منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نموذج الديمقراطية تركيا.
عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-04-15, 15:58   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الحاج بوكليبات
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

جرائم العثمانيين في الجزائر.

يربط الكثيرون في الوطن العربي، بين حالة التخلف الثقافي والسياسي والاجتماعي، التي تتمظهر بها المجتمعات العربية في عصرنا هذا، وبين القرون الأربعة التي رزحت فيها تحت حكم الدولة العثمانية، وما تميزت به هذه الفترة من قمع وتنكيل وتجويع وتجهيل، مارسه الولاة التابعون للأستانة على شعوب هذه المنطقة.

ويُتهم العثمانيون بالاعتماد على عدة مصادر ووقائع تاريخية، بأنهم حكموا البلاد العربية بقوة السوط و"الخازوق"، وارتكبوا جرائم فظيعة بحق شعوبها، ولم تحد عن هذا السياق فترة حكمهم للشمال الأفريقي، التي تميزت بالاضطراب السياسي والاقتصادي، وانتهت بتسليم شعوب الجزائر وتونس وليبيا إلى يد المستعمر جاهلة ومحتاجة ومنهكة، لا تملك أدوات المقاومة، رغم محاولاتها الباسلة.

منتصف القرن السادس عشر، كان الفترة التي تمدد فيها ظل الدولة العثمانية على أراضي شمال أفريقيا، لأسباب متشابهة، والغريب أن نهاية وجودهم في هذه المناطق كانت أيضاً متشابهة إلى حد بعيد، كما كانت سياستهم في إدارة هذه البلاد واحدة، وخلفت بها الكثير من المآسي والندوب في الذاكرة الجمعية لشعوبها، حتى يومنا هذا.

البداية دماء ونكث للعهود في الجزائر

كانت الجزائر أول البلاد العربية في شمال أفريقيا التي دخلها العثمانيون سنة 1516، لا غزاة ولا مستعمرين بل قوة حامية، استنجد بها الجزائريون لمواجهة التحرشات الإسبانية، التي كانت تقوم بها سفن بحرية تابعة لمدريد على شواطئهم. وهو ما يذكره الباحث الجزائري محمد بن مبارك الميلي في كتابه" تاريخ الجزائر القديم والحديث"، مؤكداً أن "محاولات وغزوات الإسبان ضد الجزائر، كانت من بين الأسباب المباشرة التي مهدت لاستقرار الحكم التركي بالجزائر".

استجاب العثمانيون للطلب الجزائري، ونجحوا في طرد الإسبان، لكنهم لم يغادروا البلاد، وبقوا فيها إلى سنة 1830، عندما وقعت تحت الاستعمار الفرنسي. كانت تلك بداية العهد العثماني في الجزائر، كارثية وملطخة بالدماء، فعندما استنجد سلطان الجزائر وقتها، سليم التومي، بالعثمانيين أرسلوا له القائدين البحريين المشهورين، الأخوين خير الدين وعروج بربروس، لطرد الإسبان.

ويقول محمد الميلي، عن هذه الحادثة "عندما دخل عروج إلى الجزائر استقبله الشيخ سليم التومي وسكان المدينة، استقبال الفاتحين، وسارع عروج بنصب عدد من المدافع تجاه جزيرة صغيرة يسيطر عليها الإسبان، وبعث إلى قائد الحامية الإسبانية يأمره بالاستسلام، لكنه رفض، فأطلق عروج نيران مدفعيته على المعقل الإسباني، إلا أن ضعف مدفعيته لم تمكنه من تحقيق الانتصار".

احتلال بعد شنق حاكم المدينة

ويضيف الميلي "سقطت هيبة الأتراك في أعين سكان الجزائر، إضافة إلى أن أهالي ميناء الجزائر بدأوا يتضجرون من تصرفات الأتراك، الذين كانوا يعاملون الجزائريين معاملة فظة، وبدأت تظهر بوادر التمرد، إلا أن عروج ذهب بنفسه إلى منزل السلطان سليم التومي، وقتله بيده في الحمام حيث وجده، وخرج على جنده وأعلن نفسه سلطاناً على الجزائر".

ويقول المؤرخ الأميركي وليم سبنسر، في كتابه "الجزائر في عهد رياس البحر" عن هذه الحادثة، إن "سكان الجزائر العاصمة أوفدوا شخصيات عدة بارزة، لإقناع عائلة بربروس لمساعدتهم في القضاء على قلعة (البينيون)، والجنود الإسبان الموجودين فيها، وعُقدت اتفاقية بين سكان المدينة وحاميهم الجديد، تنص على احترام سيادة مدينتهم، وأن لا تفرض عليهم ضرائب جديدة أو التدخل في تجارتهم، وأن تكون مساعدة عروج مقصورة على طرد الإسبان من شواطئ الجزائر".

ويضيف "قبلت عائلة بربروس هذا الطلب، ورأت فيه فرصة للاستيلاء على مدينة الجزائر، الهامة والغنية جداً والمأهولة بالسكان، خصوصاً لأنها مناسبة لعمليات القرصنة. إلا أن فشل عروج في إجلاء الإسبان من الجزيرة كان وقعه مريراً على السكان الذين لم يتحملوا تصرفات الأتراك، لممارستهم العنف والسرقة وغطرستهم، مما زاد الوضع سوءاً".

غدر في تلمسان

ويتابع المؤرخ الأميركي "لما رأى سليم التومي أن حكمه قد ذهب، انسحب إلى حماية قبيلته، وكان يخطط لإخراج الزائرين الذين أصبحوا غير مرغوب فيهم، والذين غير سلوكهم تجاه السكان النظرة إليهم باعتبارهم محتلين عسكريين، بيد أن الأتراك تفطنوا إلى مآرب تومي فعملوا على إرجاعه إلى مدينة الجزائر، مُظهراً له الولاء، ثم شنقه بقماش عمامته وهو في الحمّام، عندما كان هذا الأخير يتأهب لأداء صلاة الظهر". ويخبرنا ؤلف مجهول في كتاب "غزوات عروج وخير الدين" أن "عروج روّج أن سليم تومي كان قد اختنق في حمّامِه، وبعد دفنه عين نفسه سلطاناً على الجزائر". والأمر نفسه حدث في مدينة تلمسان، فعندما أجلى عروج المدينة من الإسبان، فرحوا به، لكنهم فضّلوا أن ينصّبوا أبو زيّان، وهو جزائري، حاكماً عليهم، فقتله عروج أيضاً، وفرض على أهل المدينة ضرائب ضخمة.

وهكذا كان أهل الجزائر كالمستجير من الرمضاء بالنار، فبعد جلبهم العثمانيين للتخلص من الخطر الإسباني احتلوا بلادهم وفرضوا عليهم المكوس الظالمة. كما عمل الأتراك على حرمان الجزائريين من مناصب الإدارة والحكم، وفرضوا ضرائب مجحفة على السكان، ما تسبب في ثورات شعبية عديدة عليهم، كما تذكر العديد من المصادر التاريخية في تلك الحقبة. وواصل العثمانيون سياساتهم هذه في إدارة الجزائر حتى سقطت في يد الاستعمار الفرنسي عام 1830 منهكة يعشش فيها الجهل ويعاني أغلب سكانها الفاقة والفقر.



المصدر: موقع independent عربية









رد مع اقتباس