رواية "كم نحن أغبياء" للكاتب عبد الله بوقصّة التفاتة عابرة للأزمان من ماضٍ حافل بالغباوة مرورا بحاضر يتغابى نحو غد أغبى. هي لوحة إبداعية تتجاذبها مضامين عدّة، وموضوعات شتّى.
فمنذ بداية البدايات، يهيمن المضمون العلمي، ويتجلّى بوصفه موضوعا رئيسا ومظهرا أساسا في بنيات هذا العمل السردي وأنساقه. إذ بطل الرواية أحمد أبوحكاية بوصفه أستاذا جامعيا وأكاديميا ألمعيا يتحرك في مضمار البحث العلمي حاملا هموم وطنه المعرفية، واهتمامات بني جلدته الفكرية. شأنه في ذلك شأن بقية الشخصيات الرئيسة على غرار: بختة برزاق الطالبة الجامعية في مرحلة التدرّج، وأنغام سروري الناجحة في مسابقة الماجستير بإحدى الجامعات الجزائرية. وكذلك خوخة بلمختار بطلة الرواية الباحثة في طور الدكتوراه.
أمّا الفضاء المكاني الذي تمظهر في مختلف فصول الرواية، ومشاهدها، فبدوره ينحو نحو فضاءات البحث العلمي من جامعات ومكتبات ومحاضرات وملتقيات... وغيرها.
وتؤدي المرأة دورا مهما في واقع الأحداث الروائية ومتخيلاتها السردية. وذلك من خلال البطلات الثلاث: بختة وأنغام وخوخة. وقد أفرد الكاتب لكلّ شخصية منهن حيزها الخاص. فإذا كانت بختة هيمنت على الفصل الأول الموسوم بماضٍ حافل بالغباوة، فإنّ أنغام وجدت لنفسها تموقعا براغماتيا من خلال استغلالها أحداث الفصل الثاني المتعلّق بحاضر يتغابى. لتطلّ خوخة على شرفات الأحداث الروائية، بإنسانيتها وذكائها، من خلال الفصل الثالث المعنون بنحو غد أغبى.
وقد تجلّت في متن الرواية موضوعات وإشكالات متعددة من قبيل: الرقمنة والعوالم الافتراضية، وقضايا اللغة ومشاكل السياسة، ومعضلات الهجرة بشتّى أنواعها خاصة هجرة الأدمغة. كما استشرف هذا العمل السردي نزرا يسيرا من بصيص الأمل الاجتماعي، واستبشر بشذرات نادرة من شأنها أن تضمّد الأفق الجريح. وإنّ غدا لناظره لقريب.