منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التوحيد .. سؤال وجواب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-26, 12:25   رقم المشاركة : 181
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثاً : ( أن ما يطلق على الله في باب الأسماء والصفات توقيفي , وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا , كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه , فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع ) ا.هـ

من "بدائع الفوائد" لابن القيم (1/162) .

رابعاً : ( أن من أسماء الله عز وجل ما لا يطلق عليه إلا مقترنا بمقابله , فإذا أطلق وحده أوهم نقصا تعالى الله عن ذلك , فمنها المعطي المانع , والضار النافع , والقابض الباسط , والمعز المذل , والخافض الرافع , فلا يطلق على الله عز وجل المانع الضار القابض المذل الخافض كلا على انفراده , بل لا بد من ازدواجها بمقابلاتها , إذ لم تطلق في الوحي إلا كذلك ) ا.هـ

من "معارج القبول" للحكمي (1/64) .

إذا تبين ما سبق فاسم الخافض , لا يعرف أنه ورد إلا في حديث تعداد الأسماء الحسنى , والصحيح أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم , كما سبق في كلام ابن القيم , وهو ما قرره غير واحد من أهل العلم كالإمام ابن تيمية _ كما في "الفتاوى" (6/379_380 ، 8/96 ، 22/482) _ والحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/515) والحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/221) و"البلوغ" (1395) وغيرهم .

ولكن معنى الاسم صحيح بشرط أن يقرن باسم الرافع , وثبت في "صحيح مسلم" (179) من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه , يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل الليل ... " الحديث , وجاء في ذلك بعض الآثار عن السلف , ومن ذلك ما علقه البخاري في "صحيحه" (فتح _ 8/487) مجزوما به عن أبي الدرداء أنه قال في تفسير قوله تعالى : ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) الرحمن / 29 قال : " يغفر ذنبا , ويكشف كربا , ويرفع قوما , ويضع آخرين " . وروي عنه مرفوعا .

إذا تبين هذا فلأهل العلم كلام في معنى الخافض , ومن ذلك ما يلي :

1_ قال الخطابي في "شأن الدعاء" (58) : ( الخافض الرافع : وكذلك القول في هذين الاسمين يستحسن أن يوصل أحدهما في الذكر بالآخر , فالخافض : هو الذي يخفض الجبارين ويذل الفراعنة المتكبرين , والرافع : هو الذي رفع أولياءه بالطاعة فيعلي مراتبهم وينصرهم على أعدائه ويجعل العاقبة لهم , لا يعلو إلا من رفعه الله , ولا يتضع إلا من وضعه وخفضه ) ا.هـ .

2_ وقال الحليمي _ كما في "الأسماء والصفات" للبيهقي (1/193) _ : ( ولا ينبغي أن يفرد الخافض عن الرافع في الدعاء , فالخافض : هو الواضع من الأقدار , والرافع : المعلي للأقدار ) ا.هـ .

3_ وقال قِوام السنة الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة" (1/140) : ( ومن أسمائه : الخافض الرافع , قيل : الخافض هو الذي يخفض الجبارين , ويذل الفراعنة , والرافع هو الذي يرفع أولياءه وينصرهم على أعدائهم , يخفض من يشاء من عباده فيضع قدره ويخمل ذكره ويرفع من يشاء فيعلي مكانه ويرفع شأنه , لا يعلو إلا من رفعه ولا يتضع إلا من وضعه . وقيل : يخفض القسط ويرفعه ) .

ثم أورد حديث أبي موسى عند مسلم (293) : " إن الله تعالى لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه , يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل الليل " .

ثم قال : ( قال أهل العلم : ... ومعنى يخفض القسط ويرفعه , يخفض العدل بتسليط ذا الجور ، ويرفع العدل بإظهاره العدل , يخفض القسط بأهل الجور , ويرفع العدل بأئمة العدل , وهو في خفضه العدل مرة ورفعه أخرى يبتلي عباده لينظر كيف صبرهم على ما يسؤهم , وشكرهم على ما يسرهم ) ا.هـ

4_ وقال الشيخ ابن سعدي في "الحق الواضح المبين" (258) : ( وهو الرافع لأقوام قائمين بالعلم والإيمان , الخافض لأعدائه ) ا.هـ

وقال في "توضيح الكافية الشافيه" (390) : ( واعلم أن صفات الأفعال ... كلها متعلقة وصادرة عن هذه الصفات الثلاث : القدرة الكاملة , والمشيئة النافذة , والحكمة الشاملة التامة , وهي كلها قائمة بالله , والله متصف بها , وآثارها ومقتضياتها جميع ما يصدر عنها في الكون كله من التقديم والتأخير والنفع والضر والعطاء والحرمان والخفض والرفع , لا فرق بين محسوسها ومعقولها , ولا بين دينيها ودنيويها ) ا.هـ

5_ وقال الشيخ محمد خليل هراس في "شرح القصيدة النونية" (2/114) : ( وهو سبحانه الخافض الرافع , يخفض الكفار بالإشقاء والإبعاد , ويرفع أولياءه بالتقرب والإسعاد , ويداول الأيام بين عباده , فيخفض أقواما , يخمل شأنهم , ويذهب عزهم , ويرفع آخرين فيورثهم ملكهم وديارهم ) ا.هـ

وكل هذه الأقوال حق , وهي داخلة في معنى اسمي : الخافض الرافع .

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد








 


رد مع اقتباس