منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تاريخ الصراع العقدي مع الرافضة في بلاد المغرب الإسلامي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-12-15, 10:13   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

النوع الثالث [الوسيلة الثالثة] من المقاومة :

المقاومة المسلحة :


لم يكتف علماء المغرب بالمقاومة السلبية والمقاومة الجدلية بل منهم من حمل السلاح وخرج ليقاتلهم فهذا جبلة بن حمود الصدوفي ترك سكنى الرباط ونزل القيروان فلما كلم في ذلك قال : (كنا نحرس عدوا بيننا وبينه البحر والآن حل هذا العدو بساحتنا وهو أشد عاينا من ذلك) واستدلّ بقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)) [التوبة :123] .
ومنهم الإمام : أبو القاسم الحسن بن مفرج (ت 309 ه) الذي كان من أوائل من خرج على الشيعة ومات شهيدا قتله عبيد الله المهدي وصلب هو ورجل يدعى أبا عبد الله السدري الذي كان من الصالحين وكان قد بايع على جهاد عبيد الله وجعل يحث الناس على جهاده فبلغ خبره عبيد الله فدعاه وأمر بقتله .
ثم إنّ العلماء خطوا خطوة أكبر بإصدار فتوى بوجوب قتال العبيديين وكان ذلك بعد اجتماع وتشاور بين علماء السنة وهم :
- أبو سليمان ربيع بن عطاء القرشي النوفلي المعروف بربيع القطان (ت 333 ه)
- وأبو العرب محمد بن تميم بن تمام (ت 333 ه)
- وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد السبائي النتعبد (ت 356 ه)
- وأبو عبد الملك مروان بن نصر الخياط الزاهد (ت 340 ه)
- وأبو عبد الله محمد بن الفتح المؤدب (ت 334 ه) الذي كان أحد من عقد الخروج على بني عبيد لكنه لم يفعل لزمانته وضعفه
-وأبو محمد عبد الله بن فطيس (ت 339 ه) وأبو بكر محمد بن سعدون الجزيري التميمي المتعبد إمام جامع القيروان (ت 344 ه)
- وأبو حفص عمر بن محمد بن مسرور العسال (ت 343 ه) وغيرهم كثير .
- وكان رئيس هذا الإجتماع والمرجع الذي يرجع إلى رأيه في الملمات هو أبو الفضل عباس بن عيسى بن العباس المميسي (ت 333 ه) ودارت في ذلك الإجتماع المناقشات والمناظرات بشأن شرعية الخروج مع أبي زيد مخلد بن كيداد – أو صاحب الحمار – الذي كان قد سيطر على معظم البلاد واستنفر الناس لقتال بني عبيد وزعم أنه سني وكان يتحلى بنسك عظيم ويلبس جبة صوف قصيرة الكمين ويركب حمارا وكان يبطن رأي الصفرية ويتمذهب بمذهب الخوارج وخرجوا من هذا الإجتماع بوجوب الخروج لقتال بني عبيد (لعلّ الله أن يكفّر بجهادنا تفريطنا وتقصيرنا عما يجب علينا من جهادهم) كما قال أبو إسحاق السبائي .

لكن معظم العلماء بقي مترددا ولم يقتنع إلاّ بعد أن روى لهم أبو العرب حديثا في قتال الرافضة يقول عليه الصلاة والسلام فيه : (يكون آخر الزمن قوم يقال لهم الرافضة فإذا أدركتموهم فاقتلوهم فإنهم كفار) فما كاد يتم الحديث حتى كبر الناس وعلت أصواتهم في الجامع حتى ارتج .
وهكذا لم يجد العلماء يدا من مباركة الخروج وتأييده ولم يتخلّف منهم أحد وطفقوا بعد ذلك يحضّون العامة ويحرّضونهم على الخروج لقتال بني عبيد وقد اتخذوا المساجد مواطن لذلك من أجل تهيئة النفوس وتشجيعها على الخروج على العبيديين وخرج العلماء لقتال الشيعة ورفعوا الألوية والرايات وقد أخذت الفرحة ربيع القطان لما رأى ألوية الجهاد معقودة وصفوف المجاهدين مرصوصة مدججة بالسلاح فقال عند ذلك : (الحمد لله الذي أحياني حتى أدركت عصابة من المؤمنين اجتمعوا لجهاد أعدائك وأعداء نبيّك يا رب ) .
وكانت الألوية المعقودة مكتوبا على كلّ لواء منها عبارة يظهر فيها العداء الشديد للشيعة من هذه العبارات كتب : (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله لا حكم إلاّ لله هو خير الحاكمين) و(بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلّ الله محمد رسول الله) و(نصر من الله وفتح قريب على يد الشيخ أبي يزيد) و(اللهم انصر وليك على من سبّ نبيّك وأصحاب نبيّك صلى الله عليه وسلم ) و(بسم الله الرحمن الرحيم : (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمن لهم) [التوبة : 12] و ((قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم زينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) [التوبة : 14 ه]) وغيرها من العبارات التي تدلّ على العداوة الواضحة للشيعة .

لقد كان انضمام العلماء إلى أبي يزيد لأسباب كثيرة منها :
1
– أنه خدعهم بلسانه وسحرهم بخطابه الحماسي ثم بما أظهره من تسنن وترض عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل القيروان حيث (أظهر لأهلها خيرا وترحم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ودعا الناس إلى جهاد الشيعة وأمرهم بقراءة مذهب مالك فخرج الفقهاء والصلحاء في الأسواق بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه وأزواجه) ثم بما أظهره من عداء للشيعة حين صعد إلى المنبر حيث : (خطب خطبة أبلغ فيها وحرّض الناس على جهاد الشيعة وأعلمهم بما لهم فيه من الثواب ثم لعن عبيد الله وابنه ... ) .

2 – والسبب الآخر : أنّ علماء المغرب كانوا يرون أن العبيديين كفار يجب قتالهم وكانوا يرون أن الخوارج من أهل القبلة وهم أقل ضررا يقول أبو إسحق السبائي – وهو يريد بني عبيد – فعلينا أن نخرج مع هذا الذي من أهل قبلتنا لقتالهم) ومن هنا فقد رأوا (أّن الخروج معه متعين) .
وكان أبو الفضل المميسي يرى في الخروج مع أبي يزيد الخارجي وقطع دولة بني عبيد واجبا لأنّ الخوارج من أهل القبلة لا يزول عنهم الإسلام ويرثون ويورثون وبنو عبيد ليسوا كذلك لأنهم مجوس زال عنهم الإسلام فلا يتوارثون معهم ولا ينتسبون إليهم بل كان يرى أن قتالهم أفضل من قتال المشركين لأنهم متصلون ببلاد الإسلام ويحكمون فيهم بما يريدون من قتل أو ضرب أو سجن بخلاف كفار منفصلين عن بلاد الإسلام .
ويدلل ربيع القطان الذي كان جعل على نفسه ألا يشبع من طعام ولا نوم حتى يقطع الله دولة بني عبيد على كفرهم حينما عوتب في الخروج مع أبي يزيد الخارجي بأنه (حضر أحد المجالس وكان فيه جمع كبير من أهل السنة ومشارقة (مشارقة = كانت تطلق على الشيعة) وكان بالقرب منه أبو قضاعة الداعي فأتى رجل مشرقي (أي شيعي) آخر فقام إليه رجل مشرقي وقال : (إلى هنا يا سيدي إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم – يعني أبا قضاعة الداعي - ) ويشير بيده إليه فما أنكر أحد شيئا من ذلك فكيف ينبغي أن يترك القيام عليهم ) ومع ذلك فإن خروجهم معه لا يدل على أنهم يوالونه أو يدخلون في طاعته ولكن لما اتحدت وجهة الجميع وكان الغرض واحدا من الخروج فإنهم آزروه (ولئن كان انتصار أبي يزيد بهم ليحقق بهم وبقوتهم أوطاره فإنهم كذلك لبوا دعوته ليحققوا أملا يستحثهم على مقاتلة الكفرة المغيرين) فإذا تحقق الغرض من الخروج وظفروا بهم لم يدخلوا تحت طاعة أبي يزيد بل كانوا يتمنون أن يسلط الله عليه إماما عادلا يخرجهم عنه .
ومع ذلك ورغم هذه الدواعي للخروج فإن علماء المغرب لم ينضموا إلى صفوف أبي يزيد إلاّ بعد تشاور طويل وبعد أن ألقى أحمد بن أبي الوليد خطبة بليغة نبه فيها إلى خطر الشيعة وحذر العامة من أفعالهم الخبيثة وحثّ فيها على مقابلتهم حيث قال : (لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) ) [النساء : 95] وقال : (يا أيها الناس جاهدوا من كفر بالله وزعم أنه ربّ من دون الله وغير أحكام الله عز وجل وسب نبيه وأصحاب نبيه وأزواج نبيه) ثم شرع في الدعاء عليهم فقال : (اللهم إن هذا القرمطي الكافر الصنعاني المعروف بابن عبيد الله المدعي الربوبية من دون الله جاحدا لنعمتك كافرا بربوبيتك طاعنا على أنبيائك ورسلك مكذبا لمحمد نبيك وخيرتك من خلقك سابا لأصحاب نبيك وأزواج نبيك أمهات المؤمنين سافكا لدماء أمته مستهتكا لمحارم ملته افتراء عليك اللهم فالعنه لعنا وبيلا وأخزه خزيا طويلا واغضب عليه بكرة وأصيلا واصله جهنم وساءت مصيرا )
وحتى بعد هذا بقي بعضهم مترددا في الخروج إلى أن حسم أبو العرب الأمر بروايته لحديث الروافض – كما سبق بيانه – بعد ذلك كبر الناس وعلت أصواتهم في الجامع حتى ارتج ثم خرجوا لقتال بني عبيد .
ويبدو أن ترددهم هذا لم يكن سببه اختلافهم حول مجاهدة الشيعة لأنهم كانوا مجمعين على ذلك وإنما يرجع إلى اختلافهم في شرعية الخروج مع أبي يزيد الذي لم يستطع خداعهم رغم إعلانه التوبة وأنه سني .
وفي الموعد المحدد خرج العلماء ومن ورائهم وجوه القوم وعامتهم في أعداد غفيرة لا يحصيهم عد ولم يتخلف من العلماء والصلحاء أحد إلاّ العجزة ومن ليس عليهم حرج وكان ربيع القطان في طليعة الصفوف راكبا فرسه وعليه آلة الحرب متقلدا مصحفه وهو يقول : (الحمد لله الذي أحياني حتى أدركت عصابة من المؤمنين اجتمعوا لجهاد أعدائك وأعداء نبيك )
وقد أبلى العلماء في تلك المواجهة بلاء حسنا وقدموا صورة حقيقية لجهاد السلف لأعداء الإسلام واستشهد منهم ما لا يقل على الثمانين عالما منهم ربيع القطان والمميسي وغيرهما وأظهروا شجاعة نادرة وتفانيا لا مثيل له في قتال عدوهم وحققوا انتصارا باهرا وكادوا يستولون على المهدية لولا أن ساعة الغدر حلت ورجعت الكرة عليهم حين خدعهم أبو يزيد وأسفر عن وجهه القبيح المناويء لأهل السنة وأمر جنده أن ينكشفوا عنهم بقوله : (إذا التقيتم القوم فانكشفوا عن أهل القيروان حتى يتمكن أعداؤكم من قتلهم لا نحن فنستريح منهم) وكان غرضه من تلك الفعلة الشنيعة والخدعة المنكرة (الراحة منهم لأنه ظن إذا قتل شيوخ القيروان وأئمة الدين تمكن من أتباعهم فيدعوهم إلى ما شاء الله فيتبعونه) .
ولكن الله كان له بالمرصاد وخذله كما خذل أولياءه فهزم شر هزيمة حيث انظم عدد غير قليل من جنده إلى صفوف عدوه ولم يبق له من الجند إلاّ القليل وقتل شرّ قتلة وكانت نهايته يوم 30 محرم سنة 336 ه .
وقد أثرت هذه المواجهة بين السنة والشيعة على الساحة المغربية فيما بعد حتى استمرت المقاومة فيمن جاء بعدهم حتى بعد خروج بني عبيد من المغرب فكانوا يبحثون عن مراكز وجود الشيعة فإذا عثروا عليهم قتلوهم وسلبوا أموالهم فقد ذكر ابن عذارى في (البيان المغرب) أنه (كان بمدينة القيروان قوم يتسترون بمذهب الشيعة من شرار الأمة فانصرفت العامة إليهم من فورهم فقتلوا منهم خلقا كثيرا رجالا ونساء وانبسطت أيدي العامة على الشيعة وانتهبت دورهم وأموالهم) .
ويصف القاضي عياض هذه الحادثة بقوله : (وكان ابتداء ذلك يوم الجمعة منتصف المحرم قتلت العامة الرافضة أبرح قتل بالقيروان وحرقوهم وانتهبوا أموالهم وهدموا دورهم وقتلوا نساءهم وصبيانهم وجروهم بالأرجل وكانت صيحة من الله سلطها عليهم وخرج الأمر من القيروان إلى المهدية وإلى سائر بلادهم فقتلوا وأحرقوا بالنار فلم يترك أحد منهم في إفريقيا (تونس) إلا من اختفى ) .
وهكذا كان هذا النوع من المقاومة هو أشد الأنواع وأنكاها طهر الله به أرض المغرب من بدعة التشيع .










رد مع اقتباس