منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - موضوع مميز ◄البشير الإبراهيمي كاد القلم ينطق بين أنامله►
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-04-16, 12:58   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حـبـيـبو عـبـدو السوفي
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية حـبـيـبو عـبـدو السوفي
 

 

 
إحصائية العضو










M001 ◄البشير الإبراهيمي كاد القلم ينطق بين أنامله►









عَبْرَ وَجهُ هَذا المساء المَطليّ بـِ ألوَانِ الفَرَحْ
نُسَافِرُ صُعُوداً ... حَتى نَستَقِرَّ جُلُوسَاً ...



بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله، و بعد :



فهذا موضوع أعجبني أيّما إعجاب لكاتبه الأديب الشيخ البشير الإبراهيمي - طيّب الله ثراه -



أترككم مع النّص، و الحقيقة أنني قرأته اليوم أكثر من خمس مرّات ، فبهتّ لأنّني وجدت نفسي و كأنّي أقرأ بلغة غير العربيّة، رغم استعانتي بالشرح المرفق للمفردات، و هذا ما جعلني أختار له قسم
خيمة الأدب والأُدباء :



سجع الكهان - 1

هذه فصول، إن لا تكنْ فيها روح الكاهن ففيها من الكاهن سجْعُه، و إن لا يَجُلْ في جوانبها صَدَى الكهانة ففيها من ذلك الصدى رَجْعه؛ فيها الزمزمة المفصحة، و التعمية المبصرة، و فيها التقريع و التبكيت، و فيها السخرية و التنكيت، و فيها الإشارة اللَّامحة، و فيها اللفظة الجامحة، و فيها العسل للأبرار، و ما أقلَّهم، و فيها اللسع للفجار، و ما أكثرَهم، فلعلها تهزُّ من أبناء العروبة جامدًا، أو تؤزُّ منهم خامدًا، فنجني شيئاً من ثمرة النية، و نغيِّر أواخر هذه الأسماء المبنيَّة.
و في هذه الفصول من لبوس الألفاظ ما يَعُدُّه المتخلفون من كتابنا غريبًا، و ما غرابته في أذواقهم، إلا كغربة الأعلاق النفيسة في أسواقهم؛ و لو حفِظوه ووَعَوْا معانيه و أقروه في مواضعه من كلامهم، و أحسنوا إجراءه في ألسنتهم و أقلامهم - لأحيَوه فحيوا به، ولأصبح مأنوسًا لا غريبًا، و أصبحوا به من لغتهم قريبًا؛ و لكن أعياهم الإحسان، فعفّروا في وجوه الحسان، و عجزوا في جني الثمرة عن الهصْر، فرضُوا من اللغة بما يباع في " سوق العصر"
(1)

منشئ الفصول

" نحن الكهان، أفراس رهان. منّا السابق المصلى، و منّا الآبق المولى. كنّا إرهاصًا للنبوة، و دليلًا للضعف إلى القوة، فلما جاء الحق، و حيص (2) الشق - اندحرنا و انجحرنا، فلما عادت الكسرويّة إلى شرائعها، و القيصريّة إلى ذرائعها، آن أن نعودَ إلى الإنذار، و نصرخ في وجوههم: حذارِ حذارِ، إن بطش الله لشديد،و إن الحرير قد يفلّ الحديد".
كاهن قديم.

" الكاهن، لا يُدارى و لا يداهن، كلامه رمز، ليس فيه لمز. عاذ غيره بالتصريح فعاد بالتجريح؛ و لاذ هو بالكهانة، فأمِن المهانة. كان... فكان الزّاجرَ الرّادِع، للفاجر الخادع، و كان... فكان نذير السارق و المارق، و الخاتل و القاتل، و المحتال و المغتال، و القاذف و الحاذف، و المبتهر و المبتئر (3) . تجف قلوبهم إذا نوفروا إليه، و تجفّ لهَوَاتهم إذا وقفوا بين يديه، لاستتارهم بالعيب، و استهتارهم بالغيب، فلما جاء " محمد " بالحق فاء الناس إلى ضمائرهم، و حكموا هدَيه في سرائرهم، و ردُّوا الغيب إلى عالمه فاستراحوا؛ و لكنهم اليوم عادوا إلى الجاهليَّة، و تقلّبوا في أرحام حنظليّة و أصلاب باهليّة، فماذا نصنع ؟ أنتقدّم منذرين، أم نتأخّر معتذرين ؟ بل نُحي الاسم، و نُميت- كما أمات الإسلام- الرسم" .
كاهن عصري. *************

" كلام الكاهن ليس بالواهي و لا الواهن، كأنما وخزه الماء، أو لمستْه السماء، ففيه من الماء إيراق ، و فيه من السماء إشراق. شارف مكامنَ الغيوب و لَمَّا .... وورد معين العربية فورد جمًّا. عمر صحائف من ديوان العرب ، و كان من شعرهم كالكرب من القَرَب (4) ، بل كان هو الشعر في أول أدواره، و كان قارعَ باب البيان و فارعَ أسواره...اصطنع الكهان السجع ليروقوا السامع و يروعُوه، و ليسهل على الناس فيحفظوه و يَعُوه. و لهم في حوْك الكلام مقامات حِسان، أخذ منها ابن دريد و الهمذاني في تلك المقامات الحسان. سبقوا في السجع فما سبقتهم إلا الحمائم، و أخذوه طبعًا فما لحقهم فيه صنعًا إلا " بعض ذوي العمائم" . و ما عدا هذا من الأسجاع، فهي غُصص تتبَعُها أوجاع".
كاهن أديب.

لا أقسم بذات الحفيف، و الجناح الخفيف، المشارفة في جوّها للكفيف(5) و بالسر المودع في التجاويف و التلافيف، و بالمغيرات صبحًا عليها التجَافيف، و المغيرين على الحق كالعاهر ابن العفيف (6) . و بالسابغات و السوابغ من الدروع و الجلابيب , و بالآخذين أمس من تلّ أبيب بالتلابيب ، و بالبحر و السفينة ، و الحبر و " الدفينة" (7) ، إن أبا الطيب المتنبي لمَن موالينا، و ممن تلقّى الكهانةَ عن أوالينا ، و إنه ما دُعي بالمتنبي (8) إلا لأنه كان شاعراً كاهناً، ليناقض النبي الذي لم يكن كاهنا و لا شاعراً ، و قد نُفِيا عن النبي مجتمعيْن، فثبتا في المتنبي مجتمعيْن، و إن كثيراً من شعره كهانةٌ ملتفِّعة بالشعر , يُوطّيها في جُمل، و يُغطيِّها بممدوح أو جَمَل ، و ستظهَر أخباؤها ، و تُعلم أنباؤها ... و إن قوله: وقعتْ على الأردنِّ منه بليّةٌ ، هو من الكهانة الكاهنة , ( بالحالة الراهنة) . قالوا أراد أسداً قانصًا ، و قلنا أراد رجلا ناقصًا. قالوا: أراد كلبًا ، روع قلْبًا، و مزَّق خِلبًا ، و أوسع المهج سلبًا، و قدم ضراغمة غُلبًا، أوطنها غابات غُلبًا و ذاد عنها أشاوس غُلْبا , قلنا : إنما أراد رجلا ركب صعباً ، و باع شعباً ، و عقَّ لؤيّاً و كعْباً، و سلك بنو أبيه شِعباً، و سلك وحده شِعبًا، و خذلهم في الجلى فملأ القلوب رعباً، و اشتفَّ صُبابة المال، فلم يدع لبائس حلسا و لا لبائسة قَعْباً.. لم يُرد أسداً خادراً ، و إنما أراد رجلا سادراً ، يظهر في زمن نحس، و يبيع ضفّتي الأردن بثمن بخس، و أين ليث عفَّره بدر بسوط، من شخص كفَّره صدْرٌ بنوط.
أيتها البُحيرة (9) ، مالك في حيرة ؟ لقد شهدت لبدر بن عمّار بالفتوة، فهل تشهدين لأبي الطيب بالنبوة ؟ ... و حدّثي الولي يا ( ولية )، أيهما كان عليك بلية، ذاك الذي وردك زائراً ، أم هذا الذي وردك خائراً ؟ إنهما لا يستويان ، ذاك أسد غاب، رِزقُه في الناب ، و هذا حلف وِجار، رزقه على الجار ، ذاك يعيش على فرائسه ، و هذا يعيش على فضلات سائسه ، ذاك رمز إقدام ، و هذا موطئ أقدام، ذاك ورد الفرات زئيرُه ، و هذا جاوز الفراتَ تزويره ، ذاك مشغول البال بتربية الأشبال، و هذا مشغول ... بعُرْس الغول .
أيها الصاعد في العقبة ، المجاحش عن خيط الرقبة ، البائع لجار السوء صقَبه ، لا يكن صوتُك الصيت ، و لو أحييت البحر الميت .
أيها الخاذل للغزَّى (10) ، ما أنت لهاشم ... إنما أنت لعبد العزّى ، أغضبت سَراة الحيّ ، و أزعجت الميت منهم و الحيّ ، من لؤيِّ إلى أبي نُمَيّ . فويحَك ، أما تخاف أن تهلك ، يوم يقال: يا محمد إنه ليس من أهلك .

ـــــــــــــــــــــــ
• نشرت في العدد69 من جريدة ( البصائر) ، 28 فيفري سنة 1949

سجع الكهان - 2


أليّة بتربة الكواهن ، ما حازم في أمره كواهن .
ويلٌ للعرب، من حبل قد اضطرب، و شرٍّ قد حلّ و لا أقول قد اقترب . قُسم الويْل، على العميم و الخُويل . فويل للعرب من ملوكهم ، وويل للعجم من سلوكهم ، وويل للروم من صعلوكهم ، جنتْ على الأصفر ناره ، و على الأبيض ديناره ، و على الأسود فدامته و اغتراره ، و على العربي ركْبُه البطيّ، و لسانه النبَطي.
ما أكثر الملوك و أهونَ العنا ، و ما أكثر السيوف و أقلَّ الغَنا ، سيوف كالدراهم الزيوف ، هذه لا تُقني ، و تلك لا تُغني ، و نعيذ العروبة بالله من ملك لا يدفع، و سيفٍ لا يقطع. أحاجيكم ، و لا أناجيكم ، مملكة في أفحوص ، و عاصمة ليس لها ( فحوص) ، و دولة بلا صولة ، و خزينة من أصفار و خزانة بلا أسفار ، و كراسي بلا قوائم و عرش بلا دعائم... عرش كعش الحمامة ، عود من غرَب و عود من ثُمامة .

قد لصَّه قعيده في هيعه *** و ناله بالبيع لا بالبيعه

و سيوف مجرَّبة ، تخيّرن من يوم " تُرَبَة"، و جيش درّبه الغير، و جرّبه إلا في الخير، و بطانة مدّ بها الشيطان أشْطاتَه، و حاشية كالماشية، و أسماء بلا مسمَّيات، و مجازات لا حقائق لها، و ( مجازات ) كلها حقائق، و ملك يأتمر و لا يحجُ و لا يعتمر، يَحسُن فيه التمثيل بملك ( التمثيل ) . بكت الجلالة منه كما بكى الخز من روح ، و ضاق صدرها بسرّه و شرّه و من لها بالبوح ؟ عشِقها يافعاً، و التمس لوصلها شافعًا، فكان الشافعُ عدوّ وطنه و قومه، و ظالمُ أمسه و يومه، فأين يقع هذا من أرض الله ؟
فإن عرفتموه فسلوه من ملكه، بعد ما لاكه و علَكه ، و في خرت الإبرة سلكه ؟ و من صيَّره غرابَ بين ، و جالب حَيْن ؟ و من أعجم تعريبه، و أحكم على الشر تدريبَه ؟
أنشد ابن خلكان في القرن السادس هذا البيت :

كسِنَّور عبد الله بيع درهم *** صغيرًا فلما شبَّ بيع بقيراط
و قال : إنّ عبد الله هذا لم يعرف أحد من هو ؟ فمن لقي ابن خلكان فليخبره أنّ كاهن الحي عرف عبد الله صاحب السنور...
أيها العربي: الحق سافر، و العدو كافر، و القوي ظافر، فعلام تنافر خصمك إلى خُنافر ؟ و يلك إن المنافرة لا تكون إلا في المشكوك، و إن الحق تحميه السيوف لا الصكوك، وويحك إن منافرة الكهنة إلى الكهنة ، بالخيبة مرتهنة، مجلس الأمن مخيف ، و الراضي بحكمه ووضعه ذو عقل سخيف ، إنهم ليسوا من شكلِك ، و إنهم متفقون على أكلك .

ــــــــــــــــــ
• نشرت في العدد 70 من جريدة ( البصائر ) 7 مارس سنة 1949

سجع الكهان - 3


أيها الأعارب، هل فيكم بقايا من حرب أو من محارب ؟ دبّت بينكم العقارب، وأنتم أقارب، فتكدّرت المشارب، و تقوَّضت المضارب. و كهُمت المضارب . و غاب المسدِّد في الرأي و المقارب، و لم تُغنِ النذر و المثلات و التجارب، إن لدُهاة المغارب يداً خفيّة المسارب، قرأوكم سطورًا لا رجالاً، و عرفوكم بطاءً عن الجُلَّى لا عِجالاً، و حفظوكم شعراً بلا رويّ، و فكرًا بلا رويَّة فأخذوكم ارتجالاً، و خالوكم على البعد أعمالاً، فوجودكم على القرب أقوالاً، و حسبوكم عُمَدًا في التركيب الأمميّ فألفوكم مفاعيلَ و أحوالا، فأعربوكم إعراب الفَضَلات، و عاملوكم معاملة المهملات، وراضوكم على المهانة حتى ذل جانبكم،ووطِّئت مناكبكم، فأصبحوا لا يُبالون برضاكم لأنه لا ينفَع، و لا يأبَهُون لسخطكم لأنه لا يضرّ. إن الغضبة لا تعقُبها وثبة، هي غضبة الذليل العاجز، و لو افترَّت كلُّ بارقة منكم عن صاعقة، لما حمِد شائموها القَطر، إن غضبة العاجز لا تُبكي و لا تُنكي. تشتعِل في الحنايا و لا تهدم الحنايا، تحرق صاحبها و لا تُحرق الناس، و تلك هي غضبتكم حين تغضبون.
إن للغرب فيكم مطايا ذللاً، و لرائده منكم أدلَّة أذلة، هم أصل البلاء و العلّة، قادكم بسلوك من الأمراء و الملوك، فقادوكم إلى الهاوية، فانزعوا المقادة , من هؤلاء القادة , تُفلحوا، و لن تُفلحوا و لن تصلحوا ما دام يلقاكم بوسيط واحد ، فتلقَوْنه بسبعة سفراء، و يلقاكم برأي جميع، فتلقونه بسبعة آراء، و يلقاكم بكتيبة ملمومة، فتلقونه بشراذمَ شتّى... و يتحداكم نذيُره بإنجيل واحد، فتعارضونه بيوحنّا و لوقا و متّى...
لن تفلِحوا و لن تَصلحوا إلا إذا رجع أمركم إلى الشعب، و أجمع الشعب على رأي واحد، و اتفق الرأي على نظام واحد، و تمخّض النظام بدستور واحد، و ملك واحد، فإن قلتم: إن هذا عسير، فعيشوا عيشة الأسير, أو موتوا ميتة الحسير، شبر في الحياة و قبر في الممات.
جاءتكم النُذُر تترى، و المعجزات شفعًا ووترًا، و قامت عليكم الحجّة من ثلاثين حجة، فتغافلتم أوّلاً، و تخاذلتم أخيرًا، و ضاعت العروبة بين التغافل و التخاذل.
إن الفارق بين لفظَي العرب و الغرب نقطة، و فيها كل السر و فيها كل الشر.
وقف الغرب بالباب فلم تتحرّكوا، ثم أنشب الظفر و الناب فلم تستدركوا، ثم دسّ أنفه في التراب فوجد رائحة الزيت، ثم طلب الوقوف بالأعتاب فوطّأتم له أكناف البيت.
إن الزيت إدام، ازدحمت عليه الأقدام، فحرمه الجبان و حازه المقدام، و كان حظكم منه حظ الطبّاخ الصائم: زَهَماً في اليد و رائحة في الأنف؛ فيا أرض ابلعي زيتَكِ، و أَحْيِ ميتك، و إلا خرّب ( أبرهةُ) الغرب بيتَ الله و بيتَكِ.
ألا إن الغرب جاهد في أن يلحق بلفظ السبع منكم حرفين فإذا هو ( سبعون )، و أن يزيد في عدد السبع من ملوككم فإذا هو سبعون.
أيها العرب: ما أضيَعَ حكمة الأسلاف عندكم. لقد أبقوا لكم من وحي السماء و حكمة الحكماء، ما لا يُبليه التراب، و لا تُنسيه الأحقاب، و ما لو عملتم به لسدتم الكون أئمة، و قُدْتُم الكائنات بالأزِمّة، و لفللتم السيوف بالآراء، و دحضتم الآراء بالسيوف؛ و لكنكم أضعتم التراث بتشاكس الورّاث، و إذا كان الوارث غير همّام و لا حارث، غارت العين الفوّارة، و قحلت الأرض الغوّارة:

ورثنا المجد عن آباء صدق *** أسأنا في ديارهم الصنيعا
إذا البيتُ الرفيع تعاورتْه *** بُناة السوء أوشك أن يضيعا

أيها العرب: أطعتم الكبراء فأضلُّوكم، و خضعتم للأمراء فأذلّوكم، حتى لِنتم للعاجم، و دِنْتم للأعاجم، و حتى ألقيتم بالمقاود، لمن سمّاهم أجدادُكم رقاب المزاود؛ فويحكم: أغنيٌّ و يقترض، و محجوج و يعترض ؟ عزّ الداء و غاب الآسي... لم يأسُ جراحَكم ألف " دكتور" فهل يأسوها " ديكتاتور" ؟...
وضع الأجداد العقال للرجل فنقلتْه الأحفاد إلى الرأس، و عدلوا به من الأباعر إلى الناس، و ما بين النقل و النقل ، ضاع العقل... و التصريف للألفاظ كالتصرّف في الأموال فيه القصدُ و السرَف.

كاهن الحن.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
• نشرت في العدد 71 من جريدة " البصائر" 14 مارس سنة 1949











 


آخر تعديل رشيد آل عمر 2014-06-04 في 00:03.
رد مع اقتباس