اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
حكم قول : " في صحتك "
عند الاجتماع لشرب عصير ونحوه .
السؤال :
كنت مع أصدقائي نشرب عصير التفاح فقلت مازحاً "بصحتكم" فقال لي أحدهم أنه لا يجوز قول هذه الكلمة (لأنها تقال من قبل النصارى عند شربهم الخمر)، فأرجو التوضيح.
الجواب :
الحمد لله
قول الرجل لصاحبه عند الاجتماع على شراب عصير ونحوه : " بصحتك " أو : " في صحتك " لا ينبغي ، بل ينهى عنه ، لأن هذه العبارات يستعملها شاربو الخمر عند اجتماعهم لشرب الخمر والمسكرات ، فيقولون : نشرب هذا الكأس في نخب فلان ، أو في نخب صداقتنا ، وربما رفعوا كؤوس الخمر وصكوا بعضها ببعض ، وقال كل منهم : في صحتك ، أو في صحتكم .
وقولهم : نخب فلان كقولهم : في صحة فلان .
جاء في "المعجم الوسيط" (2/ 908):
" (النخب) الشربة الْعَظِيمَة والشربة من الْخمر أَو غَيرهَا يشْربهَا الرجل لصِحَّة حبيب أَو عشير أَو محتفى بِهِ ، يُقَال : شرب نخب فلَان : فِي صِحَّته . (محدثة) " انتهى .
وهذه العبارات محدثة ليست من اللغة العربية التي تعرفها العرب ، وإنما أخذها أصحابها عن النصارى وغيرهم ممن يفعل ذلك عند الاجتماع لشرب الخمر ، ويقلدهم فيه الفسقة من الممثلين وغيرهم .
فقول الرجل لأصحابه عند الشراب : " في صحتكم " أو : " بصحتكم " - ولو مازحا - هو منهي عنه ، لأن نبينا صلى الله عليه وسلم نهانا عن التشبه بالكفرة والفاسقين .
وعلى المسلم أن يتعلم آداب الطعام والشراب ، والهدي النبوي فيهما ، ويقتصر على ذلك ، ففيه الخير والبركة .
1. أما هديه صلى الله عليه وسلم في الأكل فأكمل هدي ، وقد بيَّنه الإمام ابن القيم ، فقال :
أ. كان إذا وضع يده في الطعام قال : "بسم الله" ، ويأمر الآكل بالتسمية ، ويقول : "إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل بسم الله في أوله وآخره" حديث صحيح . - رواه الترمذي (1859) و أبو داود (3767)- .
والصحيح : وجوب التسمية عند الأكل ، .. وأحاديث الأمر بها صحيحة صريحة ولا معارض لها .
ب. وكان إذا رفع الطعام من بين يديه يقول : "الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مودَّع ولا مستغنى عنه ربَّنا عز وجل ذكره البخاري . - البخاري ( 5142 ) - .
ج. وما عاب طعاماً قط ، بل كان إذا اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه ، وسكت . - رواه البخاري ( 3370 ) ومسلم ( 2064 ) - .
وربما قال : "أجدني أعافه إني لا أشتهيه" . - رواه البخاري ( 5076 ) ومسلم ( 1946) - .
د. وكان يمدح الطعام أحياناً ، كقوله لما سأل أهلَه الإدام ، فقالوا : ما عندنا إلا خلّ ، فدعا به فجعل يأكل منه ، ويقول : "نِعْم الأُدْم الخل" . - رواه مسلم (2052) - .
هـ. وكان يتحدث على طعامه كما تقدم في حديث الخل .
وكما قال لربيبه عمر بن أبي سلمة وهو يؤاكله : "سمِّ الله وكُلْ مما يليك" . - رواه البخاري ( 5061 ) ومسلم ( 2022) - .
و. وربما كان يكرر على أضيافه عرض الأكل عليهم مراراً ، كما يفعله أهل الكرم ، كما في حديث أبي هريرة عند البخاري في قصة شرب اللبن وقوله له مراراً : "اشرب" ، فما زال يقول : "اشرب" حتى قال : والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً . - رواه البخاري ( 6087 ) - .
ز. وكان إذا أكل عند قوم لم يخرج حتى يدعو لهم ، فدعا في منـزل عبد الله بن بسر ، فقال : "اللهم بارك لهم فيما رزقتهم ، واغفر لهم ، وارحمهم" ذكره مسلم . - رواه مسلم (2042) - .
ح. وكان يأمر بالأكل باليمين وينهى عن الأكل بالشمال ، ويقول : "إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله" - رواه مسلم (2020) - ومقتضى هذا تحريم الأكل بها ، وهو الصحيح ؛ فإن الآكل بها إما شيطان ، وإما مشبه به .
وصح عنه أنه قال لرجل أكل عنده فأكل بشماله : "كل بيمينك" ، فقال لا أستطيع فقال : "لا استطعت" ، فما رفع يده إلى فيه بعدها . - رواه مسلم (2021) - فلو كان ذلك جائزاً لما دعا عليه بفعله ، وإن كان كِبره حمله على ترك امتثال الأمر : فذلك أبلغ في العصيان ، واستحقاق الدعاء عليه.
ط. وأمر من شكوا إليه أنهم لا يشبعون "أن يجتمعوا على طعامهم ، ولا يتفرقوا وأن يذكروا اسم الله عليه يبارك لهم فيه" . - رواه أبو داود (3764) وابن ماجه (3286) - .
انظر لما سبق : " زاد المعاد " ( 2/ 397 - 406 ) .
ك. وصح عنه أنه قال : "لا آكل متكئاً" . - رواه البخاري ( 5083 ) .
ل. وكان يأكل بأصابعه الثلاث وهذا أنفع ما يكون من الأكلات .
انظر : " زاد المعاد " ( 220 - 222) ، والله أعلم .
2. وأما هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية :
أ. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما يأكل .
ب. ويأكل ما ينفع .
ج. ويجعل من قوته قياماً لصلبه لا تكثيراً لشحمه ، لذلك روى لنا ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء" . رواه البخاري ( 5081 ) ومسلم ( 2060 ) .
د. وعلَّم أمته أمراً يحتمون به مِن أمراض الطعام والشراب فقال : "ما ملأ آدمي وعاء شرّاً من بطنٍ بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسه" . رواه الترمذي (1381) وابن ماجه (3349) وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2265 ) .
والله تعالى أعلم .