قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"فقول ربيعة ومالك : (الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب) موافق لقول الباقين : (أمروها كما جاءت بلا كيف) فإنما نفوا علم الكيفية ، ولم ينفوا حقيقة الصفة .
ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، ولما قالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف ، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً ، بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم .
وأيضاً : فإنه لا يحتاج إلى نفى علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى ، وإنما يحتاج إلى نفى علم الكيفية إذا أثبتت الصفات .
وأيضاً : فإن من ينفى الصفات لا يحتاج إلى أن يقول : بلا كيف ، فمن قال : إن الله ليس على العرش ، لا يحتاج أن يقول : بلا كيف ، فلو كان مذهب السلف نفى الصفات في نفس الأمر لما قالوا : بلا كيف .
وأيضاً : فقولهم : "أمروها كما جاءت" يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه ، فإنها جاءت ألفاظ دالة على معانٍ ، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال : أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد ، أو : أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة ، وحينئذ فلا تكون قد أُمِرّت كما جاءت ، ولا يقال حينئذ : بلا كيف ، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول" انتهى .
"مجموع الفتاوى" الفتوى الحموية (5/41) .
وقد قرب ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال :
"اشتهر عن السلف كلمات عامة وأخرى خاصة في آيات الصفات وأحاديثها فمن الكلمات العامة قولهم: " أمروها كما جاءت بلا كيف".
روي هذا عن مكحول ، والزهري ، ومالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والليث بن سعد ، والأوزاعي .
وفي هذه العبارة رد على المعطلة والممثلة ، ففي قولهم: " أمروها كما جاءت" رد على المعطلة. وفي قولهم : " بلا كيف" رد على الممثلة .
وفيها أيضا دليل على أن السلف كانوا يثبتون لنصوص الصفات المعاني الصحيحة التي تليق بالله تدل على ذلك من وجهين :
الأول : قولهم : "أمروها كما جاءت" . فإن معناها إبقاء دلالتها على ما جاءت به من المعاني ، ولا ريب أنها جاءت لإثبات المعاني اللائقة بالله تعالى ، ولو كانوا لا يعتقدون لها معنى لقالوا : "أمروا لفظها ولا تتعرضوا لمعناها" . ونحو ذلك .
الثاني : قولهم : "بلا كيف" فإنه ظاهر في إثبات حقيقة المعنى ، لأنهم لو كانوا لا يعتقدون ثبوته ما احتاجوا إلى نفي كيفيته ، فإن غير الثابت لا وجود له في نفسه ، فنفي كيفيته من لغو القول" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/32) .
والله تعالى أعلم .
منقول اسلام سؤال
قلت تفويض الكيفية اي تفويض حقيقة الصفة الى الله هذا هو مراد العلماء رحمهم الله