السلام عليكم،
"المسيحية" غش التسمية والمسمى !
كتبه أ.د. يزيد حمزاوي
أستاذ بجامعة البليدة 2 - الجزائر
(الحلقة 1)
12 يونيو 2020م
لا يجوز شرعا ولا عقلا ولا تاريخا ولا قرآنا ولا سنة ولا إنجيلا محرفا أو غير محرف إطلاق اسم "المسيحيين" على الذين يدّعون اتبعاهم للمسيح ـ عليه السلام ـ من رواد الكنائس المختلفة كاثوليكية أو أورثذكسية أو بروتستنتية... كما لا يجوز تسمية ديانتهم بالمسيحية.
والمسيح ـ عليه السلام ـ بريء من أولئك الأتباع المزيفين، لأنهم في الحقيقة لا يتّبعون تعاليمه، بل تعاليم بولس ورجال الكنيسة الأوائل، الذين اخترعوا لهم معتقدات وشعائر لا يقرها المسيح ولا يقبلها، بل ما أُرْسِلَ الرُسلُ ـ ومنهم عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام ـ إلا لمواجهتها ومحاربتها والتحذير منها، وأقصد معتقدات التجسد والتثليث وألوهية المسيح وبنوته وصلبه وغيرها من الكفريات والشركيات الخرافية، التي قلدوا فيها من قبلهم ممن هو على شاكلتهم من الوثنيين الضُلاَّل، قال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ التوبة 30 – 31.
لم ترد كلمة "مسيحي" أو "مسيحية" في القرآن الكريم قَط، فقد سمى الله أولئك المثلثين من عُبّاد الصليب بالنصارى ومِلَّتهم بالنصرانية، كقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ آل عمران:67.
وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ البقرة: 111.
وقوله تعالى: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ....﴾ المائدة 14.
وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ البقرة 120.
إلى غير ذلك من الآيات الواضحات.
وكذلك في السنة النبوية الصحيحة ـ وحتى الضعيفة ـ لم يرد لفظ "مسيحي" أو "مسيحية" ولو مرة واحدة، ولم تخرج التسمية السنية عن تسمية القرآن لهم، ومن الأمثلة على ذلك:
ما رواه البخاري وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ».
وما رواه مسلم وغيره عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَمَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ كَانَ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا».
وما رواه مسلم وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»..
هذه هي تسميتهم في أصول الإسلام، فماذا عن تسميتهم في كتبهم المحرفة؟...(يتبع)
توقيع: د يزيد حمزاوي