منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - " الديمقراطية " الأمريكية و ضيوف بركرستيس.
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-05-29, 19:22   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
علي قسورة الإبراهيمي
مشرف الخيمة والمنتديات الأدبيّة
 
الصورة الرمزية علي قسورة الإبراهيمي
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي " الديمقراطية " الأمريكية و ضيوف بركرستيس.



بسم الله الرحمن الرحيم.

أيها الأحبّة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قدتكون كتابتي هذه المرة ضعيفة، غير مفهومة وفيها شيء من ابتذال الأدباء، ولستُ منهم في قليلٍ أو كثيرٍ.


فأقول:
تعالت أصواتٌ متغنيّةً بالبحثِ عن نظامٍ تسوده العدالة والحرية ، وتُحتَرمُ فيه القيّمُ الإنسانيةُ..لتنعمَ المعمورة بسلامٍ وأمان ٍ..
حيثُ لا ظلمَ ولا جورَ ولاعدوانَ.. وقد وجد البعض ضالتهم في هذا.. فأقترح بعض المنظّرين لابد من إرساء الديمقراطية في أي مجتمعٍ، و في أي بلدٍ ... وراح كل واحدٍ ليتغنّى بليلاه ... حتى أن ّ دوّلاً وقوىً ذهبت لحد استعمال السلاح ضد شعوبٍ أخرى تحت غطاءِ دمقرطتها.
ولكن، لو تمعّن الفردُ في الأمرِ مليّا ًوجليّاً لـوَجد أنّ الديمقراطيةَ المتعارف عليها، هي:
بناءٌ ذهنيٌّ وثقافــيٌّ يُكرس مع الوقت أسلوب التحضر، الذي يلزم ذاتيًا المتشبع به على احترام الآخر، مهما بلغت حدةُ الخلافات واتسع عمقها، وتباينت الآراء بينه وبين هذا الآخر.. و
هذا من منطلق: أن كل ما هو مرتبط بالمجتمع وبالسلوكياتِ والأنماطِ والأنظمة الاجتماعيةِو السياسيةِ نسبيٌّ، بمعنى عدم وجود طرف ٍ يملك ُ وحده الحقيقة المطلقة فيفرضها على الآخرين، لأنهم، وببساطة، يملكون مثل ما يملك جزءًا آخر من الحقيقة التي امتلك هو جزءها الذي لم يمتلكوه.
ومن هذه الخلفية يصل المرء إلى أنّ الإدارة َ الأمريكية َ لا تريد ُ إرساء الديمقراطية في الوطن العربي... وإلاّ بماذا يُفسَّر عدم قبول الإدارة الأمريكية وصول بعض الأحزاب والشخصيات العربية إلى الحكم ديمقراطيا، أو النظر بعين الريبة إلى الانتخاباتِ حتى ولو كانت نزيهة.
فهل هو حقيقة أن مستوى رؤية صنّاع القرار في الإدارة الأمريكية ضحل إلى هذا المستوى الذي يجعلهم يحاربون الفكرَ و الانتماء حتى وإن وصل أصحابه إلى سدة بطريقة ديمقراطية؟
فإذا بهم لا يقبلون بما تختاره الشعوب العربية لتمثيلها... فإذا كان هذا هو اعتقادهم، بات من الأجدر تنبيههم: بأن الديمقراطيةَ لم ولن تكون يومًا هدمـــًا، أو إلغاءًا للآخر.
بل أنّ بناء الديمقراطية في الوطن العربي.
إنما هو ترك الشعوب العربية من القيام بإرساء نمط الحكم حسب تراثها الفكري والديني الإسلامي كما أمرت به شريعة الاسلام ، لأنهم أكثر شعوب الأرض نضجًا وتحضرًا ورفعة ثقافية، وتركهم يبنون نموذجهم السياسي ونمط مجتمعهم وِفْق رؤيتهم الخاصة وانطلاقًا من خلفيتهم التراثية والدينية
وقد رأينا أن الإدارة الأمريكية ـــ كمثال لديمقراطيتها في المنطقة ـــ تريد أنظمةً عربيةً خانعةً وخادمةً لها وحاميةً لمصالحها، ولا مانع لديها أن تكون تلك الأنظمة فاشية وليس ديكتاتورية فقط.
أما ما يجب أن تعرفه الإدارة الأمريكية والعرب حكامًا ومحكومين، فإن الديمقراطية في الوطن العربي هي نقيض المصالح الأمريكية، وبالتالي فإن أمريكا هي العدوّ الأول للديمقراطية، مثلما هي الديمقراطية عدوّة لأمريكا، وذلك لأن الديمقراطية الحقة تعني حكم العرب لأنفسهم، وإذا ما حكموا أنفسهم فلن يتنازلوا عن مصالحهم التي تتناقض مع الاحتلال والهيمنة التي هي عقيدة أمريكا الأبدية.
أ مِن المعقولِ أنّ الإدارة َ الأمريكيةَ تغضُّ الطرفَ عن أناسٍ وحركاتٍ، حتى في داخل أمريكا، تعمل على هدم أنبل ما منحه الخالق للإنسان، وهي القيّم الإنسانية والمثل العليا، مثل:
((زواج مماثلي الجنس ،والدعارة، وعبدة الشيطان، واللواط والسحاق.... وهلم جرّا ))
بحجة الديمقراطية، وحرية التعبير والمعتقد، والحرية الفردية... وتشدّ الخناقَ على كل ما هو إسلامي على أنه "إرهاب"، وتجعل كل من يدافع عن أرضه على أنه" إرهابي" وصاحب عنفٍ، يجب محاربته.
إذًا فمَـثلها وحقائق الديمقراطية في ذلك مثل ( بركرستيس Procrustes ) و ضيوفه .
فيما يحكيه قدماء اليونان في أسطورة ( ثسيوس Theseus)...
أنه كان عند( بركرستيس) فراش ٌ واحدٌمحدودُ الطولِ، وكان يطبق طوله تمام التطبيق على كل ضيفٍ يأتيه.
وكانت طريقته على ذلك بسيطة. كان إذا وجد الضيف قصيرًا شده حتى يصير طوله كطول الفراش، وإن مـزّق الشدّ أوصاله، وإذا وجد الضيف طويلاً بتر منه ما يزيد عن طول الفراش. فكان الضيوف الذين يوقعهم نحس طالعهم بين يديه. يأتيهم الموت بين الشدّ و البتر.
ولم ينج منه إلاّ واحدٌ صادف أن كان طوله كطول السرير فلم يحتج ( بركرستيس ) الى شده ولا إلى بتره، فاستبقاه خادمًا.
كذلك أصحاب القرار في البيت الأبيض، عندهم فرضٌ واحدٌ لابدّ من المطابقة بينه وحقائق الديمقراطية، فعرضها عليهم يشدّون منها القصير ويبترون منها الطويل ليجعلوها كلها منطبقة تمامًا على فرضهم، فكان نصيب " الديمقراطية " من المسخ على أيديهم ما كان نصيب ضيوف (بركرستيس )، ولم ينج منها إلاّ ما وافق فرض هؤلاء كما لم ينج من أولئك إلاّ ما طابق سرير ذاك .
ولكن ما مات منها، لم يمت ولن يموت َ إلاّ في ذهن ِ وفكر ِ من أخذ بمبدأ أصحاب البيت الأبيض.
فإذا ما تركتُ المجاز واتخذت الواقع، كانت خطة أصحاب الإدارة الأمريكية إزاء فرضهم وحقائق الديمقراطية عكس خطة السياسيين إزاء فروضهم والديمقراطية. فالسياسيون يقيسون نمط حكمهم على الديمقراطية، وأصحاب البيت الأبيض يقيسون الديمقراطية على فرضهم.
فهم يقرؤون الديمقراطية في غسق فرضهم. بدلاً من أن يقرؤوا فرضهم في " نورِ" الديمقراطيةِ.









 


آخر تعديل علي قسورة الإبراهيمي 2019-05-29 في 19:53.
رد مع اقتباس