[محمد علي 12]

....تجاوز عتبة الاستقلال
الامة الجزائرية تكونت مع وجود أول انسان على ارضها حسب ما أخببرت عنه الحفريات والمستحثات ، والكهوف والمغارات ، والرسومات والنحوتات .
و لا تزال هذه البلاد تترسب في وعيها التجارب واللحظات حضارة بعد حضارة ، وتتراكم في رصيدها تقاليد واعراف ، وألسنة ولهجات فترة بعد فترة حتى استقر الحال على ما بلغته ليلة الخامس من جويلية 1830.
كانت ليلة خسوف قمر الشخصية الجزائرية وكسوف شمس الحقيقة التاريخية وسنة كئيبة عبوسة ، أفسدت على البشر هويتهم ، و زيفت الحقائق و زوّرت التاريخ .
كانت واستمرت إلى أن بلغ الكتاب أجله ، و جاء نصر الله و الفتح ، و كان نفس اليوم من عام 1962 حيث عاد للمحروسة بهاؤها ، وتوشحت اعطافها بعزّ سيادتها واسترداد ضيائها ، وتلألأ سناء وجهها .
غير أن الماكر الكافر الخبيث البغيض يعمل بوحي من قرينه ورفيقه ، وصاحبه في الحسد واللؤم إبليس اللعين فعمد إلى أسلوب الوسوسة من جهة والتزيين للمنكر و محاربة كل ركن من أركان الدولة الجزائرية من جهة اخرى .
فلا وربك لا يكون هناك استقلال حتى تستقل العقول والنفوس في تفكيرها وسلوكها و اتخاذ قرارها واعتزازها بانتمائها وافتخارها بأصالتها .
ولنتذكر أننا أمة لم تظهر للوجود يوم الخامس جويلية وإنما استأنفت مسيرتها بعد فاصل زمني أجبرت عليه فالاصل أن نعود إلى الشخصية التي وجدنا عليها الماكر الخبيث دون اضافات ولا زيادات ، ولا تغييرات ولا تبديلات وكل ما أدخل في هذه الفترة و أرادت يد السوء غرسه فمنجل الحق والحقيقة أولى بحصده على قاعدة ( الاصل بقاء ما كان على ما كان) .