منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - حلقات "حسين" في محراب القرآن والضاد.
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-08-25, 22:13   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
علي قسورة الإبراهيمي
مشرف الخيمة والمنتديات الأدبيّة
 
الصورة الرمزية علي قسورة الإبراهيمي
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي




يا رفيقي
دعني أعود بك إى تلك الحلقات.
حلقاتٌ قد تأخذك إلى مفرادات وكلمات مؤتلفة، ولكنها بعد التدارس تجد معانيها مغايرة ومختلفة.
وكذلك الحال مع الضاد وعرائسها.
يجد المرء فيها وكأنها تتلون زهوًّا في أثوابها، ولا يستريح العربي إلاّ عندما يتفنن في مخارج أبوابها.
إنها اللسان!
وصدق الصادق المصدوق ــ صلوات ربي وسلامه عليه ــ حين قال:
" أيها الناس، إنّ الربّ واحدٌ والأبَ أبّ واحد، وليست العربيةُ بأحدكم من أبٍ ولا أمٍّ، وإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي"
وبعد هذا ذروني أن أتدارس وإياكم كلام ذلك الحسين ــ عليه من الله شآبيب الرحمة والغفران ــ فإن أعجكم فأجزلوا الدعاء.
وكالعادة، أنشدني شعرًا، ولا أدرى أن ما يأتي به من أشعار، هل هو ذو جدوى، وهل هو في كتب الأوائل ليُروى؟
المهم لستُ أدرى.
أنشدني قائلاً:
1ـــ فتىً كان في وطئ الحلال مساتراً ** فأعلن في وطئ الحرام جِهارا
2ـــ ولا هو يأتي في الصلاة جماعةً ** ويأكلُ في شهر الصيام نَهارا
3ـــ وليس بذي عـذرٍ ولا بمـسافرٍ** ولكن أتى هذا الفعال مِـرارا
4ـــ ليـبلـغَ رضـوانَ الإلـه بفعلهِ ** ويصرفَ عنه في القيامة نارا.

ثم قال تعالى لنتدارسها ونخرج منها ما قد أشكلَ على فهمنا.
فتمتمتُ .. يظهر أن جدي به بعض المس.
قد لا تصدقون أنه في بداية الامر قد رابني منه شيئًا.. وقلتُ له:
هذه زندقة، وشعرٌ كهذا هو أقرب إلى الكفر..
فتبسم وقال:
عندما نتدارسه سوف نعرف ما أستعجم وما صعُب على فهمنا.
ويظهر أن الذي يصعب فهمه هو ما جاء في البيتين الأولين، أليس كذلك؟
فقلتُ: بلى.
فقال: إذن لابد لنا أن نتعمق في فهمهما.
ولنا أن نبدأ بالبيت الاول .. فالذي قصده الشاعر بـ " وطئ الحلال مساتراً " إنما ذلك أرض الحلّ. أي أن الإنسان ليس ملزمًا برفعِ الصوت بالتلبية.. بينما في " وطئ الحرام " الذي هو أرض الحرم، فعليه برفع الصوت جهرًا في التلبية والتكبير.
كما يفعل الحجيج في مكة ــ شرّفها الله ــ وهم يطوفون بالتهليل والتكبير(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).
أم البيت الثاني فالمقصود بـ " الصلاة " هو الدعاء.
لأن كلمة الصلاة لها عدة مدلولات ومن تلك المدلولات الدعاء.
ولك أن تقرأ قوله تعالى: " وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم"
وحتى لا نذهب بعيدًا، حتى في كلام واشعار العرب يؤكد أن الصلاة تأتي في بعض الأحيان بمعنى الدعاء.
أنشد بعض العرب الاقحاح:
تقول بِنتي وقد قرَّبتُ مرتحلاً: ** يا رب جنِّبْ أبي الأوصاب والوجعَا
عليكِ مثلُ الذي صَلَّيتِ فاغتمضي ** نوماً فإن لجنب المرء مضطجعَا

أي : عليكِ مثل الذي دعوتِ.
أما ما جاء في عجز البيت الثاني:" ويأكلُ في شهر الصيام نَهارا"
فكلمة "نهارا " فالمقصود منها، أن " النهار " هو اسم طائرٍ يدعى " الحبارى " أو فرخ الحبارى.
أي أن الإنسان له أن يأكل هذا الطائر، لأنه من الصيد، والصيد من أحل ما يأكل الإنسان.
في رمضان بعد إفطاره.
أما البيتان الأخيران فليس فيهما ما يصعب فهمه بل فيهما من السهولة الشيء الكثير وما هما إلاّ لتقوية ما سبقهما فقط.
عندها تشجعتُ وقلتُ له: لماذا تأتي دائمًا بهذه الاشعار العويصة لترهقني بها؟
نظر إليّ مليًّا وجليًّا وقال لي:
كأني بك أن تريد من الاشعار التي قال أحد أصحابها:
ربابة ربة البيت ** تصب الخل في الزيتِ
لها عشرُ دجاجات ** وديكٌ حسن الصوتِ.

فقلتُ ذلك ما أريد.. ثم قلتُ له مداعبًا: هل كان "رابحًا" مجتهدًا ومواظبًا على " حلقاتك "؟
فعرف ما أرمي إليه.. فقال: انصرف عنى، وليتك تسأله هو.
فانصرفت .. ومع ذلك احسستُ بزهوٍ فيه، ولكن دائمًا عنا يخفيه.
وهكذا حاله.









آخر تعديل علي قسورة الإبراهيمي 2019-09-22 في 14:19.
رد مع اقتباس