منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بيان حول العدوان الروسي على سوريا
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-10-14, 10:00   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
بوسماحة 31
عضو متألق
 
إحصائية العضو










افتراضي رسائل روسية وسورية ‬غبية

رسائل روسية وسورية ‬غبية
عبد الرزاق قسوم

ماذا دهى القيادة السياسية والعسكرية في ‬روسيا ‬حتى تلقي ‬بجندِها ‬وعدَّتها ‬وعتادها في ‬هذه المغامرة السّورية مجهولة العواقب ‬خاسِرة المكاسِب ‬المحفوفة بالمصاعِب والمتاعِب؟
ألَم تتَّعظ روسيا من هزيمتها النَّكراء على أيدي ‬المقاومين الأفغان ‬والمجاهدين الشيشان ‬وكلّ ‬ما خسرته في ‬عددٍ ‬من البلدان؟
ألاَ ‬يُدرك القادة الرُّوس عواقب مغامرتهم العسكرية في ‬سوريا، ‬على الصعيدين العسكري ‬والسياسي، ‬وكم ستكلفهم هذه المغامرة من زاد وعتاد، ‬وكساد، ‬وفساد في ‬الأرواح البشرية، ‬والعدّة العسكرية، ‬والذّمة السياسية؟
ما هي ‬الرسائل المشفّرة، ‬التي ‬تحاول القيادة الرّوسية التّلويح بها من خلال إقدامها على قتل شعب ضعيف أثخنته الجراح، ‬وأنهكته الأتراح، ‬وغابت عن ملامح أبنائه كلّ ‬معالم البسمة، ‬وعلامات الأفراح؟


يُجمِع الملاحظون الرّاسخون في ‬علم السياسة والفنون العسكرية، ‬أنّ ‬هذه الحملة العسكرية الرّوسية حامية الوطيس في ‬سوريا، ‬محسومة النتائج لغير صالح روسيا، ‬خطيرة العواقب على جيش روسيا، ‬وقيادته العسكرية، ‬والسياسية، ‬ومنظومته الاقتصادية والاجتماعية...‬
وتعال معي ‬يا قارئي ‬العزيز نستبطن "‬معًا" ‬ذهنية القيادة الرّوسية، ‬سياسيا وعسكريا، ‬لنستخلص، ‬بكلّ ‬موضوعية وحيادية، ‬محتوى الرسائل التي ‬تحاول هذه القيادة بثّها، ‬عبر الإلقاء بجيشها في ‬أتون الحرب السّورية العفنة، ‬التي ‬كادت أن تأتي ‬على الأخضر واليابس من محيطها، ‬وتوشك أن تلقي ‬بلهيبها إلى كلّ ‬البلدان المجاورة لها.‬
إنَّ ‬إخضاع المقدِّمات، ‬والمعطيات التي ‬أفرزتها المواقف الرّوسية، ‬في ‬أدائها السّياسي على الصعيد السّوري، ‬وتعاملها مع أطراف الحرب الدائرة منذ سنين في ‬سوريا، ‬يمكنه أن ‬يستشفّ ‬ملامح الرسائل التي ‬تحاول روسيا أن تبعث بها إلى الجميع من خلال ما أقدمت عليه من مغامرة طائشة، ‬وهي ‬رسائل تبدو ـ لأوّل وهلة ـ ‬غير ذكيّة، ‬وغير منطقية. ‬فلنخضعها للتحليل:‬

1- ‬تريد روسيا أن تخرج من عزلتها الرّهيبة التي ‬وقعت فيها، ‬منذ سقوط حائط برلين، ‬وتفكك الاتحاد السوفياتي، ‬وما سبق ذلك وما تبعه من جراح ظلت روسيا تلعقها من اشتراكها في ‬أكثر من حرب خارج حدودها. ‬لذلك فهي ‬تريد أن تعود للظهور اليوم من خلال استعراض قواتها، ‬وتجربة أسلحتها ضدَّ ‬الشعب السّوري ‬الشقيق، ‬مهيض الجناح، ‬المثخن بالجراح.
‬2-الهرولة إلى نجدة النظام السّوري، ‬الآيل إلى السّقوط تحت ضربات المعارضة، ‬بعد أن فشلت كلّ ‬محاولات الإنقاذ السياسية والدبلوماسية، ‬التي ‬تحطمت ـ كلّها ـ على صخرة المقاومة السّورية القويّة بحقها، ‬وإيمانها، ‬واستبسالها. ‬ودع هناك أسطورة محاربة الإرهاب، ‬فما هي ‬إلا سراب، ‬ودع هناك مهاجمة تنظيم "‬الدولة الإسلامية"‬، ‬فما هي ‬إلا تقيّة ذرائعية لإخفاء النوايا الحقيقية.‬

3- ‬العمل على تجسيد حلف ‬غير شريف، ‬يجمع بين المتناقضين، ‬أي ‬جمهورية روسيا الإلحادية والجمهورية الإيرانية الإسلامية، ‬تحت مظلّة ما بقي ‬من الجمهورية العربية السّورية لإيصال السلاح والعتاد إلى المساندين للنظام السوري ‬الهش، ‬كمتطوعي ‬حزب الله، ‬وغيرهم.‬

4- ‬استغلال الوقت بدل الضائع الذي* ‬تعيشه الأمّة العربية، ‬بعد أن فجرّت كلّ ‬طاقاتها الذاتية، ‬وقضت على كلّ ‬عوامل حياتها الداخلية، ‬فيئِس أعداؤها من كلّ ‬بادرة تصدر منها، ‬ما دامت مشغولة بتدبير تدمير أبنائها، ‬تحت عناوين شتّى، ‬في ‬اليمن، ‬والعراق، ‬وسوريا، ‬ومصر، ‬وليبيا.‬

5- ‬التمكين للعدو الصهيوني ‬ـ بالتنسيق معه ـ للاستفراد بفلسطين والقدس الشريف، ‬في ‬غفلةٍ ‬من العرب والمسلمين، ‬المنشغلين بقتل بعضهم بعضًا، ‬فتدحرجت بذلك قضية فلسطين، ‬في ‬أولويات العرب والمسلمين إلى آخر التصنيف على سلم الأولويات.

6-‬الاستفادة من ضعف القيادة الأمريكية، ‬والحلف الأطلسي، ‬والاتحاد الأوروبي ‬عموما، ‬الذي ‬يطبق سياسة النعامة، ‬كلما تعلق الأمر بقتل الفلسطينيين، ‬والعرب والمسلمين في ‬كل جزء من أجزاء العالم.‬

إنّ ‬الظاهر من هذه الرسائل ـ وما خفي ‬أكثر ـ كلّها تنمّ ‬عن ‬غباء في ‬تقليب أمور السياسة، ‬والاستخفاف بإرادة الشعوب، ‬وكأنَّ ‬ما وقع من قبل في ‬أفغانستان، ‬وأذربيجان، ‬والشيشان، ‬وغيرها، ‬محته مياه البحار والمحيطات، ‬ونسخته المجاملات والابتسامات، ‬فلم ‬يعد له وقع في ‬ميزان القادة السوفيات خصوصاً ‬والغربيين عموماً.‬

والسؤال: ‬أين هو سلاح النفط العربي، ‬ومفعول المال العربي، ‬ومعاهدات التضامن العربي؟ بل أين هي ‬الجيوش العربية مما ‬يحدث اليوم لسوريا على ‬يد القوة الروسية، ‬وما ‬يحدث لفلسطين، ‬والقدس الشريف، ‬على ‬يد الصهيونية الماكرة الغادرة؟

إنّنا لا نلوم الرّوس على ما أقدموا، ‬ويقدمون عليه، ‬بالرغم من إدراكنا لهزيمتهم المادية والمعنوية المحققة، ‬ولكنّنا نلوم أنفسنا، ‬فقوّة أعدائنا من ضعف أشقائنا. ‬وما ‬يمكن أن ننتهِي ‬إليه من استعراض الأحداث الدّموية المؤلمة، ‬التي ‬تجسَّد على مسرح الوطن العربي ‬والأمّة الإسلامية، ‬إنْ ‬هو إلا تأكيدٌ* ‬لمرحلة الجزر التي ‬تمرُّ ‬بها أمّتنا، ‬وأعوذ بالله من السَّلب بعد العطاء.‬

أمّتنا لا ‬ينقصها المال، ‬فهي ‬من أغنى البقاع مالا، ‬وطاقة، ‬واستراتيجية، ‬ولا ‬ينقص أمّتنا الرجال، ‬فأمتنا ودودٌ، ‬ولودٌ، ‬ولعلّ ‬مشكلتها هي ‬هذه الديموغرافيا القافزة التي ‬تسير على ‬غير هدى.. ‬بل إنّ ‬طاقة الشباب في ‬أمّتنا ـ على عكس باقي ‬الشعوب ـ هي ‬الطاقة الغالية، ‬ولكن سوء التكفل بالشباب، ‬والسّفاهة في ‬تسيير الأموال، ‬والعبثية بالطاقة البترولية، ‬والاستراتيجية، ‬هو الذي ‬أضعفنا وقللنا في ‬أعين الأعداء، ‬فاستخفوا بنا، ‬فاستباحوا أرضنا، ‬ودنسوا عرضنا، ‬وعطلوا فرضنا.‬

في ‬ضوء هذا الواقع العربي ‬الإسلامي ‬المرير، ‬يجب أن تقرأ رسائل الغزو الرّوسي ‬لسوريا، ‬وهو ‬غزو ‬ينمّ ‬عن رسائل ‬غبية، ‬ولكن ‬يصبح الغباء ذكاءً ‬عندما ‬يفقد الذكاء موقعه، ‬وموضعه، ‬وذلك ما هو حاصل اليوم في ‬وطني ‬العربي ‬الأكبر، ‬الذي ‬قزمه بنوه، ‬فحولوه إلى وطن أصغر،* ‬ولله عاقبة الأمور.‬




https://www.echoroukonline.com/ara/articles/257862.html









رد مع اقتباس