بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (26)
سورةالأنعام
*************
في مَعْنَى يَنْهَوْنَ عَنْهُ قَوْلَانِ، (أَحَدُهُمَا): أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَنْهَوْنَ النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَتَصْدِيقِ الرسول والانقياد للقرآن {وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} أي ويبعدون هُمْ عَنْهُ فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ الْقَبِيحَيْنِ لَا ينتفعون ولا يدعون أحداً ينتفع. قال ابن عباس: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ} يردون النَّاسَ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ: كَانَ كَفَّارُ قُرَيْشٍ لَا يَأْتُونَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم وينهون عنه، وهذا القول أظهر وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ. (وَالْقَوْلُ الثَّانِي): رَوَاهُ سفيان الثوري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْهَى النَّاسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يؤذى، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ: نَزَلَتْ فِي عمومة النبي وَكَانُوا عَشَرَةً، فَكَانُوا أَشَدَّ النَّاسِ مَعَهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَأَشَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي السِّرِّ (رَوَاهُ ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال) وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ} أي ينهون الناس عن قتله. وقوله: {وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} أَيْ يَتَبَاعَدُونَ مِنْهُ، {وَإِن يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} أَيْ وَمَا يُهْلِكُونَ بِهَذَا الصَّنِيعِ وَلَا يَعُودُ وَبَالُهُ إِلَّا عَلَيْهِمْ وهم لا يشعرون.
مختصر تفسير ابن كثير (1-572)
بترقيم الشاملة الحديثة