النهي عن أكل أموال الناس بالباطل( )
قال الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ سورة البقرة آية 188.
أي لا تأخذوا أموال غيركم إضافة إليهم؛ لأنه ينبغي للمسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ويحترم ماله كما يحترم مال نفسه ولأن أكله من مال غيره يجر غيره إلى أكل ماله عند القدرة عليه، ولما كان أكلها نوعين؛ نوعًا بحق ونوعًا بباطل وكان المحرم إنما هو أكلها بالباطل قيده تعالى بذلك. ويدخل بذلك أكلها على وجه الغصب والسرقة والخيانة في وديعة أو عارية أو نحو ذلك. ويدخل فيه أيضًا أخذها على وجه المعاوضة بمعاوضة محرمة كعقود الربا والقمار كلها فإنها من أكل المال بالباطل لأنه ليس في مقابلة عوض مباح، ويدخل في ذلك أخذها بسبب غش في البيع والشراء والإجارة ونحوها، ويدخل في ذلك استعمال الأجراء وأكل أجرتهم، وكذلك أخذهم أجرة على عمل لم يقوموا بواجبه.
ويدخل في ذلك أخذ الأجرة على العبادات والقربات التي لا تصح حتى يقصد بها وجه الله تعالى.
ويدخل في ذلك الأخذ من الزكوات والصدقات والأوقاف والوصايا لمن ليس له حق منها أو يأخذ فوق حقه، ويدخل في ذلك أخذ الرشوة على الحكم وأخذ الرشوة على التوسط لأحد في معاملة أو وظيفة، وما يأخذه الأطباء والممرضون ونحوهم من المرضى في حال كونهم في وظائف الحكومة فكل هذا ونحوه من أكل المال بالباطل، فلا يحل ذلك بوجه من الوجوه حتى ولو حصل فيه النزاع والارتفاع إلى حاكم الشرع وأدلى من يريد أكلها بالباطل بحجة غلبت حجة المحق وحكم له الحاكم بذلك فإن حكم الحاكم لا يبيح محرمًا ولا يحلل حرامًا إنما يحكم على نحو مما يسمع، وإلا فحقائق الأمور باقية، فليس في حكم الحاكم للمبطل راحة ولا شبهة ولا استراحة فمن أدلى إلى الحاكم بحجة باطلة وحكم له بذلك فإنه لا يحل له ويكن آكلا لمال غيره بالباطل والإثم وهو عالم بذلك فيكون أبلغ في عقوبته وأشد في نكاله.#
ما يستفاد من هذه الآية:
1- تحريم أكل أموال الناس بالباطل على أي وجه كان.
2- أن حكم الحاكم لا يحرم حلالا ولا يحلل حرامًا.
3- وعيد الآكلين للمال بالباطل.
4- تحريم الرشوة.#
الكواكب النيرات لعبد الله جار الله