منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - العاشقةُ الخرساء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-12-22, 22:37   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
علي قسورة الإبراهيمي
مشرف الخيمة والمنتديات الأدبيّة
 
الصورة الرمزية علي قسورة الإبراهيمي
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي


... / ...

أَمِن أجل بعض عاهتنا نرفض ذواتنا ؟!
فهل إذا نحن نحيا ليل غسَقٍ، فلا لظهور ضوء نهار ينفض دجى ذِكراه ؟.
فلماذا نرفضُ شروقَ صباح قد بان ولاح ؟.. أ لأنّ الإحساس بالقهر، والجرح وكأنه طُعن بسكين الدهر، فلا هناك من أملٍ تبزغ معه الحياة ؟
حتى وإن أصيبت بعض أبعاضنا قارعة ، وحلّت بنا باقعة ما لها راقعة..
فلِمَ لا تشرئب الأعناق إلى كوثر البياض، والتوق مع الشوق إلى مواطن الطهر مع الذين سوف يأتون، وهم لبراءة النقاء عنوان ؟
أمَا آن لغيومِ الوجع أن ترحل؟ أ لم يحِنِ الوقت بعدُ لزفرات الأسى أن تزول ؟
أمكتوبٌ على النفس أن تتجرّع الغصات، وتحتسي الألم علقمًا مرًّا بأكواب الخوف من المستقبل المجهول ؟
أ يا فاطمة.
لِم لا يكون التجاهل أفضل الحلول بالعيش في نعيمٍ زائلٍ لا يدوم ؟.
لِم لا نرتقي بالروح إلى أعلى سموٍّ، ثم الخشوع في محراب اليقين.
ولامحالة أن هناك من هو يسمع ويرى، مع عنفوان الصمت، والسمو بالنفس رفعة و شموخا؟!
وأن هناك من ينظر إلى السرائر، ولا تعزبُ عنه خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟
تذكر جميلي مذ خلقتك نطفةً ** ولا تنسى تصويري و لطفي في الحشا
وفوض إليّ الأمر وأعلم بأنني ** أدبّر أحكامي وأفعل ما أشا
....
ظنت فاطمة أنّ حسينَ لم يعد إلى المنزل تلك الساعة بعد أن خُبرت حله وترحاله، خروجه وأوبتهِ من وإلي الدار، وحفظت ذلك، حتى رسخ في ذهنها.
وها هي تقدم على فعلتها.. ولكن هذه المرة الواقعة أدهى وأمرّ.
ولكن القدر يكون بالمرصاد.. وعاد حسين إلى الدار على غير عادته.
فإذا به يجد فاطمة تقوم بتعذيب نفسها، و تريد إسقاط ما في الأحشاء.
ففزع في غضبٍ مما رأى ..
وكالمجنون أنهال عليها صفعاً.
ثمّ نهرها وأنّبها على فعلتها.. فأشارت له، أنّها لا تريد زيادة عذابه وآلامه بمولودٍ قد يكون أصمًّا أبكمًا مثلها.
وبإشفاقٍ يشوبه الفرح عانقها وبكي لأول مرة أمامها.. و أشار عليها:
ـ أياكِ أن تفكري مرة أخرى بهذا التفكير.. ثم إنني أحبكِ، و أحبكِ أكثر عندما يأتي ويحلّ علينا ثالثنا..
ثم أسرع بها إلى أقرب طبيبٍ لفحصها.. خشية أن يكون ما أقدمت عليه كان له بعض الخطر على ما في بطنها..
ولكن الطبيب طمأنهما.. ألا خوف، وأن الحمل لا تشوبه شائبة.
....
ومع ما كسبته فاطمة من أموال طائلة من الخياطة.. وأصبح المنزل يعج بالعاملات وكأنه مشغلاً ،لأن الطلبات تزداد من يومٍ لآخر.
فقرر كل من حسين و فاطمة شراء المنزل المهجور وما تحيط به من اراضٍ.. وقاما بتشييد عليه منزلا فخماً و مشغلاً للخياطة والنسيج..
وأصبحا يعيشان في أرغدِ عيشٍ.
ونتيجة الأموال التي أنعمها الله عليهما أصبحت فاطمة هي من تدير المشغل الآمرة الناهية..
وأنشأ حسين مؤسسة صغيرة للبناء
فانقلبت حياتهما من حالٍ الى حال.
قررت فاطمة أن تتعلم طريقة قراءة تعابير الشفاه.. واصبحت تقرأ شفاه المتحدث و كأنها تسمعه.. ثم تردّ بالكتابة ، لأنها كانت تتضايق من الإشارة بحركات الأيدي ..
وتعلم حسين لغة القوم قراءة و كتابة و محادثة وبرع فيها كأهلها .
رزق حسين و فاطمة بطفلٍ اختارا له إسم "رابح".
ومع ذلك أن فاطمة لم تفرح أو تبتسم ، ولا يزال القلق والخوف يعتريها، ولم يعلو محياها انشراح.
ومع مرور قرابة عامين قرأت على شفاهِ عزيزها رابح وهو يقول:
ـــ ماما!.. ماما!.
ولأول مرة انفجرت فرحاً و ضحكًا وهي لا تدري ما تفعل ..فتأكدت أن فلذة كبدها ليس بأخرس. وأمرت بصرف راتب شهر لكل عمال وعاملات المشغل.
وعندما عاد حسين المنزل زفت له فاطمة البشرى ، فكانت الفرحة لها وقعها عليه.
فانقلبت كآبتهما إلى سعادةٍ.

انتظروني ولا تضجروا

... يتبع









رد مع اقتباس