منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - وقفات مع الذكرى المزدوجة ( 20 أوت 1955/1956 )
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-08-21, 12:54   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
* عبد الجليل *
عضو ماسي
 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام المواضيع المميزة 2014 وسام المرتبة الأولى 
إحصائية العضو










افتراضي


مؤتمر الصومام
لقد تركز اهتمام القيادة الثورية في السنة الأولى على تنظيم الجماهير وتعبئتها حول أهداف الثورة وإعدادها لتحمل المسؤولية لمواصلة الكفاح المسلح حتى النصر مع القيام ببعض العمليات العسكرية المحدودة التي تدخل في إطار التحضير النفسي للجماهير الشعبية من جهة وبث الرعب وعدم الاستقرار في صفوف الأعداء من جهة ثانية.
وقد تجاوب الشعب تجاوبا كبيرا مع الثورة، خاصة بعد الهجوم الشامل الذي شهدته المنطقة الثانية في 20 أوت 1955، هذا الهجوم الذي أعطى الثورة نفسا جديدا، بحيث عزز التحام الشعب بالثورة، وأسقط الحصار الإعلامي الذي كان مضروبا على الجزائر، وبدأ الجنود الفرنسيون يرفضون الالتحاق بالجزائر (سبتمبر 1955) ودخلت القضية الجزائرية مؤتمر باندونغ ومنه إلى الأمم المتحدة.
وأمام هذه التطورات والانتصارات كان لابد لقادة الثورة من الاجتماع لتقييم المرحلة السابقة والاستعداد للمرحلة اللاحقة... وهكذا بدأت الاتصالات بين قادة الثورة أو بين قادة المناطق، وكانت صعبة للغاية نظرا للمراقبة الشديدة من طرف الاستعمار.
كما أن اختيار الزمان والمكان كان صعبا نظرا لانتشار قوات العدو في مختلف مناطق البلاد، وفي النهاية اتفق القادة على الاجتماع في 20 أوت 1956 وقد وقع الاختيار على منطقة إيفري بوادي الصومام مكانا للمؤتمر نظرا لموقعها الجغرافي والاستراتيجي الممتاز، حيث تجاور غابة أكفادو المعروفة بكثافتها ومناعتها، كما أنها منطقة تتوسط البلاد.

أهداف مؤتمر الصومام
1/ تقييم ودراسة الحالة السياسية والعسكرية للثورة منذ أول نوفمبر 1954،
2/ وضع تنظيم جديد يتماشى مع تطور الثورة، ورسم استراتيجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار المعطيات الداخلية والخارجية، وتهدف للوصول بالثورة للانتصار.
تنظيم وسير أشغال المؤتمر: حضر المؤتمر بالإضافة إلى قادة المناطق قادة ثوريون كانوا بالداخل ودام المؤتمر من 20 أوت إلى 5 سبتمبر 1956:
انبثقت عن مؤتمر الصومام قرارات كانت في مستوى المرحلة التي تمر بها الثورة آنذاك، كما كانت في مستوى آمال المجاهدين والمناضلين وكل الشعب الجزائري الذي لم يبخل بالتضحية في سبيل تحرير البلاد وتحقيق النصر المبين.

وتمثلت تلك القرارات على المستوى السياسي في:

- ضبط سياسة جبهة التحرير الوطني في الداخل والخارج، والعمل على تدويل القضية الجزائرية، وتحديد الهدف، باستقلال الجزائر، وإقامة جمهورية ديمقراطية اجتماعية، ووحدة التراب الجزائري والعمل على توعية وتجنيد الشعب حول أهداف الثورة وتدعيم الالتحام بين المجاهدين والجماهير الشعبية ومواجهة وإحباط كل المناورات السياسية للعدو في الداخل والخارج.
- أما في ما يخص القيادة فقد تقرر نبذ السلطة والأخذ بمبدأ القيادة الجماعية في تسيير شؤون الثورة وتشكيل المجلس الوطني للثورة ولجنة التنسيق والتنفيذ كهيئات قيادية.
فالمجلس الوطني هو مصدر القرارات التي تهم سياسة الثورة ومستقبلها فهو أعلى مؤسسة ذات سيادة، فكان بمثابة برلمان. أما لجنة التنسيق والتنفيذ فدورها يتمثل في التنسيق بين مختلف مؤسسات الثورة وتنفيذ قرارات المجلس الوطني للثورة، وكانت بمثابة مجلس حربي، فهي التي تقود وتوجه جميع فروع الثورة العسكرية والسياسية والدبلوماسية، أي الإِشراف على مختلف مرافق الثورة، حتى إنشاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في 19 سبتمبر 1958.
- كما أقر المؤتمر مبدأ الاعتماد على النفس وذلك إيمانا منه بأن الحرية لا تعطى وإنما تؤخذ، وأن استقلالية القرار الثوري الجزائري ضروري لاستمرارية الثورة وإنجاحها، وعلى هذا الأساس ضبط المؤتمر وحدد السياسة الخارجية لجبهة التحرير الوطني وعلاقاتها مع مختلف الدول في العالم.
أما على المستوى العسكري، فقد اتخذ المؤتمر عدة قرارات هامة منها:
- توحيد الجيش من حيث الرتب والتشكيلات، فتشكيل جيش التحرير الوطني أصبح يتكون من الفيلق (350 مجاهدا) والفرقة (35 مجاهدا) والفوج (11 مجاهدا).
- أما من حيث الرتب فقد تبنى المؤتمر الرتب التالية: الجندي الأول (العريف)، العريف (رقيب)، العريف الأول (رقيب أول)، المساعد، ملازم أول (مرشح)، الملازم الثاني (ملازم)، الضابط الأول (ملازم أول)، الضابط الثاني (نقيب)، الصاغ، الصاغ الثاني (عقيد).

أما القيادة على مستوى الولاية فكانت كما يلي:

- مسؤول الولاية برتبة صاغ ثاني ومساعدوه الثلاثة برتبة صاغ أول يتولون الوظائف السياسية والعسكرية والإخبارية.
- مسؤول الناحية برتبة ملازم ثاني ومساعدوه برتبة ملازم أول.
- مسؤول القسم برتبة مساعد ونوابه الثلاثة برتبة عريف أول.
وكان في كل قيادة من قيادات الولاية عضو مكلف بالشؤون السياسية وفي كل وحدة عسكرية يوجد محافظ سياسي يقوم بالتوعية والإعلام وكذا تنظيم الشعب وإرشاده ومحاربة الدعاية وتنظيم العلاقات مع الشعب والاتصالات بالمجالس الشعبية وتنسيق الأعمال معها، خصوصا فيما يتعلق بقضية التموين والمالية.
كانت لكل هذه القرارات نتائج وردود فعل انعكست على مسيرة الثورة، وقد تمثلت هذه النتائج على المستوى الداخلي في تجنيد الشعب أكثر حول الثورة وامتثاله لأوامرها وتحدي القوات الاستعمارية بمختلف الوسائل، كالإضرابات والمظاهرات وتخريب اقتصاديات العدو، وتحطيم معنوياته، كما ارتفعت الروح القتالية والمعنوية لدى المجاهدين وزاد إقبال المتطوعين على الانخراط في صفوف جيش التحرير الوطني طلبا للاستشهاد في سبيل الوطن، وهكذا عمت العمليات العسكرية كل التراب الوطني وتعددت هجومات وحدات جيش التحرير الذي ارتفع عدده خلال هذه المرحلة إلى حوالي 20.000 مجاهدا، بالإضافة إلى عدد مماثل من المسبلين والفدائيين مع 12 إلى 13 ألف قطعة من الأسلحة الحربية من بينها قطع حديثه كالرشاشات ومدافع الهاون التي بدأت تدخل من الخارج ابتداء من سنة 1956، وهو ما مكّن من تكوين الفصائل والكتائب في أواخر هذه السنة وأتاح فرصة خوض المعارك بتشكيلات منظمة كبّدت العدو خسائر كبيرة، لم يكن يعلن عنها عادة وإنما كان ردّ فعله يتمثل في قتل المدنيين.
ذكر أحد العساكر الفرنسيين في كتابه "المجندون يشهدون": " كانت التعليمات الصادرة تفيد أنه في حالة هجوم علينا فإنه يجب أن تهدم في الغد كل المشاتي دون الاهتمام بسكانها ".
أهمية مؤتمر الصومام: تكمن أهميته في وضع مؤسسات ضمنت استمرارية الثورة، فالتقسيم الثوري للبلاد كان يقوم في بداية الثورة وهذا حسب اجتماع 10 أكتوبر 1954 ببلدية الرايس حميدو حاليا، على أساس المنطقة التي لم يكن لها تنظيم معين أو محدد، وكانت تتمتع قيادة المنطقة بلا مركزية مطلقة، كما أن قيادة المنطقة غير محددة، وأن نظام الرتب لم يكن معمولا به؛ فقائد المنطقة ومساعدوه هم قمة السلطة، أما الجيش فكان عبارة عن مقاتلين لا يخضعون لنظام عسكري معين بل كل ما كان يجمعهم هو الهدف المشترك والانضباط والأخلاق الثورية. إضافة إلى أنّ البعثة الخارجية لم تكن تخضع لأي توجيه.

أما بعد مؤتمر الصومام فقد أعيد تنظيم البلاد بحيث صارت المنطقة ولاية، والولاية أصبحت تتكون من عدة مناطق، إذ يستطيع التقسيم الجديد أن يستوعب حركة الثورة التي توسعت كثيرا فالهدف من الهيكلة الجديدة هو السيطرة على التطور والنشاط الكبيرين اللذين شهدتهما الثورة في مختلف الميادين وكذلك فإن النظام العسكري الجديد الذي وضعه مؤتمر الصومام كان يهدف أيضا إلى السيطرة واستيعاب تلك الأعداد الكثيرة من المواطنين الذين التحقوا بجيش التحرير.
كما جعل المؤتمر من الولاية القاعدة الأساسية للنظام الثوري في الجزائر إلا أنها أصبحت تخضع إلى توجيهات لجنة التنسيق والتنفيذ من خلال قائد الولاية الذي يمثل السلطة المركزية لجبهة التحرير الوطني.
وهكذا فإن قائد الولاية أصبح يعين من طرف لجنة التنسيق والتنفيذ. وبالتالي فإن الولاية أصبحت تخضع لمركزية منظمة وتسمح بحرية المبادرة على مستوى القاعدة.
و بالتالي يمكن القول بأن مؤتمر الصومام ترجم إلى الواقع ماجاء به بيان أول نوفمبر .

و في الأخير أودّ أن أوجه رسالة إلى كل الجزائريين و أقول لهم : " إن من أسباب الفشل في الحاضر هو نجاحك في الماضي " ، فمن حقنا أن نفرح بانتصارات عظيمة كهذه و نفخر بالرجال الأبطال الذين كتبوا تاريخنا بدماهم الزكية و نحسبهم شهداء إن شاء الله .
ولكن !!! هذا ماصنع أجدادنا فماذا صنعنا نحن ياترى ؟؟؟ "









رد مع اقتباس