منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-01-08, 14:42   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الهدية من جملة الإنفاق ، الذي يُنال به البر ؟

السؤال

هل الهدية تدخل في النفقة التي ذكرت في الآية : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) ؛ أي إذا أهدى شخص شيئاً مما يحب إلى شخص آخر فهل يدخل هذا في البر المقصود في الآية ؟


الجواب

الحمد لله


قال الله تعالى : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) آل عمران/ 92
" هذا حث من الله لعباده على الإنفاق في طرق الخيرات

فقال (لن تنالوا) أي: تدركوا وتبلغوا البر الذي هو كل خير ، من أنواع الطاعات ، وأنواع المثوبات الموصل لصاحبه إلى الجنة، (حتى تنفقوا مما تحبون) أي: من أموالكم النفيسة التي تحبها نفوسكم

فإنكم إذا قدمتم محبة الله على محبة الأموال ، فبذلتموها في مرضاته، دل ذلك على إيمانكم الصادق ، وبر قلوبكم ، ويقين تقواكم

فيدخل في ذلك إنفاق نفائس الأموال ، والإنفاق في حال حاجة المنفق إلى ما أنفقه ، والإنفاق في حال الصحة .

ودلت الآية أن العبد بحسب إنفاقه للمحبوبات يكون بره ، وأنه ينقص من بره بحسب ما نقص من ذلك ، ولما كان الإنفاق ، على أي وجه كان

مثابا عليه العبد، سواء كان قليلا أو كثيرا، محبوبا للنفس أم لا ، وكان قوله (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) ، مما يوهم أن إنفاق غير هذا المقيَّد [ يعني : غير المحبوب للنفس ]

غير نافع، احترز تعالى عن هذا الوهم بقوله ( وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) فلا يضيق عليكم ، بل يثيبكم عليه على حسب نياتكم ونفعه "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 138) .

وهذه هي النفقة في سبيل الله ، فلا ينال العبد البر في الدنيا والآخرة حتى ينفق مما يحب في سبيل الله .

وفي المراد بهذه النفقة ثلاثة أقوال لأهل العلم :

أحدها: أنها الصدقة المفروضة ، قاله ابن عباس، والحسن، والضحاك.

والثاني: أنها جميع الصدقات ، قاله ابن عمر.

والثالث: أنها جميع النفقات التي يُبتغى بها وجه الله تعالى ، سواء كانت صدقة، أو لم تكن، نُقل عن الحسن، واختاره القاضي أبو يعلى .

انظر : "زاد المسير" (1/ 303) .

وقال القرطبي رحمه الله :

" قِيلَ: الْمَعْنَى حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ ، مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الطَّاعَاتِ، وَهَذَا جَامِعٌ "

انتهى من "تفسير القرطبي" (4/ 133) .

وعلى ذلك ؛ فمن أهدى إلى مسلم هدية ، يبتغي بها وجها من وجوه الخير ، كالتقرب إليه لمحبته في الله ، أو لكونه من ذوي رحمه ، فهو يحب أن يصله ، أو لكونه فقيرا

فهو يحب أن يعينه ، أو غير ذلك من وجوه البر المشروعة : فهي نفقة في سبيل الله ، وتدخل في معنى البر المذكور في قوله تعالى : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) .

وقد روى البخاري في "الأدب المفرد" (594) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (تَهَادوا تَحَابُّوا)، وحسنه الألباني في "الإرواء" (6/44) .

وروى أحمد (23252) عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمَعْرُوفُ كُلُّهُ صَدَقَةٌ ) وصححه محققو المسند .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :

" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَنَدَبَ أُمَّتَهُ إِلَيْهَا، وَفِيهِ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَمِنْ فَضْلِ الْهَدِيَّةِ ، مَعَ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ : أَنَّهَا تُورِثُ الْمَوَدَّةِ ، وَتُذْهِبُ الْعَدَاوَةَ " .

انتهى من "التمهيد" (21/ 18) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" مَنْ أَعْطَى شَيْئًا ـ يَنْوِي بِهِ التقرب إلَى اللَّهِ تَعَالَى ـ لِلْمُحْتَاجِ، فَهُوَ صَدَقَةٌ.

وَمَنْ دَفَعَ إلَى إنْسَانٍ شَيْئًا لِلتَّقَرُّبِ إلَيْهِ، وَالْمَحَبَّةِ لَهُ، فَهُوَ هَدِيَّةٌ.

وَجَمِيعُ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَمَحْثُوثٌ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (تَهَادَوْا تَحَابُّوا) "

انتهى من "المغني" (6/ 41) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" يثاب الإنسان على الهدية ؛ لأنها إحسان، والله تعالى يحب المحسنين ، ولأنها سبب للألفة والمودة ، وكل ما كان سبباً للألفة والمودة بين المسلمين

فإنه مطلوب ، وقد تكون أحياناً أفضل من الصدقة ، وقد تكون الصدقة أفضل منها " .

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (16/ 2) بترقيم الشاملة .