منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - القانون الدولي العام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2022-02-20, 19:21   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
شكيب خان
مشرف منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
الموضوع : القانون الدولي والقانون الداخلي
قواعد القانون الدولي تختلف اختلافا جوهريا عن قواعد القانون الداخلي
سؤال : هل ثمة علاقة تربط بينهما ؟ وما هي الاثار التي ترتبها مثل هذه العلاقة ان كانت موجودة ؟
انقسم الفقهاء الذين تعرضوا لبحث العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي الى مذهبين يحاول كل منهما ان يجد له سندا في العرف الدولي
ـــ نظرية ثنائية القانون
ترى ان القانون الدولي والقانون الداخلي نظامان قانونيان متساويان مستقل احدهما على الاخر
حجج هذا مذهب ثنائية القانون :
1/ لان مصادر كل منهما مختلفة :
ـ الدولة تنشأ القانون الداخلي بإرادتها المنفردة
ـ القانون الدولي يصدر عن الاتفاق بين دولتين او اكثر
، القانون الداخلي يصدر عن سلطة عليا تفوق سلطة المخاطبين بأحكامه ، فهو قانون تفرضه الدولة بمالها من السيادة على اقليمها وعلى رعاياها
، اما القانون الدولي فلا يصدر عن سلطة عليا ، وانما يقوم بين الدول برضاها بحكم ما يقوم بينها من علاقات
2/ لان موضوع كل من القانونين متباين :
ـ القانون الداخلي ينظم علاقات الافراد داخل الدولة بعضهم ببعض
ـ القانون الدولي ينظم علاقات الدول المستقلة ببعضها البعض وقت السلم
3/ لان المخاطب في كل من القانونين مختلف :
ـ القانون الداخلي يخاطب الافراد او السلطات القائمة داخل الدولة
ــ القانون الدولي يخاطب الدول المستقلة ، والمنظمات الدولية الذين يطلق عليهما اسم اشخاص القانون الدولي
4/ الاختلاف في البناء القانوني في كل منهما :
فالقانون الداخلي يشتمل على هيئات قضائية تطبق احكام القانون وتفسرها وتفرض الجزاء على المخالفين لها
القانون الدولي لا يشتمل على مثل هذه الهيئات ، وان كان الجزاء ناقص الا انه يوجد جزاءات تسلط على من لا يحترم المعاهدات الدولية او على الدول المخالفة لقواعد القانون الدولي
كالجزاءات تتضمن ممارسة ضغطا سياسيا ، او جزاءات قانونية ، او جزاءات اقتصادية
نتائج هذا المذهب :
1/ الدولة عند انشاءها للقانون الداخلي لابد ان تلتزم بارتباطاتها الدولية ( بمعنى تخضع لقواعد القانون الدولي )
وان لم تفعل فلا يترتب على مخالفتها الالتزام الدولي بطلان احكام القانون الداخلي مع الالتزام الدولي ـــ بل تظهر هذه الاحكام صحيحة نافذة في الدائرة الداخلية ، وتتحمل الدولة المسئولية الدولية ( من حيث الموضوع )
بمعنى عدم تنفيذ الدولة لالتزاماتها الدولية لتعارضها مع قانونها الوطني ينتج عنه مسئولية دولية لعدم احترام الدولة القانون الدولي
اما من حيث الشكل
فان القاعد القانونية الدولية لا يمكن ان تكتسب وصف الالزام في دائرة القانون الداخلي الا اذا تحولت الى قواعد قانونية داخلية وفقا للإجراءات الشكلية المتبعة في اصدار القواعد القانونية الدولية
2/ ان المحاكم لا تطبق ولا تفسر الا القانون الداخلي وليس لها تطبيق القوانين الدولية او تفسيرها الا اذا تحولت الى قوانين داخلية
ـ القضاء لا يملك تطبيق المعاهدات الدولية
ـ القضاء الدولي لا يستطيع تطبيق القوانين الداخلية او تفسيرها الا اذا اكتسبت وصف القواعد القانونية
3/ لا يمكن ان ينشأ التنازع او التعارض بين احكام القانونين وذلك لاختلاف دائرة تطبيق كل منهما
غير ان هذا لا يعني فقدان كل علاقة بين القانونين بل ان العلاقة قد تنشأ بينهما بالإحالةـــ والاحالة معناها ان يحيل القانون الدولي للحصول على القواعد التي تنظم مسألة معينة كأن يقرر القانون الدولي واجبات تجاه الاجانب ويترك للقانون الوطني تحديد من يصدق عليه وصف الاجنبي في نطاق اقليم الدولة ، والقانون الداخلي يحيل المسألة معينة على القانون الدولي ليتعرف على من يصدق عليه وصف الدبلوماسي
تطبيقات النظرية في مجال القضاء الدولي :
قضية مصنع سورزو 13/09/1928 مفادها ان بولندا استولت على مصنع الماني للنترات في سورزو وسيليزيا العليا
فرفعت المانيا دعوى طالبت فيها باسترجاع المصنع وتعويضها عن الاضرار التي لحقتها فأصدرت محكمة العدل الدولية الدائمة حكما بالتاريخ المذكور ، ورد فيه ان القانون الداخلي يعد مجرد واقع بالنسبة للقانون الدولي
ـــــ في مجال القانون الداخلي ــــــــــــــ
ـ قضية غلق مدارس الاقليات 06/04/1935 محكمة العدل الدائمة في رأيها الاستشاري حول غلق مدارس الاقليات فكان ردها ان غلق مدارس الاقليات عمل غير شرعي لان في نظرها ان الدستور الالباني المعدل يعتبر مجرد واقع في نظر القانون الدولي
ـ ففي قضية الاباما ــ اين طالبت الولايات المتحدة الامريكية التعويض عن الاضرار الناجمة عن اخلال بريطانيا بالتزاماتها الخاصة بالحياد تجاه الحرب الامريكية ، وذلك ببيع الباخرة الحربية الاباما بموجب عقود خاصة ، بحيث استعملت هذه الباخرة في تدمير سفن الملاحة الامريكية وكانت حجة بريطانيا لاقت الرفض من طرف المحكمة على اساس القاعدة المتعارف عليها (( لا يجوز لأية دولة ان تحتج بتشريعها الداخلي لتحد من التزاماتها الدولية ))
ــ قضية المناطق الحرة :
بين فرنسا / سويسرا 1932 وانتهت فيها محكمة العدل الدائمة الى ان فرنسا لا تستطيع الاعتماد على قوانينها الداخلية التي تحد من التزاماتها الدولية

انتقادات نظريات الازدواجية :
ــ ليس صحيحا القول بوجود خلاف في مصادر القانونين الداخلي والدولي ، وما اختلاف في المصادر الشكلية التي نلاحظها الا اختلاف في قنوات وتقنيات الافصاح عن هذا القانون لكن الجوهر والمبادئ الموجهة فهي واحدة
كل من القانونين ليس من نتاج الدولة ، انما هما وليدا الحياة الاجتماعية ، غير انهما يختلفان في مظاهر التعبير
فالاتفاقيات مظهر من مظاهر التعبير في القانون الدولي ، والتشريع مظهر من مظاهر التعبير في القانون الوطني
ــ وفيما يتعلق باختلاف اساس الالزام بين القانونين
ان كليهما يستمد الزامه من اقتران قواعده بالجزاء ، فأساس الالزام واحد تعبيره عن مصالح الفئة المسيطرة على الجماعة
ــ من حيث اختلاف اشخاص القانونين
لا يعد هذا الاخلاف سببا لاستقلالهما ، ففي القانون الداخلي ، الاشخاص الذين تتوجه اليهم القاعدة القانونية مختلفين والدليل تقسيم القانون الى عام وخاص
ــ من حيث اختلاف طبيعة العلاقات الدولية
من حيث التركيب النظام القانوني
هناك تشابه في التركيب النظام القانوني بين القانونين
القانون الداخلي يتضمن هيئات ثلاثة التشريعية ، والتنفيذية ، والقضائية
فالقانون الدولي هو الاخر عرف مؤسسات قضائية ( محكمة العدل الدولية ) ومؤسسات تنفيذية كمجلس الامن ورغم هذا لا يرقى القانون الدولي الى التركيب في النظام القانوني الداخلي

2/ نظرية وحدة القانون :
ان النظام القانوني بجميع فروعه يكون وحدة لا تقبل التجزئة
ان هذه النظرية تسلم بان القانون الداخلي والقانون الدولي هما فرعان لأصل قانون واحد
كلسن ـــ الذي اقام وحدة النظام القانوني على الوحدة الاجتماعية التي تتداخل علاقتها
فكلسن ــ يعتبر ان اساس هو القانون الدولي ــــ وليس القانون الداخل ) فشعار كلسن الوحدة مع سمو القانون الداخلي
يتصدر هذا الاتجاه في المانيا Ecole bonne
يقوم هذا الاتجاه على اساس ان القانون الدولي ينبثق عن القانون الداخلي مع تفضيل القانون الدولي
كلسن خلص الى نتيجة :
مفادها ان القانون الدولي قانون بمعنى الكلمة لانه يفرض عقوبات كالرد بالمثل في حالة التعدي او الحرب
القانون الدولي يتبعه القانون الداخلي ، فحسب كلسن القانون الداخلي اشتقاق Dérivation، او تفويض Délégation صادر عن القانون الدولي
فنظرية الوحدة تعتبر قواعد القانون الدولي العام وقواعد القانون الوطني كتلة قانونية واحدة وتقر بتفوق القانون الدولي العام على القانون الوطني
التفوق يستوجب التوفيق بين القوانين الداخلية واحكام القانون الدولي العام واعتبار ان مبادئ هذا القانون الاخير تنسخ كل مبدا داخلي يتعارض معها
الانتقادات :
عدم وجود تمييز بين القانون الدولي والقانون الداخلي هذا القول مخالف للحقيقة التاريخية ، وبذلك يتعارض مع معطيات التاريخية
ـ من الصعب التسليم بان القانون الدولي مشتق او نابع للقانون الداخلي ، فالقانون الدولي له سماته الخاصة التي ينفرد بها عن القانون الدولي
ـ ان وحدة القانون مع اولوية القانون الداخلي قد يؤدي الى تبعثر القانون حيث يمكن لكل دولة ان تدعي بان قانونها افضل
الحقيقة ان القانونين مستقلان لكل منهما دائرة تطبيق خاصة وكيان خاصل ولكن استقلالهما لا يصل ابدا الى درجة الانفصال التام ان الصلات بينهما وطيدة دون ان تبلغ حدود الاندماج
نقاط الاختلاف بين القانونين :
باستطاعة السلطة الحاكمة ان تلغي او تعدل قاعدة قانونية داخلية ولكنها لا تستطيع ان تلغي او تعدل قاعدة من قواعد القانون الدولي العام الا اذا رضيت بذلك بقية الدول التي تعارفت على تطبيق هذه القواعد
ــ ليس باستطاعة القانون الدولي العام بحكم وجوده ان يلغي قاعدة قانونية داخلية تتعارض معه
ــ هناك تفاوت كبير في الاهمية بين الاشخاص الذين يهتم بهم كل من القانونين
مظاهر الالتقاء بينهما :
تحاول الدول بصورة عامة ان توفق بين قانونها الوطني وقواعد القانون الدولي العام بإصدار تشريعات خاصة معظم دساتير دول العالم تتضمن نصوصا بهذا الصدد ، بل هناك بعض الدول قد عمدت الى ادماج القانون الدولي في تشريعاتها الوطنية
ــ القضاء الوطني يطبق بصورة عامة قواعد القانون الدولي العام اذا كانت لا تتعارض مع قوانينه الوطنية
ــ ان القوانين الوطنية لبعض الدول تتضمن كثيرا من القواعد الدولية او تحتوي على تفسيرات وشروح لهذه القواعد مثلا تحديد عرض البحر الاقليمي وبيان حقوق الاجانب وواجباتهم
ــ تقوم مسئولية الدولية عن كل اخلال بالتزاماتها الدولية اذا كان سببه تعارض قانونها الوطني مع قواعد القانون الدولي العام
فالعرف يقتضي من الدولة ان لا تتملص من تنفيذ التزاماتها الدولية بحجة قوانينها الداخلية لا تسمح لها بذلك
مذهب سيادة القانون الوطني
عندما يحدث تعارض بين قواعد القانون الدولي وقواعد القانون الداخلي تكون الغلبة لقواعد القانون الداخلي
السبب ان الدول تتمتع بالسيادة ولا تخضع لسلطة عليا ، ونفاذ القانون الداخلي ضروري لكفالة احترام سيادة الدول وضمان وصيانة استقلالها
ان الدستور هو الذي يمنح لرئيس الدولة والبرلمان اختصاصات في ميدان العلاقات الدولية
والقانون الدولي ينشأ نتيجة هذه الاختصاصات الممنوحة لرئيس الدولة والبرلمان ومن ثم فان الاولوية تكون للقانون الداخلي
مذهب سيادة القانون الدولي :
لا يمكن قبوله لأنه يهدم القانون الدولي من اساسه ويجعله عديم القيمة ، كما يترتب عليه منطقيا ان الدول تستطيع ان تتحلل متى شاءت من قواعد القانون الدولي العام
وهذا يتنافى مع الالتزام المفروض على الدول باحترام القانون الدولي العام
يجب ان يكون اختصاص الدولة مقيدا بقواعد القانون الدولي العام وان تكون القواعد القانونية الدولية هي القواعد الاساسية واجبة الاحترام
القضاء الدولي يؤكد سيادة القانون الدولي :
ــ اكدت المحكمة الدائمة للعدل الدولي في رأيها الافتائي بشأن النزاع الخاص بتبادل السكان بين تركيا واليونان بتاريخ 21/02/ 1925 ان الدول التي تقيدت بالتزام دولي عليها ان تدخل على تشريعاتها التعديلات التي تكفل تنفيذ هذا الالتزام
ــ الحكم الصادر في 25/ 03/ 1927 حول مسألة المصالح الالمانية في سيليزيا العليا البولونية الذي قررت فيه المحكمة سيادة المعاهدات الدولية على القوانين الداخلية
ـ قضية المناطق الحرة ــ القرار الصادر في 6/12/1930 بينت فيه المحكمة ان فرنسا لا يمكنها ان تستند الى تشريعها الوطني لكي تقيد من نطاق التزاماتها الدولية
ـــ محكمة العدل الدولية
اكدت هي الاخرى على سيادة القانون الدولي وعلويته على القانون الوطني
قضية المصايد سنة 1951 ، وقضية حقوق رعايا ، الولايات المتحدة في مراكش 1952 ، وقضية نوتيبوم سنة 1955 ، وقضية حضانة الاطفال سنة 1958
الاحكام الصادر عن المحكمة بشأن هذه القضايا اكدت كلها على ضرورة احترام التشريع الداخلي للاتفاقات الدولية
ملاحظة : لمن يريد ان يطلع على فحوى الاحكام الصادرة بشأن القضايا المذكورة يرجع الى كتاب ــ الوسيط في القانون الدولي العام ــ المبادئ العامة ــ للدكتور عبد الكريم علوان ص: 32 ـ 33 ط : 2009 دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان والسلام










آخر تعديل شكيب خان 2022-02-26 في 15:14.
رد مع اقتباس