منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - موضوع مميز الببليوجرافيا او علم الكتاب
الموضوع: موضوع مميز الببليوجرافيا او علم الكتاب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-09-14, 23:38   رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
karim biblio
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










Post نظم إسترجاع المعلومات

نظم إسترجاع المعلومات

إعداد الطالبان / عمرو عبدالحليم ناصف
شريف حمدى محمود الخلفاوى
نظم استرجاع المعلومات
وهي أحد النظم الفرعية لأ نظامة المعلومات و وظيفته الأساسية هي اختزان واسترجاع المعلومات وفقاً لاحتياجات مجتمع المستفيدين، وسواء تم هذا داخل المكتبات أو خارجها فإنه مجرد وسيلة أو أداة يصل من خلالها الباحثين والمستفيدين إلى أوعية المعلومات التي يبحثون عنها،
و نظام المعلومات
هو مجموعة من العناصر المتداخلة التي تعمل مع بعضها البعض بغرض جمع و معالجة و تخزين و توزيع المعلومات بغرض تلبية احتياجات المستفيدين و إرشادهم نحو ما يحتاجونة من أوعية معلومات
أو أنها عبارة عن مجموعة من النظم الفرعية التى تعمل مع بعضها البعض بهدف تحقيق أو إنجاز هدف معين

و توجد العديد من نظم المعلومات المختلفة منها على سبيل المثال
نظم إدارة قواعد البيانات
نظم المعلومات الإدارية
نظم دعم اتخاذ القرار
نظم السؤال إجابة (نظم الحقائقية
-نظم المعلومات الجغرافية
-نظم استرجاع المعلومات أو نظام المعلومات الببليوجرافي

النشأة و التطور
بدأت تظهر نظم استرجاع المعلومات في نهاية خمسينات القرن العشرين الميلادي ، وكان الهدف الأساس من نشأتها هو محاولة استثمار إمكانيات الحاسب الآلي في تحسين عمليات الطباعة والنشر ، والحاجة إلى معالجة التسجيلات الببليوجرافية في شكل قابل للقراءة بواسطة الآلات لأغراض مراجعة الأخطاء ، والفرز، واستخدام الحاسب في عمليات الطباعة ، هذا فضلاً عن استخدام الأشرطة القابلة للقراءة عن طريق الآلات الناتجة عن هذا النشاط في إنتاج المزيد من النسخ وتقديم المزيد من الخدمات وبخاصة خدمة البحث عند الطلب . ومع أنه ليس هناك معلومات محددة ودقيقة عن معرفة تاريخ أو نظام استرجاع آلي ، إلا أن هناك تواريخ محددة تعد نقاط هامة في تاريخ نشأة هذه النظم وتطورها ، ومن أهم هذه التواريخ :
ـ 1959م : ظهور أول نظام استرجاع آلي في مختبرات مدفعية الأسطول في سلفرسبرنج في ولاية ماريلاند الأمريكية .
ـ 1960: ظهور نظام للاسترجاع الآلي أعدته جامعة وسترن رسيرف لحساب الجمعية الأمريكية للمعادن .
ـ 1962 : ظهور نظم استرجاع آلية أنشأتها وكالة المعلومات التقنية للقوات المسلحة الأمريكية والإدارة القومية للملاحة الجوية والفضاء ( ناسا )
ـ 1963 : ظهور نظام استرجاع وتحليل الإنتاج الفكري في الطب والأحياء ، المعروف باسم " مدلرز " ، الذي أعدته المكتبة القومية للطب في الولايات المتحدة الأمريكية . ( تطوير للكشاف الطبي المطبوع )
ـ 1965: ظهور نظام الاسترجاع الببليوجرافي المعروف بنظام " دايالوج " لشركة لوكهيد .
ـ ثم توالت نظم الاسترجاع في الظهور بعد ذلك ، وعبر مسيرتها مرت بمراحل تميزت كل منها بسما ت وخصائص محددة وفقاً للتطورات التقنية التي كانت سائدة في ذلك الوقت .
ويصور الشكل المعروض أمامكم مراحل تطور هذه النظم والتي يمكن حصرها في أربع مراحل متميزة على النحو التالي :
ـ المرحلة الأولى : نظم التجهيز على دفعات
ـ المرحلة الثانية : نظم التجهيز والاسترجاع على الخط المباشر
ـ المرحلة الثالثة : قواعد البيانات المحملة على الاسطوانات الضوئية المدمجة
ـ المرحلة الرابعة : قواعد البيانات المتاحة عبر الإنترنت



العوامل المؤثرة في عمليات استرجاع المعلومات

1: تقييم نظم استرجاع المعلومات
إن تصميم وتطوير نظام لاسترجاع المعلومات، يرتبط أساساً بتحقيق هدف أو مجموعة أهداف محددة ، والتي ينظر إليها على إنها غاية النظام ، وفي البدايات الأولى لنظم استرجاع المعلومات المحوسبة كانت قدرة النظام على استرجاع المعلومات هي هدفه الأول وغايته الأهم. ولكن بعد مرور مدة قصيرة من الزمن تبين أن استرجاع المعلومات كعملية مجردة وغير موجهه لا يمكن أن تكون هدفاً أوحداً للنظام ، طالما إنها لا ترتبط بحاجة موضوعية أو بحثية لمستفيد ما ، لذا فان حكم المستفيد بصلاحية المعلومات المسترجعة من النظام استجابة لمطلبه البحثي أصبحت في مقدمة أهداف نظم استرجاع المعلومات ، وترتبط بها مقاييس تقييم نظم استرجاع المعلومات التقليدية والآلية على حد سواء، وعلى أساسها تتم المفاضلة بين مختلف أنواع النظم . وتجدر الإشارة هنا إلى إن قدرة نظم استرجاع المعلومات على تجهيز المستفيد بالمعلومات المناسبة من بين الكم الهائل من المعلومات المخزنة في وسائطها الخزنية غاية صعبة المنال ولا يمكن مقارنتها مع قدرة تلك النظم على استرجاع المعلومات، بغض النظر عن ملاءمتها أو عدم ملاءمتها . وعليه فقد أصبح من ضروريات عمليات التقييم إشراك المستفيد صاحب الحاجة الفعلية للمعلومات في الحكم على صلاحية المعلومات المسترجعة من النظام ، فالمعلومات لا قيمة لها إذا لم ترتبط باهتمام أحد المستفيدين أو حاجته الموضوعية .
ولصعوبة قياس دوافع المستفيدين لطلب المعلومات بطرائق كمية ، وكذلك التباين الكبير بين مستفيد وآخر في الحكم على صلاحية نفس المعلومات المسترجعة استجابة للموضوع ذاته، أضحت عملية تقييم نظم استرجاع المعلومات معقدة في إجراءاتها وغير دقيقة في نتائجها ، لهذا اجتهد العديد من الباحثين والمختصين في ابتكار معايير وأساليب مختلفة ، الهدف منها إجراء تقييم شامل لمختلف أنواع نظم استرجاع المعلومات ، وتوجيه العمليات البحثية بشكل متوازن بين نوع وكم المعلومات التي يحصل عليها المستفيد ومقدار الجهد والوقت المبذولين لغرض الحصول على تلك المعلومات ، فضلا عن الكلف المادية التي قد يتحملها المستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال الرسوم المترتبة على مؤسسات المعلومات مقابل اشتراكها في خدمات نظم استرجاع المعلومات .
ومنذ عام 1950 ظهرت في أدبيات الموضوع العديد من الدراسات التي تعالج مشكلة استرجاع المعلومات ، وتقييم نظم المعلومات ، ومن ابرز هذه المحاولات دراسات كرانفيلد عام 1957 التي كانت تهدف إلى وضع منهاج لقياس الكفاءة النسبية لمختلف لغات التكشيف وقياس التأثير النسبي للمداخل الكشفية باستخدام أساليب الاستدعاء والدقة
ومع التطور الكبير الذي حصل في صناعة نظم استرجاع المعلومات الآلية واتساع نطاق استخدامها وكذلك تنوع شرائح المستفيدين منها ، ظهرت العديد من أساليب ومقاييس تقييم نظم الاسترجاع والتي تهدف في مجموعها إلى قياس الكفاءة النسبية لهذه النظم .
2 : مستويات تقييم النظم
سبقت الإشارة إلى إن نظم استرجاع المعلومات المحوسبة تطورت بجهود المؤسسات التجارية التي وضعت الربح المادي في مقدمة أهدافها، والتي كانت تعمل بشكل متواصل إلى إيجاد مبررات لاستمرار خدماتها وزيادة عدد مستخدميها ، ومن المؤكد إن استمرار أي نظام لاسترجاع المعلومات يرتبط بقدرته على تلبية احتياجات المستفيدين من المعلومات الملاءمة لمتطلباتهم البحثية والموضوعية ، من جانب أخر فان الوصول إلى المعلومات بمدة زمنية قصيرة وبجهد أقل يبذله المستفيد سواء كان صاحب الحاجة الفعلية للمعلومات أم وسيط العملية البحثية ، وبكلفة اقتصادية أقل، تعد عوامل مضافة إلى صلاحية المعلومات المسترجعة عند إجراء عملية التقييم . وبشكل عام هناك ثلاث مستويات محتملة يمكن من خلالها وعلى أساسها تقييم نظم استرجاع المعلومات وهي :
أ‌- المستوى الأول . تقييم فاعلية النظام التي تتصل باعتبارات رضا المستفيد.
ب‌- المستوى الثاني . تقييم فاعلية التكلفة التي تتصل برضا المستفيد عن الكفاءة الداخلية للنظام .
ت‌- المستوى الثالث . تقييم عائد التكلفة المتصلة بأهمية النظام مقابل تكاليف تشغيله .
ويرى الباحث إن مستويات التقييم تتصل عموما بمقاييس التكلفة ، سواء تم حساب تلك التكلفة من جانبها المالي أو مقدار الجهد المبذول عند إجراء البحث ، أو كلاهما ، مع حساب الوقت المستنفذ في إجراء العملية البحثية من لحظة تقديم الطلب إلى حصول المستفيد على نتائج البحث . وطالما كان المستفيد هو الطرف الذي يتحمل تكلفة البحث ، فأن اعتبارات الجودة سيكون لها دور مهم في مستويات تقييم النظم خاصة تلك التي تتصل بحداثة المعلومات المتوفرة في النظام والتغطية الموضوعية والمصدرية له ، مع التركيز على تكامل المعلومات ودقتها . أما إذا نًظر إلى مقاييس التكلفة من وجهة نظر الإدارة التشغيلية فسنجد إنها تعتمد على الموازنة بين عائدات النظام التي تمثل ( إجمالي الإيرادات المالية المحصلة من تشغيل النظام خلال مدة زمنية معينة ) مقارنة بتكاليف تشغيله ( إجمالي المصروفات التي تتحملها الإدارة التشغيلية أو المؤسسة التمويلية في سبيل تشغيل النظام خلال المدة نفسها ) ، و معدل الفرق المقبول بين العائد والتكاليف يرتبط بسياسة المؤسسة التمويلية فيما إذا كانت مؤسسة ربحية أم غير ربحية ، وفي كل الأحوال فان استمرار عمل النظام مرتبط ببقاء معدل التكاليف دون معدل العائد من النظام إلا إذا كان هناك دعم من نوع ما لاعتبارات خاصة بالمؤسسة أو بنوعية المستفيدين من خدمات النظام . وعلى هذا الأساس يمكن النظر إلى مستويات التقييم بكونها مقاييس ، ترتبط بما يأتي :
-رضا المستفيد عن نتائج العملية البحثية (المخرجات) التي يحصل عليها والتي تتم مقارنتها بمعدل الجهد المبذول والوقت المستنفذ ، والكلفة المادية المدفوعة مقابل الخدمة.
-رضا مشغلي النظام من وسطاء ومنفذين عن إجمالي ما يحصلون عليه من مبالغ نظير خدماتهم مقارنة بحجم الجهد المبذول في المراحل المختلفة للعمليات البحثية.
-رضا المؤسسة التمويلية عن العائدات مقارنة مع تكاليف تشغيل النظام .
3: العوامل والمقاييس النوعية
في سبيل الوصول إلى تقييم موضوعي ودقيق لكفاءة نظم استرجاع المعلومات ، لابد من أن يكون للمستفيد دور مباشر فيه من خلال حكمه على نوعية المخرجات التي يحصل عليها بوصفها نتائج للعملية البحثية التي يقوم بها، وعلى هذا الأساس يرى لانكستر إن الإجابة على التساؤلات الآتية التي ترتبط بالمستفيد تشكل مقياساً نوعياً عن مدى كفاءة هذه النظم :
أ‌- هل يحصل المستفيد على ما يبحث عنه فعلاً أم لا.؟
ب‌- إلى أي حد يحصل عليه مكتملا أو دقيقاً.؟
وإذا كان التساؤل الأول يتصل بقدرة النظام على الاسترجاع (الاستدعاء) ، فأن التساؤل الثاني يتصل بقدرة النظام على استرجاع المعلومات المناسبة فقط واستبعاد ما عداها (الدقة) وفي كلا الحالتين يجب أن يكون هناك تقييم لمقدار الجهد الذي ينبغي أن يبذله الوسيط أو المستفيد للحصول على المعلومات المناسبة ، مع حساب مقدار الوقت المستنفذ ما بين صياغة الاستفسار وتلقي النتائج المناسبة .
وفي منتصف خمسينيات القرن الماضي تم وضع عدد من العوامل لتستخدم مقاييس نوعية عند إجراء عملية التقييم وهي
-عامل الاتفاق ويقصد به مجموعة التسجيلات التي يوجه النظام بهدف استرجاعها
-وعامل العزل ويقصد به مجموعة التسجيلات التي يوجه النظام بعدم استرجاعها.
-وعامل الملاءمة ويقصد به مجموعة التسجيلات التي استرجعها النظام وتبين بعد الاختبار ملاءمتها .
-وعامل التشويش ويقصد به مجموعة من التسجيلات التي استرجعها النظام و تبين بعد الاختبار عدم ملاءمتها .
-وعامل الاسترجاع ويقصد به مجموع التسجيلات التي قام النظام باسترجاعها فعلا من مجموع التسجيلات الموجودة في النظام .
-وعامل الحذف يقصد به مجموعة التسجيلات المناسبة في النظام والتي عجز النظام عن استرجاعها .
4: مقاييس الاستدعاء والدقة
ما تزال مقاييس الاستدعاء و الدقة تحظى بقبول واسع في مجال التقييم النوعي لنظم استرجاع المعلومات ، وذلك بسبب ارتباطيهما برضا المستفيد وطريقة حكمه على مخرجات العملية البحثية أولا ، و ترابطهما مع بعض ثانياً ، حيث يعد معدل الاستدعاء مقياس لقدرة النظام على استرجاع التسجيلات المتصلة بموضوع البحث ، بينما يعد معدل الدِقة مقياس لقدرة النظام على استبعاد التسجيلات التي ليست ذات صلة بموضوع البحث
لهذا فإن مقاييس الاستدعاء والدقة قد لا تعطي نتائج دقيقة عند تقييم نظم الاسترجاع المعلومات خاصة إذا كان المستفيد هو صاحب القرار الوحيد في الحكم على صلاحية أو عدم صلاحية المعلومات المسترجعة ، من ناحية أخرى فأن نسبة الاستدعاء قد لا يمكن قياسها بصورة دقيقة ، لصعوبة تحديد عدد التسجيلات ذات الصلة بموضوع البحث الموجودة في النظام ولم يتم استرجاعها .
5: مفاهيم الكفاءة
لاشك أن مفهوم الكفاءة هنا لا يرتبط بقدرة النظام على الاسترجاع فحسب ، وإنما في قدرته على إشباع حاجات المستفيدين من المعلومات ذات الصلة بموضوعاتهم البحثية أو ما يعرف اصطلاحا "اكتمال البحث" ، فليس من أهداف عمليات تقييم نظم استرجاع المعلومات قياس قدرتها على الاسترجاع باعتبارها عملية نهائية ، لان قدرة النظام على الاسترجاع تعد وسيلة المستفيد لاختيار التسجيلات التي يراها وثيقة الصلة بالموضوع ، ولا يمكن النظر إليها على إنها غاية النظام . فمفهوم كفاءة الاسترجاع هو مصطلح له دلالة أوسع ومعنى اشمل مما يبدو عليه ، ولعل السبب في ارتباط الكفاءة بمفهوم الاسترجاع جاء كنتيجة طبيعية لارتباط مقاييس التقييم التي أشرنا إليها سابقاً بمخرجات النظم التي يتم استرجاعها استجابة لمطلب بحثي محدد . لكن هذا لا يعني إن كفاءة الاسترجاع عملية منفصلة عن كفاءة النظام ككل ، فكل جزء من أجراء نظم استرجاع المعلومات سواء كان مادياً أم برمجياً أم تشغيلياً يؤثر ويتأثر بأجزاء النظام الأخرى ، ولضمان الدقة في التعبير لابد من الفصل في المعنى بين مفاهيم "كفاءة البحث" و "كفاءة الاسترجاع" و "كفاءة النظام" وكالآتي :
أ‌. كفاءة البحث : ترتبط بنتائج العملية البحثية التي يقوم بها المستفيد ويتم تقيمها وقياسها بشكل مستقل عن نتائج العمليات البحثية لمستفيدين آخرين في زمن سابق أو لاحق له، وسيكون المستفيد صاحب الحاجة الفعلية للمعلومات هو الحَكَم الفصل على كفاءة البحث ، والعامل المؤثر الأول فيها . وبشكل عام يمكن أن يسترجع المستفيد مجموعة من التسجيلات تضاهي إستراتيجية البحث التي تم بواسطتها استجواب النظام والتي يمكن تصنيفها مقارنة بموضوع البحث واعتمادا على رأي المستفيد إلى
-مجموعة من التسجيلات ذات الصلة الوثيقة بموضوع البحث (تطابق)
-مجموعة من التسجيلات ذات الصلة القريبة بموضوع البحث (تقارب)
-مجموعة من التسجيلات ذات الصلة البعيدة بموضوع البحث (تباعد)
-مجموعة من التسجيلات ليست ذات صلة بموضوع البحث (ضوضاء)




ب‌. كفاءة الاسترجاع : تقييم أشمل يحتاج إلى دراسة نتائج مجموعة من العمليات البحثية لعدد من المستفيدين وباستخدام المفاهيم البحثية نفسها ، ثم مقارنة النتائج للوصول إلى قرار بخصوص كفاءة أو عدم كفاءة الاسترجاع ، ويرى الباحث إن جوهر الاختلاف عن كفاءة البحث تكمن في تًحيّيد الرغبات والدوافع غير المعلنة للمستفيد في الحكم على صلاحية النتائج . ويعتبر دور الوسيط من العوامل المؤثرة في كفاءة الاسترجاع إلى جانب دور المستفيد بالنسبة للعمليات البحثية التي تجري بالوساطة، ويتم قياس كفاءة الاسترجاع عادة باستخدام مقاييس " الاستدعاء والدقة " ، والواقع إن معدل الدقة هو المقياس المستخدم في قياس كفاءة الاسترجاع ، فمن غير الممكن التحقق من معدل الاستدعاء في هذه المرحلة لصعوبة تحديد عدد التسجيلات ذات الصلة بالموضوع والتي لم يتم استرجاعها . وبشكل عام تزداد كفاءة الاسترجاع كلما اقترب الفرق بين العدد الكلي للتسجيلات التي تم استرجاعها وبين عدد التسجيلات التي حكم المستفيدون بصلاحيتها للموضوع من الصفر ،
ت‌. كفاءة النظام : من الصعب أحيانا الفصل بين كفاءة النظام وكفاءة الاسترجاع إلا في حدود قدرة النظام على تحقيق نتائج متطابقة لعمليات بحث مختلفة بغض النظر عن قدرة المستفيد أو الوسيط في إدارتها بالطريقة التي تؤدي إلى رفع كفاءة الاسترجاع ، وتشكل الكفاءة العلمية والعملية لنظام استرجاع المعلومات مقياساً لقابلية النظام للقيام بالوظائف التي صمم من أجلها على أساس إن من يستجوب النظام خبير في هذا المجال.
ففي الوقت الذي يتم فيه قياس كفاءة الاسترجاع بمقاييس نوعية ترتبط بمخرجات النظام ، فان كفاءة النظام تتأثر إلى جانب ذلك بعوامل المدخلات والتي من أهمها:
-نوع الوثائق التي يحتوي عليها النظام .
-إلى أي حد يمكن التعرف على المحتوى الموضوعي لهذه الوثائق.
-مدى صلاحية لغة النظام في التعبير عن المحتوى الموضوعي لهذه الوثائق.
-مرونة برمجيات البحث.
-سهولة التعامل مع واجهات المستفيد بالدرجة التي يقلل فيها النظام إلى أدنى حد ممكن تأثير خبرات المستفيد على نتائج العملية البحثية
وعلى الرغم من صعوبة تحقيق موازنة نسبية بين مستويات الاستدعاء ومستويات الدقة بالتخلص من التناسب العكسي بينهما والوصول إلى إمكانية استرجاع كل التسجيلات ذات الصلة بموضوع البحث، الموجودة في النظام والتي يقرر المستفيد ملاءمتها للموضوع ، فأن الحكم على كفاءة النظام.
6: العوامل المؤثرة في الكفاءة
بغض النظر عن نوع ومفهوم الكفاءة فيما إذا كانت كفاءة بحث أم استرجاع أم نظام فأنها تشترك جميعاً بوجود عوامل ذات تأثير مباشر على ارتفاع أو انخفاض مستوى هذه الكفاءة ، وبدأ برغبة المستفيد في البحث عن المعلومات لإشباع حاجاته الموضوعية المرتبطة بنشاطه البحثي والعلمي والعملي ، ومروراً باستخدامه لنظم استرجاع المعلومات المتاحة له ، وانتهاءً بحصوله على المعلومات التي يقرر صلاحيتها لموضوع البحث ، تكون هناك سلسلة طويلة من الأنشطة والفعاليات والعمليات والوظائف التي يرتبط قسم منها بالمستفيد صاحب الحاجة الفعلية للمعلومات ، وقسم آخر بالوسيط الذي يمثل حلقة الوصل بين النظام والمستفيد ، وقسم ثالث بأجزاء نظام استرجاع المعلومات كافة ، والتي لاشك سيكون لها تأثير إيجابي أو سلبي على نتائج العمليات البحثية عموماً التي ستنعكس على كفاءة الاسترجاع .
وبغض النظر فيما إذا كان المستفيد هو نفسه من يقوم بأجراء عملية البحث أو يفوض أخصائي المعلومات بدلا عنه ، فان العوامل المشار لها في الشكل السابق تكاد تمثل الحالة العامة والشائعة للعمليات البحثية ، مع التأكيد على احتمال وجود تباين نسبي في العوامل المؤثرة في الكفاءة بين حالة وأخرى ، وهو ما يحاول الباحث استعراضه في الصفحات اللاحقة من خلال دراسة دور كل من المستفيد النهائي والوسيط والنظام وتأثيراتها على كفاءة الاسترجاع .


تأثير دور الوسيط على كفاءة الاسترجاع
دور الوسيط أو أخصائي المعلومات كان له وجود حقيقي في ميدان العمل التقليدي لمؤسسات المعلومات ، ولكن تحت مسميات مختلفة في أشكالها ومتماثلة في مضامينها، وطبيعة الدور المنوط بها ، فلقد كان مسؤول الخدمة المرجعية يقدم وساطة عالية المستوى ، فلم يكن دوره في تسهيل الوصول إلى المعلومات ، فقط ، وهو عمل يستطيع المستفيد المطلع القيام به ، و إنما يتعدى ذلك إلى استثمار كل خبرته في مجال مصادر المعلومات لتقديم إجابات منتقاة ، والعمل على توفير المعلومات الملاءمة لحاجة المستفيد ، وهو عمل ابعد في مداه من توفير مصادر هذه المعلومات . وبعد التطور الكبير الذي حدث في مجال بث المعلومات وتداولها باستخدام تقنيات الحواسيب وظهور خدمات البحث بالاتصال المباشر والبحث في قواعد البيانات على الأقراص المدمجة واستخدام شبكة الإنترنت ، شهدت العلاقة بين أخصائي المعلومات والمستفيد تحدي كبير ، بعد أن انتزعت منه سلطة امتلاك المصادر المرجعية لمصلحة المستفيد ، فسهولة استخدام الأجهزة الحديثة وبرامجها من خلال واجهات بحث بسيطة ومرنة وكذلك تنامي النشر الإلكتروني الذي يضع المعلومات مباشرة في خدمة المستفيد ، كل ذلك يوحي باحتمال ضعف وساطة أخصائي المعلومات للدرجة التي قد تؤدي إلى الاستغناء عن دوره نهائيا . لكن من المهم التأكيد هنا على أن الكمية الهائلة للمعلومات المتاحة بواسطة التكنولوجيات الحديثة وكثافة الكلمات الدالة التي تسمح بها أدوات البحث الآلية، تؤكدان من جديد إلى أهمية دور أخصائي المعلومات في طرح الأسئلة البحثية وبناء استراتيجيات البحث المتقدمة. ويبقى المستفيدون بوجود هذه التقنيات بحاجة إلى من يساعدهم في الحصول على المعلومات بسرعة ودقة أكبر مما لو نفذوا العملية بأنفسهم ، فواجهات النظم الصديقة، ومحركات البحث لم تكن وسائل كافية ليتمكن المستفيد من خلالها إنجاز العملية البحثية بالاعتماد المباشر على مهارته وخبراته في إدارة البحث ، فهذه الأدوات قدمت أنصاف الحلول ، واحتفظ أخصائي المعلومات بالنصف الآخر من الحل، المتمثل في قدرته على التعرف بوضوح اكبر على احتياجات المستفيدين والتعبير عنها بمفاهيم ومصطلحات دقيقة ، تضمن للمستفيد فرصة الحصول على نتائج بحثية ملاءمة مع تقليص كبير في الوقت والجهد المستنفد بإجراء التحاور مع نظم استرجاع المعلومات.
الوساطة في مجال العمل التقليدي
الوساطة في مجال المعلومات لها معنى قد يختلف من الناحية التطبيقية عن أنماط الوساطة في المجالات الأخرى ، فالوسيط خارج حدود عمل مؤسسات المعلومات يقوم بدوره بهدف تحقيق مكسب مادي أو معنوي يحصل عليه بصورة مباشرة أو غير مباشرة . لكن مجمل المهام والوظائف التي تنجز من قبل العاملين في هذه المؤسسات لا تخرج عن كونها نمطاً من أنماط الوساطة. المكتبيون على سبيل المثال هم وسطاء بين مصادر المعلومات والمستفيدين، وتحقيق رضا المستفيد هو الهدف الأول للوسيط، ففي ظل أنماط النشر التقليدي للمعلومات كانت هناك حاجة ملحة إلى وسيط يعمل على اختيار وتنظيم المعلومات المنشورة في مختلف أنحاء العالم و إعدادها بالطريقة التي تحقق الاستفادة منها ، ومع التطورات المتلاحقة في عمل مؤسسات المعلومات، اتسع نطاق الوساطة ليشمل عملية الاستخلاص و التكشيف والتحليل بهدف تسهيل عملية البحث على المستفيد ، بعد أن أصبح الاتجاه السائد في أوساط المستفيدين يتجه نحو البحث عن المعلومات لا عن مصادرها ، كل ذلك أدى إلى ظهور وظيفة أخصائي المعلومات التي تنطوي تحتها مسميات الوظائف والمهام الآتية
أ‌- معالج المعلومات . وهو الشخص المسؤول عن رسم أطر المعلومات وتقديمها بشكل مناسب للمستفيد ، ويمتد دوره ليشمل مراقبة المعلومات العلمية والتقنية المنتجة من قبل مؤسسات المعلومات ودراستها وتحليلها وتقييم كفاءتها وإتاحة استخدامها عبر الأدوات والوسائل المعروفة في مجال العمل المكتبي .
ب‌- المدرب . وهو الشخص المسؤول عن تدريب المستفيدين على كيفية استخدام الأدوات والوسائل المساعدة في الوصول للمعلومات بأقصر وقت واقل جهد ممكن ، وهكذا يكون واحد من أهم أدواره مساعدة المستفيدين بغض النظر عن مستوياتهم وتخصصاتهم على امتلاك الأدوات الجديدة التي تسهل عليهم الوصول إلى المعرفة ، وقد يمارس المدرب دوره هذا من خلال الاتصال المباشر والآني بالمستفيد أو من خلال تنظيم الدورات التدريبية والتعريفية لهم وحسب البرامج التي تضعها مؤسسة المعلومات.
ت‌- الوسيط . وهو الشخص الذي توكل إليه مهمة قيادة العملية البحثية لصالح المستفيد ، خاصة في مراحلها الصعبة ، التي تتطلب بناء استراتيجية بحث منظمة تكفل الوصول إلى المعلومات بالدقة والسرعة المطلوبتين . ويعبر هذا المفهوم عن دور أخصائي المعلومات الحقيقي، فالوسيط في واقع الآمر هو مستفيد مفوض للعمل بجمع المعلومات واختيار المناسب منها لصالح مستفيد آخر ( المستفيد ) ، وهذا الدور يعتبر غاية في التعقيد ، حيث يتطلب إلى جانب الخبرة في إدارة العملية البحثية والمعرفة الواسعة بمصادر المعلومات ، تفهم لحاجات المستفيدين والقدرة على الاستنتاج بالطريقة التي يفكر بها المستفيد ، فضلا عن خبرة وإطلاع في مجالات موضوعية متعددة ، في الغالب معظمها يكون خارج تخصصه الموضوعي .
ث‌- أخصائي المراجع . تعتبر طريقة توزيع وتنظيم المعلومات في بعض أنواع المصادر المعروفة باسم الكتب المرجعية ، والتي تستخدم بهدف الحصول على معلومات محددة ومباشرة عن شئ ما ، وعادة ما توفر تلك الكتب وسائل وأدوات مساعدة ، مثل (الكشافات ، الفهارس … الخ ) والتي قد تكون منفصلة أو متصلة بها لتمكن المستفيد من الوصول إلى المعلومات دون الحاجة إلى قراءة الكتاب المرجعي بالطريقة التسلسلية التقليدية التي تقرأ فيها الأنواع الأخرى من مصادر المعلومات . وعادة ما يجهل المستفيد قليل الإطلاع كيفية استخدام هذه الوسائل أو الطريقة التي استخدمت في تنظيم المعلومات بين ثنايا الكتاب المرجعي ، والأهم من هذا أن معظم المستفيدين يجهلون أين يمكن أن يجدوا المعلومات المطلوبة ، وأي المراجع الأفضل من بين ما متوفر منها. كل هذه الأسباب توجد حاجة ملحة لتوفير مساندة يقدمها موظف المراجع للمستفيد لتخطي تلك الصعوبات ، ويفترض بهذا الشخص أن يمتلك الخبرة الكافية في استخدام المصادر المرجعية ، ومعرفة بالمحتوى الموضوعي لها وطريقة تنظيمها وترتيبها للمعلومات، ليتمكن من خدمة المستفيد في الحصول على المعلومات المناسبة بالحد الأدنى من الجهد والوقت .
الوساطة في مجال البحث الآلي
أن الوساطة في مجال البحث الآلي عن المعلومات كانت قد بدأت بشكل بارز مع بداية خدمات البحث بالاتصال المباشر ، التي تعتمد على شبكات الاتصالات للوصول إلى المعلومات ، وكما هو معروف فان هذه الخدمات كانت تقدم من خلال مؤسسات تجارية مقابل رسوم اشتراك، يحتسب جزء كبير منها على أساس الوقت المستنفد في إجراء عملية الاتصال . من هنا كانت مؤسسات المعلومات التي لديها اشتراك بهذه الخدمات تحرص دائما على أن تكون الرسوم المالية المترتبة عليها في حدود ميزانياتها، بغض النظر عما إذا كانت مؤسسات المعلومات ستتحمل نفقات البحث بشكل كامل أو إنها ستمرره إلى المستفيد. ففي الحالة الأولى سيكون لدى هذه المؤسسات حافز قوي لضبط النفقات والإصرار على أن يتولى أحد موظفيها مسؤولية إجراء البحث بالاتصال المباشر، والذي تتوسم فيه الخبرة والدراية في إدارة العملية البحثية بما يحقق هدفها في ضبط النفقات إلى أدنى حد ممكن ، أما في الحالة الثانية فقد يفضل المستفيد أن يستفيد من مهارات الوسيط وسرعته في إنجاز البحث لضغط النفقات المترتبة عليه شخصيا نتيجة الربط بالاتصال المباشر. فكل دقيقة إضافية يمضيها الباحث بالاتصال المباشر على الحاسوب المضيف تعني زيادة في رسوم الاتصال، وعلى هذا الأساس شجعت مؤسسات المعلومات الأبحاث السريعة والفاعلة التي تنجز من قبل الوسطاء خاصة أولئك الذين يمتلكون الخبرة والمهارة المكتسبة من الممارسة الفعلية لعمليات البحث، بدلاً من الارتباك والتردد والبحث البطيء التي يجريها المستفيدون العرضين، الذين قد لا يكونوا عارفين بقواعد البيانات أو وظائف نظم استرجاع المعلومات
وتجدر الإشارة إلى أن الوساطة في مجال البحث بالاتصال المباشر أسندت منذ البداية إلى المكتبيين ، حيث يعود سبب تفضيله على غيره من المتخصصين للقيام بدور الوساطة إلى المبررات الآتية
أ‌- كانت المكتبات من مؤسسات المعلومات السباقة في الحصول على خدمات البحث بالاتصال المباشر، لخدمة المستفيدين منها ، ومن البديهي وكما أشير سابقا أن توكل مهمة الوساطة في إجراء العملية البحثية لموظف المكتبة .
ب‌- كانت معظم قواعد البيانات المتاحة بالاتصال المباشر قد استخدمت ذات المفاهيم البحثية التي شاع استخدامها في مجال العمل المكتبي التقليدي ، مثل عناصر البحث البولي ولغات الأوامر ، وحتى مع وجود اختلاف وان كان بسيطاً فيما بين البحث بالأساليب التقليدية والبحث الآلي ، إلا أن تعلم لغات الأوامر وعناصر البحث البولي كانت بالنسبة للمكتبين جزء من وظيفتهم .
ت‌- كانت معظم قواعد البيانات المتاحة تجاريا من خلال البحث بالاتصال المباشر تقدم في العموم معلومات ببليوغرافية ولهذا وقعت مباشرة ضمن هيمنة المكتبة كمؤسسة والمكتبين كأشخاص.
ويعتقد الباحث إن ارتباط هذا الدور بالمكتبيين قد منحهم إحساسا بالحماس لتقبل إدخال التقنيات الحديثة إلى مجال العمل المكتبي ، ولقد آمنوا بان هذه التقنيات ستحسن من قدراتهم المهنية، كذلك ستساعد على رفع منزلة المكتبة والمكتبي في نظر الباحثين والمستفيدين .
إلا أن النمو المتزايد في بحث المستفيدين بأنفسهم شكل خطراً طويل الأمد لهذا الإحساس المتعالي بالقدرات المهنية ، فدخول المستفيد إلى مجال البحث المباشر والتخلي تدريجياً عن دور الوسيط ، قد يمس مواقف حساسة كثيرة تتراوح بين الشك بإمكانية المستفيد في إجادة تعقيدات البحث ، إلى الخوف من مستقبل لا تعود فيه حاجة لأخصائي المعلومات أبدا. خاصة بعد تطور وسائل النشر الإلكتروني وظهور تقنية الأقراص المدمجة وتنامي الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت) مع ما يرافق ذلك من سهولة استخدام تقنية الحواسيب بالنسبة للمستفيد. كل هذا أوجد شعوراً لدى المكتبين بان هناك خطر يهدد وجود المهنة المكتبية عموماً ودور الوسيط خصوصاً ، على فرض أن الإنترنت ستكون أعظم من أي مكتبة في العالم فيما تحتويه من معلومات ، وطالما كان بإمكان كل مستفيد أن يكون لديه محطة عمل في منزلة أو مقر عمله يتصل من خلالها بالشبكة ، فلا تعود هناك حاجة لديه لزيارة المكتبة والاستفادة من خدماتها أو الاستعانة بخبرة الوسطاء في إنجاز العمليات البحثية . ونعتقد أن الشعور بالخوف هنا قد لا يكون مبرر طالما كان اختصاصي المكتبات قادرين على التحول بسرعة إلى متخصصين متمكنين في البحث وتطوير خبراتهم ومهاراتهم للدرجة التي تفوق قدرات المستفيدين في التعامل بكفاءة مع كل التطبيقات الحاسوبية وواجهات البحث ومواقع ومحركات شبكة الإنترنت .
ويمكن الإقرار بان الحاجة إلى الوسيط في مجال البحث الآلي عن المعلومات ستبقى قائمة طالما يظل أكثر فاعلية في إنجاز العمليات البحثية، ويتمتع بمهارات خاصة تمكنه من تحقيق نتائج بحث أفضل من تلك التي يتمكن المستفيد من تحقيقها بغض النظر عن المهارات والفروق الفردية بين مستفيد و آخر.
وفيما يلي تعرف الدراسة بمجموعة من العوامل ذات الصلة بدور الوسيط في إجراء البحث الآلي المفوض ، ويحتمل أن يكون لها تأثير في كفاءة نتائج العمليات البحثية.
التخصص والاهتمام الموضوعي
في البدايات الأولى لخدمات البحث بالاتصال المباشر كانت معظم عمليات البحث في مراكز تقديم الخدمة تجري بغياب المستفيد ، الذي كان يفوض لهذا الأمر أخصائي المعلومات ، وقد يكون سبب التفويض مبررا ببعد المستفيد عن موقع تقديم الخدمة ، أو بسبب صعوبة تحديد الوقت الذي تجري فيه عملية الاتصال بنظم استرجاع المعلومات العالمية . وفي كل الأحوال سيكون دور الوسيط ابعد بكثير من القيام بالاتصال بقواعد البيانات و تنفيذ البحث ببناء استراتيجية مناسبة بالاعتماد على مجموعة المصطلحات الموضوعية التي قدمها المستفيد في استمارة طلب الخدمة. لكن آلية البحث هذه تؤدي في معظم الأحيان إلى الحصول على نتائج غير متطابقة تماماً مع موضوع بحث المستفيد ، ولعل واحد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى هذه النتيجة هو عدم قدرة الوسيط على تفهم موضوع البحث بالطريقة التي تمكنه من مطابقة النتائج المسترجعة مع حاجات المستفيدين الفعلية. وكما أشير سابقا إلى أن الطريقة التي ينظم بها المستفيدون معرفتهم بالموضوع قد تؤدي إلى إثارة أسئلة متباينة تماما في أذهان مختلف الأفراد ، مما يؤدي إلى تباين التصورات الشخصية للمستفيد عن تلك التي يفهمها الوسيط حول موضوع البحث. ومن الجدير بالذكر أن معظم مؤسسات المعلومات التي كانت تقدم خدمات البحث بالاتصال المباشر، أو تلك التي أصبحت فيما بعد تقدم هذه الخدمات من خلال البحث في قواعد البيانات على الأقراص المدمجة، أو من خلال الدخول على شبكة الإنترنت، تفوض موظفيها للقيام بدور الوساطة، والذين هم في الغالب من المختصين في مجالات المعلومات أو الحواسيب، فهذه المؤسسات لم يكن بإمكانها أن توفر وسطاء بحث بخلفيات موضوعية تتقارب مع الاتجاهات الموضوعية المتنوعة لقواعد البيانات المتوفرة أو المتاحة لها. خاصة عندما تكون هذه المؤسسات غير متخصصة و شاملة في خدماتها لتخصصات موضوعية متعددة. فضلا عن ذلك فان نظم استرجاع المعلومات ذاتها قد تكون شاملة في تغطيتها الموضوعية، على سبيل المثال يغطي النظام الدولي للمعلومات النووية نتاجاً فكرياً في موضوعات الفيزياء والهندسة وعلوم الحياة والبيئة والكيمياء فضلا عن موضوعات لها علاقة بالمظاهر الاجتماعية والاقتصادية والقانونية لمصادر الطاقة النووية وغير النووية. وعلى هذا الأساس لا يمكن للوسيط إن يكون متوازن الخبرة والمعرفة بكل هذه الاتجاهات الموضوعية، ولا يمكن لمؤسسات المعلومات إن تشغل عدد كبير من الوسطاء وبتخصصات تتلاءم مع التغطية الموضوعية لنظام استرجاع المعلومات أو قواعد البيانات المتوفرة.
وبشكل عام يمكن النظر إلى تباعد التخصص الموضوعي للوسيط عن موضوع البحث أو تخصص المستفيد باعتباره عاملاً مؤثراً في كفاءة الاسترجاع للاعتبارات الآتية :
أ‌- درجة توافق البنية الشخصية (الموضوعية) للوسيط مع تلك الخاصة بالمستفيد.
ب‌- مدى تعقد الموضوع المتداول ومدى إمكانية التعبير عنه بدقة.
ت‌- معرفة الوسيط بالمحتوى الموضوعي لنظام استرجاع المعلومات الذي يعمل عليه.
ث‌- عندما يفشل الوسيط في فهم العلاقة الموضوعية الرابطة بين المصطلحات أو يعجز عن التمييز بين المصطلحات الرئيسية والمصطلحات الفرعية.
ج‌- إدراك الوسيط لأهداف المستفيد ودوافعه البحثية والموضوعية .
ح‌- لغة الاسترجاع التي يستخدمها المستفيد للتعبير عن موضوعه البحثي .
التواصل مع المستفيد
يجد الكثير من المستفيدين صعوبة في صياغة طلب بحث يصف بشكل دقيق حاجتهم إلى المعلومات، ويجد البعض منهم صعوبة اكبر في التعبير عن هذه الحاجة لشخص آخر ، وكما هو معروف فان نجاح البحث يعتمد بشكل أساسي على وضوح وتكامل الطلب الذي ينبغي أن يكون تقديراً تقريبياً معقولاً للحاجة إلى المعلومات ، فكلما زاد التباين بين الطلب المقدم والحاجة إلى المعلومات انخفضت احتمالات نجاح البحث ، ولقد أثبتت بعض الدراسات أن هناك علاقة مباشرة بين فشل البحث وطريقة التفاعل غير الملائم بين الوسيط والمستفيد. فعندما لا يكون الوسيط متخصصاً في ذات المجال الموضوعي للمستفيد أو قريباً منه ، يكون بحاجة ماسة إلى إجراء المقابلة وبشكل مباشر مع المستفيد ، والتي يكون في مقدمة أهدافها التعرف بشكل دقيق على موضوع البحث وتداخلاته ، وهذه المقابلة هي تعبير دقيق عن معنى التواصل مع المستفيد . ولكي يتمكن الوسيط من تحقيق نتائج بحث تتناسب مع الاحتياجات الموضوعية للمستفيد، لابد من أن يتعرف أولا على تلك الاحتياجات ، لكن المشكلة في هذا الجانب تكمن في أن المستفيد قد يفشل في التعبير عن حاجاته الموضوعية كما هي لشخص آخر ، ومن المهم في مجال البحث عن المعلومات التمييز بين الاحتياجات إلى المعلومات والتعرف على تلك الاحتياجات أو التعبير عنها ، فنظم استرجاع المعلومات لا يمكن لها أن تستجيب إلى احتياجات المستفيدين إلى المعلومات كاحتياجات، و إنما تستجيب فقط لإعرابهم عنها بمصطلحات ومفاهيم بحثية محددة ، لكن ليس من السهل دائما على صاحب الحاجة إلى المعلومات أن يعرب عنها بوضوح ودقة إلى الشخص الذي يتولى مهمة البحث عن المعلومات والوسيط صاحب الخبرة يدرك أن هناك مستويات للحاجة. المستوى الأول منها تكون فيه حاجة المستفيد إلى المعلومات كامنة في اللاشعور، وفي هذه الحالة يكون من الصعب التعبير عنها، أو حتى الإقرار بوجودها أصلا، ويتعذر على الوسيط والحال هذه أن يصل إلى سبيل يدرك من خلاله الحاجات الكامنة في نفس المستفيد، لكنه يمكن له أن يقترب منها أو يدفع المستفيد إلى الإحساس بها من خلال التباحث معه حول خلفياته الموضوعية ودوافعه الحقيقية للبحث وتجاربه السابقة في هذا المجال …الخ ، ومن الجدير بالذكر أن الحاجة إلى المعلومات في هذا المستوى لن تكون الدافع الحقيقي الذي يوجه المستفيد نحو أحد مراكز تقديم الخدمة، لأنه لا يكون واعيا بها، لكنها قد تتحول إلى حاجة واعية في أي مرحلة من مراحل البحث، ويستدل على ذلك بالتغير المفاجئ الذي يحدث في مسار البحث، عندما يتحول المستفيد بمفاهيمه البحثية بطريقة تعطي الوسيط انطباعاً بان هناك تحول قد حصل في مسار البحث يدرك من خلاله أن المستفيد قد بدأ يدرك وبشكل تدريجي حاجاته إلى المعلومات . أما في المستوى الثاني فان المستفيد يكون واعياً بحاجته إلى المعلومات ولها تمثيل في ذهنه ، لكنها قد لا تكون محددة المعالم أو لم تصل إلى النضج المطلوب ليمكن التعبير عنها بدقة ، ودور الوسيط في هذه المرحلة هو إنضاج هذه الحاجة والتواصل مع المستفيد لرسم الأطر العامة والخاصة لها ليتمكن لاحقا من التعبير عنها بمفاهيم بحثية واضحة ومحددة تصل به إلى نتائج بحث مرضية. وفي المستوى الثالث يتمكن المستفيد من رسم شكل الحاجة و أبعادها في ذهنه ويحدد معالمها بدقة لكنه قد يعجز عن التعبير عنها للوسيط لقصور في لغته الموضوعية أو البحثية ودور الوسيط في هذا المستوى يبدأ في تقديم التسهيلات والأدوات المناسبة التي قد تمكن المستفيد من صياغة الطلب بالشكل الذي يعبر فيه بوضوح عن حاجاته إلى المعلومات.
أما الحاجة التي تكون قابلة للتسوية أو الحل الوسط فهي الطلب الذي يقدم فعلا إلى مركز المعلومات ومن الممكن التعبير عنها بشكل يعتبره المستفيد قابلاً للفهم من جانب أخصائي المعلومات إلا انه لا يعبر بدقة عن الحاجة الحقيقية للمستفيد ، وعلى الوسيط في هذا المستوى أن يعمل على تطوير طريقة التفاعل مع المستفيد للوصول إلى مفاهيم بحثية يمكن أن تحقق استجابة مناسبة من نظام المعلومات ، وبعبارة أخرى هي إعادة صياغة لمفردات المستفيد بلغة أكثر تعبيراً ، وهذه الحالة تمثل المستوى الرابع من مستويات الحاجة إلى المعلومات.
خلاصة القول أن الاتصال بين الوسيط والمستفيد يمكن أن يحقق نتائج جيدة في توجيه العملية البحثية الاتجاه الذي يحقق رضا المستفيد ، وهنا يحتاج الوسيط إلى جانب خبرته في مجال البحث إلى مواهب أخرى لها علاقة بالدراسات النفسية والتي يمكن أن تتطور مع الجهد المثابر للوسيط في تسجيل الخبرات السابقة ومتابعة سلوك المستفيدين قبل العملية البحثية وأثنائها وبعد إنجازها.
دور المستفيد في كفاءة استرجاع المعلومات

يتبع ...










رد مع اقتباس