منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تفصيل ابن تيمية في مصطلح (الجسم) ونحوه من المصطلحات الحادثة “والرد على من زعم أنه توقُّفٌ في تنزيه الله عز وجل
عرض مشاركة واحدة
قديم 2023-11-16, 07:21   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي


ووجه النُكتة ههنا التنبيه على خطأ فريقين:
1- التنبيه على خطأ استدلال المخالفين ببعض أئمة الحديث -كالسجزي والدارمي- في نفيهم الجسم والجوارح، والاستدلال بذلك على كونهم يخالفون ابن تَيميَّة، وهذا أمر غير صحيح إطلاقًا. فالمسألة فرعية وليست من الأصول، وابن تَيميَّة يقبل منهم هذا النفي؛ لأنهم أرادوا منه معنًى صحيحًا.
2- التنبيه على خطأ كثير من طلبة العلم في تحقيقاتهم العقدية لكتب الأئمة، حيث يتعقب المُحقق الأئمة ممن صدر منهم هذه الألفاظ ويقول: إن هذا الإمام وقع في زلة أو وافق المتكلمين ونحو ذلك. وهذه طريقة سيئة، تُجرئ المخالف على أهل السنة، وتجعله يظن أن هذا الإمام أو ذاك يوافقه على اعتقاده، وليس الأمر كذلك.
ومن الجدير بالذكر أن ابن بدران الدومي الحنبلي الدمشقي -وهو خاتمة الأصوليين الحنابلة- قد نفى الجسم والجوهر والعرض في كتابه «جواهر الأفكار ومعادن الأسرار المستخرجة من كلام العزيز الجبار»([29]).
مع أنه سلفي المعتقد، وينصح بكتب ابن تَيميَّة، حيث قال عن الكتب العقدية التي ينصح بها في كتابه: «لكننا نرشد الطالب هنا إلى ما فيه مقنع له فنقول: منها (العقيدة الحموية) و(شرح العقيدة الأصفهانية) لشيخ الإسلام ابن تَيميَّة وغيرها من رسائله ومصنفاته»([30]).
كما أنه يثني خيرًا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويرى أنه إمام كبير ناصرٌ لمذهب أهل السنة، حيث يقول: «العالم الأثري والإمام الكبير محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي، يتصل نسبة بعبد مناة بن تميم التميمي. ولد سنة خمس عشرة ومائة وألف. وقد رحل إلى البصرة والحجاز لطلب العلم، وأخذ عن الشيخ علي أفندي الداغستاني وعن المحدث الشيخ إسماعيل العجلوني وغيرهما من العلماء. وأجازه محدثو العصر بكتب الحديث وغيرها على اصطلاح أهل الحديث من المتأخرين، ولما امتلأ وِطابه من الآثار وعلم السنة وبرع في مذهب أحمد أخذ ينصر الحق ويحارب البدع، ويقاوم ما أدخله الجاهلون في هذا الدين الحنفي والشريعة السمحاء، وأعانه قوم أخلصوا العبادة لله وحده على طريقته التي هي إقامة التوحيد الخالص والدعاية إليه»([31]).
والقصد مما سبق: أنه لا تلازم أبدًا بين وجود خلاف بين الأثرية في مسائل فرعية تتعلق بالنفي والإثبات، وبين وجود المفارقة المنهجية العقدية بينهم بالضرورة، إنما أردتُ أن أُبيِّن طرفًا من ضبابية المسلك العلمي عند المخالفين حينما يُصدِّرون أن نفي بعض الحنابلة للجسم فيه دِلالة على اختلاف المذهب بينهم وبين ابن تَيميَّة، وأنهم في جهة وهو في جهةٍ أخرى! وهذا بعيد كل البعد عن المسلك العلمي الصحيح، فالمساق العقدي -في المقام الأول- يُعنى بالكليات لا بالجزئيات. والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) «مجموع الفتاوى» (3/ 250).
([2]) نقل أبو الحسن الأشعري في كتابه «مقالات الإسلاميين» اختلاف المتكلمين في مصطلح الجسم على اثنتي عشرة مقالة.
([3]) «مجموع الفتاوى» (5/ 334).
([4]) «شرح حديث النزول» (ص: 130-131).
([5]) «مجموع فتاوى ابن تيمية» (ص: 427-428).
([6]) «منهاج السُنة النبوية» (1/ 259).
([7]) «الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية» (ص: 185).
([8]) مجموع الفتاوى (9/ 48).
([9]) «شرح حديث النزول» (ص: 224).
([10]) «مجموع الفتاوى» (6/ 355).
([11]) «مجموع الفتاوى» (3/ 74).
([12]) «مجموع الفتاوى» (6/ 363).
ويقول الدارمي ردًّا على المريسي في «نقضه» (ص: 406): «وأمَّا دعواك أنَّهم يقولون: جارح مركب، فهذا كفرٌ لا يقوله أحدٌ من المسلمين، ولكنَّا نثبت له السمع والبصر والعين بلا تكييف، كما أثبته لنفسه فيما أنزل من كتابه، وأثبت له الرسول، وهذا الذي تكرره -كما تكررون أنتم اليوم مرة بعد مرة جارح عضو وما أشبهه- حشو وخرافات وتشنيع، لا يقوله أحد من العالمين، وقد روينا روايات السمع والبصر والعين في صدر هذا الكتاب بأسانيدها وألفاظها عن رسول الله ï·؛، كما قال، ونعني كما عنى، والتكييف عنَّا مرفوع، وذكر الجوارح والأعضاء تكلف منك وتشنيع».
([13]) «القول التمام» (ص: 140).
([14]) «اعتقاد الإمام أحمد» (ص: 45‏)، ونقله أيضًا الحافظُ البيهقيُّ عنه في «مناقب ‏أحمد» وغيرُه.
([15])«المعتمد في أصول الدين» (ص: 36)
([16]) وإن كان تعريف القاضي ليس دقيقًا.
([17]) انظر هذه الشبهة في كتاب «أساس التقديس» للرازي (ص: 28).
([18]) «ذم الكلام» (1/ 122). وينظر: «ذم التأويل» لابن قدامة (ص: 39).
([19]) «كتاب المحنة» برواية حنبل بن إسحاق (ص: 112-113).
([20]) «البداية والنهاية» (14/ 401).
([21]) «التمهيد» لابن عبد البر (7/ 158).
([22]) «ذم الكلام» (1/ 122) للهروي. وينظر: «ذم التأويل» لابن قدامة (ص: 39).
([23]) ينظر: «مجموع الفتاوى» (17/ 305).
([24]) «الانتصار لأهل الحديث» (ص: ظ¦ظ©- ظ§ظ،)
([25]) «تلبيس إبليس» (ص: 85)
([26]) «درء تعارض العقل والنقل» (1/ 173).
([27]) «رسالة السجزي إلى أهل زبيد» (ص: 119).
([28]) «أضواء البيان» (2/ 358-359).
([29]) «جواهر الأفكار» (ص: 433).
([30]) «المدخل إلى مذهب الإمام أحمد» (ص: 273).
([31]) «المدخل» (ص: 241).

منقول موقع مركز السلف










رد مع اقتباس