منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تحذير العلماء من شرك القبور ليس بدعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2023-12-01, 07:27   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي


21- ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي الكوكباني الزيدي (1047-1108هـ):
قال رحمه الله: “إذا مسَّهم الضرّ في البحر لا تسمعهم إلا يدعون المشايخ، ويهتفون بالركبان: ليدع كلٌّ منكم شيخه، فيرتجّ المركب بالأصوات بذكر الشيخ، فإذًا الكفّار كانوا خيرًا من هؤلاء؛ لأنهم كانوا إذا مسهم الضر في البحر ضلّ من يدعون إلا إياه. اللهم إنا نبرأ إليك من حال هؤلاء، ونسألك أن تكتبنا من الناهين عن ضلالهم والمناوئين لهم.
جاءني شريف من أشراف مكة، وكان يعتقد متصوفًا وأنا أنهاه عنه، فجاءني مذعورًا يقول: ذكرتُ الله ورسوله، فغضب فلان وقال: لا أعرفُ الله ولا رسوله إنما أعرف شيخي! وزار بعضُ العقلاء ابنَ عباس فرأى غلوَّ الناس فيه، فقال لرجل من عمد مكة ومدرّسيهم ومتصوفتهم: (أهلُ الطائف لا يعرفون الله، قد اتَّخذوا ابن عباس إلهًا من دون الله)، فسقط من عين ذلك المدرس، وقال: ما كنت أظنك بهذه المنزلة من الجهل والغفلة، هم لا يعرفون الله، ولكن تكفيهم معرفة ابن عباس، وهو يعرف الله.
ثم قد صوَّروا كذبات قالوا: مشى الجنيد في البحر وهو يقول: يا الله يا الله، وقال لتلميذه: قل أنت: يا جنيد يا جنيد. قال: مشيا ثم قال تلميذه: يا الله، فغرق، فنهره الشيخ، فتاب، وقال: يا جنيد، فمشى فوق الماء. وقالوا: جاء منكر ونكير لميت فقالا: من ربك؟ فقال: شيخي فلان، وكرروا سؤاله وهو يكرر قول: شيخي فلان، فقالوا: صدق، وذهبوا عنه راضين.
ومن أنكر هذا قالوا: جلمود مخذول، ولا يحب الأولياء، أو نحو ذلك من عبارات لهم، فهؤلاء زادوا على من قال: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، وليس لهؤلاء من علاج غير السيف، ولكن أهل السيف الآن أجهل خلق الله، وأشدهم اغترارًا بتلك الأساليب، حيوانات مختلفة الطباع من ثعالب وسباع يعمها سلب الفلاح. والله المستعان”([38]).
ويستفاد مما قاله العلامة المقبلي ما يلي:
أولًا: الأحوال المزرية وانتشارها في عصره، ونقل عن عالم معاصر له قوله: (أهل الطائف لا يعرفون الله فقد اتخذوا ابن عباس إلها من دون الله)، وهو ما يؤكد صحة توصيف الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأحوال زمانه، ولا شبهة بتأثُّر المقبلي بالوهابية؛ فهو يسبقهم بقرن من الزمان.
ثانيًا: ذكر وجوب قتالهم بالسيف في قوله: (وليس لهؤلاء من علاج غير السيف، ولكن أهل السيف الآن أجهل خلق الله).
22- صنع الله بن صنع الله الحلبي المكي الحنفي ثم المالكي (1120هــ):
قال رحمه الله: “وإنه قد ظهر الآن فيما بين المسلمين جماعات يدَّعون أنّ للأولياء تصرفاتٍ في حياتهم وبعد الممات، ويستغاث بهم في الشدائد والبليات، وبهممهم تنكشف المُهمات، فيأتون قبورهم وينادونهم في قضاء الحاجات، مستدلين على أن ذلك منهم كرامات. وقرّرهم على ذلك من ادعى العلم بمسائل، وأمدهم بفتاوى ورسائل.. وجوّزوا لهم الذبائح والنذور، وأثبتوا لهم فيهما الأجور. وهذا -كما ترى- كلام فيه تفريط وإفراط، وغلو في الدين بترك الاحتياط، بل فيه الهلاك الأبدي والعذاب السرمدي؛ لِما فيه من روائح الشرك المحقق، ومصادرة الكتاب العزيز المصدّق، ومخالف لعقائد الأئمة وما اجتمعت عليه الأمة. فكل بناء على غير أصولهم تلبيس، وفي غير مناهجهم مخايل إبليس”.
إلى أن قال: “وأما كونهم مستدلين على أن ذلك منهم كرامات، فحاشا لله أن تكون أولياء الله بهذه المثابة، وأن يظنّ بهم أن دفع الضر وجلب النفع منهم كرامةٌ، فهذا ظنُّ أهل الأوثان كما أخبر الرحمن: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}، {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}. فهل يحل لمؤمن أن يستمد بغير الله في الشدائد، أو ينتصر بغيره ويترجى منه الفوائد مع قوله جل ذكره: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ}، وقوله: {ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَاّ إِيَّاهُ}؟! فهل يحوم حول ذلك من استضاء بمنار القرآن أو ينطق بمثله من آمن بالله الواحد المنان؟! فما زعْمُ مَن أفتى بجواز ذلك؟! فهل على قول الله استدراك؟! كلا والله، ما هم فيه إلا في إنضاج بلا ضرام، واستسمان ذات أورام، {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا}”([39]).
23- عبد الخالق المزجاجي الحنفي الزبيدي (1100هـ-؟؟؟؟)([40]):
قال رحمه الله: “وقد قال تعالى في إثر سماء: «أصبح من عبادي مؤمن وكافر، أما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال: مُطرنا بنوء كذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب»، وقد ذهب العامة هذا المذهب في الأولياء، فإن مرضوا قالوا: هذا من فلان، وإن شفوا قالوا: ببركة سيدي فلان، فلما اعتقدوا ضرهم ونفعهم حلفوا بهم من دون الله، ونذروا لهم من دون الله، واستسقوهم من دون الله. فإن أجرى الله تعالى الوادي قالوا: شيء لله يا فلان، وإن قبض عنهم المطر قالوا: حمقة فلان، والله سبحانه القابض الباسط المحيي المميت، وكل شيء بيده من ملك وملكوت، ولو ذهبنا نتكلم في الكتاب والسنة من التحذير عن ذلك لكان يرى الناس قد هلكوا، ولهذا تراهم أكثر أتباع الدجال. فافهم هذه الجملة”([41]).
ولتلخيص ما سبق نقول:
إن قضيَّة إفراد الله بالعبادة من دعاء ونذر وتوكل واستغاثة، وكذا إنكار ما يُنافي ذلك من تعظيم القبور وسؤال أصحابها من دون الله ونحو ذلك هي قضية إيمانية في المقام الأول، نبَّه عليها علماء المسلمين بمختلف مذاهبهم في كل عصرٍ وفي كل مصر -كما مرَّ بك-، وليست هي من خصوصيات شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم، ولا من خصوصيات محمد بن عبد الوهاب.
نعم، قد تزيد المادة العلمية في قضية التوحيد عندهم أكثر من غيرهم تأصيلًا وتقعيدًا، وتوضيح الفرق بين الألوهية والربوبية وسد الأبواب وقلع الجذور الكلامية التي قد تجُر مآلًا -باللوازم- إلى تلك الشركيات، وإن لم يلتزمها أصحابها، لكن هذا لا يعني بالضرورة خصوصية ابن تيمية في وجوب سؤال الله وحده، بل الجميع يتفقون على تلك النتيجة النهائية.
وقد بينَّا في هذا المقال بما لا يدع مجالًا للشك أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب مسبوق بعلماء كبار محل تقديرٍ واحترام، أنكروا تلك البدع وسمَّوها شركًا أكبر، بل وبعضهم ذكر وجوب قتال أصحابها بالسيف.
وما ذكرناهم مجرَّد أمثلة أردنا بهم الإشارة والتمثيل وبيان فساد دعوى المُخالف، وإلا لو رحنا نتتبع من أنكروا تلك الشركيات من أهل العلم لبلغ ذلك مجلدة، وحسبُك من القلادة ما أحاط من العنق.
وصلِّ اللهمَّ على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) الرسائل الشخصية (ص: 38).
([2]) أحد الأضرحة بالهند.
([3]) التفهيمات الإلهية (2/ 45)، وتتمة البلاغ المبين (ص: 124).
([4]) البحور الذاخرة في علوم الآخرة (ص: 340).
([5]) المصدر السابق (ص: 340-341).
([6]) رسالة تقوية الإيمان (ص: 35).
([7]) ذخيرة أهل المعاد (ص: 24-25). وهو كتاب في التصوف.
([8]) المصدر السابق (ص: 27).
([9]) روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني (14/ 166).
([10]) ينظر: تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص: 345)، إغاثة اللهفان لابن القيم (1/ 195).
([11]) ينظر: تلبيس إبليس (ص: 306).
([12]) ينظر: الفروع لابن مفلح (2/ 214).
([13]) الحجة في بيان المحجة (1/ 144).
([14]) الفتح الرباني والفيض الرحماني (ص: 373).
([15]) البرهان المؤيد من وصايا الرفاعي، تأليف تلميذه شرف الدين الواسطي (ص: ظ¦ظ©).
([16]) مفاتيح الغيب (17/ 59).
([17]) مفاتيح الغيب (1/ 111).
([18]) الباعث على إنكار البدع (ص: 25-26).
([19]) البداية والنهاية (ظ،ظ*/ ظ¢ظ¦ظ¢-ظ¢ظ¦ظ£).
([20]) الفتاوى الفقهية (4/ 280).
([21]) المقاصد في علم الكلام (3/ 29).
([22]) فتاوى العراقي (ص: 168).
([23]) تجريد التوحيد المفيد (ص: ظ،ظ©-ظ¢ظ*).
([24]) أي: قبر أبي تراب النخشبي.
([25]) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (ظ£/ ظ©ظ¤).
([26]) ينظر: الجواهر والدُرر للسخاوي (ص: 944).
([27]) مطالب أهل القربة في شرح دعاء أبي حربة (ص: 168).
([28]) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 693).
([29]) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (6/ 396).
([30]) الزواجر عن اقتراف الكبائر (ص: 213).
([31]) الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع (ص: 118).
([32]) الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع (ص: 124).
([33]) قال ابن عابدين الحنفي واصفًا البركوي: (أفضل المتأخرين الإمام العالم العامل المحقق المدقق الكامل). رسالة منهل الواردين من بحار الفيض، مجموعة رسائل ابن عابدين (1/ 67).
([34]) هناك خلاف في رسالة زيارة القبور هل هي للبركوي أم لأحد تلاميذه، ولكن لا خلاف تاريخي في أن البركوي يعتقد نفس الاعتقاد، وخلافه مع أهل عصره في مسألة القبور معروف مشهور. ذكره المورخون العثمانيون.
([35]) مجمع بحار الأنوار (2/ 444).
([36]) مُلخَّصًا من المنتخبات من المكتوبات، للسرهندي (3/ 45).
([37]) مجالس الأبرار ومسالك الأخيار ومحائق البدع ومقامع الأشرار الفجار (ص: 5-8).
([38]) الأبحاث المسددة في فنون متعددة (ص: 158-165).
([39]) سيف الله على من كذب على أولياء الله (ص: 22-51).
([40]) لم يُذكر تحديدًا زمن وفاة المزجاجي، لكن لا شُبهة في كونه لم يتأثر بالدعوة.
([41]) ينظر: فصل المقال وإرشاد الضال في توسل الجهال لأبي بكر بن خوقير المكي (ص: 145).

منقول مركز السلف










رد مع اقتباس