منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مختصرات عن بنو مرين
عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-05-01, 02:48   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
**عابر سبيل **
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **عابر سبيل **
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السلام عليكم

ابن خلدون.. رائد تخليص كتابة التاريخ من الأساطير والخرافات

يقول ابن خلدون في مقدّمته “وإذا كان ذلك كذلك، فالقانون في تمييز الحق من الباطل في الإخبار بإمكان والاستحالة أن ننظر في الاجتماع البشري الذي هو العمران… وحينئذ فإذا سمعنا عن شيء من الأحوال الواقعة في العمران علمنا ما نحكم بقبوله ممّا نحكم بتزييفه. وكان ذلك لنا معيارا صحيحا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب في ما ينقلونه وهذا هو غرض هذا الكتاب الأوّل من تأليفنا”.

لا يكتفي ابن خلدون بالتنظير لقانون المطابقة وإنما يتجاوز ذلك إلى التطبيق، ممّا جرّه إلى اكتشاف القوانين الموضوعية التي تسيّر الاجتماع البشري وتُعتبر برهانا لا مدخل للشكّ فيه على حدّ تعبيره، فطفق في مقدمته يعطينا الأدلة على تيه المؤرخين القدامى في الوهم “ومجاوزتهم لحدود العوائد ومطاوعتهم وساوس الإغراب” على حدّ قوله، لا لشيء إلاّ لأنهم أعرضوا عن قانون المطابقة وجهلوا به.

التاريخ بمفهوم ابن خلدون له وجهان ظاهر وباطن، وظاهرالتاريخ يخبر عن الأيّام والدول والسوابق من القرون الأولى، وتنمو فيها الأقوال والأمثال المضروبة، أمّا باطنه فالنظر، والتدقيق، وتعليل الكائنات، والعلم بكيفيّة الوقائع، وأسباب حدوثها، وبذلك يكون التاريخ عريقاً، وعميقاً، وجديراً بأن يكون علماً يوقفنا على أخبار الأمم الماضية وأخلاقها، وسير الأنبياء، والملوك في سياساتهم ودولهم، وذكر أخبار تعود لعصر وزمن معيّنين، كما يخبر التاريخ عن الاجتماع الإنساني، فموضوع التاريخ في نظر ابن خلدون يدور حول الإنسان وأعماله، وما تحمله من أسباب و نتائج

عناصر التاريخ وأغراضه عناصر التاريخ الأساسيّة في مفهوم ابن خلدون هي: الإنسان، والماضي، والتقلّب في الزمن، وهي العناصر المشابهة لمفهوم الباحثين السابقين، وزاد ابن خلدون على ذلك: التعليل، والتفلسف، واكتشاف الأسباب. والغرض من التاريخ في مفهوم ابن خلدون هو ضرب الأمثال، والوقوف على تقلّب أحوال الناس، وتعليل سبب وقوع الأحداث السابقة، وتناول المجتمعات الإنسانيّة جميعها على اختلاف العصور، والبلدان، ولقد اعتمد ابن خلدون على التاريخ باعتباره معرفة وفنّاً، وظهرت المعرفة في التعرّف على أحوال الأمم السابقة، والإخبار عنهم، حيث إنّ العلم بالكيفيّات والأسباب هو من أنواع المعرفة، وأّما اعتماد التاريخ فنّاً فيقصد به حرفة التاريخ، وصنعته، وقد اشتملت مقدّمة ابن خلدون على قوانين تاريخيّة مشابهة للقوانين الطبيعيّة، مثل قانون السبب والمسبّب، وقانون الاستحالة والإمكان، و قانون التشابه و التباين

ما ينطبق على المتطفلين من بعض مؤرخي بنو مرين و بنو عبد الواد

ميول بعض المؤرّخين للتقرّب من أصحاب السيادة والمراتب الرفيعة، فتظهر أخبار لا تمتّ للحقيقة بصلة، تكثر من المديح والثناء على أصحاب المراكز العليا

الابتعاد عن الموضوعيّة، والتحيّز لمذاهب وآراء معيّنة، فعند الحديث عن تاريخ الأمم والمذاهب التي يتحيّز لها المؤرّخ، يشرح الوقائع بالتفصيل والإمعان، وعند ذكر أمور لا يهتم لها المؤرّخ يكون الحديث مختصراً، ولا يتحرّى الدقّة

عدم تنقية الأحداث التاريخيّة من الأخبار الكاذبة،
وتحرّي الصدق فيها.

الاعتماد على النقل فقط، ولم يأخذ المؤرّخون طبيعة العمران، والأحوال في المجتمعات، وقواعد السياسة، وأصول العادات بعين الاعتبار. عدم قياس الحاضر بالماضي، والغائب من التاريخ بالشاهد عليه.

لم يكن التّاريخ علماً، بل كان سرداً إخبارياً إلى أنّ جاء ابن عَصَره القلق، الّذي اكتوى بمشاكله وحاول أن يفهمه وأن يعي التحولات التي أدت إليه، وهو الّذي عرف التّاريخ وندد بقلة النقد فيه وضعف إسلوبه لدى أسلافه و خاصة الاخباريين المتملقين الدي
دكرو أخبار كاذبة عن القرون الأولى لم تدون أحداثها
في دواوين مما
جعلتها من الأساطير الموضوعة التي تنمو فيها الأقوال
ليضع قواعد النقد الدقيق
. مع ابن خلدون، ولأول مرّة يتكون التّاريخ في علم. وقد رأى ابن خلدون ضرورة في تحديد موقفه من المؤرخين السّابقين، وفي إقامته الحدّ المعرفي الفاصل بينه وبينهم حتى لا يكون وهْم بأن كتابته التّاريخ هي امتداد لكتابتهم، لا سيما أنّ فنّ التّاريخ عريق عند العرب، عرفوه ومارسوه حتى قبل الإسلام، فضلاً عن أنّ الطّابع الغالب في مفهوم التّاريخ عند الأوائل كان الطابع الحدثي

كما حرص ابن خلدون على إظهار الاختلاف – مع أسلافه – حول الموضوع من العلم، بين أن يكون حدثاً معطى، أو أن يصير واقعاً مادياً فعلياً باستخراج القوانين الموضوعية التي تتحكم به.

و الله اعلم











رد مع اقتباس