منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التّعريف بفنّ القصّة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-30, 21:46   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
صَمْـتْــــ~
فريق إدارة المنتدى ✩ مسؤولة الإعلام والتنظيم
 
الصورة الرمزية صَمْـتْــــ~
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز المشرف المميز 2014 وسام التقدير لسنة 2013 وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام أفضل مشرف وسام القلم الذهبي لقسم القصة 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohamed8517 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله

بسم الله الرحمان الرحيم




- الدَين ْ-

حزن عميق يلف المكان وصمت رهيب يخيم على الوجوه لم تعد
الكلمات تسعف أحدا لم يجد الحضور كلمات ملائمة لمواساة ذلك
الشيخ المسن ..لقد فقد العم محمد اليوم كل ما يملكه في هذه الحياة ..
الشئ الوحيد الذي ملكه وملكه لم يستطع دفن دموعه كما كان يدفن
جثمان زوجته وقف في صمت وأقبرها كأنما أقبر الدنيا بأسرها

معها وأجهش بالبكاء واحتضن ولديه وغاب مع الغروب يجر

أحزانه خلفه

عاد الشيخ المسن الى منزله وبدأ يجول بنظراته الحزينة داخل كل

جزء من ذلك البيت الكئيب كما لو أنه يشكوى أحزانه ويلقي آلامه
على كل ناحية .. يستعيد ذكريات ماضية تلك الذكريات التي كانت

تملأها عليه زوجته طوال سنوات حياة الزوجية التي لم تعرف

البؤس قط هاهو الآن – عمي محمد – يقاسي وحده بين جدران

سجنه الجديد المكان الوحيد الذي عرفه وأسس عشه فيه أين خرج

ولداه الى الحياة

لم يقطع ذلك السكون الرهيب سوى صوت ابنه وليد : أبي يجب أن

أذهب الآن عائلتي وأولادي في انتظاري كذلك عملي وكما تعلم لا

أستطيع التأخر لكن أعدك أبي أن لا أنفك أزورك أنا وأختي مريم
ولن نتركك لوحدتك أبدا .. و أحتضنه وقبل رأسه ومضى مع أخته

.. كانت تلك الكلمات تسقط على الشيخ كسقوط المطرقة على

السندان لكن برباطة جأش مصطنعة أخذ يودعهما ويفتعل الابتسامة

التي أيقن أنها قد غادرت بلا رجعة مع زوجته الحنون

كان الولدان يزوران الشيخ كل ليلة تقريبا لفترة من الزمن وكان
هذا اللقاء متنفس الشيخ الوحيد وروضته الغناء ونور ظلمته ووحدته
الموحشة فكان يقضي أجمل اللحظات بين أحضانهما ... ينصرفون

بعدها والشيخ يحذوه أملٌٌ وشوقٌ للقاء القريب القادم

تمر الأيام في عجالة يرن جرس الهاتف ، يرن معه قلب وعقل
الشيخ الذي لم يعتد منذ زمن سماع صوته .. الشيخ : اللهم اجعله

خيرا
يرفع السماعة – أبي اتصلت لاعتذر منك لأني لا أستطيع المجيء

اليوم كعادتي .. ابني مريض ويجب أن أبقى معه – لا عليك بنيتي
طهورا ان شاء الله قالها الشيخ في حزن وأسى ..

وكعادته ذهب الشيخ بخطواته المتثاقلة المحملة بكل ذكرياته الحلوة
والمرة ذهب ليعد لاستقبال ولده و وحيده .. انتظر ساعات وساعات
ولم يأت أحد فنام الشيخ على ذكرياته ، نام نوما عميقا كما لو أنه

يود نسيان ما جرى معه اليوم



الأيام تمر بسرعة ..لكنها تمر بصعوبة بالغة على العم محمد لتقطع

على جبينه مزيدا من التجاعيد مسجلة مرور الأيام والأشهر حاملة

الكثير من الآلام .. آلام تذبح الأمل وتذبح معها الشيخ المسن ...

يأتي العيد السعيد كانت هاته أول مناسبة سعيدة يقضيها الشيخ

وحيدا في غياب زوجته الشمس التي أفلت من حياته فأجهش بالبكاء

حتى لم تعد تحمله قدماه وسقط على الأرض مغشيا عليه ولم يعاود

النهوض

-الآن ولداه بجانبه وهو يتماثل للشفاء ..يقف الشيخ على باب

الغرفة المجاورة -

وليد مخاطبا أخته وزوجها يجب أن نضع حدا لهذا ..لم أعد أحتمل
..!!!
مريم ولا أنا .. .!!!
مشاغل أبنائي كثيرة ولم أعد أجد وقتا حتى لقضاء حاجياتهم ..

يجب أن نجد حلا ..؟؟؟
وليد – في أسى وحزن – لم يبقى لنا حل سوى ..... .......دار

المسنين
الكل في الغرفة يصيح : دار المسنين



-وساد المكان صمت رهيب -


وهنا يدخل الشيخ ليقطع الحوار الشيطاني وعلى فمه ابتسامة
مصطنعة تنم عن الكثير : أولادي لقد اتخذت قرارا غير قابل
للنقاش ولا للجدال سوف أقيم في دار المسنين .

رحل الشيخ من بيته .. رحل حاملا معه ذكرياته أفراحه وأحزانه ..
كانت هي مؤنسه الوحيد أزاح عن طريقه الباب العتيق كأنما أراد
أن يزيح معه همومه وآلامه ... هو الآن في دار المسنين ورغم

العناية الكاملة التي يحضى بها بين أقرانه لم يستطع الابتعاد عن
آلامه كأنما لا يستطيع التخلي عنها أو كأنما يستعذبها في صمت ..

هاهو ابنه وليد يجلس الآن على شرفة الغرفة المظلمة – المظلمة

بالأحزان والمليئة بالحسرة والكمد – يسترجع ذكرياته بينما يتأمل

خارجا بقية أقرانه من المسنين وهم يجوبون باحة الدار بخطوات

متثاقلة في صمت رهيب ويتذكر أيامه الخوالي ومع كل زفير يلقي

آهاته ليقر في نفسه * والله كما تدين تدان *



.................................................


* أتمنى أن أرى آراكم وانتقاداتكم ونصائحكم أخوتي

الكرام ..أخواتي الكريمات



* ولاتنسو الوالدة الكريمة بدعواتكم .. جزاكم الله خيرا
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أوّلا دعني أرحّب بإشراقتِك التي أضاءت هذا القِسم..
و ثانيا أسأل الله العظيم ربّ العرشِ العظيم أن يُشفي والِدتَك وكلّ المسلمين والمُسلِمات..
و إليك قراءة بسيطة لقصّتِك:
،،،
صدقت أخي محمّد حين ختمت نصّك بهذا المثل الذي يستوقِف أنفاسنا لنتذكّرَ في ما تحمله معانيه..
أجـل هو الجزاءُ الأكيد الذي يُجازى به كلّ من قدّم لغيره صنيعاً ليكون بالمِثل..فمن أحسنَ لغيرهِ وجد من يردّ عليه بِحُسنِ الأفعال و من أساء أُسيئَ إليه..
"فكما تُدينُ تُدان"

وهذا إن صحّ القولُ، لُبُّ النصّ الذي جاءَ مُكلّلا بجمالِ الأسلوب و مُشبعاً بقوّةِ المعنى..رغم بساطةِ اللّفظ ووقوفاً امامَ المعنى دعني أُصدِقُك القول أنّ الأفكار مهما كانت سطحيّة احتوت نبرةً مميّزة صقلها صِدقُ مشاعِرك التي جعلتنا نستشعِرُ حرارةَ الأحداث و نتخيّلُها و نتألّمُ مع الضحيّة " الأب "
و شخصيّاً رقَّ قلبي لهذا الرّجل المسنّ الذي راودته عاصِفة هدمت هدوءَ أيّام كانت معه رفيقة دربه..
لتكونَ نهايته المأساويّة بين أنيابِ الوِحدة القاتلة والأمرّ أنّ المتسبّب في هذا فلذتا كبده..
،،،،
وتبقى العِبرة قيّمة تجعلُنا نفكّرُ في مصيرٍ قد يبصم نهاية مطافِنا في حالِ تناسينا حقوق والدينا.

لأختِم بقوله تعالى: بعد باسم الله الرّحمنِ الرّحيم
قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء، 23-24)
،،،،

بالتّوفيق أخي محمّد في محاولاتٍ أخرى، واعذر مروري الخاطِف..
تقديري واحتِرامي









آخر تعديل صَمْـتْــــ~ 2009-12-30 في 21:59.
رد مع اقتباس