مفاهيم عامة في الفلسفة الاستاذة قسوم رجاء - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم الفلسفة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مفاهيم عامة في الفلسفة الاستاذة قسوم رجاء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2021-01-21, 14:19   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
Radja Guessoum
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي مفاهيم عامة في الفلسفة الاستاذة قسوم رجاء

مدخل : مفاهيم عامة :
1/ تعريف التصوف :
التصوف لغة :ذكرت العديد من المصادر عدة تعاريف و اشتقاقات للتصوف منها :
• التصوف مشتق من الصوف، يقول الباحث سبنسر ترمنجهام : أطلق مصطلح التصوف أولا على الزهاد المسلمين الذين ارتدوا الملابس الصوفية، ومنها جاءت كلمة التصوف .
كما يقول ابن خلدون : والظاهر أن التصوف مشتق من الصوف، وهم في الغالب مختصون بلبسه بما كانوا عليه من مخالفة الناسفي لبس فاخر الثياب إلى الصوف .
• ومنهم من أرجع الكلمة إلى الصفاء: قال الكلاباذي سئل الجنيد عن التصوف فقال : تصفية القلب عن موافقة البرية ومفارقة الأخلاق الطبيعية، أي صفاء القلب من الشهوات وسوء الظن بالعباد
• وقيل نسبة للمكان فكلمة صوفي هي اشتقاق من صوفة، مثل كوفي من كوفه .
• ويرى البعض أن التصوف مأخوذ من الصفة تشبيها بالفقراء المهاجرين الذين اختصوا بالسكن في مؤخرة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، أمثال : أبي هريرة الدوسي ( ت:59 ه)، وبلال الحبشي ( ت:20 ه) وغيرهم .
• ويقول القشيري :وليس يشهد الاسم من حيث العربية قياس والاشتقاق والأظهر أنه كاللقب .
التعريف الاصطلاحي : للتصوف جملة من التعريفات الاصطلاحي نذكر منها :
- عرفه الكشاني ( ت 730ه) بقوله : التصوف هو التخلق بالأخلاق الإلهية
- ويقول الكتاني : أن التصوف خلق فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الصفاء
- سئل أبو الحسن النوري عن التصوف فقال : ترك كل حظ للنفس
ويقول الباحث ترمنجهام : التصوف ليس نظريات نفسية أو اخلاقية، و إنما هو طريقة في الحياة هدفه تحقيق الكمال الأخلاقي الذي دعى إليه الإسلام .
فالصوفي هومن إذا استقبله حالان ، أو خلقان كلاهما حسن، كان من الاحسن منها
- والتصوف في الفكر الإسلامي من الموضوعات الخلاقية التي تعددت بشأنه الآراء وتباينت حوله التفسيرات والأحكام .
- والتعريف الشامل للتصوف هو :العكوف على العبادة و الانقطاع إلى الله تعالى والإعراض في زخرف و زينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذ هو مال وجاه والإنفراد عن الخلف في الخلوة للعبادة وكان ذلك عاما في الصحابة والسلف .
2 انواع التصوف : نتيجة تعاريف التصوف، وتعدد الاضافات من طرف المنتسبين إليه، ظهر نوعين من التصوف : سني وفلسفى
التصوف السني: تميز هذا النوع من التصوف خلال القرن 2 ه عند المسلمين بمظاهر الالتزام بأوامر الله ونواهيه والإقتداء بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما نطوي عليه من عبادة وزهد في الدنيا والإعراض عن مباهجها، و الاقبال على التوبة ومنه تلخصت وجهتم الصوفية في مظهرين:
-مظهر ظاهري :تمثل في ترك مظاهر الدنيا من مال وجاه
-مظهر باطني: تمثل في مراقبة أفعال القلب الذي هو مصدر الأفعال و مبدؤها، وغرضها النجاة من عقاب الله، وقد أطلق على هذه المرحلة من التصوف اسم مجاهدة التقوى، ثم تطور التصوف السني خلال القرنين 3و4ه/9و10 م، فأصبح أتباعه يهدفون إلى الوصول إلى الأشياء التي يصدر عنها فعل الخير المؤدية بآداب القرآن والسنة النبوية .
وبفضل مؤلفات الأعلام الصوفية تدعم هذا التيار ، فمنهم من كتب في محاسبة النفس على الإقتداء، والبعض الآخركتب في آداب الطريقة وأذواق أهلها كالقشيري في رسالته ( ت: 465ه/1077 م)
ب) التصوف الفلسفي : نشأ هذا النوع في اهتمام الصوفية بعلوم المكاشفة التماسا لمعرفة الله واكتساب علومه والوقوف على حكمته وأسراره والإطلاع على حقائق الموجودات، فظهرت خلال (ق 3 ه) نظريات صوفية فلسفية متباينة في كيفية الوصول إلى الأهداف، وكان دون النون المصري ( ت: 245ه( 859 م) أول من تكلم في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية ، أي معرفة الله بكل ما في النفس من حدس وعاطفة وخيال ، وفي طريق نظرية الفناء توصل بعض الصوفية إلى القول بنظرية الحلول والإتحاد التي تزعمها الحسين بن المنصور الحلاج( ت: 309ه/922م)، أي حلول الذات الإلهية في المخلوقات، واتحاد طبيعة الإنسان في الطبيعة الإلهية حتى تصير حقيقة واحدة، لكن هذه النظرية لقيت معارضة من المتصوفة والفلاسفة وخلال القرنيين 6 و 7 ه/12 و13م ركز الكثير من الصوفية أكثرهم أندلسيون على الاعتناء بعلوم المكاشفة فجعلوها علوم اصطلاحية بينهم .
2 تعريف الطريقة:
لغة :هي السيرة و المذهب، وطريقة الرجل مذهبه، يقال: مازال فلان على طريقة واحدة أي حالة واحدة، و فلان حسن الطريقة والطريقة الحال ويقال هو طريقة قومه وهم طريقة قومهم أو وهم طرائق قومهم
والطريق : المذهب و الطريق : الممر الواسع الممتد أوسع من الشارع ومسلك الطائفة من المتصوفة وجمعه طرق، والطريقة : مذهب جمعها طرائق وفي المجاز الطريق هو السلوك
اصطلاحا : عرفها الكشاني على أنها السيرة المختصة بالسالكين إلى الله من قطع المنازل والترقي في المقامات
- ويرى السكندري أن الطريقة: عي متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله
- وعرفها البعض على أنها : حلقة وصل بين الشريعة الإسلامية التي هي المنطلق إلى الحقيقة الإلهية وعلى هذا الأساس قال المتصوفة المسلمون: « لا حقيقة من دون شريعة ولا شريعة من جون حقيقة» .
فالطريقة هي أسلوب عملي يطلق عليها المذهب والرعاية والسلوك لإرشاد المريد عن طريق اقتناء أثر طريقة تفكير وشعور و عمل، تؤدى من خلال تعاقب مراحل المقامات في ارتباط متكامل مع التجارب السيكولوجية أو النفسية المسماة حالات أو أحوال إلى معاينة تجربة الحقيقة المقدسة
وقد ذكرت كلمة الطريقة في القرآن الكريم أكثر من مرة، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: « ويذهبا بطريقتكم المثلى»
- وقال أيضا:« إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا«
- وقوله تعالى:« مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق، وإلى طريق مستقيم»
3 نعريف الزاوية:
لغة : بمعني الحيازة : قال الزمخشري :زوى المال وغيره، احتازه، وزوى الرجل الميراث عن ورثته، عدل به عنهم
بمعنى آخر تعني الإنزواء: يقال زوى الشيء زيا، جمعه و قبضه، وفي الحديث زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها ، ويقال إنزوت الجلدة في النار إذا تقبضت ، وانزوى القوم بعضهم إلى بعض إذا تدانو و تضامنوا، والزواية جمعها زوايا
و جاء في المعجم الوسيط: الزاوية من البناء:ركنه، لأنها جمعت بني قطرني منه وضمت ناحيتين
- وسميت بالزاوية لأن الذين فكروا في بنائها أول مرة، من المتصوفة، احتاروا الانزواء والابتعاد عن صخب العمران طلبا للهدوء والسكون الذين يساعدان على التأمل والرياضة الروحية ويناسبان جو الذكر والعبادة .
اصطلاحا: الزاوية بالمعنى الصوفي هي خلوة للعبادة، كما أطلق عليها لفظ الخوانق وهي جمع خانقاه .
- وفي تعريف آخر هي الركن من البيت ، وأخذت في شمال إفريقيا من المعاني ما يطلق على بناء ديني شبيه بمؤسسة تعليمية تحتوى في الغالب على قبة وغرفة للصلاة، وضريح لولي صالح وغرف لتحفيظ القرآن الكريم ولاستقبال الزائرين يقيم في الزاوية شيخ الصوفي ويؤدي صلواته الخمس، ويعتكف فيها للعبادة، يخدمه متطوعون نذروا أنفسهم لخدمة الزاوية .
وتطورت مهام الزاوية تأسست في الجزائر هي زاوية الشيخ سعادة بالقرب من طولقة بالجنوب الشرقي الجزائري خلال القرن (6ه) .
كان ظهور التصوف خلال القرن ( 2ه) وانتشر في بلاد المشرق الاسلامي، لكن المجتمع في بلاد المغرب الإسلامي لم يعرف حركة التصوف إلا في الفترة بين ( ق2-5ه) (8-11م) في عهد المرابطين ، خاصة في المغرب الأوسط، أين استقر وهب بن منية في تلمسان أحد كبار التابعين و الصلحاء وبعد وفاته أصبح فبره يحظى بزيارات مكثفة من التلمسانيين ، وقد انتقل التصوف بفعل تأثر أهل بلاد المغرب الإسلامي بالحركات الفكرية الوافدة من بلاد المشرق، وكانت الواسطة بينهما الرحلات التي أصبحت حلقة وصل منذ ( ق 3 ه) والسبب الأول في وصول حركة التصوف إلى بلاد المغرب الإسلامي.
ظهر جليا التصوف بالمغرب خاصة في ( ق 8 م ) وأكد أندري جوليان انتشاره في بلاد المغرب الأقصى .
ويرى سبنسر تورمنجهام أن النواة الأولى للتصوف في بلاد المغرب الإسلامي تعود إلى الصوفي أبو مدين شعيب دفني العباد ( تلمسان) توفي سنة 595 ه، ونشر التصوف بين سنتي ( 1176-1198) بعدما أخذه عن الشيخ عبد القادر الجيلاني ( ت:1166 ببغداد)، الذي ألبسه الخرقة في غرفة كما أخذ عنه تعاليم الطريقة القادرية ومن بين الذين تتلمذوا على يده الشيخ عبد السلام بن مسيش ( 656 ه)، الذي بدوره قدم تعاليمه إلى أبو الحسن الشاذلي ( ت: 655ه) .
هذا يعني أن الطرق القادرية والشاذلية و المدينية لها علاقة ببعضها البعض، فكل طريقة تأثرت بأخرى فالتصوف من خلال المعطيات السابقة قد بلغ أوجه في فترة عهد الموحدين، حيث اتخذت الحركة الصوفية اتجاها واحدا من الأندلس إلى إفريقية ، بفضل المتصوفة و تلاميذهم، إضافة إلى تنقلهم من المشرق إلى المغرب
وانتشر التصوف بين فئات المجتمع خاصة النخبة العلمية لكن هذا الإنتشار لم يدمفترة طويلة، فقد عرف القرن ( 14) مرحلة ركود، وتم إحياؤه من جديد خلال ( ق15)، عن طريق أبو الحسن الشاذلي، وأصبح التصوف منظما في شكل طرق و طوائف ومن أبرز الشخصيات المتصوفة في هذا القرن محمد بن عمر الهواري( ت: 843ه)، الحسن بن مخلوف أو أبركان ( ت:857ه) .
كما عرف التصوف انتشارا واسعا خلال العهد العثماني في الجزائر، وبفعل تأثر العثمانيين بالتصوف عملوا على التقرب من رجال الدين واشتمالهم بالهدايا وتشجيعهم على ممارساتهم الدينية، من أجل التوسع والتغلغل في كامل المناطق وإخضاع السكان للحكم العثماني، فوجدوا في الدين حجتهم فتعاون الطرفان لتحقيق أهدافهم، وازدهر التصوف لأن السلطة ساعدت في نشره
وخلال القرن(19م) ظهرت العديد من الطرق في الجزائر مثل التيجانية والرحمانية والسنوسية وتشير هنا إلى أن الطرق الصوفية يغلب عليها اتخاذ زوايا خاصة بها، تكون مكان اقامة الشيخ صاحب الطريقة الذي يحفظى بمقام وشأن كبير لدى العامة و الخاصة، وللشيخ نواب ينشرون تعاليمه يططلق عليهم الإخوان، فخلال العهد العثماني احتلت الزوايا الصدارة بين مراكز الثقافة، وكما يرى محمد بن ميمون أنها كانت تعمل على تثقيف الطبقة الدنيا في المجتمع .
وكانت مقسمة إلى قسمين، فالأول منها مهمته تحفيظ القرآن، أما القسم الثاني فيقوم بتدريس بعض فنون الوقت كالفقهيات، العقائد، قواعد النحو والصرف .
أهم الطرق الصوفية في الجزائر:
ورد في مجلة الشهاب أن شكيب أرسلان ذكر عن دائرة المعارف الاسلامية الفرنسية أنه في الجزائر بلغ عدد الطرق الصوفية 23 طريقة، ضمت 295189 مريدا، وقام بتسييرها 57 شخصا، وساعدهم في ذلك 6000 مقدم، وكان لها 349 زاوية، حيث انتشرت الزوايا والطرق الصوفية و تنوعت، وكان لها تأثير على الحياة الأهالي وذلك راجع إلى نفوذ شيوخ الطرق بين فئات المجتمع .
نظرا التعدد الطرق الصوفية في الجزائر وباعتبار الإطار الزماني المحدد لدراستنا أهم الطرق هي:
1- الطريقة القادرية: هي طريقة صوفية إلى مؤسسها عبد القادر الجيلاني الذي ولد في جيلان (إيران حاليا) سنة (470ه-1077م) ، وتوفي سنة 1166م ، قام إبراهيم بن عبد القادر بنشر تعاليم الطريقة القادرية حيث انتقل إلى المغرب الأقصى فالجزائر واستقر بمنطقة الأوراس ثم أسس زاويته القادرية بمنعة ، من أهداف الطريقة السعي إلى تنقية المجتمع من الشوائب، وقد تفرعت عنها مجموعة من الطرق كالمدينية والشاذلية .
وعن فروعها في الجزائر فهي منتشرة على مستوى التراب الوطني ولها 33 زاوية ، و 521 متعلم وأربعة شيوخ، يساعدهم 301 مقدم ، وحسب إحصائيات لويس راين وهل أتباع الطريقة 29 زاوية و268 مقدم، و 14574 إخوان .
3-الطريقة الرحمانية : وهي إحدى الطرق الصوفية التي تنتسب إلى مؤسسها الشيخ محمد بن عبد الرجمن القشوطي الإدريسي الحسن الأزهري، أصلها شرقي، ظهرت خلال النصف الثاني من القرن 12ه، وعلى شيخها بقبيلة آيت إسماعيل بجبال جرجرة، انتقل إلى القاهرة سنة1740 م وتتلمذ على يد العالم سالم النفراوي وعمر الطحلاوي، درس بجامع الأزهر لذلك يطلق عله الأزهري تلقي الطريقة الخلوتية على يد بن سالم الحفناوي، عاد لمسقط رأسه سنة 1769م، وأسس زاويته التي هدفها نشر تعاليم الخلوتية المنسوبة للشيخ عمر الخلوتي (ت:986ه-1578م) والشيخ محمد البالسي الخلوتي ، التف حوله العديد من الأتباع ثم انتقل للجزائر العاصمة، بسبب تضيق المرابطين عليه .
ومما سبق يتضح لنا بأن الرحمانية، خلوتية ، استمدت تعاليمها من الطريقة الشاذلية، وقد تجنبها الحكام العثمانيون في الجزائر بسبب كثرة أتباعها و انتشارها شملا و جنوبا، كما حاولت الإدارة العثمانية جعلها حلقة وصل بنى إدارة البايلك والأهالي وهذا ما جعلها تقوم بدور كبير في المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي في القطاع القسنطيني وجرجرة وقمم الأوراس
موقفها من الاحتلال الفرنسي:
- كان موقف الطرق التي تعرفنا عليها سابقا من الاحتلال يظهر من خلال التصدي له عن طريق شيوخها وزواياها حيث لعبا مقدموا القادرية والرحمانية إضافة إلى السنوسية و الدرقاوية دورا مهما في الثورات التي نشب ضد العدو الفرنسي .
- والتي جعلته يقف منبهرا ومتخوفا من قوتها، وهو ما تحدث عنه بوعتو بشير فيما يخص هذه الثورات أن موقف الطرق ظهر جليا في شهر جانفي 1845 تزعمتها كل من القادرية الرحمانية و الطيبية .
- كما ذكر حمدان خوجة بأن شيوخ الطرق الصوفية أمروا في بداية الاحتلال جميع السكان بالتعبئة أمام الغزو الفرنسي بهدف الإحاطة بالعاصمة وكذلك المقاومة .إن انتشار الصوفية، و تععدها، أثر بشكل كبير على الأهالي، في كل المناطق حيث أصبح شيوخ الطرق الصوفية فيأولى المراتب نفوذا مقارنة بالعلماء و ائمة المساجد
المبحث الثالث: الطريقة التيجانية ودورها السياسي(العهد العثماني- العهد الفرنسي)
اضافة الى الطرق الاخرى التي انتشرت في الجزائر،نجد الطريقة التيجانية، التي ظهرت في العهد العثمان، انتشرت اكثر خلال العهد الفرنسي ،حيث كان لها دور بارز خلال فترة الاحتلال الفرنسي،خاصة مرحلة مقاومة الامير عبد القادر .
من هو مؤسس الطريقة التيجانية؟ و ما أبرز مناطق التابعة لها ؟ وما موفقها من السلطة الحاكمة خلال العهدين العثماني و الفرنسي؟
1/ 2- تعريف الطريقة التيجانية :
تسند الطريقة التيجانية الى مؤسسها الشيخ ابو العباس احمد المولود بعين ماضي،( الأغواط حاليا) سنة 1150ه ، أبوه العالم الكبير عبد الله سيدي محمد بن مختار، و أمه السيدة الفاضلة عائشة بنت السيد الولي ، أبو عبد الله سيدي محمد ابن السويسي التيجاني ، توفيت في يوم واحد مع زوجها بالطاعون ، ودفنها معا بعين ماضي فخلق منصب والده بعد وفاته سنة 1752 م كان رضي الله عنه حافظا لكتاب الله، كريم الاخلاق،كثير الحياء و الادب، مقبلا على الجد و الإجتهاد، كما مال رضي الله عنه الى طريق الصوفية و البحث عن المعارف الإلهية، و الاسرار الخفية في طلب ذلك من بلد الى بلد،حتى بلغ غاية ما قصد بعد ان تلاقى مع جمع من العرفين و الاولياء الصالحين.
توفي الشيخ احمد التيجاني في يوم الخميس السابع عشر من شوال عام 1230 م ،وعمره ثمانون سنة ،وحضر خروج روحه جماعة من الاخوان ،وحضر جنازته ما لا يكاد يحصى من، علماء فاس وفضائلها و اعيانها .
كان الشيخ احمد التيجاني ،ينتقل بين الجزائر و المغرب والمشرق العربي ،و اثناء رحلته هذه التقى ببعض علماء الصوفية فتأثر لكل من الطريقتين، الطيبية والقادرية ، ثم عاد مرة اخرى إلى موطنه، فاستقر بقرية بوسمغون ليؤسس بذلك طريقته التي أراد تسميتها بالمحمدية، عن طريق الفتح الرباني ،حيث نشر الشيخ أحمد التيجاني مبادئ الطريقة وشروطها أوساط العامة كما لم يدع قط إلى التقشف، فقد عرف عنه رغد العيش وتواصل إنتشار الطريقة التيجانية فتوسعت إلى الصحراء وصولا إلى اقصى الصحراء، ( السودان حاليا) وهذا يدل على إرتفاع التي بعين لهذه الطريقة
كما نشر لويس رين ، احصائيات لانتشار الطريقة التيجانية سنة 1882 م ،فبمقاطعة الجزائر 3 زوايا تابعة للطريقة التيجانية و 26 مقدم و 4348 مريد، وبمقاطعة وهرا ن، زاويتان، و 20 مقدم و 588 مريد، وبمقاطعة قسنطينة 12 زاوية و 54 مقدم و 6146 من الإخوان، أي ما مجموعة 17 زاوية و 100 مقدم و 11082 من الإخوان .
1-المناطق التابعة للطريقة التيجانية :
أ- قرية بوسمغون : بعدما انتشر خبر الفتح الرباني توافد الناس على الشيخ احمد التيجاني ، وكانوا النواة الاولى لطريقته ، ليساهموا فيما بعد في نشر تعاليم الطريقة في المناطق المجاورة
- عين ماضي: وهي مسقط راس الشيخ احمد التيجاني ، لذا هي اول مركز للطريقة التيجانية، فكثر الوفود عليها، نظرا لمعرفة ورع وصلاح وتقوى الشيخ احمد التيجاني، كما اصبح للشيوخ الوافدين للطريقة التيجانية دور كبير في توسيع نفوذ الطريقة بالمنطقة
- توات :لقد منطقة توات من اهم المناطق التي تردد عليها الشيخ احمد التيجاني ،بعد الفتح الرباني ،حيث تمكن من جمع العديد من الاتباع له، الذين نشروا طريقته في معظم المناطق الصحراوية انطلاق من توات
- تماسين: ان ، الانتشار الواسع للطريقة بالجنوب الشرقي خصوصا تماسين، يعود إلى الحاج علي تماسين الذي لازم الشيخ أحمد التيجاني، في فاس، ثم عاد إلى تماسين وكان كثير الزيارة للشيخ التيجاني، حتى أصبحت له مكانة خاصة عنده وورثه الطريقة فتأسست الزاوية التيجانية بتماسين، حيث كانت منبر تعليم لسكان المنطقة وشهدت توافد كبير عليها وسميت زاوية تملاحت، و اشتهرت لتشمل نفوذها تونس ، فهذه المعطيات تدل بأن الطريقة التيجانية بقيادة الشيخ أحمد التيجاني قد لعبت دورا اجتماعيا مهما، فقد استطاعت اكتساب نفوس الناس رغم الصعوبات التي، واجهتها أثناء انتشارها، ونظرا لمكانتها استمالت حكومات و تحظى، اليوم الزاوية التيجانية بالعديد من الامتيازات.
3/الدور السياسي للزاوية التيجانية:
1- خلال العهد العثماني:
إن انتشار نشاط الطرق الصوفية جعلها تكسب موقعا هاما لدى رجال السياسة، ومن بين الطرق خلال العهد العثماني الطريقة التيجانية، فلكثرة أتباعها حاول العثمانيون ضم منطقتين عين ماضي و الأغواط ومناطق من إقليم الغرب
وخلال السنوات الاخيرة من الحكم العثماني في الجزائر، شهد اقليم الغرب حركة تمرد، قادتها الزاوية التيجانية ضد العثمانيين، لأن كثرة أتباع التيجانية شكل تهديدا للسلطة العثمانية فأرادت التخلص منهم في مفر الطريقة بعين ماضي .
وقد أعتبر هذا التمرد بالثورة التيجانية كما سمته المراجع المتخصصة .
الثورة التيجانية:
قامت الثورة التيجانية ضد السلطة العثمانية، وقد تزعمها في البداية أحمد التجاني شيخ الطريقة، لكن تهديد وضغط البايات العثمانيون عليه جعله يلجلأ إلى المغرب الأقصي، حيث مكث بمدينة فاس إلى أن توفى سنة 1815 م، فتولى بعده إنه الأكبر محمد أمر الطريقة، وقد ازدهرت التيجانية أكثر بعد عودته مع أخوه الصغير من المغرب إلى بلدة عين ماضي إلا أن هذه العودة أثارت مخاوف السلطة العثمانية، فقامت بإصدار أوامر للباي حسن حاكم وهران، تقتضي بمراقبة تحركات التجانيين، وقد شن الباي العديد من الحملات على عين ماضي، السبب الذي جعل محمد التجاني يقوم بتحريض قبائل الجنوب الوهراني ضد سلطة البايلك، وقرر إعلان الثورة ضد العثمانيين وأعلن العصبان لكنه واجه حسين باشا الحملة على التجانيين بعين ماضي ولم يرفع الحصار إلا بعد إعلانهم الخضوع سنة 1819 م
رغم ذلك لم يستسلموا وواجهوا الغثمانيين من جديد وفي هذا السياق يقول بن سحنون الراشدي:« خرج بأي وهران إلى الأغواط 1199ه وقاتلهم حتى دخلوا في طاعته، و أهل عين ماضي اتقوه بالطاعة ثم نقضوا الطاعة»
بعد ذلك راسل محمد التجاني القبائل الرافضة للسلطة العثمانية، وبعض قبائل العرب من بينهم قبائل المخزن و البرجية والغرابة، وقد رفضت قبائل العرب من بني شقران وبني عامر الانضمام للحركة التجانية، ويعود ذلك لعدم تأكدهم من قوة التجانيين ، ورغم ذلك جمع التجاني عدد كبير من الأنصار وتقوى بهم خاصة بعد انضمام قبيلة الحشم إليه وقال الزهار في هذا الصدد:« وجعل يدا مع حشم غريس لأنهم أصحاب فتن ومهما قام ثائر وإلا وكانوا أنصاره» .
أي أن الحشم غير و فبين لأي فمن أغراضهم بأكثر الأشياء المادية انضموا إليه وسادوه ويمكن أن يتخلوا عنه في أي لحظة.وبعد أن جمع قواته زحف بجيش قوامه 600 رجل نحو معسكر، لكن مقاومة السكان له أدت إلى عدم استيلائه عليها، وبعدها وقعت معركة بني التجاني و الباي، وكان ذلك سنة 1826م ( 1224ه)
و بمعرفة باي وهران لطبيعة أعيان الحشم، قام بإغرائهم في طريق الأموال ليتخلوا عن التجاني، وبالفعل حقق هدفه وتخلوا عن التجاني في اللحظات الأخيرة من المعركة ، بعده خرج الباي بجيشه من وهران لملاحقة الثائرين والتقى الطرفان بنواحي عريس، ورغم خيانة الحشم إلا أن التجاني إلى أنقتل رفقة 300 رجل، ويشير الزياني إلى ذلك بقوله:« إلى أن قتل بجميع جيشه و مات خليفته السيد إبراهيم بن يحي من أولاد سيدي محمد يحي، ومن جيش الباي عدد كثير» ، إذن فالثورة باءت بالفشل بعد مقتل التجاني ، وانتصر باي وهران.
- وقد وصف االزهار نتائج المعركة بقوله:« قطعوا رؤوسهم وفرقوها على المدن لكي يعتبر الناس، وبعثوا برأس الحاج محمد ولدالتجاني ومعه بعض الرؤوس الأخرى للجزائر و علقوا رأس ولد التجاني في عمود وصلبوه» . وبعث الأتراك للسلطان محمود الثاني يبشرونه بمقتله وبعثوا له بالسيف التي كانت معه، واستولى بعد ذلك الباي على أموال التجاني وعاد إلى وهران ، قال ستويتام :« ولا يتوقف حملات الباي حسن على التيجاني إلا عام 1826م» وبالتالي تخلص الأتراك من أهم الثورات خاصة التجانية التي لم تحقق لأهدافها، ويعود فشب هذه الثورة لأنها كانت غير منظمة ورغم فإنه يحسب للطريقة التجانية أنها حاربت سياسة التهميش العثماني خاصة بعد تحالف الأتراك مع التجار اليهود وبعض الأوروبين.تطرقنا للدور السياسي الذي لعبته التجانية خلال الفترة العثمانية ، هل كان لها نفس الدور أثناء الحكم الفرنسي في الجزائر( 1830-1847م)؟
2- خلال الإحتلال الفرنسي: (1830-1847م)
بعد احتلال مدينة الجزائر وتوقيع معاهدة الاستسلام يوم 05/7/183، بدأت مقاومة الشعب الجزائري في كل الجهات والمناطق، معبرين عن رفضهم للتواجد الفرنسي في أرض الجزائري، ورغم قمع القوات الفرنسية ووحشيتهم إلا أن الأهالي تصدوا لهم ولم يجد الفرنسيون بدا غير استعمال أساليب أخرى للقضاء على المقاومة الشعبية .
وخلال هذه المرحلة كانت التيجانية تتوسع أكثر فأكثر، خاصةبعد تولي محمد الصغير القيادة السياسية لها بعد وفاة محمد الكبير سنة (1826 م)، وقد أدى تضامن محمد التجاني مع أحمد بن سالم قائد الصف الشرقي لقبائل الأغواط إلى توسيع نفوذ التجانية ليصل إلى الناحية الشرقية باتجاه تونس إلى غاية الجنوب الصحراوي .
وقد تخوفت السلطات الفرنسية من قوة الزاوية التيجانية، لذلك سعت إلى استمالتها خاصة بعد المقاومة التي خاضها الأمير عبد القادر بن محي الدين الجزائري ضدهم وأبدى شجاعة أبهرت قوات الاحتلال، ولم تستطع القضاء عليه، ففكرت في لأقوى سلاح يمكن استعماله ضد الأمير وذلك بإتباعها اسلوب التفرقة والمؤامرات فبحثت عن ثغرات بني الأمر و الأهالي، و اخيرا وجدت من يؤبدها ويقف في صفها وهذا السند هو محمد التجاني .
هذا يعني أن محمد الصغير التجاني كان ضد مقاومة الأمير، وقد اختلفت الآراء حول موقف الزاوية التجانية من الاحتلال الفرنسي ومقاومة الأمير عبد القادر.فيما يخص الزوايا الكبرى التابعة في عين ماضي أو تماسين أو تقرت، فقد بدأت ولاءها للإحتلال الفرنسي، وقد فسر البعض هذا الولاء بقولهم أن التجاني ضد العثمانين حين قال:" اللهم أزل ملكهم كما أزلت ملك المسلمين من إسبانيا " بسبب المضايقات والحملات العثمانية على عين ماضي والباحثة الفرنسية عبلة نزيل تؤيد ها الرأي بقولها :"التجانية عارضت أي مقاومة للفرنسيين، فذلك قدر الجزائر ، وفضلت البقاء في مهمتها الدينية" .
ويرى أبو القاسم سعد الله أن موقف الزاوية التجانية من الاستعمار يعود إلى مقتل محمد الكبير في معسكر، وبعد عودة أخوه محمد إلى عين ماضي والذي كان يميل إلى الهدوء و قد فضل السكون على الجهاد أي أنه وقف موقف محايد و ربما موقفه يعود إلى طبيعة تفكيره البعيدة عن السياسية وميله للاستقرار وسعيه إلى الاعتناء التام بالدين والعلوم .
والعض يرى أن معارضة الزاوية التجانية للأمير عبد القادر مفادها الانتقام لمحمد الكبير بسبب تخلي حشم غريس عنه وفشله أمام العثمانيين أي وجود خلاف بني التجانية والقادرية وفي هذا الصدد يقول عبد العزيز راس مال :« ولما اراد الأمير ضمه إلى صفه لم يقبل محمد الصغير تحت تأثير صدمة أخيه، وهي ما أطلق عليها خيانة معسكر» .
وهناك من يرى أن أرباح التجانية المترتبة عن تجارتها الخارجية كانت السبب في الابتعاد عن المقاومة وهذا الرأي يؤيده صالح عباد بقوله:« لم يتوسع هذا النفوذ عن طريق الدعوة فحسب بل توسع عن طريق التجارة الضخمة التي ينظمها مقدمو الطريقة في الصحراء من شنفطي في ادرار الغربي إلى غايةتمكنوا... بفعل هذه النشاطات التجارية تراكمت الموال في عين ماضي و تماستي في الفترة 1830-1843... لعل هذا هو السبب الذي جعل الطريقة تهادن الاستعمار وترفض الخضوع للأمير عبد القادر» .إن سبب المعارضة التجانية لمقاومة الأمير يعود للخلافات السابقة مع العثمانيين، إضافة إلى خيانة الحشم التجانية، فلم ترد الزاوية خوض معارك أخرى لذلك هادنت قوات الاحتلال و تآمرت ضد الأمير ن الأمر الذي أدى في النهاية إلى مواجهات عنيفة بني الأمير والزاوية التجانية.
- من أبرز مظاهر العداء ومعارضة الزاوية التجانية لمقاومة الأمير وعدم الالتفاف حوله، الرسالة التي بعث بها محمد التجاني إلى المارشال فالي، الوالي العام في الجزائر سنة 1839









 


رد مع اقتباس
قديم 2021-01-21, 14:43   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
bahi65b
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية bahi65b
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مرحبا بك الأستاذة قسوم
- بارك الله وفيك ونحن شاكرين
و مثمنين لك هذا العطاء القيم.










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مفاهيم في الفلسفة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:53

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc