منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - قال تعالى ( الر. كتاب احكمت ءايته ثم فصلت من لدن حكيم حبير )
عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-01-23, 16:36   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

محتويات القرآن

قلنا إن الكتاب المتشابه هو السبع المثاني والقرآن العظيم.

فالتشابه في السبع المثاني جاء في قوله تعالى

{الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود

الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله

ذلك هدى الله يهدي به من يشاء

ومن يضلل الله فما له من هادٍ) (الزمر 23).

نلاحظ هنا كيف جاءت كلمة “كتاب” منكرة

ولذلك فهي لا تعني كل محتويات المصحف

وإنما وصف هذا الكتاب بصفتين هما التشابه والمثاني.

ويعني ذلك أن مجموعة السبع المثاني

هي كتاب متشابه ومثانٍ معاً.



أما بالنسبة للقرآن فيجب أن نميز بين القرآن معرفاً

كقوله {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} (البقرة 185)

وقوله {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم} (الحجر 87)

وقوله {بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ} (البروج 21-22)

وقوله {يس * والقرآن الحكيم} (يس 1-2)

ولم يقل: يس * وقرآن حكيم.



فعندما يأتي القرآن معرفاً فإنه يأخذ المعنى نفسه

أما إذا جاء منكراً فيمكن أن يعني جزءاً منه.

فالقرآن الحكيم هو القرآن العظيم نفسه

وهو الذي أنزل في رمضان.

وليست عبارة {قرآن مجيد} هي بالضرورة {القرآن العظيم}

. ولكنها من جنسه وتعني جزءاً منه، لا كله.

وقد جاء الدليل على أن القرآن كله متشابه

وأنه هو الحق في سورة يونس في قوله

{وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئاً

إن الله عليم بما يفعلون} (يونس 36)

{وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق

الذي بين يديه وتفصيل الكتاب

لا ريب فيه من رب العالمين} (يونس 37)

{أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورةٍ مثله

وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} (يونس 38)

{بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب

الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين} (يونس 39).



وها هنا نلاحظ أن سياق الآيات يتكلم عن القرآن

وأنه احتوى على معلومات لم يحيطوا بها

وأنه لم يأت تأويله بعد.


ونلاحظ أيضاً ما جاء في الآية 7 آل عمران

أن التأويل هو للمتشابه فقط.

أما إذا نظرنا إلى محتويات القرآن فنرى أنه يتألف


من موضوعين رئيسيين وهما:

1 – الجزء الثابت: {قرآن مجيد * في لوح محفوظ} (البروج 21-22)

وهذا الجزء هو القوانين العامة الناظمة للوجود كله ابتداء

من خلق الكون (الانفجار الكوني الأول

وفيه قوانين التطور “الموت حق” وتغير الصيرورة “التسبيح”

حتى الساعة ونفخة الصور والبعث والجنة والنار.

وهذا الجزء لا يتغير من أجل أحد

وهو ليس مناط الدعاء الإنساني

وإن دعا كل أهل الأرض والأنبياء لتغييره فلا يتغير

وهذا الجزء العام هو الذي تنطبق عليه عبارة

{لا مبدل لكلماته} (الكهف 27).

فكلمات الله هي عين الموجودات

أي الأشياء {قوله الحق} (الأنعام 73).

وفي اللوح المحفوظ يوجد القانون العام الصارم لهذا الوجود

ولا تبديل لهذا القانون من أجل أحد.


أما التشابه في هذا الجزء فهو منسوب

إلى الفلسفة وهي أم العلوم

أي معرفة الإنسان بالقوانين العامة الناظمة للوجود.



2 – الجزء المتغير من القرآن:

وهذا الجزء عبر عنه بأنه مأخوذ من أمام مبين في قوله

{إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم

وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} (يس 12).


فالإمام المبين يحتوي على شقين:


أ – أحداث وقوانين الطبيعة الجزئية:

مثل تصريف الرياح واختلاف الألوان

وهبة الذكور والإناث والزلازل والطوفان وهي قابلة للتصريف

وغير مكتوبة سلفاً على أي إنسان وغير قديمة.


فمثلاً القانون العام في اللوح المحفوظ يقول: إن “الموت حق”

ولكن الأحداث الجزئية في الطبيعة يمكن أن تسمح بوجود ظواهر

تطيل الأعمار وظواهر تقصرها.


فالتصريف هو بطول العمر وقصره، وليس بإلغاء الموت.

فأحداث الطبيعة الجزئية أطلق عليها مصطلح آيات الله

{ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم} (الروم 22)

{تلك آيات الله} (الجاثية 6).


فآيات الله تختص بظواهر الطبيعة وقد جاءت في الكتاب

في مصطلح “كتاب مبين”

في قوله {وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم

ما في البر والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها

ولا حبةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ

ولا يابس إلا في كتاب مبين} (الأنعام 59)


وهذه الأحداث ليست مبرمجة سلفاً وليست قديمة.


وعندما عطف عبارة (كتاب مبين) على القرآن

في أول سورة النمل عطف خاصاً على عام.

لنرجع إلى الآية 75 التي تقول:

{وما من غائبةٍ في السماء والأرض إلا في كتاب مبين}.

فعندما يورد لفظ “كتاب مبين”

في القرآن يتكلم فيه عن جزئيات ظواهر الطبيعة

كالحرية الكيميائية {ولا رطب ولا يابس}

والموقع {ولا حبةٍ في ظلمات الأرض}

والحركة الميكانيكية {وما تسقط من ورقة إلا يعملها}.


هذا الجزء الذي سماه بعبارة “كتاب مبين” فيه التصريف والتغيير

وهو مناط التدخل الإلهي وفقاً للنواميس الكونية

التي ارتضاها وقررها

فتارة يعمل لصالح زيد وأخرى لصالح عمرو


وهو مناط الدعاء. فنحن ندعو الله أن يرسل لنا مطراً

لأن المطر يأتي من تصريف الرياح أو أن يهب لنا ذكوراً وإناثاً.

لأن كل هذه الأشياء ليس لها علاقة باللوح المحفوظ

وإنما هي أحداث جزئية في أحداث جزئية في ظواهر الطبيعة


وإلا فلا معنى لقوله عليه السلام:

الدعاء مخ العبادة

وقوله أيضاً: لا يرد القضاء إلا الدعاء.


وهي أيضاً مناط العلوم كلها الطب والفلك والفيزياء والكيمياء .. الخ.

ما عدا الفلسفة والتاريخ.

ويقوم التشابه في آيات الكتاب المبين “آيات الله”

على نسبة تقدم المعارف الإنسانية بأحداث الطبيعة وظواهرها

وهو الذي ينطبق عليه

{إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون} (آل عمران 47 – مريم 35).


ب – أفعال الإنسان الواعية: وهو ما نسميه القصص

. لقد أكد في الكتاب أن القصص من القرآن في قوله:

{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن

وإن كنت من قبله لمن الغافلين} (يوسف 3)


. فقد أشار إلى أن تتبع أفعال الإنسان المسجلة عليه بعد وقوعها

يتم في (إمام مبين) ليميزه عن (لوح محفوظ)

{إنا نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم

وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} (يس 12)


وقد أورد منه أحداثاً متكاملة لتتبع تطور التاريخ الإنساني

وتطور المعارف في النبوات والتشريع في الرسالات

أي كيف تفاعل الإنسان مع القانون العام للوجود

والقوانين الجزئية من جهة

وكيف تفاعل مع الرسالات من جهةٍ أخرى.

وبما أنه أعطى هذا الخط في القصص فقد سماه “أحسن القصص


أما القصص جزء من القرآن فقد ورد في قوله:

{وإن كنت من قبله لمن الغافلين} (يوسف 3)

فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهل القصص والقرآن معاً

وكان القصص ليس جزءاً من القرآن لجاءت الصيغة بصورة المثنى

أي: وان كنت من قبلهما

وهذه الصيغة “من قبله” تصح في حالة أن القرآن شيء

والقصص شيء آخر في حالة واحدة

وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهل القرآن

ولا يجهل القصص


ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهل القصص أيضاً

لقوله في سورة هود بعد قصة نوح:

{تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها

أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين} (هود 49).



من هنا نستنتج النتيجة الوحيدة وهي أن القصص جزء من القرآن.

وهناك دليل آخر في قوله تعالى في أول سورة النمل:

(طس تلك آيات القرآن وكتابٍ مبين)

فإذا تصفحنا سورة النمل وجدنا أن فيها قصصاً.

أما العنوان العام الذي أعطاه الكتاب للقصص

وهو عبارة “الكتاب المبين”

فقد جاء في ثلاث سور فيها قصص وهي سورة يوسف

{الر تلك آيات الكتاب بالمبين}

وسورة الشعراء {طسم * تلك آيات الكتاب المبين}

وسورة القصص {طسم * تلك آيات الكتاب المبين}.


ولي عودة من اجل استكمال الشرح









رد مع اقتباس