منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الطـــــــريـــــــــق إلـــــــى الأدب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-11-23, 20:51   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
اسماعيل 03
مشرف منتديات الدين الإسلامي الحنيف
 
الصورة الرمزية اسماعيل 03
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

وقال رحمه الله:
" وكذلك زعمه أن لا مدخل لغير النحو واللغة والبلاغة والعلوم الشرعية في علم الأدب، إنما هو تصوير لأدب العصر الذي عاش فيه، فحكم ابن خلدون وشرحه وبيانه ليس إلا الحكم والشرح والبيان الذي اقتضاه عصره وحده. ومهما كان ابن خلدون في الأدب بالمنزلة التي كان بها أول من استطاع أن يقرر قواعد علم الاجتماع- لكان قوله في علم الأدب غير ذلك، ولاهتدى إلى السر في تعبير القدماء من قولهم في الأدب أنه الأخذ من كل علم بطرف.
ولعل أهم ما أسقطه في هذا الخطأ ظنه أن قولهم "كل علم" يعنون العلوم التي قامت باصطلاحاتها، وليس كذلك، فإنهم أرادوا لب العلم لا حواشيه، وجعلوا "العلم" في هذه العبارة بمنزلة "المعرفة" التي لا تحده بحدود.
والسر كما ترى هو أن الأدب تعبير عن الحياة كلها على طريقة نفسية محضة يراد بها أن تخاطب نفس نفسا بألفاظ من اللغة تروم بها التأثير والهز، وتنبيه النفس الإنسانية النائمة في نفس الفرد لتوجهه إلى الغاية التي يرمى إليها الأديب بالضرب الذي اختاره من الأدب، ليكون بيانا عن الحياة مهما اختلفت أنواعها وأشكالها ومقتضياتها.
والأديب من أجل ذلك مضطر لدراسة الحياة وما فيها دراسة حية بنبض النفس وحركتها وأشواقها إلى ما وراء الماده دون الجسمية أو العلمية التي تحجب فن الحياة دون أعين الأحياء ثم هو بعد ذلك مدفوع إلى طلب العبارة عن الأحساس الذي يجرى في كيانه الإنساني العاقل المفكر المتأمل.
وسواء بعد أكان ما يريده من الأغراض علميا أم فكريا أم قلبيا أم فلسفيا، فكل ذلك إنما يستمد من الطبيعة التي انطوى عليها، والتي صار بأسبابها ودواعيها أدبيا يريد أن يتكلم بألفاظه، وأن يترجم بنفسه عن النفس الخالدة الذائبة في الكون كله، والتي تعرف بالنفس الإنسانية العامة. هذا وسنتم فيما يستقبل بقية القول في أداة الأديب وما يجب عليه."









رد مع اقتباس