اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قنون المربي والأستاذ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وكأنك قرأت أفكاري أستاذي صالح
في انتظار الأمثلة من أستاذ متمرس
وهذه هديتي لك/وإن كانت افتراضية/  .
ولو كنت بجانبي لأهديتها لك حقيقية يد ليد
|
شكرا على هديتك أستاذي العربي الموسمة بقلادة المرتبة الأولى
وبمناسبتها ؛ قديما -تلميذا كنتُ - سألتُ أحد الكبار : ما رأيك لو أجيء الأول ؟ فقال : لا ، الثاني أحسن من الأول !
واليوم إن شاء الله عرفتُ سر مقالته فالأول مرصد العيون ، والثاني لا ينتهي طموحه بالاجتهاد
ثم إني لستُ متمرسا فلا أعدو عن كوني فضوليا غير قديم عهد بالتعليم ولم أبلغ ربع خبرة أستاذنا العربي وهذا ليس تواضعا بل حقيقة ، ولو يكون لك من الأمر فرصة لقلتُ افتح لنا صفحة للأسئلة البيداغوجية والتربوية لنستفيد منكم فاللاحق تابع للسابق وهكذا هو العلم لاحق يتبع سابقا .
وأعود لتتمة ما بدأتُ به :
أستاذ المتوسط عامة وللسنة الأولى خاصة يجب عليه الاطلاع على كتب السنة الخامسة لأن انطلاقه وتقويمه يبدأ من هناك
وهذا ليس بكاف فثمت مشكلات وصعوبات تعليمية لا يخبر حلها وعلاجها إلا أستاذ الابتدائي المتمرس، وسنضرب أمثلة لذلك
إجمالا :
1- نسيان أغلب التعلمات والأساسية منها بعد العطلة
2- تنظيم بعض المعارف السابقة بصيغ واصطلاحات علمية محضة عكس الابتدائي
3- معارف جديدة تقتضي رسوخا سابقا في معارف الخامسة اللغوية والرياضية والعلمية والجغرافية
وهذا بعد العطلة يذهب جله إلا أفردا قليلين من التلاميذ
4- مباشرة معارف سابقة أو جديدة دون تقعيد ولا تمهيد لها وهذا إشكال يؤرق التلاميذ والمتوسطين منهم خاصة
ثم إن الفصل الأول للسنة الأولى متوسط جله مراجعة للسنة الخامسة مع بعض الإضافات الجديدة والتغييرات الاصطلاحية (1)
تفصيلا :
1- مثال اللغة :
لا يباشر أستاذ المتوسط التلاميذ بالتدريس إلا بعد استرجاع وترسيخ التعلمات الأساسية على رأسها الكلمة وأقسامها وعلامات معرفة كل قسم وتعريفه وتقسيماته وأصناف الحروف ( جر ، عطف ، نصب ، جزم )
فعمدة النحو والصرف وشيء من الإملاء على أساسها والتمييز التام بين أقسامها وتقسيماتها ، ولذلك فإن ولوج التعلمات مباشرة دون ذلك ؛ كخرط القتاد على التلاميذ والمتوسطين منهم خاصة
وفي النحو :
يسترجع مفهوم وإعراب الجملتين الفعلية والاسمية وأركانهما، ونواسخهما والتوابع ( الصفة والعطف ) وبعض المنصوبات ( المضارع المنصوب بأن ولن وكي ولام كي أو التعليل، المفعول المطلق ، والحال ) والمجرورات ( بحرف الجر ، والإضافة ) والمجزومات ( المضارع المجزوم بلم ولا الناهية )
وأما المرفوعات ( الفعل المضارع ، الفاعل ، ونائب الفاعل وهذا الأخير محذوف في المخطط الاستثنائي ،والمبتدأ والخبر )
وأما المبنيات ( فعلا الماضي والأمر ، وضمائر الرفع المنفصلة ، وأسماء الإشارة ، والموصولة ، وكل حروف المعاني ، وأخيرا المضارع المبني لاتصاله بنون الإناث وهو محذوف في المخطط )
وفي الصرف :
المفرد والمثنى والجمع تذكيرا وتأنيثا وتحويلا، وباب المعرفة والنكرة، وتصريف الأفعال، وتحويل الجمل، والصحيح والمعتل من الأفعال وتصريفهما
وفي الإملاء :
كتابة وتعليل التاء ، والهمزة ، وكتابة الأسماء الموصولة ، والمد رسما ولفظا ، واتصال ما الاستفهامية بحروف الجر ، والألف اللينة ، وهمزتي القطع والوصل
يختبر التلميذ بإملاء نص صغير يشمل كل المعارف المذكورة والأساسية دون تعقيد ولا تكلف
والحقيقة أن الإملاء أسرع وأحسن معيار تشخيصي للتلميذ ويدلك على قوته أو ضعفه في الإنتاج الكتابي والقراءة والتعبير الشفوي بنسبة غالبة ( والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه )
وفي القراءة والتعبير الشفوي - وهما الأساس الأول - :
المفترض أن يقرأ تلميذ الخامسة قراءة مترسلة لا أن يهجئ ، ومعنى المترسلة ليس سرعة القراءة كالصاروخ وإنما قراءة يترسل فيها أي على مهل مراعيا الوصل والفصل دون تهجئة ولا تلعثم وإن كانت سرعة القراءة تنبئ عن قوة التلميذ ويعد مؤشرا - غالبا - على تمكنه من التعبير الشفوي والكتابي غالبا
تطبيق هذا المثال اللغوي وملمح تخريجه على التلاميذ :
التلاميذ متباينون ؛ فثلة الممتازين حقا وذات المعدل الحقيقي 10 و 9 كثيرة التذكر سريعة الفهم .
ومعلوم أن المنتقلين إلى المتوسط بين الممتاز ، والجيد ، والحسن ، والمتوسط ( والضعيف بغتة )
فالممتاز جيد التذكر ، والجيد حسن التذكر ، والحسن متوسط التذكر ، وهكذا دواليك
قد يطرح سؤال : لم هذا الترتيب ؟ فالجواب : نسيان أغلب التعلمات بعد العطلة .
والعمدة في الحكم على التلميذ ليست الشهادة وإنما كشوف نقاطه الفصلية من الأولى إلى الخامسة ابتدائي فذاك هو الصواب وعين الصواب ( وهنا نرى مدى شدة مصيبة التضخيم )
وهنا ومن هنا تنطلق المشكلات والصعوبات التعليمية بعد مباشرة التدريس :
فالصنف الذي لم يميز بين أقسام الكلمة ومعرفة علاماتها وتقسيماتها فضلا عن نسيانها لا يمكنه البتة مباشرة أغلب النحو والصرف وهذا مؤشر غالب على ضعف كثير
فالذي مثلا لم يفرق بين الفعل والاسم فلن يفرق بين الجملتين ولن يعرف إعرابهما إلا ما ندر لديه حفظا
والذي نسي التصريف أو لم يحسنه على كماله لا يمكنه التحويل ولا الإنتاج الكتابي الذي هو ابن الإملاء
والذي نسي التمييز بين المؤنث والمثنى فهما عنده سيان فلا يمكنه التحويل
والذي نسي كنايات الضمائر عن المفرد والمثنى والجمع تذكيرا وتأنيثا فأنى له التحويل أيضا وربما بعض التصريف كذلك
والضعيف في الإملاء ضعيف في كل شيء ولو كان ذكيا ( المفترض أن لا نجد هذا الصنف في المتوسط ) (2)
فعلى الأستاذ أن يحكم إحكاما تاما الكلمة وأقسامها وتقسيماتها قبل خوض التدريس ولزاما عليه التذكير بها علاجا آنيا عند الاقتضاء فهي رأس المشكلات ومنطلقها في اللغة فضلا عن المعارف الأساسية الأخرى
ولنضرب مثالا توضيحيا وقس عليه غيره وسببه معه :
تلميذ أعطيته جملة فعلية فأعربها اسمية أو العكس ، فأين السبب؟ السبب : الكلمة وأقسامها وعلامات معرفتها ومفهوم الجملتين وأركانهما وإعرابهما ، ولن يترسخ إعرابه إلا بعد هضم الكلمة وأقسامها بعلاماتها
مثال آخر :
أعطيته جملة ذات فعل من الأفعال الخمسة فأعربها جمعا مذكرا سالما أو مثنى !
السبب : عدم التمييز والتفريق بين الفعل والاسم ابتداء والأفعال الخمسة وجمع المذكر السالم والمثنى انتهاء فيلزم التقعيد للمسألة والتفريق بين المتشابهات اللفظية الفعلية والاسمية والحرفية أيضا(3)
والأمثلة كثيرة وشرحها يطول وأكتفي بهذا القدر
وانتهى إلى هنا / ... يتبعه إن شاء الله تعليق آخر وقد يكون ختاميا ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : ولهذا أنصح أستاذ كل مادة أن يرفق مع كتاب المتوسط كتاب السنة الخامسة ودليله إن أمكن أيضا وهذا هو العلم حقيقة يبدأ بالتدرج ثم يرتقي فالخامسة سلم المتوسط وسلم الابتدائي خمس درجات فمن التلاميذ من صعدها كلها ومنهم أربع ومنهم من مد رجله فقفز على درجة وخلفها وهذا ليس بحسن ومنهم من كان يصعد ويتعثر وبشق الأنفس ليحط قدمه فهذا صنف آخر
ونضرب مثالا توضيحيا :
الانتقال الآلي إلى السنة الثانية ابتدائي هو مد رجل مجبر أخاك لا بطل فهذا منه صنف يعتريه : ضعف الخط والإملاء والقراءة -ولو وصل الجامعة ! - إن لم يسعفه طبيبه ( معلمه ) وإذا قدر له ركوب الدرجة الثانية مباشرة للثالثة فهذه مصيبة على التعليم كله وتحطيم للتلميذ نفسه
وهذا الصنف بعد تخرجه من الجامعة - واقع مر مبك - عليه أن يعيد دراسته الابتدائية من الأولى إلى الخامسة ليرقع نفسه إذ هذا النوع لا يصلح إلا للتجارة وتوظيفه في التعليم مصيبة على الأجيال وهذا معناه التسلسل في الانحطاط
ولهذا الذي ذكرته لا ألوم أستاذ المتوسط إذا قال هناك بعض أموات تدفع إلينا فليعرف أنه هو هذا الصنف بذاته وصفاته المذكورة وهذا مرده إلى الوزارة نفسها الانتقال الآلي ومرده الثاني مديره المتدخل أو معلمه الذي أركبه معه بحرا وهو لم يحسن السباحة فمآله الغرق حتما !
ولهذا على المدير المتدخل والمعلم المضخم أن يتقيا الله في الأجيال وعلى الوزارة أن تنسى نهائيا سياسة " الكمية" فهذا مآله الوخيم إنهيار الدولة لو كانوا يعقلون ولكنهم !
وهذا الذي ذكرته - مثالا لا حصرا - صنف واحد من بين أصناف وهذا الصنف هو أسوؤها على الإطلاق لا أمل منه ولا يرجى منه شيء البتة ، وهذا الصنف أغلبه هو رأس التمرد والتهويش والمثير للعنف لمركبات النقص المذكورة التي تنعكس على شخصيته في المتوسط والثانوي وطبعه هذا يعدي غيره لا محالة فهذه أهم علة من علل أخرى في العنف المدرسي بعيدا عن سفسطة بعض الجهلة والمتخرصين النظريين زاعمي العلم والمعرفة النفسية والتربوية فهلاَّ أوجدوا علاجا بعد عشرين سنة من العويل والهراء !!
والعلاج سهل جدا : هيبة المدرسة والمدرس ومن يغلط يؤدب تأديبا رادعا ، فهراء مصلحة التلميذ لا يلزم منه مصلحته
وهذه سياسة فرنسية في الجزائر للأسف لتحطيمها بمعول عصابة - كما سماها القايد صالح رحمه الله - الخائنين من أبناء جلدتنا فكل ذلك مطبوخ
ولهذا من علل العنف المدرسي الأخرى أنه مطبوخ سياسيا ، فاعرف هذه العلة أيضا .
(2 ) : وهذا الذكي فطرة الضعيف دراسة يفهم لكن أدوات التعبير والترجمة اللغوية والكتابية لديه ضعيفة بسبب الإهمال المفرط أسريا أو تربويا أو معا ، وهذا صنف قليل نادر وموجود واقعا .وهذا علاجه القراءة والخط والإملاء والتعبير الشفوي اجعل شغلك السنة كلها معه بهذا الأمر وإن أعاد السنة فلا يهم المهم إعداده وتكوينه، ودفعه إلى السنة الثانية تحطيم نهائي له .
(3) : وأمثال هذا التفريق يكون شاقا أحيانا على أستاذ المتوسط فيلزمه الاستعانة بأستاذ ابتدائي متمرس لأنه خبر هذه المشكلات وسهر جراها واختصم سنوات طوال ( وهذا التنسيق غائب لأسباب عديدة )
وهذا ليس منقصة من أستاذ المتوسط وإنما لأن التعليم الابتدائي قائم على التبسيط والتسهيل والتوضيح إلى أدنى عبارة وأسهل إشارة يفهمها التلميذ ، وهذا غالبه ممتنع في المتوسط يحتاج ممارسة في الابتدائي ولا أذهب بعيدا بالقول من أنه فن مكتسب بالممارسة العملية