الحشرة المسمومة
لفت انتباهي اليوم -وأنا أتجول في الحديقة- منظر حشرة مسمومة وقعت في نسيج عنكبوت.. فتصرفت لأول وهلة بغنهجية عجيبة وثقة عمياء. لقد كانت تعتقد أنها قوية عتيقة وحرة طليقة لا يؤثر فيها هذا السقوط المشين، وأن بوسعها التخلص منه بشىء من السم البائد والجهد الزائد والمدد الوافد..
وقد خيل اليها أنها حشرة مسمومة ومدعومة بقوى مزعومة، ولن تعيقها شبكة واهية من خيوط وهمية لنسيج عنكبوت. لكن الضجر سرعان ما استبد بها، فحاصرها القلق، وبدأت تتوتر، خاصة لما أدركت أن كل حركة جديدة تقوم بها تقيدها أكثر فأكثر.. وها هي بضع ساعات من الزمن قد مرت، وما زالت تزداد تورطاً، فانتباها الذعر، وطوقها الهلع.
بدأت ترفرف بجناحيها رفرفة عنيفة، وتطن طنينا مدويا، معتقدة أن هذه الحالة الهستيرية ستحقق لها سبل النجاة.. لكن هيهات،، ثم هيهات لا جن ولا سحرة بامكانهم تغيير قدرها المحتوم، وفي النهاية بلغ طنينها وأنينها العنكبوت.. فقدم من مكان ما متجها نحو هذه الحشرة الأيلة للزوال لا محالة، وراح يلتهم كبرياءها حتى أتى على غرورها.
بعد ما نفث في جوفها سمومه الفتاكة. وهكذا كانت النهاية المحتومة لهذه الحشرة المسمومة التي حسبت نفسها تمتلك النفوذ المطلق.