مرة أخرى يتجدد الصراع الذي اندلع منذ إعلان القانون الأساسي ، لكن الطرفين هذه المرة ليسوا أتباع النقابة البائدة والنقابات المستقلة وإنما صراع بين أشقاء يشتركون في كونهم ضحية قانون جائر.
هذان الطرفان هما إما فئة كفرت بالعمل النقابي نتيجة تواطؤ النقابات المستقلة مع الوزارة وقبولها هذا القانون ولو أن بعضها تراجع فيما بعد ولكن بعد فوات الأون،وفئة أخرى لا زالت تؤيد العمل النقابي كوسيلة وحيدة لتعديل هذا القانون .
فالفئة الأولى ترى أن السلاح الذي لم يحقق أي نتيجة إن لم يكن وراء الهزيمة يعتبر من الغباء الاستعانة به مرة أخرى في معركة مشابهة وإلا فإننا نلدغ من الجحر مرات وهذا لا يليق بمربين يشرفون على تنشئة عقول أبناء الأمة.
بينما في الجهة المقابلة نجد فئة مؤدلجة إما لها منا صب تحتم عليها البقاء وفية وفاء مصلحيا تجاه نقابتها وإما فئة هي أصلا من الذين خدمهم هذا القانون وبالتالي لا تشعر بما يشعر به المكلومون بنار الخيانة، ولعمري إني لأستغرب من بعض الأصوات التي لا زالت تدعو إلى التجند ـ الذي لا نرفضه إذا كان خلف أناس ثقاة ـ خلف قياداتها بعد أن أشبعتنا كذبا وادعاء بأنباء كاذبة عن بنود هذا القانون أيام كان يطبخ بإشراف النقابات تحت حجة التسريبات التي لم تكن إلا مخدرا لرجال التربية المساكين الذين ضحوا بأيام من رواتبهم في مقابل أن تصنف رتبة منهم في خانة الزائلين.
وأمام هذا العري الأخلاقي أجد نفسي مجبرا على تحديد أسباب الإخفاق الذي لا يختلف اثنان في توصيفه بهذا الوصف إلا من استفاد، فالنقابات كانت حاضرة عندما تم التخلي عن فئة عزيزة من عمال التربية تحت إسم "آيل للزوال" وكأنه قتل رحيم أو حكم بالإعدام عليها مهنيا ،رغم ما قدمته للتربية، وفي نفس الوقت لم يتم الحكم على المدراء الذين هم أيضا من الناحية المتعلقة بالشهادات أو من حيث المناصب الأصلية التي أتوا منها من المفروض أن يحكم عليهم بنفس الحكم الذي لا نتمناه لهم. فعل يعقل أن نلدغ مرة أخرى بالوقوف خلف من ثبتت قلة كفاءته على الأقل إن لم نقل أنانيته وصفاقته أم سنكون وقودا لتحقيق مطالب أخرى لا زالت تدعو إليها الفئة المشرفة على هذه النقابة أو تلك والتي لم ترض بالوقوف في مستوى واحد مع الأساتذة المكونين, أخشى أن يكون وقوفنا هذه المرة لإضافة منحة المنصب النوعي للمدراء والنظار . وسيكون حالنا بعدها كحال " الفيل الذي يحتاج إلى فيلة".