منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-02-19, 05:29   رقم المشاركة : 187
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

هل كان كلام النار ، وشكوتها

بلسان المقال أم بلسان الحال ؟


قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :

"وأما قوله في هذا الحديث :

(اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب

أكل بعضي بعضاً .... الحديث) :

فإن قوماً حملوه على الحقيقة

وأنها أنطقها الذي أنطق كل شيء

واحتجوا بقول الله عز وجل :

(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) النور/24

وبقوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) الإسراء/44

وبقوله : (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ) سبأ/10

أي : سبِّحي معه ، وقال : (يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِشْرَاقِ) ص/18

وبقوله : (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) ق/ 30

وما كان من مثل هذا ، وهو في القرآن كثير

حملوا ذلك كله على الحقيقة ، لا على المجاز

وكذلك قالوا في قوله عز وجل :

(إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) الفرقان/ 12

و (تكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) الملك/8 ، وما كان مثل هذا كله .

وقال آخرون في قوله عز وجل :

(سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) و (تكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) :

هذا تعظيم لشأنها ، ومثل ذلك قوله عز وجل

: (جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) الكهف/77

فأضاف إليه الإرادة مجازاً ، وجعلوا ذلك من باب المجاز

والتمثيل في كل ما تقدم ذكره

على معنى أن هذه الأشياء لو كانت مما تنطق

أو تعقل : لكان هذا نطقها وفعلها .

فمَن حمل قول النار وشكواها على هذا :

احتج بما وصفنا ، ومن حمل ذلك على الحقيقة :

قال : جائز أن يُنطقها الله ، كما تنطق الأيدي

والجلود ، والأرجل يوم القيامة

وهو الظاهر من قول الله عز وجل :

(يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) ق/ 30

ومن قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) الإسراء/44

و (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) النمل/18

وقال : قوله عز وجل : (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) الملك/8

أي : تتقطع عليهم غيظاً ، كما تقول : فلان يتقد عليك غيظاً

وقال عز وجل :

(إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) الفرقان/ 12

فأضاف إليها الرؤية ، والتغيظ ، إضافة حقيقية

وكذلك كل ما في القرآن من مثل ذلك .

ومن هذا الباب عندهم قوله :

(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ) الدخان/29

و (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ

وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً) مريم/ 90

و (قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) فصلت/11

(وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) البقرة/74

قالوا : وجائز أن تكون للجلود إرادة لا تشبه إرادتنا

كما للجمادات تسبيح وليس كتسبيحنا

وللجبال ، والشجر سجود وليس كسجودنا .


والاحتجاج لكلا القولين يطول

وليس هذا موضع ذِكره ، وحمْل كلام الله تعالى

وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم على الحقيقة :

أولى بذوي الدِّين ، والحق ؛ لأنه يقص الحق

وقوله الحق ، تبارك وتعالى علوّاً كبيراً" انتهى .


" التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " ( 5 / 11 – 16 ) .

وقد رَدَّ آخرون الحديث لأن سبب شدة الحر أو شدة البرد معروف

وهو بعد الشمس أو قربها من الأرض .

وقد أجاب العلماء عن ذلك أيضاً

وبينوا أنه لا تعارض بين الحديث ، وبين الواقع

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

"وفي هذا الحديث : دليل على أن الجمادات لها إحساس لقوله :

(اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب أكل بعضي بعضاً)

من شدة الحر ، وشدة البرد ,

فأذن الله لها أن تتنفس في الشتاء ، وتتنفس في الصيف

, تتنفس في الصيف ليخف عليها الحرَّ ,

وفي الشتاء ليخفَّ عليها البرد ,

وعلى هذا فأشد ما نجد من الحرِّ :

يكون من فيح جهنم

, وأشد ما يكون من الزمهرير : من زمهرير جهنم .

فإن قال قائل : هذا مشكل حسَب الواقع

لأن من المعروف أن سبب البرودة في الشتاء

هو : بُعد الشمس عن مُسامتة الرؤوس ,

وأنها تتجه إلى الأرض على جانب ، بخلاف الحر

فيقال : هذا سبب حسِّي ، لكن هناك سبب وراء ذلك ,

وهو السبب الشرعي الذي لا يُدرك إلا بالوحي ,

ولا مناقضة أن يكون الحرُّ الشديد الذي سببه

أن الشمس تكون على الرؤوس أيضا يُؤذن للنار أن تتنفس

فيزدادُ حرُّ الشمس , وكذلك بالنسبة للبرد :

الشمس تميل إلى الجنوب , ويكون الجوُّ بارداً بسبب بُعدها

عن مُسامتة الرؤوس , ولا مانع من أنّ الله تعالى يأذن للنار

بأن يَخرج منها شيءٌ من الزمهرير ليبرِّد الجو

فيجتمع في هذا : السبب الشرعي المُدرَك بالوحي ,

والسبب الحسِّي ، المُدرَك بالحسِّ .

ونظير هذا : الكسوف ، والخسوف ,

الكسوف معروف سببه , والخسوف معروف سببه .

سبب خسوف القمر: حيلولة الأرض بينه ، وبين الشمس ,

ولهذا لا يكون إلا في المقابلة ,

يعني : لا يمكن يقع خسوف القمر إلا إذا قابل جُرمُه جرمَ الشمس ,

وذلك في ليالي الإبدار ، حيث يكون هو في المشرق

وهي في المغرب أو هو في المغرب ، وهي في المشرق .

أما الكسوف فسببه : حيلولة القمر بين الشمس ، والأرض ,

ولهذا لا يكون إلا في الوقت الذي يمكن أن يتقارب جُرما النيّرين ,

وذلك في التاسع والعشرين أو الثلاثين ، أو الثامن والعشرين ,

هذا أمر معروف , مُدرك بالحساب

, لكن السبب الشرعي الذي أدركناه بالوحي

هو : أن الله ( يخوّف بهما العباد ) ,

ولا مانع من أن يجتمع السببان الحسي والشرعي


, لكن من ضاق ذرعاً بالشرع :

قال : هذا مخالف للواقع ولا نصدق به ,

ومن غالى في الشرع :

قال : لا عبرة بهذه الأسباب الطبيعية

ولهذا قالوا : يمكن أن يكسف القمر في ليلة العاشر من الشهر ! ...

. لكن حسَب سنَّة الله عز وجل في هذا الكون :

أنه لا يمكن أن يَنخسف القمر في الليلة العاشر أبداً" انتهى .


" شرح صحيح مسلم "

( شرح كتاب الصلاة ومواقيتها ، شريط رقم 10 ، وجه أ ) .


اخوة الاسلام

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل استكمال الموضوع