بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46)
سورة الأعراف
**********
قال الطبري:
يعني جل ثناؤه بقوله: (وبينهما حجاب) ، وبين الجنة والنار حجاب، يقول: حاجز، وهو: السور الذي ذكره الله تعالى فقال: (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) ، [سورة الحديد: 13] . وهو"الأعراف" التي يقول الله فيها: (وعلى الأعراف رجال)
وقال:
وأما قوله: (وعلى الأعراف رجال) ، فإن"الأعراف" جمع، واحدها"عُرْف"، وكل مرتفع من الأرض عند العرب فهو"عُرْف"، وإنما قيل لعُرف الديك"عرف"، لارتفاعه على ما سواه من جسده، ومنه قول الشماخ بن ضرار:
وَظَلًّتْ بِأَعْرَافٍ تَغَالَى، كَأَنَّهَا ... رِمَاحٌ نَحَاهَا وِجْهَةَ الرِّيحِ رَاكِزُ (1)
----------------
(1) ديوانه: 53، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 215، ورواية ديوانه وغيره ((وظلت تغالي باليفاع كأنها)) . وهذا البيت من آخر القصيدة في صفة حمر الوحش، بعد أن عادت من رحلتها الطويلة العجيبة في طلب الماء، يقودها العير، فوصفه ووصفهن، فقال: مُحَامٍ على عَوْراتِهَا لا يَرُوعُها ... خَيَالٌ، وَلا رَامِي الوُحُوشِ المنَاهِزُ
وأصْبَحَ فَوْقَ النَّشْزِ، نَشْزِ حَمَامةٍ، ... لَهُ مَرْكَضٌ فِي مُسْتَوَى الأَرْضِ بَارِزُ
وَظلَّتْ تغَالَي بِاليَفَاع.......... ... ...................................
و ((تغالي الحمر)) احتكاك بعضها ببعض.يصف ضمور حمر الوحش، كأنها رماح مائلة تستقبل مهب الرياح. وكان في المطبوعة: ((تعالى)) ، وهو خطأ. وفي المخطوطة هكذا: ((وطلت بأعراف تعالى كأنها رماح وجهه راكز)) ، صوابه ما أثبت.
تفسير الطبري (12-449)
بترقيم الشاملة الحديثة