فتوى
اللجنة الدائمة في حكم عمل شركات التسويق الهرمي أو الشبكي
حكم عمل شركات التسويق
الهرمي أو الشبكيفتوى رقم (22935) وتاريخ 14-3-1425هالحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله وآله وصحبه ، وبعد :
فقدوردت إلى اللجنة
الدائمة والإفتاء أسئلة كثيرة من عمل شركات التسويق الهرمي أوالشبكي مثل شركة (بزناس)،
وغيرها والتي يتلخص عملها في إقناع الشخص بشراء سلعة أومنتج ، على أن يقوم بإقناع
آخرين بالشراء ليقنع هؤلاء آخرين أيضًا بالشراء وهكذا ،وكلما زادت طبقات المشتركين
حصل الأول على عمولات أكثر تبلغ آلاف الريالات ، وكلمشترك يقنع من بعده بالاشتراك
مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذانجح في ضم مشتركين جدد يلونه
في قائمة الأعضاء، وهذا ما يسمى التسويق الهرمي أوالشبكي.
وأجابت اللجنة : أن هذا
النوع من المعاملات محرَّم ، وذلك أن مقصودالمعاملة هو العمولات وليس المنتج ،
فالعمولات تصل إلى عشرات الآلاف ، في حين لايتجاوز ثمن المنتج بضع مئات ، وكل عاقل
إذا عرض عليه الأمران فسيختار العمولات ،ولهذا كان اعتماد هذه الشركات في التسويق
والدعاية لمنتجاتها هو إبراز حجم العمولاتالكيبرة التي يمكن أن يحصل عليها المشترك
، وإغراءه بالربح الفاحش مقابل مبلغ يسيرهو ثمن المنتج ، فالمنتج الذي تسوقه هذه
الشركات مجرد ستار وذريعة للحصول علىالعمولات والأرباح ، لما كانت هذه هي حقيقة
هذه المعاملة ، فهي محرَّمة شرعًا لأمور :
أولاً : أنها تضمنت
الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة ، فالمشترك يدفعمبلغًا قليلاً من المال ليحصل
على مبلغ كبير منه ، فهي نقود بنقود مع التفاضلوالتأخير ، وهذا هو الربا المحرَّم
بالنص والإجماع، والمنتج الذي تبيعه الشركةللعميل ما هو إلا ستار للمبادلة ، فهو
غير مقصود للمشترك ، فلا تأثير له فيالحكم.
ثانيًا : أنها من الغرر
المحرَّم شرعًا ؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح فيتحصيل العدد المطلوب من المشتركين
أو لا ؟ والتسويق الشبكي أو الهرمي مهما استمرفإنه لابد أن يصل إلى نهاية يتوقف
عندها ، ولا يدري المشترك حين انضمامه إلى الهرمهل سيكون في الطبقات العليا منه
فيكون رابحًا ، أو في الطبقات الدنيا فيكون خاسرًا؟ والواقع أن معظم أعضاء الهرم
خاسرون إلا القلة القليلة في أعلاه، فالغالب إذن هوالخسارة ، وهذه حقيقة الغرر ،
وهي التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، وقد نهي النبيصلى الله عليه وسلم عن الغرر
، كما رواه مسلم في صحيحه.
ثالثًا : ما اشتملت عليههذه
المعاملة من أكل الشركات لأموال الناس بالباطل ؛ حيث لا يستفيد من هذا العقدإلا
الشركة ومن ترغب إعطاءه من المشتركين بقصد خدع الآخرين ، وهذا الذي جاء النصبتحريمه
في قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل {النساء : 29} .
رابعًا : ما في هذه
المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس علىالناس ، من جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة
التي لا تتحقق غالبًا، وهذا من الغشالمحرَّم شرعًا ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :
"من غش فليس مني" . رواه مسلم فيصيحه وقال أيضًا : "البيعان
بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما فيبيعهما ، وإن كذبا وكتما
محقت بركة بيعهما". متفق عليه .
وأما القول بأن هذاالتعامل
من السمسرة ، فهذا غير صحيح ، إذ السمسرة عقد يحصل السمسار بموجبه على أجرلقاء بيع
السلعة ، أما التسويق الشبكي فإن المشترك هو الذي يدفع الأجر لتسويقالمنتج ، كما
أن السمسرة مقصودها السلعة حقيقة ، بخلاف التسويق الشبكي فإن المقصودالحقيقي منه
هو تسويق العملات وليس المنتج ، ولهذا فإن المشترك يُسوّق لمن يُسوِّق، هكذا بخلاف
السمسرة التي يُسوق فيها السمسار لمن يريد السلعة حقيقة ، فالفرق بينالأمرين ظاهر .
وأما القول بأن العمولات
من باب الهبة فليس بصحيح ، ولو سلم فليسكل هبة جائزة شرعًا ، فالهبة على القرض ربا
، ولذلك قال عبد الله بن سلام لأبي بردة، رضي الله عنه: "إنك في أرض الربا
فيها فاش ، فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليكحمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فإنه
ربا" . رواه البخاري في الصحيح ، والهبة تأخذحكم السبب الذي وجدت لأجله ، ولذلك
قال عليه الصلاة والسلام : "أفلا جلست في بيتأبيك وأمك فتنظر أيهدى إليك أم
لا؟" متفق عليه .
وهذه العمولات إنما وجدت
لأجلالاشتراك في التسويق الشبكي ، فمهما أعطيت من الأسماء سواء هدية أو هبة أو غير
ذلك، فلا يغيِّر ذلك من حقيقتها وحكمها شيئًا .
ومما هو جدير بالذكر أن
هناك شركاتظهرت في السوق سلكت في تعاملها مسلك التسويق الشبكي أو الهرمي ، وحكمها
لا يختلف عنالشركات السابق ذكرها ، وإن اختلف عن بعضها فيما تعرضه من منتجات ،
وبالله التوفيق،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه