هي زهرة بجوار ساقية ... نبتت و عاشت عيشة الطهر
لم تدر غير العشب متكأ ... و سٍوى عناق الماء لم تدر
فاستيقظت يوما كأن بها... سُكرا و قد شربت ندى الفجر
تبكي جوى و تقول ما أملي ... لو عشت خالدة بذا القفر
حسناء لكن لا عيون ترى ... حُسني و لا من عارفٍ قدري
هلا صعدت إلى ذرى جبل .... و بدلت هذا الكوخ بالقصر
و رأت بساط العشب منتشرا ... تلوي عليه معاطف النهر
جاراتها في الحي نائمة ... حُمرا على أعلامها الخضر
فاستبشرت بالفوز و انطلقت... تعدو و تلو على أمر
و حلا لها السفر البعيد وما... حسبت حساب الحلو و المر
الأرض موعرة و محرقة... فكأنها تمشي على جمر
و رفيقها هوج الرياح و قد... ثارت عليها ثورة الغدر
عزت سبيل إلى مطامحها... في مسالك الأشواك و الوعر
فتأوهت ندما و لو قدرت... رجعت على أعقابها تجري
لكنها سالت و حيرها... خوف السقوط كراكب البحر
فتشبثت بالأرض مفرغة... شهد القوى و بقية الصبر
حتى تسلمت الذرى و غدت... في الأوج تتلو لآية الشكر
لكنها لم تلق وآسفي ... في الأفق غير جلامد الصخر
لا عشب ينبت في جوانبه... أبدا و لا أثر لمخضر
و العاصفات كأنها أُسد ... في الجو تزأر أيما زأر
فشكت لأول مـرة و بكت ... كالطفل من تعب و من ذعر
من قهرها أنت و قد ... سُمعت وسط الزوابع أنة القهر
يا ليتني لم أصبُ نحو علا ... و بقيت في عرائس الزهر
ثم ارتمت ضعفا و أخرصها ... شبحا بدا من جانب القبر
فتصلبت أغصانها و مضت ... بالموت هاوية إلى القعر
مسكينة قد غرها شرف ... هو كالسراب لكل مغتر
و تخيلت أن العلا غنى ... فإذا به فقر على فقر
ما كانأهنأها و أسعدها .... لو لم تفارق ضفة النهر
هنيئا لك بنفسجيتك يا استاذ