منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - درس / الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-02-09, 10:52   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

الدرس الرابع عشر من / الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه و وسلم 30 من شهر ربيع الثاني 1437.


بسم الله الرحمن الرحيم

فائدة
كان الوالد الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله يقول عن فتح الباري: (إنه مكتبة) ويقول: (إنه خزانة علم).
*******************************
قال الحافظ ابنُ كثيرٍ رحمه الله
فصل ــ [غزوة بني سليم]

ثم نهض بنفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم بعد فراغه بسبعة أيام لغزو بني سليم، فمكث ثلاثاً ثم رجع ولم يلق حرباً، وقد كان استعمل على المدينة سباع بن عرفطة وقيل ابن أم مكتوم.


*******************************
ما بين القوسين من العناوين ليس من صنع الحافظ ابن كثير رحمه الله ،الكتاب عبارة عن فصول .
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما رجع من غزوة بدر إلى المدينة مكث سبعة أيام، ثم خرج لغزو بني سُليم فمكث ثلاثًا، ثم رجع صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يلق حربًا هذا حاصل غزوة بني سُليم.
*******************************
فصل [غزوة السويق]
ولما رجع أبو سفيان إلى مكة وأوقع الله في أصحابه ببدر بأسَه، نذَر أبو سفيان ألا يمس رأسه بماء حتى يغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج في مائتي راكب، فنزل طرف العريض وبات ليلة واحدة في بني النضير عند سلام بن مشكم، فسقاه وبطن له من خبر الناس، ثم أصبح في أصحابه، وأمر فقطع أصواراً من النخل، وقتل رجلاً من الأنصار وحليفاً له ثم كر راجعاً.
ونَذِر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في طلبه والمسلمون فبلغ قرقرة الكدر، وفاته أبو سفيان والمشركون، وألقوا شيئاً كثيراً من أزوادهم، من السويق، فسميت غزوة السويق، وكانت في ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة، ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقد كان استخلف عليها أبا لبابة.

*******************************
هذه الغزوة بعد بدر بشهرين. غزوة بدر في رمضان، وهذه الغزوة في ذي الحجة في السنة الثانية.
وسبب هذه الغزوة أن أبا سفيان خرج في مائتي راكب متحمِّسًا لقتال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ وذلك لما وقع في غزوة بدر من الأسر والقتل في المشركين فخرج أبو سفيان فيمائتي راكب فعلم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخرج لقتاله والمسلمون.
ولما قدم أبو سفيان بات ليلة واحدة في بني النضير. وبنو النضير إحدى طوائف اليهود الثلاث الذين وادعوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (وهم بنو النضير، وبنو قريظة، وبنو قينقاع) وهم قبائل كبيرة من اليهود
(فنزل طرف العريض وبات ليلة واحدة في بني النضير عند سلام بن مشكم)
استضاف أبا سفيان سلام بن مشكم اليهودي.
(فسقاه وبطن له من خبر الناس)
(فسقاه) أي: سقاه خمرًا. وبطن له من أسرار الناس.
(أصواراً من النخل، وقتل رجلاً من الأنصار وحليفاً له ثم كر راجعاً)
النخل الصغار، ووجد رجلًا من الأنصار من صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحليفًا له في حرثٍ فقتلهما ثم رجع أبو سفيان.
فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علم به، قال: (ونَذِر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في طلبه والمسلمون فبلغ قرقرة الكدر)
(نَذِر به) قال ابن الأثير في النهاية(5/ 39): "ونَذِرْتُ بِهِ، إِذَا علِمت".
فخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في طلبه، ثم هربوا وكانوا متزودين بالسويق فتركوا ما معهم ليخف حملهم. ومن ثَمَّ سميت هذه الغزوة غزوة السويق.
السويق: الحنطة والشعير يُحمَّص ثم يطحن هذا يقال له: سويق. يُحمَّص: أي يقلى. حمَّصَهُ: أي قلاه.
ثم رجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى المدينة وكان استخلف عليها أبا لبابة رضي الله عنه .
وغزوة السويق عندنا في (الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم) خاتمة الكلام في وقائع وأمورالسنة الثانية للهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم .
ومما كان أيضا في السنة الثانية للهجرة:
1. زواج علي بن أبي طالب بفاطمة كان هذا بعد بدر، والحديث ثابت في الصحيحين .
2. وَتُوفِيَ بَعْدَ وَقْعَةِ بدرٍ بِيَسِيرٍ أَبُو لَهَبٍ عبد العزى بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ .
واستفدنا خيرًا كبيرا، والكتاب مختصر؛ ولكنه اشتمل على خير كبير.
3 ومن هذه الأمور التي استفدناها في وقائع وأمور السنة الثانية من الهجرة غزوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم غزوة الأبواء، والعشير، بواط، بدر الأولى وغزوة بدر العظمى ،مقتل مجموعة من رؤوس الكفر في غزوة بدرٍ العظمى
، وبعض بعوثات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتحويل القبلة، وفرضية صوم رمضان، وفرضية صدقة الفطر، وعلى قولٍ فرض الزكاة على قول الجمهور.
4. وأيضًا مما ذكروا في السنة الثانية من الهجرة أنه زيد في صلاة الحضر وفي صحيح البخاري (3935)وصحيح مسلم(685) عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ».

*******************************
فصل [غزوة ذي أمَر]
ثم أقام صلى الله عليه وسلم بقية ذي الحجة ثم غزا نجداً يريد غطَفان، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأقام بنجد صفَراً من السنة الثانية كلَّه، ثم رجع ولم يلق حرباً

فصل [غزوة بُحران]
ثم خرج صلى الله عليه وسلم في ربيع الآخر يريد قريشاً، واستخلف ابنَ أُمِّ مكتوم فبلغ بُحْران مَعْدِناً في الحجاز، ثم رجع ولم يلقَ حرباً.

*******************************
من غزوة ذي أَمَرّ نبدأ بعون الله ومشيئته -ولن يُدرَكَ خيرٌ إلا بعونه سبحانه وتوفيقه -في السنة الثالثة من الهجرة النبوية .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (4/3):سنة ثلاث من الهجرة
فِي أَوَّلِهَا كَانَتْ غَزْوَةُ نَجْدٍ وَيُقَالُ لَهَا غَزْوَةُ ذِي أَمَرَّ.اهـ.
هذان فصلان . الفصل الأول في غزوة ذي أَمَر. لما رجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من غزوة السويق أقام بقية ذي الحجة بالمدينة ثم غزا غطفان، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه أي: جعله نائبًا عنه.
(فأقام بنجد صفراً من السنة الثانية كلَّه)
(كله) تأكيدًا لصفر، أقام شهرًا كاملًا.
ثم رجع ولم يلق حربا .
وغزوة بُحران كانت بعد غزوةِ ذي أمَر وقد كانت غزوة بُحران في ربيع الآخرخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم رجع ولم يلقَ حربا.
*******************************
فصل [غزوة بني قينُقاع]
ونقض بنو قينقاع ـ أحد طوائف اليهود بالمدينة ـ العهد وكانوا تجَّاراً وصاغة، وكانوا نحو السبعمائة مقاتل، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم لحصارهم، واستخلف على المدينة بشير بن عبد المنذر، فحاصرهم صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة، ونزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم، فشفع فيهم عبد الله بن أبي بن سلول، لأنهم كانوا حلفاء الخزرج، وهو سيد الخزرج، فشفَّعه فيهم بعد ما ألحَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا في طرف المدينة.

*******************************
هذه غزوة بني قينقاع،وقد ذكر الحافظ في فتح الباري أن غزوة بني قينقاع كانت في شوال بعد بدر .اهـ .
وعلى هذا تكون هذه الغزوة في السنة الثانية ،بينما ذكرها ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (4/4)في أوائل السنة الثالثة من الهجرة .
لكن ذكر رحمه الله أنه زعم الواقدي أنها كانت في يوم السبت النصف من شوال سنة ثنتين من الهجرة قال فالله أعلم . اهـ .
وسببُ غزوة بني قريظة نقض بني قينقاع العهد الذي كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقد جاء أن السبب في نقض العهد اعتداؤهم على امرأةٍ من نساء العرب.
قال ابن هشام في السيرة (2/ 47) وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الْعَرَبِ قَدِمَتْ بِجَلَبٍ لَهَا، فَبَاعَتْهُ بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَجَلَسَتْ إلَى صَائِغٍ بِهَا، فَجَعَلُوا يُرِيدُونَهَا عَلَى كَشْفِ وَجْهِهَا، فَأَبَتْ، فَعَمِدَ الصَّائِغُ إلَى طَرَفِ ثَوْبِهَا فَعَقَدَهُ إلَى ظَهْرِهَا، فَلَمَّا قَامَتْ انْكَشَفَتْ سَوْأَتُهَا، فَضَحِكُوا بِهَا، فَصَاحَتْ. فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّائِغِ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ يَهُودِيًّا، وَشَدَّتْ الْيَهُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَتَلُوهُ، فَاسْتَصْرَخَ أَهْلُ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْيَهُودِ، فَغَضِبَ الْمُسْلِمُونَ، فَوَقَعَ الشَّرُّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي قَيْنُقَاعَ.
وهذا لا يثبت .
أبوعون ذكر المزي رحمه الله في تهذيب الكمال ترجمة عَبد اللَّهِ بن جَعْفَر بن عَبْد الرحمن بن المسور بن مخرمة في سياق شيوخه قال : وأبي عون والد عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبي عَوْنٍ، مولى المسور بْن مخرمة .
وأبوعون نازل لاصحبة له .
وأما عَبدُ اللَّهِ بن جَعْفَر بن عَبْد الرحمن بن المسور فهو ليس به بأس .
ولو صح لكان فيه بيان نوع نقض بني قينقاع للصلح .
وجاء في سنن أبي داود(3001) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ جَمَعَ الْيَهُودَ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قُرَيْشًا» ، قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، لَا يَغُرَّنَّكَ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا أَغْمَارًا، لَا يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ، إِنَّكَ لَوْ قَاتَلْتَنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا نَحْنُ النَّاسُ، وَأَنَّكَ لَمْ تَلْقَ مِثْلَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} [آل عمران: 12] قَرَأَ مُصَرِّفٌ إِلَى قَوْلِهِ {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 13] بِبَدْرٍ {وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} [آل عمران: 13].
وهذا إسناده ضعيف ، فيه شيخ ابن إسحاق وهو مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مجهول .
وهذا تهديد من اليهود ولو ثبت لكان فيه تصريحٌ من اليهود بنقض الصلح .
وبنو قينقاع هم أول من نقض العهد من الطوائف الثلاثة .قال الحافظ في فتح الباري (4032)فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ مِنَ الْيَهُودِ بَنُو قَيْنُقَاعَ فَحَارَبَهُمْ فِي شَوَّالٍ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ وَأَرَادَ قَتَلَهُمْ فَاسْتَوْهَبَهُمْ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ فَوَهَبَهُمْ لَهُ وَأَخْرَجَهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَذْرِعَاتَ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ بَنُو النَّضِيرِ كَمَا سَيَأْتِي وَكَانَ رَئِيسهُمْ حُيَي بْن أَخَطْبَ ثُمَّ نَقَضَتْ قُرَيْظَةُ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُ حَالِهِمْ بَعْدَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ .اهـ .

بنو قينقاع لما قاتلهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانوا سبعمائة مقاتل. فهزمهم الله وقذف في قلوبهم الرعب، وحاصرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حصارًا شديدًا خمسة عشر يوما ، فنزلوا على حكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد حكم بأموالهم غنيمةً للمسلمين و كانوا صاغة وتجارا ، ولهم ذراريهم ونسائهم، وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أراد قتلهم فشفَع فيهم عبدُ الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين شفع في بني قينقاع؛ لأنهم كانوا حلفاء الخزرج وابن أبي سلول خزرجي. وأما بنو النضير، وبنو قريظة فكانوا حلفاء الأوس.وجاء أنه قال ابن أُبَي قال : قَدْ مَنَعُونِي مِنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ تَحْصُدُهُمْ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ إِنِّي وَاللَّهِ امْرُؤٌ أَخْشَى الدَّوَائِرَ. قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ لَكَ. ثم ترك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قتلهم ، وأجلاهم من المدينة فخرجوا من ديارهم وحصونهم .
ومن بني قينقاع عبدالله بن سلام تقدم ذكرُ إسلامه في وقائع السنة الأُولى من الهجرة .
*******************************
فصل ـ قتل كعب بن الأشرف
وأما كعب بن الأشرف اليهودي، فإنه كان رجلاً من طيء، وكانت أمُّه من بني النضير، وكان يؤذي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ويشبِّب في أشعاره بنساء المؤمنين، وذهب بعد وقعة بدر إلى مكة وألَّب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين، فندب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى قتله، فقال: من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ فانتدب رجالٌ من الأنصار ثم من الأوس وهم محمد بن مسلمة، وعباد بن بشر بن وَقْش، وأبو نائلة، واسمه سِلكان بن سلامة بن وقش، وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة، والحارث بن أوس بن معاذ، وأبو عبس بن جبر، وأذن لهم صلى الله عليه وسلم أن يقولوا ما شاؤوا من كلام يخدعونه به، وليس عليهم فيه جناح، فذهبوا إليه واستنزلوه من أُطُمه ليلاً، وتقدَّموا إليه بكلامٍ موهمٍ للتعريض برسول الله صلى الله عليه وسلم، فاطمأنَّ إليهم، فلما استمكنوا منه قتلوه لعنه الله وجاؤوا في آخر الليل، وكانت ليلة مقمرةً، فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي، فلما انصرف دعا لهم، وكان الحارث بن أوس قد جُرح ببعض سيوف أصحابه، فتفل عليه الصلاة والسلام على جرحه فبرئ من وقته، ثم أصبح اليهود يتكلمون في قتله، فأذِن صلى الله عليه وسلم في قتل اليهود.

*******************************
هذا الفصل في قتل كعب الأشرف اليهودي، وكعب بن الأشرف أبوه من نبهان بطن من طيء وأمه من بني النضير الطائفة المعروفة من قبائل اليهود الكبار.
وبعد إجلاء بني قينقاع بقي بنوالنضيروبنو قريظة .
وكان كعب بن الأشرف شديد الأذى لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبعد وقعة بدر ذهب إلى مكة وكان يُرثي قتلى قريش تحريضًا لقريش على مقاتلة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وكان من أذى كعب بن الأشرف أنه كان يُشَبِّب في أشعاره نساء الصحابة أي: يتغزل قال النووي رحمه الله (16/ 46): "أَمَّا قَوْلُهُ يُشَبِّبُ فَمَعْنَاهُ يَتَغَزَّلُ" .
وقصة قتله في صحيح البخاري (4037) قال: (بَابُ قَتْلِ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ»، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا، قَالَ: «قُلْ»، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ، قَالَ: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ، فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - وحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ أَوْ: فَقُلْتُ لَهُ: فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ؟ فَقَالَ: أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - فَقَالَ: نَعَمِ، ارْهَنُونِي، قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ قَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ العَرَبِ، قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا، فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ، هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ - قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلاَحَ - فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ، وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو، قَالَتْ: أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ، قَالَ: وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ - قِيلَ لِسُفْيَانَ: سَمَّاهُمْ عَمْرٌو؟ قَالَ: سَمَّى بَعْضَهُمْ - قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، وَقَالَ: غَيْرُ عَمْرٍو: أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، فَقَالَ: إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ، فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ، وَقَالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ رِيحًا، أَيْ أَطْيَبَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَ: عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ العَرَبِ وَأَكْمَلُ العَرَبِ، قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي؟ قَالَ: نعَمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ، قَالَ: دُونَكُمْ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ.
وأخرجه مسلم (1801) .

وهذه القصة فيها جواز اغتيال أئمة الكفر ولكن بشرط أمن الفتنة، فلا يفتح باب الثورات والفتن ، و يكون بأمر الأمير
.










رد مع اقتباس