماءُ والأرضُ بأَمْرِه، أحْمَدُهُ على القَضَاءِ حُلْوِه ومُرِّه، وأشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له إقامةً لِذْكْرِهِ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه المبعوثُ بالبِرِّ إلى الخلْقِ في بّره وبَحْرِه، صلَّى الله عليه وعلى صاحِبِه أبي بكرٍ السابقِ بما وَقَرَ من الإِيمانِ في صَدْرِه، وعلى عُمَر مُعزِّ الإِسلامِ بَحَزْمِه وقهرهِ، وعلى عثمانَ ذِي النُّورَينِ الصابِر من أمره على مُرِّه، وعلى عليٍّ ابن عمِّه وصِهْرِه، وعلى آلِهِ وأصحابه والتابعينَ لهم بإِحسانٍ ما جاد السحابُ بقطْرِه، وسلَّم تسليماً. إخواني: لقد نصرَ الله المؤمنينَ في مَواطنَ كثيرةٍ في بدرٍ والأحزابِ والفتحِ وحُنينٍ وغيرها، نصرَهُمُ اللهُ وفاءً بِوَعدِه {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ } [الروم: 47] {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَـادُ * يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ الْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } [غافر: 51، 52]. نَصرَهُمُ اللهُ لأنهم قائمونَ بدينِه وهو الظَّاهرُ على الأديانِ كلِّها، فمن تمسك به فهو ظاهرٌ على الأممِ كلِّها {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْكَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } [التوبة: 33]. نصَرَهم اللهُ تعالى لأنهم قاموا بأسبابِ النصرِ الحقيقيَّةِ المادَيةِ منها والمَعْنَويةِ، فكان عندهم من العَزْمِ ما بَرَزُوا به على أعْدائهم أخذاً بتوجيه اللهِ تعالى لَهُم وتَمشِّياً مع هديهِ وتثبيتِه إياهم {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } [آل عمران: 139، 140] {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَآءِ الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } [النساء: 104] {فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُواْ إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَـالَكُمْ * إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } [محمد: 35، 36]. فَكانوا بهذِه التَّقْويَةِ والتثبيتِ يَسِيرونَ بِقُوةٍ وعزْمٍ وجِدٍّ وأخَذُوا بكِلَّ نصيبٍ من القُوة امتثالاً لقولِ ربِّهم سبحانه وتعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ } [الأنفال: 60] من القُوَّةِ النفسيةِ الباطنةِ والقوةِ العسكريةِ الظاهرة. نصرهم الله تعالى لأنهم قامُوا بنصر دينِه {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ } [الحج: 40، 41]. ففي هاتين الآيتين الكريمتين وعدَ اللهُ بالنصر من ينصرُه وعداً مؤكداً بمؤكدات لفظية ومَعنوية، أما المؤكدات اللفظية فهي القسمُ المقدَّرُ لأنَّ التقديرَ واللهِ لينصرنَّ اللهُ مَنْ ينصرُهُ وكذلك اللامُ والنونُ في «وَلَيَنصُرَنَّ » كلاهُما يفيدُ التوكيدَ، وأمَّا التوكيدُ المعنويُّ ففي قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ } فهو سبحانه قَويٌّ لا يضْعُفُ وعزيزٌ لا يُذَلُّ وكلُّ قوةٍ وعزةٍ تُضَادُّهُ ستكونُ ذُلاً وضعفاً وفي قولِه: {وَلِلَّهِ عَـاقِبَةُ الاُْمُورِ } تثبيتٌ للمؤمِنِ عندما يسْتَبعِدُ النصر في نَظَره لِبُعد أسبابِه عندَه فإنَّ عواقبَ الأمورِ لله وحْدَهُ يغَيِّر سبحانَه ما شاءَ حَسْبَ ما تَقْتَضِيه حكمَتُه. يُتبع إن شاء الله
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() وفي هاتين الآيتين بيانُ الأوْصافِ التي يُستحقُّ بها النصرُ وهي أوصافٌ يَتَحَلَّى بها المؤمنُ بعدَ التمكين في الأرضِ، فلا يُغْرِيه هذا التمكينُ بالأشَرِ والْبَطرِ والعلوِّ والفسادِ، وإنما يَزيدُه قوةً في دين الله وتَمسُّكاً به.
الوصفُ الأول: {الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّـاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُواْ الصَّلاةَ } [الحج: 41] والتمكينُ في الأرض لا يكونُ إلاّ بعْدَ تحقيق عبادةِ الله وحْدَه كما قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّـالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً } [النور: 55]. فإذا قام العبدُ بعبادَةِ الله مخلصاً له في أقْوَالِه وأفعالِه وإرادَتِه لا يريدُ بها إلا وجه الله والدار الاخرة ولا يريد بها جاهاً ولا ثناءً من الناسِ ولا مالاً ولا شيئاً من الدُّنيا، واستمَرَّ على هذِه العبادة المخْلصة في السَّراء والضَراءِ والشِّدةِ والرَّخاءِ، مكَّنَ الله له في الأرض. إذَنْ فالتمكينُ في الأرضَ يستلزمُ وصفاً سابقاً عليه وهو عبادةُ اللهِ وحْدَه لا شريكَ له. وبعد التمكين والإِخلاص يَكُونُ: الوصفُ الثاني: وهو إقامةُ الصلاةِ بأن يؤدِّيَ الصلاة على الوجهِ المطلوب منه قائماً بشروطِها وأركانِها وواجباتِها وتمامُ ذلك القيامُ بمُسْتَحَبَّاتِها، فيحسنُ الطُّهورَ، ويقيمُ الركوعَ والسجودَ والقيامَ والقعودَ، ويحافَظُ على الوقتِ وعلى الجمعةِ والجماعاتِ، ويحافظُ على الخشوعِ وهو حضورُ القلبِ وسكونُ الجوارح، فإِنَّ الخشوعَ رُوحُ الصلاةِ ولُبُّها، والصلاةُ بدونِ خشوعٍ كالجسمِ بدون روحٍ، وعن عمار بن ياسرٍ رضي الله عنه قال سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يقولُ: «إنَّ الرجل لينصرفُ وما كتِب له إلاَّ عُشْرُ صلاتِهِ تُسْعُها ثُمنْها سُبْعُها سُدسُها خُمْسُها ربْعُها ثلْثُها نصفها»، رواه أبو داود والنسائي[51]. الوصفُ الثالث: إيتاءُ الزكاةِ {وَآتُواْ الزَّكَاةَ } بأن يعْطوُهَا إلى مستحقِّيها طِّيبةً بها نفوسُهم كاملةً بدونِ نقصٍ يبتغُون بذلك فضلاً من الله ورضواناً، فيُزكُّون بذلك أنفسَهُم ويطهِّرون أموالَهم وينفعونَ إخوانهم من الفقراءِ والمساكينِ وغيرهم من ذوي الحاجات، وقد سبقَ بيانُ مُسْتحِقَّي الزكاةِ الواجبةِ في المجلِسِ السابعَ عَشر. الوصفُ الرابعُ: الأمر بالمعروفِ {وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ } والمعروفُ كلُّ ما أمرَ اللهُ به ورسولُه من واجباتٍ ومستحبات، يأمرون بذلك إحياءَ لشريعةِ اللهِ وإصلاحاً لعباده واستجلاباً لرحمتِهِ ورضوانِهِ، فالمؤمنُ للمؤمنِ كالبنيِان يشدُ بعضُه بعضاً، فكما أنَّ المؤمنَ يحبُّ لنفسِهِ أَنْ يكونَ قائماً بطاعَةِ ربِّه فكذلك يجبُ أن يحبَّ لإِخوانِه من القيام بِطاعةَ الله ما يحبُّ لنفسه، والأمرُ بالمعروفِ عن إيمانٍ وتصديقٍ يستلزمُ أن يكونَ الأمرُ قائماً بما يأمرُ به لأنه يأمرُ به عن إيمانٍ واقتناعٍ بفائدتِهِ وثمراتِهِ العاجلة والآجلةِ. الوصفُ الخامسُ: النَّهيُ عن المنكرِ {وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ } والمُنْكَرُ كلُّ ما نهى اللهُ عنه ورسولُه من كبائر الذنوبِ وصغائِرِها مما يتعلقُ بالعبادةِ أو الأخلاقِ أو المعاملةِ ينْهونَ عن ذلك كلِّه صِيانةً لدينِ الله وحمايةً لِعباده واتقاءً لأسْبابِ الفسادِ والعقوبةِ. فالأمرُ بالمعروفِ والنَهْيُ عن المنكر دعَامَتَانِ قَوِيَّتانِ لبقاءِ الأمَّةِ وعزتِها ووحْدَتِها حتى لا تتفرَّق بها الأهواءُ وتَشَتَّتَ بها المسالكُ، ولذلك كانَ الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر من فرائِضِ الدين على كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ مع القدرةِ {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلِئكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيِّنَـاتُ وَأُوْلئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [آل عمران: 104، 105]. فَلَوْلا الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر لتَفَرَّق الناسُ شِيعاً وتمزَّقوا كل ممزَّق كلُّ حزبٍ بما لَدَيْهِمْ فرحون، وبه فُضِّلت هذه الأمةُ على غيرها {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } [آل عمران: 110]. وبتَركه {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَـاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [المائدة: 78، 79]. فهذه الأوصافُ الخمسةُ متى تحقَّقتْ مع القيامِ بما أرشدَ الله إليه من الْحَزمِ والعزيِمَةِ وإعْدادِ القُوَّةِ الحسيَّة حصل النصرُ بإذنِ الله {وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } [الروم: 6، 7]. فيَحْصَلُ للأمَّةِ من نصْر الله ما لَمْ يخْطُرْ لهم على بالٍ، وإن المؤمنَ الواثقَ بوعدِ الله ليَعْلمُ أنَّ الأسباب المادِّيةَ مَهْما قويَتْ فليستْ بشيء بالنسبةِ إلى قُوةِ الله الذي خلقها وأوْجَدَها، افْتَخَرَتْ عادٌ بقوَّتِها وقالُوا منْ أشدُّ منا قوةً فقال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِـَآَياِتنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْي فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } [فصلت: 15، 16]. وافْتَخر فرعونُ بمُلكِ مصْرَ وأنْهَاره التي تْجري مِنْ تحته فأغرقَه الله بالماءِ الَّذِي كان يفْتَخرُ بِمثْلِهِ وأوْرث مُلْكهُ مُوسى وقومَه وهو الَّذِي في نظر فرعونَ مَهِيْن ولاَ يكادُ يُبِين، وافتَخرت قريشٌ بعظَمتها وَجَبروتِها فخرجوا من ديَارِهم برؤسائِهم وزعمائِهم بطراً ورِئاءَ الناس يقولون لا نَرْجعُ حتى نقدمَ بَدْراً فننحرَ فيها الجزور ونَسْقِيَ الخمورَ وتعزفَ الْقِيانُ وتسمعَ بنا العربُ فلا يزالُون يهابوننَا أبداً. فَهُزمُوا على يد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وأصحابه شرَّ هزيمةٍ، وسُحبت جثثُهم جِيفاً في قليبِ بدرٍ، وصاروا حديثَ الناس في الذُّلِّ والهوانِ إلى يوم القيامةِ. ونحنُ المسَلمين في هذا العصرِ لو أخَذْنَا بأسباب النصرِ وقُمْنَا بواجبِ دينِنا وكنَّا قدوةً لا مُقْتَدين ومتبوعِين لا أتباعاً لِغَيرنا وأخَذْنَا بوسائِل الحرب الْعَصْريَّةِ بصدقٍ وإخلاصٍ لنصَرنَا الله على أعدائنا كما نصر أسلافَنا. صدقَ الله وعْدَه ونصر عَبْدَه وهزَمَ الأحزابَ وحْدَه. {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً } [الفتح: 23]. اللَّهُمَّ هييء لنا منْ أسبابِ النصرِ ما به نَصْرُنَا وعزتُنا وكرامتُنا ورفعةُ الإِسلام وذُل الكفرِ والعصيانِ إنك جوادٌ كريمُ وصلَّى الله وسلَّم على نبِينا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمَعين. ------------------ [51] قال العراقي إسناده صحيح. منقول من موقعِ الشيخ رحمهُ الله تعالى |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() النَّصر منوط بإصلاح النُّفوس
توفيق عمروني إنَّ حادث غزَّة الأليم لم يكن ليمرَّ دون أن يكون للحماسة نصيبها، وللعواطف الجيَّاشة حظُّها منه، كما كان للألسن والأقلام سهمٌ كبير، فأنصفَ بعضهم، وقصَّر بعضهم، واعتدى آخرون، وإنَّ من الظُّلم المكشوف أن تثمَّن مواقف أُناس هم للكفر أقرب منهم للإيمان، وينظر بعين الشَّزر لموقف السَّلفيِّين الَّذين لا يصدرون إلاَّ عن شريعة ربِّ العالمين، مستضيئين بكلام العلماء الموثوقين، إذ موقفهم لا يخضع للحماسات والانفعالات، ولا لضغوط العامَّة والغوغائيِّين ولا للسِّياسات، فلم يرتضِ موقفَهم بعضُ من جار عليهم بقلمه، إذ لَمَّا وصل إلى موقفهم بعد سَرْدِه لمواقف غيرهم استخفَّ بقولهم ورأيهم، وانتقصه من طرفٍ خفيٍّ؛ وزعم أنَّ موقفهم شكَّل صدمةً لبعض الشَّرائح الجماهيريَّة؛ لأنَّهم في ظنِّه لم يتفاعلوا مع الحدث بإيجابيَّةٍ كافيةٍ، فهم لم يشاركوا في المظاهرات العارمة ولا في المسيرات الجارفة، ولم يحضروا التَّجمُّعات الحافلة، ولم يرفعوا اللاَّفتات المندِّدة، ولا الشِّعارات الرَّنَّانة المتَّعدِّدة، فهم ـ على حسبه ـ لم يبرحوا مكانهم، وردَّدوا علينا ما نسمعه منهم في كلِّ نازلة وواقعة، بل في كلِّ مناسبة مِنْ سلم أو حَرْبٍ، وهو أنَّ ما حلَّ بنا سببه ذنوبنا وتقصيرنا وتفريطنا في أمر الله تعالى، وأنَّ المخرج مِنْ كلِّ ضائقة إنَّما هو في العودة إلى الله والتَّوبة والإنابة وحسن القصد وصدق المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وكأنَّ الكاتب يريد أن يقول هذا عهدناه منكم وسمعناه كثيرًا وكثيرًا، فلم تأتوا بجديد ولم تشفوا غليلَ هذه الحشود الغاضبة، وهذه السُّيول البشريَّة الثَّائرة، وكما جاء في تعبيره بالحرف: «في الأغلب الأعمِّ الاتِّجاه التَّقليدي الَّذي تتحدَّد مواقفه، كما في حالات مماثلة انطلاقًا من قراءة للمشهد، مفادها أنَّ كلَّ ما يحلُّ بالمسلمين من نكبات مَرَدُّهُ إلى تخلِّيهم عن النَّهج الإسلامي القويم، والضّعف الَّذي أصاب عقيدتهم وابتعادهم عن نهج السَّلف، ومن المنطقي وفق هذه القراءة أن يكون معكوس هذه العِلَل هو أساس كلِّ علاجٍ لواقع الأمَّة المتردِّي بشكل عامٍّ، وهو المدخل للتَّعامل مع هذه الأحداث». وقال آخر: «وبشكلٍ عام يمكن القول رغم الفروقات الطَّفيفة بين مكوِّنات الاتِّجاه السَّلفي التَّقليدي تركزَ خطابه حول أنَّ المدخل الرَّئيسي لنصرة غزَّة يقوم على إصلاح النَّفس، والتَّخلي عن ارتكاب المعاصي والتَّوجُّه إلى الله بالدُّعاء لنصرة الشَّعب الفلسطيني». يُتبع إن شاء الله |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() فنقول: وإنْ لم يَرُقْكُم هذا الموقف القويم، وهذا الجواب السَّديد من السَّلفيِّين؛ فارجعوا إلى كُتُبِ أهل العلم لِتَقِفُوا على حقيقةٍ مُهِمَّة غاية في الأهميَّة، وهي: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() فيجب أن تتوجَّه العناية إلى إصلاح النُّفوس وتهذيبها وتنقيتها من شوائبها وشرورها، حتَّى تسعد الأمَّة بأفرادٍ صالحين ومتَّصفين بالصَّلاح الَّذي أراده الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا بالصَّلاح المستمد من نظريَّات الرِّجال، ومن أفكار الغرب وزبالة أذهان البشر، فالصَّالح من الرِّجال والنِّساء في لسان الشَّرع قرآنًا وسُنَّةً ـ كما قال الشَّيخ ابن باديس رحمه الله: «هو من استنار قلبه بالإيمان والعقائد الحقَّة، وزكت نفسُه بالفضيلة والأخلاق الحميدة، واستقامت أعمالُه وطابت أقوالُه، فكان مصدرَ خيرٍِ ونفعٍ لنفسه وللنَّاس، استقام نظامه في عقده وخلقه وقوله وعمله، فعظمت وزكت منفعته، وهذا هو معنى الصَّالحين حيثما جاء» [«تفسير ابن باديس» (ص207)]. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() فلا تُنصر الأمَّة إلاَّ بمن سلِمَت عقائدهم وأعمالهم وأقوالهم من الشِّرك والبدع، وقلَّت معاصيهم وكثرت طاعاتهم، وليس تُنصر أبدًا بالطَّائفين والمتمسِّحين بالأضرحة والقبور، ولا بالمستهترين بسنَّة سيِّد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ولا بتاركي الصَّلاة، ومانعي الزَّكاة، وآكلي الرِّبا والرِّشوة ونحو هؤلاء من أتباع الأهواء والشَّهوات، ممَّن يسهل عليهم مخالفة أمر الله في أحكامه، وترك سنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، لكنَّهم في نفس الوقت يرفعون شعارَ الجهاد، ويزعمون أنَّهم ناصرون لإخوانِهم، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد 7]، فهؤلاء في حقيقة أمرهم لا يزيدون الأمَّة إلاَّ وهنًا على وهن، ويُوَسِّعون على الرَّاقع الخَرق؛ وهذا ما لا يريدُ أن يسمعَه كثيرٌ من المتحمِّسين والحركيِّين الَّذين قلَّ نصيبهم من العلم بالكتاب والسُّنَّة، ويلوي عنقَه معرِضًا، ويعدُّه ضربًا من التَّخذيل والتَّثبيط للهمم والعزائم، وعدم فقهٍ للواقع؛ هذا الواقع الَّذي أسلموا أمرهم له، فصاروا طوعَ أمر الواقع لا طوعَ أمر الشَّارع، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله؛ وامتطوا مناهج مستحدَثة ومسالكَ مبتدَعَة تستمدُّ موادَّها وتصوُّراتِها من بقايا فكرِ فِرقٍ وطوائفَ انحرفت عن أهل الحديث والسُّنَّة، ولم يلتفتوا إلى طريقة الأنبياء عليهم السلام في الإصلاح والتَّغيير؛ لأنَّها ـ في زعمهم ـ لا تتماشى وروح العصر والأساليب الحضارية، وما ذلك إلاَّ لأنَّهم استطالوا الطَّريق واستعظموا المشقَّة، واستعجلوا الثَّمرة، ورأوا أنَّ الإصلاح بهذه الطُّرق المحدَثة أسهل على النُّفوس، وأيسر على الرَّئيس والمرؤوس؛ ألا فليعلم هؤلاء أن تنكُّبَهم عن منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستوجبُ العقوبةَ، ولا تجني الأمَّة منه إلاَّ تأخُّرا عن النَّصْر، وتعطُّلاً عن الظَّفَر، واسمع إلى كلام العالم الرَّبَّاني الَّذي فقه الكتاب والسُّنَّة وفَقِه واقعَه المرير، وعرف من أينَ وكيف يبدأُ الإصلاح الشَّيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله وهو يقول: «فإنَّ ممَّا نعلمُه، ولا يخفَى على غيرِنا أنَّ القَائدَ الَّذي يقول للأمَّة: (إنَّكِ مظلومَةٌ في حقوقِكِ، وإنَّني أريدُ إيصالَكِ إليها)، يجدُ منها ما لا يجدُ مَنْ يقول لها: (إنّكِ ضالَّةٌ عن أصولِ دينِك، وإنَّني أريدُ هِدايَتَك)، فذلك تُلبِّيه كلُّها، وهذا يقاومُه مُعظمُها أو شطرُها...» [«الصِّراط السَّوي»: (عدد15/1352هـ)]. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فَإِنَّ الله أَصْلَحَ الأَرْضَ برَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَدِينِهِ، وَبالأَمْرِ بالتَّوْحِيدِ، وَنَهَى عَنْ فَسَادِهَا بالشِّرْكِ بهِ ومخَالَفَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ؛ ومَنْ تَدَبَّرَ أَحْوَالَ العَالَمِ وَجَدَ كُلَّ صَلاحٍ في الأَرْضِ فَسَبَبُهُ تَوْحِيدُ الله وَعِبَادَتُهُ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم؛ وَكُلَّ شَرٍّ في العَالَمِ وَفِتْنَةٍ وَبَلاءٍ وَقَحْطٍ وَتَسْليطِ عَدُوٍّ وَغيرِ ذلكَ؛ فَسَبَبُهُ مخالَفَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَالدَّعوةُ إلى غيرِ الله، وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا حَقَّ التَّدَبُّرِ وجدَ هذَا الأمرَ كَذَلِكَ في خَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَفي غَيْرِهِ عُمُومًا وَخُصُوصًا، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِالله» [«مجموع الفتاوى» (15/25)]، ولنفاسة هذا الكلام نقله ابن القيم رحمه الله في كتابه «بدائع الفوائد» بحروفه. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]() رحم الله العلامة بن عثيمين |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]() بارك الله فيك وجعل ما تقدمه من موضوعات في ميزان حسناتك ويجمعنا بك والمسلمين في جنات النعيم اللهم آمين |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 11 | |||
|
![]() بارك الله فيكم جميعا على طِيبِ المرور |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 12 | |||
|
![]() وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 13 | ||||
|
![]() اقتباس:
بوركتِ أخيتي الطيّبة سعيدة بمرورك وفقكِ الله |
||||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
أسباب, الحقيقية, العثيمين, النصر |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc