اللهم صل و سلم و بارك على الحبيب المصطفى ....صلوا عليه و سلمو تسليما .... اما بعد: لقد لفت انتباهي اقتراح اخونا نور الدين حول وضع قسم للنقد الادبي و على اثر هذا الاقتراح ارتأيت الى وضع موضوع فيه شرح بسيط حول: كيف تكون خطوات الناقد في نقد قصيدة شعرية...؟ حين يفكر الناقد في نقد قصيدة لا بد له أن يفكر أولا بالطريقة المثلى التي سيبني عليها أحكامه المسبقة و مواقفه. فالنقد مقصر تقصيرا كبيرا و اتبع طرائق غير عادلة في تقويم الشعر الحديث مما أدى إلى استمرار تدني المستوى الإبداعي كما أدى إلى فوضى في القيم و المقاييس الجمالية العامة .لذلك أرى و تبقى على العموم وجهة نظر قابلة للنقاش و التغيير أنه لا يكفينا أن ننظر الى القصيدة بصورة منفصلة عن التيار الشعري العام لأن ذلك سيوقعنا في أخطاء كثيرة ، ولكن يتوجب علينا اذا أحسسنا بالقيمة الكبرى الملقاة على عاتق الناقد أن نرصد مكان هذه القصيدة في عالم الخلق الشعري و أن نقف أمام كل قصيدة لنسأل أنفسنا هذين السؤالين الهامين : ماذا تمثل هذه القصيدة بالنسبة لأعمال الشاعر السابقة ؟ وهل هي هي عبارة عن تكرار عقيم جامد لانتاجه السابق أم أنها تحتوي على حركة جديدة تضاف الى خط الشاعر لتكون أو لتبشر بمنهج ابداعي متميز و متكامل ؟ ثم ما هي الخصائص التي تجمع بين أطراف هذا الشعر ؟ و هل حافظ الشاعر على هذه الخصائص في قصيدته تلك أم أنه انطلق الى آفاق أخرى جديدة ؟ و أخيرا هل تقف هذه المقطوعة في مستوى أعمال الشاعر الأولى أم أنها ترتفع و تنحدر عن ذلك المستوى بدرجات ؟ و السؤال الثاني الذي يفرض نفسه و الذي علينا أن نطرحه هو ماذا تمثل هذه القصيدة بالنسبة للتراث الشعري العام ؟ هل هي اقتباس مفتعل و نقل آلي لمقاطع من هذا التراث بحيث لا تكون سوى وعاء يضم أشتاتا من الموجودات السابقة ؟ أم أنها تمثل قيمة فريدة بالنسبة لغيرها ،ترتفع بساقها دون الاستناد الى جذع آخر ،و تحقق لنفسها و بنفسها جميع ركائز وجودها و استمرارها...؟ ثم ما هي قيمة هذه الاضافة الجديدة الى تراثنا العام ؟ و هل سيمكنها أن تتسلق قمة الخلود و تساير متطلبات الزمن الطويل ؟ أم أنها عمل وقتي لا يلبث أن ينطفئ و يختفي في الزوايا المظلمة من مخزوننا الفكري ؟ ثم هل صنع الشاعر بقصيدته في أنفسنا حركة ما ؟ وهل زاد من وعينا و كثف من ادراكنا للأشياء ؟ أم تركنا دون أن يحرك أي عصب فينا ؟ عزيزي القارئ لا شك أن اتباع هذا المنهج هو عمل شاق بالنسبة للناقد و لكنه لعمري الطريق الوحيد و الجاد و الأنجع الذي يمكن الشاعر من أن يرى مواضع قدميه و ينتبه الى خط سيره كما يمكن القارئ المتلقي و المتذوق من النظر الى الشعر من نافذة شمولية واسعة ..فلا يقتصر النقد بذلك على تلميحات جزئة و تعليقات واهية عديمة الجدوى . ان مفابلة القصيدة بعمل الشاعر هو كشف عن المنحنى الحركي لانتاج الشاعر ، أما مقابلة القصيدة بالمجموع الشعري فهو الذي يعطينا القيمة الحقيقية المعتبرة لا الوقتية للقصيدة بقلم:رجاء الصديق