منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - المناهي اللفظية .. الاداب الاسلاميه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-06-04, 00:12   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم قول القائل : " لا تحدثني عن الدين كثيراً
ولكن دعني أرى الدين في سلوكك
وأخلاقك وتعاملاتك


السؤال:

هناك عبارة منتشرة في الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تقول : "لا تحدثني عن الدين كثيراً ، ولكن دعني أرى الدين في سلوكك وأخلاقك وتعاملاتك " ، فهل هذه العبارة صحيحة ؟

أم فيها مخالفة لنصوص الكتاب والسنة ؟


الجواب:

الحمد لله

الظاهر من قائل ذلك الكلام : أن مقصوده الحث على العمل ، والالتزام بأحكام الدين ، والتخلق بآداب الإسلام ، حتى يكون المسلم عاملا بما يعلم ، وحتى يكون عمله أكثر من قوله ، وأن القضية ليست بالقول ، فهذا يحسنه كل أحد ، وإنما محك الصدق الحقيقي : هو العمل ، الذي يظهر الصادق من الكاذب .

وهذا مقصود صحيح ، معتبر في الشرع ، وإن كان اختيار عبارة بعيدة من الإيهام والإشكال : أولى وأبعد من الخلاف والشقاق .

وأما إن كان قائل ذلك : مقصوده التنفير من العلم والتزهيد فيه ، تعلما ونشرا ، والحث على الإقلال منه : فهذا قصد باطل ، يرد على صاحبه ، فالعلم خير كله ، وهو رائد العمل ودليله .

روى الترمذي (2002) وصححه عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي" .

قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله :

" أُوقِعَ قَوْلُهُ : ( وَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ ) مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ : (إِنَّ أَثْقَلَ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ) دَلَالَةً عَلَى أَنَّ أَخَفَّ مَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ هُوَ سُوءُ الْخُلُقِ ، وَأَنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ أَحَبُّ الْأَشْيَاءِ عِنْدَ اللَّهِ ، وَالْخُلُقُ السَّيِّئُ أَبْغَضُهَا ؛ لِأَنَّ الْفُحْشَ وَالْبَذَاءَةَ أَسْوَأُ شَيْءٍ فِي مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ "

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (8/ 3177) .

وروى أحمد (6735) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ) فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله ، قَالَ: ( أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا ) .

وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " (2650) .

وروى الترمذي (2018) وحسنه عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ ، وَالْمُتَفَيْهِقُونَ ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".

وروى البخاري (6035) ، ومسلم (2321) عن عبد الله بن عمرو عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا ) .

قال النووي رحمه الله :

" فِيهِ الْحَثّ عَلَى حُسْن الْخُلُق , وَبَيَان فَضِيلَة صَاحِبه ، وَهُوَ صِفَة أَنْبِيَاء اللَّه تَعَالَى وَأَوْلِيَائِهِ ،
قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : حَقِيقَة حُسْن الْخُلُق بَذْل الْمَعْرُوف , وَكَفّ الْأَذَى , وَطَلَاقَة الْوَجْه .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : هُوَ مُخَالَطَة النَّاس بِالْجَمِيلِ وَالْبِشْر , وَالتَّوَدُّد لَهُمْ , وَالْإِشْفَاق عَلَيْهِمْ , وَاحْتِمَالهمْ , وَالْحِلْم عَنْهُمْ , وَالصَّبْر عَلَيْهِمْ فِي الْمَكَارِه , وَتَرْك الْكِبْر وَالِاسْتِطَالَة عَلَيْهِمْ ، وَمُجَانَبَة الْغِلَظ وَالْغَضَب , وَالْمُؤَاخَذَة " انتهى .

الأصل أن العمل الصالح لا يحبطه إلا الشرك بالله تعالى ؛ قال تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة /5 .

ومن أصول الخلاف بين أهل السنة وطوائف أهل البدع من الوعيدية : الخوارج ، والمعتزلة ، ومن وافقهم : أنهم يقولون بحبوط الطاعات بالمعاصي .

وأما أهل السنة : فيقولون : إن الكبيرة لا تحبط العمل الصالح ، وإن كان الإيمان ينقص بالمعاصي ، كما أنه يزيد بالطاعات .

على أنه قد ورد في النصوص : أن من الذنوب ما توعد الله صاحبها بحبوط عمله ، وليس ذلك لكل ذنب ، إنما هي ذنوب مخصوصة ، ورد فيها ذلك الوعيد المخصوص ، الذي يوقف عنده ، ولا يقاس عليه ، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) الحجرات/2 .

الملتزم بشرائع الإسلام والمتأدب بآدابه لا يكون سيء الخلق ، إنما يحصل سوء الخلق من مخالفة الشريعة ، ومصاحبة أهل السوء ، ثم أسوأ من ذلك ألا يصلح ما هو فيه من سيء الأخلاق ، أو لا يقبل من ينصحه ويدعوه إلى ذلك ، وقد قال تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) آل عمران/ 133 – 135 .

والله أعلم .









رد مع اقتباس