منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الرد على من أنكر تحريف النصارى لدينهم : مظاهر تحريف بولس لدين المسيح عليه الصلاة والسلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2024-02-08, 07:45   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

وبالنظر الفاحص فيما خلَّف بولس من رسائل يتضح للناظر فيها ملاحظات عديدة، نقتصر منها على ذكر أهم مخالفاته لدعوة المسيح عليه السلام:
أولاً : ادعاؤه أن المسيح ابن الله:

من الدعاوى التي أطلقها بولس هي ادعاؤه أن المسيح عليه السلام ابن الله- تعالى الله عن ذلك - فمن ذلك ما ورد في سفر أعمال الرسل عن بداية دعوة بولس (9/20) قال : وللوقت جعل- يعني بولس- يكرز في المجامع أن هذا هو ابن الله).
ويقول بولس في رسالته إلى غلاطية (4/4) (ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس ).
فهذه الدعوى ظهرت أولاً في كلام بولس ودعوته، ثم ظهرت قوية في المجامع النصرانية، وقامت عليها الديانة كلها،
وهذا كله خلاف ما صرَّح المسيح عليه السلام به مراراً من أنه رسول لبني إسرائيل، وأنه إنسان، وابن إنسان، وابن داود، وغيرها من الألقاب التي تؤكد أنه بشر ابن بشر، ومن ذلك قول (إنجيل متى) (8/20)( فقال له يسوع: للثعالب أوجرة ولطيور السماء أو كار، وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه ؟).
وفي (إنجيل يوحنا) يقول :8/40) (وأنا إنسان علمكم بالحق الذي سمعه من الله)
فهذه النصوص قد أكَّد بها المسيح بشريته إلا أن بولس بعدُ، قد أضفى على المسيح صفة (ابن الله) وأعطاها ذلك المضمون الذي أخذت به النصرانية من اعتقادهم أن المسيح إله، ابن إله، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيراً.

ثانياً :
ادعاؤه أن الغاية من مجيء المسيح عليه السلام هو الصلب وتكفير الخطايا:

وفي هذا يقول بولس في رومية (3/23)( : إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدَّمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة).
ويقول في رومية أيضاً في (5/6) (لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار... ولكن الله بيَّن محبته لنا؛ لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا).
وفي رسالته الثانية إلى كورنثوس (5/21) يقول (لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا؛ لنصير نحن بر الله فيه).
فهذه الدعوى التي علَّل بها بولس حياة المسيح وموته هي التي قامت عليها النصرانية بعد، ولم يكن لها في الحقيقة شيء من الصدى في حياة المسيح ولا كلامه، بل ورد عن المسيح عليه السلام التصريح بأنه جاء ليدعو إلى التوبة والإنابة.
وفي هذا ورد في إنجيل متى (9/13) قوله ؛لأني لم آت لأدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة).
وفي (إنجيل مرقص) (1/12) يقول ،وبعد ما أُسْلِم يوحنا جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله، ويقول: قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل).
فهذا ظاهر منه أن المسيح عليه السلام قد صرَّح بأن الهدف من رسالته هو الدعوة إلى التوبة، إلا أن بولس اخترع من عند نفسه هدفاً آخر للمسيح لم يصرح به المسيح ولم يقله، وهو أنه إنما جاء ليصلب تكفيراً للخطايا.

ثالثاً :
ادعـاؤه أن دعوة المسيح عليه السلام كانت عامة لجميع بني البشـر:

ادَّّعى بولس أن المسيح عليه السلام رسول لجميع الأمم ثم زعم لنفسه بأنه مرسل إلى جميع البشر،
وفي هذا يقول في رومية (11/13): (فإني أقول لكم أيها الأمم، بما أني أنا رسول للأمم أمجد خدمتي).
وفي غلاطية (1/15)يقول : ولكن لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته أن يعلن ابنه في لأبشر به بين الأمم).
وفي أفسس 3/8(أعطيت هذه النعمة أن أبشر بين الأمم).
وهذه الدعوى منه تخالف ما ذكره المسيح عن نفسه وما وصَّى أيضا به تلاميذه، حيث يقول عن نفسه في (إنجيل متى) (15/24): (لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة). ووصَّى تلاميذه بقوله في (إنجيل متى) (10/5): ( إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا، بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة).

رابعاً :
إلغاؤه لشريعة موسى عليه السلام، ودعواه أن الإنسان ينجو بالإيمان المجرَّد بدون عمل

ألغى بولس شريعة موسى عليه السلام، وفي هذا يقول في رسالته إلى رومية 2/16إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس، بل بإيمان يسوع المسيح آمنا نحن أيضاً بيسوع المسيح لنتبرر بإيمان يسوع لا بأعمال الناموس؛ لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما..... فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبَّني وأسلم نفسه لأجلي، لست أبطل نعمة الله؛ لأنه إن كان بالناموس بر فالمسيح إذاً مات بلا سبب).
ومما يجدر ذكره أن بولس لما وسع نطاق دعوة المسيح عليه السلام لتشمل جميع الناس واجه عقبة كؤود، وهي عدم قبول الوثنيين للشرائع الموسوية، وتصوَّر أنه لا يمكن أن تنجح الدعوة بينهم مع وجود الشريعة، فقرَّر إلغاءها، ويذكر سفر أعمال الرسل أن هذا أولاً تمَّ بمطالبة من بولس ودعوة منه، ثم قبله بعد ووافق عليه سائر التلاميذ، وقرروا أن لا يلزم الناس بشيء من الأمور الواجبة عند بني إسرائيل سوى الامتناع عن الذبح للأصنام، وعن أكل الدم، والمخنوق، والامتناع عن الزنا.

وإلغاء بولس للعمل بشريعة موسى عليه السلام خلاف ما أكَّده المسيح عليه السلام ودعا إليه، فقد ورد في (إنجيل متى) 5/17أنه قال: لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإن الحقَّ أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة من الناموس حتى يكون الكلُّ، فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى، وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السموات، وأما من عمل وعلم، فهذا يُدعَى عظيماً في ملكوت السموات. فإني أقول لكم: إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السموات).
فهذه تأكيدات واضحة من المسيح على التزام شريعة موسى عليه السلام وتحريم الخروج عليها. فإلغاء العمل بشريعة موسى هو في الحقيقة هدم لديانة المسيح تماماً؛ لأن مما هو ظاهر من دعوة المسيح عليه السلام أنه لم يأت بتعاليم جديدة تذكر، وإنما ركَّز تركيزاً خاصًّا على التوبة والتخلص من الخطايا.
وهذا لا شك مع التزام الشريعة السابقة، فإذا ألغيت الشريعة بقيت دعوة المسيح عليه السلام دعوة عامة للتوبة والصلاح بدون أعمال يتوصل الإنسان من خلالها إلى تهذيب نفسه وتزكيتها، وهذا ما آل إليه أمر ديانة المسيح عليه السلام بسبب دعوة بولس الذي نشط بعد ذلك في بيان بطلان شريعة موسى عليه السلام وَوَجْهِ إلغائها، وتكرَّر هذا الأمر في أغلب رسائله، وهو من أهمِّ ما يميز دعوته، مع أنه لا يملك دليلاً واحداً يبيح له مثل هذا العمل، الذي يعتبر كفراً بالديانة ونقضاً لها من أساسها.
كما يُعتبر بكل المعايير فشلاً في الدعوة، وليس نجاحاً كما يظن النصارى؛ لأن النجاح في الدعوة هو أن تنجح في الدعوة إلى كامل المنهج الذي تدعو إليه بأصوله وفروعه، أما تغييره أو الاكتفاء بجزء شكلي منه، فلاشك أن ذلك فشل كبير.

خامساً :
إلغاؤه للختان:

اختتن المسيح عليه السلام والتزم به؛ لأنه من شريعة موسى، فقد ذكر اليهود في كتابهم أن الله تعالى قال لإبراهيم عليه السلام كما في التكوين (17/11): (يختن منكم كل ذكر فَتُخْتَنون في لحم غرلتكم، فيكون علامة عهد بيني وبينكم... وأما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها إنه قد نكث عهدي).
ومع هذا التأكيد على الختان، فقد ألغـاه بولس من ضمن ما ألغى من شريعة موسى عليه السلام، وفي هذا يقول في رومية (2/28 )( لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديًّا، ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختانـاً، بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي، وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان).
هذه بعض الأمور التي يلاحظها الإنسان الذي يطَّلع اطلاعة سريعة على رسائل بولس التي تكونت بعدُ منها النصرانية، وقامت عليها وغطت تعاليمه على تعاليم المسيح عليه السلام، بل ألغتها وحلَّت محلَّها، كما سبق ذكره،
ومن الجدير بالذكر أن أتباع المسيح الأوائل لم يقبلوا تلك الدعاوى من بولس، بل ردوها،
وفي هذا يقول في رسالته الثانية إلى تيموثاوس 1/15إن جميع الذين في آسيا ارتدوا عني).
وهذا هو المتوقع من الحواريين والذين عرفوا الحق ورأوا المسيح عليه السلام وتتلمذوا عليه.
إلا أن تلك الدعاوى وجدت رواجاً لدى الرومان واليونان، وخاصة في غرب أوربا حيث كان الغالبية وثنيين، فناسبتهم هذه المبادئ فأخذوا بها، ثم طبعها بطابع الشمول والإلزام مجمع نيقية سنة (325) م, حيث قرروا فيه ألوهية المسيح عليه السلام، وأنه نزل ليصلب تكفيراً لخطايا البشر كما تقدَّم، فأصبحت الديانة النصرانية مدينة في الواقع لبولس، وليس للمسيح منها إلا الاسم فقط.










رد مع اقتباس