منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-10-16, 04:17   رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B11

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

موضوع اليوم عن ظن السوء بالناس



روى مسلم (2563)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ

وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا

وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا) .

فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين

بأن يكونوا إخوة متحابين

ونهاهم عما يفسد عليهم هذه المحبة :

من سوء الظن

والتجسس ، والتنافس على الدنيا

والتحاسد ، والتباغض والتدابر .

يقول الإمام النووي رحمه الله :

" اعلم أن سوء الظن حرامٌ مثل القول

فكما يحرم أن تُحَدِّث غيرَك بمساوئ إنسان

يحرم أن تحدث نفسك بذلك وتسيئ الظن به

قال الله تعالى : ( اجتنبوا كثيرا من الظن )

وروينا في صحيحي البخاري ومسلم

عن أبي هريرة رضي الله عنه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

: ( إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث )

والأحاديث بمعنى ما ذكرته كثيرة

والمراد بذلك عقد القلب وحكمه على غيرك بالسوء

فأما الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه

فمعفو عنه باتفاق العلماء

لأنه لا اختيار له في وقوعه

ولا طريق له إلى الانفكاك عنه

وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

( إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل )

قال العلماء : المراد به الخواطر التي لا تستقر .

قالوا : وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرا أو غيره

فمن خطر له الكفر مجرد خطر من غير تعمد لتحصيله

ثم صرفه في الحال ، فليس بكافر ، ولا شئ عليه .

وسبب العفو ما ذكرناه من تعذر اجتنابه

وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه

فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراما

ومهما عرض لك هذا الخاطر بالغيبة وغيرها من المعاصي

وجب عليك دفعه بالإعراض عنه

وذكر التأويلات الصارفة له عن ظاهره " انتهى .


"الأذكار" (344-346) باختصار .

أما إذا قامت البينات القاطعة

والأدلة الظاهرة على تلبس أحد المسلمين بسوء

وكانت هناك مصلحة تقتضي التحذير منه بعد التثبت

فلا حرج حينها ، ولكن الضرورة تقدر بقدرها

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" وليس كل الظن إثما

فالظن المبني على قرائن تكاد تكون كاليقين لا بأس به

وأما الظن الذي بمجرد الوهم فإن ذلك لا يجوز

فلو فرضنا أن رجلا رأى مع رجل آخر امرأة

والرجل هذا ظاهره العدالة

فإنه لا يحل له أن يتهمه بأن هذه المرأة أجنبية منه

لأن هذا من الظن الذي يأثم به الإنسان .

أما إذا كان لهذا الظن سببٌ شرعي

فإنه لا بأس به ولا حرج على الإنسان أن يظنه

والعلماء قالوا : يحرم ظن السوء بمسلم ظاهره العدالة "


انتهى ."فتاوى إسلامية" (4/537) .

و الخلاصة

لا ينبغي للمسلم أن يلتفت كثيرا إلى أفعال الناس

يراقب هذا ويتابع ذاك ويفتش عن أمر تلك

بل الواجب عليه أن يُقبل على نفسه فيصلحَ شأنها

ويُقوِّمَ خطأها

ويرتقي بها إلى مراتب الآداب والأخلاق العالية

فإذا شغل نفسه بذلك

لم يجد وقتا ولا فكرا يشغله في الناس وظن السوء بهم .

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم

عن تتبع أمور الناس وعوراتهم

حرصا منه صلى الله عليه وسلم

على شغل المسلم نفسه بالخير

وعدم الوقوع فيما لا يغني من الله شيئا ، فقال :

( يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ !

لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ

فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ

وَمَنْ يَتَّبِع اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ )


رواه أبو داود (4880)

و لنا عودة للاستفادة من موضوع اخر