منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - وجوب رحمة الخلق وفضلها لعبد الله بن جار الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 2024-03-26, 06:55   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي وجوب رحمة الخلق وفضلها لعبد الله بن جار الله

وجوب رحمة الخلق وفضلها
تعتبر الرحمة من المبادئ الأساسية في الإسلام ومن لوازمها العطف والمواساة والمشاركة الوجدانية وميل القلب لمساعدة الآخرين كقضاء دين عن معسر أو إنظاره أو مساعدة محتاج أو معونة شيخ كبير أو إرشاد ضال أو نحو ذلك: والرحمة واجبة وضدها القسوة والغلظة.
ومن الرحمة الخاصة العطف على الأيتام والأرامل والمساكين والقيام عليهم وهذا بمثابة الجهاد في سبيل الله.
ومن الرحمة الخاصة أيضاً توقير الكبير كالأب والعالم ونحوهما والعطف على الصغير وجزاء ذلك كله عند الله عظيم حيث يقول : «الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي.
قال القرطبي: «أتى بصيغة العموم ليشمل جميع أصناف الخلق فيرحم البر والفاجر والناطق والبهيم والوحوش والطير»انتهى وفي هذا وردت أحاديث منها ما رواه جرير بن عبد الله في صحيح مسلم : «من لا يرحم الناس لا يرحمه الله تعالى»وحديث أبي هريرة في الصحيحين «جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً وأنزل في الأرض جزءاً وحداً فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه» ومعظم التشريعات التي تقوم على التعاون والتحابب والتآخي مصدرها هذه القاعدة العظيمة وأعظم الرحمة وأعلاها ما كان من الله وهي تطلب بدوام الإحسان والاستغفارلَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [سورة النمل: 46].
ولعظم الرحمة وبيان أهميتها وصف الله بها نفسه مرة باسم الرحمن ومرة باسم الرحيم فهو رحمن الدنيا رحمة تعم المؤمن والكافر ورحيم الآخرة حيث تخص رحمته المؤمنين وحدهم وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [سورة الأحزاب 43] وقال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ [سورة النساء 175] ورحمة الله قريب من المحسنين الذين يحسنون في أهليهم ومع الناس كافة ومع كل ذي روح إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [سورة الأعراف 56]والرحمة تكون للأصغر والأضعف أما رحمة الكبير فهي معرفة حقه من الإكرام والمواساة لحديث عبدالله بن عمرو في سنن أبي داود ومسلم «من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا فليس منا» وما ورد في الصحاح «كبر كبَّر»أي يتكلم أكبركم وفي حديث الإمامة «وليؤمكم أكبركم»ورحمة الصغير بأن يعطف عليه ويرق له.
ويتأكد ذلك أيضاً بالنسبة للوالدين لقوله تعالى : وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [سورة الإسراء 24]كما يتأكد لذي الشيبة المسلم والعاجز الذي يحتاج لمعونة والطفل الذي يطلب مساعدة وهلم جرا .

الرفق بالحيوان
ومن الرحمة الرفق بالحيوان والإِحسان إليه.لحديث أبي هريرة  عن النبي  قال: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنـزل فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له». فقالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجراً ؟ قال «نعم في كل ذات كبد رطبة أجر»( ) ومعنى رطبة يعني فيها الحياة ولحديث «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض»( ) ومن الرفق عدم اتخاذ ما فيه الروح غرضاً للرمي فقد لعن رسول الله  من اتخذ ذلك هدفاً: ومنه الإحسان في الذبح لقوله : «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليرح أحدكم ذبيحته وليحد شفرته» وفي الحديت «لا تنزع الرحمة إلا من شقي» حديث حسن أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه ومعناه لاتسلب الشفقة على خلق الله إلا من شقي وفي الحديث أيضاً «من لايرحم الناس لا يرحمه الله» حديث حسن صحيح أخرجه الترمذي قال ابن بطال فيه الحض على استعمال الرحمة لجميع الخلق فيدخل فيه المؤمن والكافر والبهائم والمملوك منها وغير المملوك, ويدخل في الرحمة التعاهد بالإِطعام والسقي والتخفيف في العمل وترك التعدي بالضرب انتهى.
ويظهر أنه لا يستثنى من الرحمة إلا من عليه قصاص أو حد أو الدواب المؤذية التي أمرنا الله بقتلها . وترد الرحمة حتى في القتال يقول الله تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا [سورة البقرة 190] والاعتداء يعني البدء في القتال بدون مبرر شرعي أو قتل امرأة أو طفل أو شيخ أو متعبد في صومعته وكذا قطع الشجر.

رحمة الخلق كافة
والرحمة في الإسلام عامة لأهل الأرض قاطبة فالمؤمنون نحبهم ونوقرهم ونعطف عليهم والعصاة نعظهم ونرفق بهم وأهل الضلال ندلهم على طريق الحق ونرشدهم لما خلقوا له وفي الحديث «لا تنزع الرحمة إلا من شقي»( ) والرحمة كذلك تكون من الأب لصغاره ومن السيد لخادمه ومن رئيس العمل لمرءوسيه ومن رئيس الدولة لشعبه وكل بحسب منزلته.
وأوكد الرحمة رحمة اليتيم لقوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ [سورة الضحى 9]ويدخل في ذلك الضعفاء والنساء والقصر والعجزة والمكروب والمضطر حيث يدفع عنهم ما حل بهم.
ومن الرحمة إطعام الجائع وكسوة العريان وإنقاذ المشرف على الهلاك ودفع ظالم عنه وإرشاد حيران وتعليم سائل عن أصل الدين ونحو ذلك وعن عبدالله بن عمرو  عن النبي  قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» والله أعلم ( ).
(سعة رحمة الله وحصولها للمتقين الذين يتبعون الرسول  ويؤمنون به):
قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ سورة الأعراف 157- 159.
يقول تعالى مخبراً عن كرمه وإحسانه رحمته وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ من العالم العلوي والسفلي البر والفاجر والمؤمن والكافر فلا مخلوق إلا وقد وصلت إليه رحمة الله وغمره فضله وإحسانه ولكن الرحمة الخاصة المقتضية لسعادة الدنيا والآخرة ليست لكل أحد ولهذا قال عنها فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أي يجتنبون المعاصي صغارها وكبارهاوَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَأي يزكون أنفسهم بطاعة الله ويخرجون زكاة أموالهم إلى مستحقيها وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ أي يصدقون ومن تمام الإِيمان بآيات الله معرفة معناها والعمل بمقتضاها, ومن ذلك اتباع النبي  ظاهراً وباطناً في أصول الدين وفروعه الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ وهو محمد  وصفه بالأمي لأنه من العرب الأمة الأمية التي لا تقرأ ولا تكتب وليس عندها قبل القرآن كتاب الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ باسمه وصفته التي من أعظمها وأجلها ما يدعو إليه وينهى عنه وأنه يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وهو كل ما عرف حسنه وصلاحه ونفعه وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِوهو كل ما عرف قبحه في العقول والفطر فيأمرهم بالصلاة والزكاة والصوم والحج وصلة الأرحام وبر الوالدين والإحسان إلى الجار والفقير والمسكين وبذل النفع لسائر الخلق والصدق والعفاف والبر والنصيحة وما أشبه ذلك , وينهى عن الشرك بالله وقتل النفوس بغير حق والزنا وشرب ما يسكر العقل والظلم لسائر الخلق والكذب والفجور ونحو ذلك فأعظم دليل على أنه رسول الله ما دعا إليه وأمر به ونهى عنه وأحله وحرمه فإنه وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِمن المطاعم والمشارب والمناكح وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ من المطاعم والمشارب والمناكح والأقوال والأفعال وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ أي ومن وصفه أن دينه سهل سمح ميسر لا إصر فيه ولا أغلال ولا مشَقَّات ولا تكاليف ثقال فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُأي صدقوا به وعظموه وبجلوه وأيدوه وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُوهو القرآن الذي يستضاء به في ظلمات الشك والجهالات والشبهات أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الظافرون بخيري الدنيا والآخرة والناجون من شرهما وأنهم أتو بأكبر أسباب الفلاح, وأما من لم يؤمن بهذا النبي الأمي ويُعَزَّره وينصره ولم يتبع النور الذي أنزل معه فأولئك هم الخاسرون , ولَّما دُعي أهل التوراة من بني إسرائيل إلى اتباعه وكان ربما توهم متوهم أن الحكم مقصور عليهم أتى بما يدل على العموم فقال: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا عربكم وعجمكم أهل الكتاب وغيرهم الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يتصرف فيهما بأحكامه الكونية والتدابير السلطانية وبأحكامه الشرعية الدينية التي من جملتها أن أرسل إليكم رسولاً عظيماً يدعوكم إلى الله وإلى دار كرامته ويحذركم من كل ما يباعدكم عنه ومن دار كرامته لا إِلَهَ إِلا هُوَ لا معبود بحق إلا الله وحده لا شريك له ولا تعرف عبادته إلا من طريق رسله يُحْيِي وَيُمِيتُ أي من جملة تدابيره الإحياء والإِماتة التي لا يشاركه فيها أحد, وقد جعل الله الموت جسراً ومعبراً يعبر الإِنسان منه إلى دار البقاء التي من آمن بها صدَّق الرسول محمداً  قطعاً فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ إيماناً في القلب متضمناً لأعمال القلوب والجوارح الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ أي آمنوا بهذا الرسول المستقيم في عقائده وأعماله وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ في مصالحكم الدينية والدنيوية فإنكم إذا لم تتبعوه ضللتم ضلالاً بعيداً وخسرتم خسراناً مبيناً.
ما يستفاد من هذه الآيات الكريمات:
1- سعة رحمة الله وشمولها لكل شيء.
2- بيان من يستحق رحمة الله وهم المؤمنون بالله وآياته المطيعون لله بفعل ما أمر واجتناب ما نهى والمتبعون لرسوله
محمد  المزكون لأنفسهم وأموالهم.
3- أن الرسول محمد اً  موصوفاً في التوراة والإِنجيل.
4- أنه  يأمر بكل معروف وينهى عن كل منكر .
5- أنه  يحل جميع الطيبات النافعة ويحرم الخبائث الضارة.
6- أن دينه سهلا سمحا ميسرا لا عسر فيه ولا مشقة.
7- تحريم الخبائث المأكولة والمشروبة المسكرة وغيرها.
8- تحريم شرب الدخان لأنه من الخبائث المضرة بالصحة والدين والبدن والمال وكذلك تحرم قيمته وبيعه وشراؤه لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه.
9- فلاح من آمن بالرسول محمد  واتبعه ونصره, وخسران من لم يؤمن به ويتبعه.
10- عموم وشمول رسالة محمد  إلى العرب والعجم واليهود والنصارى والإنس والجن.
11- انفراد الله بملك السموات والأرض والتصرف فيهما وتدبير شئونهما.
12- أنه لا يستحق العبادة أحد غير الله سبحانه وتعالى.
13- قدرة الله على الإِحياء والإِماتة وحده لا شريك له.
14- هداية من اتبع الرسول  إلى مصالح دينه ودنياه.
15- ضلال من لم يتبعه وخسارته.
16- أن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر.









 


رد مع اقتباس