منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - إجابات نموذجية لأسئلة الشفهي لمسابقة القضاء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-09-19, 20:58   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

14)- سبق الاصرار و الترصد كظرفين مشددين لجريمة القتل:
الظروف المشددة هي تلك الوقائع أو الملابسات التي إذا ما اقترنت بالجريمة شددت عقوبتها سواء كان هذا التشديد مغيرا لوصف الجريمة أو مبقيا لهذا الوصف.
والظروف المشددة نوعان (2): ظروف مشددة خاصة وتنقسم إلى ظروف واقعية وظروف شخصية وظرف مشدد عام ويتعلق الأمر بظرف العود.

وجريمة القتل العمد من الجرائم التي شدد المشرع الجزائري عقوبتها إذا ما اقترنت بها بعض الظروف التي أشارت إليها مواد قانون العقوبات على سبيل الحصر والتي يجوز للقاضي فيها أن يتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا لجريمة القتل العمد البسيط بل يجب عليه ذلك، فالظروف المشددة هي وجوبيه للقاضي بحيث تلزمه إذا توافرت بتطبيقها وترتيب أثرها برفع عقوبتها إلى الحد الذي قرره القانون.
تنص المادة 255 من ق.ع.ج. على أن: "القتل قد يقترن بسبق الإصرار أو الترصد". ويتضح من نص هذه المادة أن القتل العمد يرجع في هذه الحالة إلى النية الداخلية لدى الجاني والتي تتضح وتتجلى من خلال إصراره على ارتكاب الجريمة أو ترصده بالمجني عليه.

وسبق الإصرار والترصد من الظروف التي لا يمكن اكتشافها أو إثباتها إلا إذا توجت بمظاهر خارجية وهي الأفعال المادية التي تقع من الجاني والتي تدل على ما كان يضمره في نفسه من قبل وسوف نتناول أحكام الظرفين المشددين الواردين في المادة 255 ق.ع فنتكلم في المطلب الأول عن ظرف سبق الإصرار وفي المطلب الثاني عن ظرف الترصد.

المطلب الأول:
القتل مع سبق الإصرار.

عرفت المادة 256 ق.ع.ج. سبق الإصرار بأنه: "عقد العزم قبل ارتكاب الفعل على الاعتداء على شخص معين أو حتى على شخص يتصادف وجوده أو مقابلته وحتى لو كانت هذه النية متوقفة على أي ظرف أو شرط كان" .

أول ما يلاحظ أن هذه المادة تضمنت تعريفا لظرف سبق الإصرار ولكن ليس كظرف خاص بالقتل العمد وحده وإنما يمتد إلى أي جناية أو جنحة عمدية يقرر المشرع تشديد عقوبتها عند توافر سبق الإصرار، كما هو الحال في جرائم الضرب والجرح العمدي المنصوص عليها بالمادة 265 ق.ع.

والسؤال الذي يطرح في شأن المادة 265 ق.ع. هو ما مدى ضرورة ذكرها في الحكم ؟

لم نعثر على قرار للمحكمة العليا يفصل في هذه الإشكالية غير أن القضاء المصري قد فصل فيها إذ قرر بأن ذكر المادة المتعلقة بظرف سبق الإصرار ليس ضروريا كونها لا تتضمن عقوبة أو جزاء معينا إلا أنه وحسب رأينا وخلافا لما جاء في الإجتهاد المصري السابق الذكر وإن كان فعلا نص المادة 256 ق.ع يعطي تعريفا وليس جزاءا معينا إلا أنه وفي نفس الوقت يعد الحدود التي رسم بموجبها المشرع الخطوط الرئيسية للقاضي عند تقديره لهذا الظرف وعليه فإننا نرى ضرورة أن يذكر في الحكم القاضي بإدانة المتهم من أجل جناية القتل مع سبق الإصرار نص المادة 256 ق.ع إلى حين صدور قرار عن المحكمة العليا يفصل نهائيا في هذا التساؤل.
الفرع الأول : عناصر سبق الإصرار.

العنصر الأول : العزم أو التصميم السابق.
وهو العنصر الذي أشار إليه المشرع في سياق عباراته فقال:"سبق الإصرار هو عقد العزم قبل ارتكاب الفعل..." فهو يقتضي مرور مدة من الزمن تمضي بين العزم على ارتكاب الجريمة وبين تنفيذها فعلا.

العنصر الثاني: التفكير والتدبير .
فعلى الرغم من عدم تطرق المشرع لهذا العنصر في نص المادة 256 ق.ع إلا أن جل الفقهاء بما فيهم المصريون والفرنسيون اتفقوا على وجوب توافره لكي يتوفر الظرف المشدد إذ يجب أن يكون الجاني قد تدبر وفكر فيما يريد إتيانه ورتب عواقبه ثم ينفذ جريمته فعلا وهو مطمئن هادئ البال.

فالعبرة إذن لا بالزمن طال أم قصر بل بالزمن الكافي للتدبير والتفكير وبناءا على ذلك قضي في فرنسا باستبعاد سبق الإصرار في حالة القتل المرتكب تحت تأثير الهوى.
وسبق الإصرار بهذا المعنى ليس هو القصد الجنائي إنما هو في جوهره أمر نفسي آخر يحيط بالقصد الجنائي.

الفرع الثاني: ما لا يؤثر في قيام سبق الإصرار .

متى توفر لسبق الإصرار عنصراه الزمني والنفسي (عنصر التفكير والتدبير)، يتحقق الظرف وينتج أثره في تشديد العقوبة، ولا يؤثر في قيامه بعد ذلك أن يكون قصد القاتل محددا بإنسان معين أو غير معين وهذا ما جاء صراحة في نص المادة 256 ق.ع عند قولها:"أو حتى على شخص يتصادف وجوده أو مقابلته".

وتطبيقا لذلك فقد قضي بتوافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمة (ب، ف) التي أصدرت محكمة الجنايات بمجلس قضاء تبسة في حقها حكما بالإعدام لأجل اقترافها لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، حيث أننا وبرجوعنا إلى قرار الإحالة الصادر عن غرفة الإتهام للوقوف على ملابسات القضية، تبين أن المتهمة فعلا كانت قد فكرت في أمر جريمتها وخططت لها انتقاما لابنتها التي سبق الاعتداء عليها جنسيا من أحد أفراد عائلة الضحية، فعقدت العزم منذ تلك الواقعة على أن تثأر لإبنها، فضلا على ذلك فإن النية المبينة من طرف القاتلة لم تكن مقتصرة على الضحية بل أنها عقدت العزم على أن تقتل أي شخص من عائلة الضحية يأتي إلى منزلها، فهذا مفاده وأن المجني عليها كانت ممن شملهم التصميم السابق وعليه يكون هذا القتل وليد إصرار سابق لذلك أصاب قضاة المجلس عند إجابتهم عن السؤال المتعلق بالظرف المشدد بنعم بالأغلبية "الإيجاب".

كذلك لا ينال من توفر ظرف سبق الإصرار أن يكون باتا أو معلقا على شرط مثال ذلك أن تصمم امرأة على قتل عشيقها إن لم يتزوج بها أو التصميم على قتل إنسان إذا عاد إلى قرية بعد هروبه منها.

وأخيرا لا أثر للغلط في الشخص أو الشخصية فالقتل يعتبر مقترنا بسبق الإصرار ولو أصاب القاتل شخصا غير الذي صمم على قتله أو أخطأه وأصاب غيره.

كما أن رضا الضحية لا يمنع قيام سبق الإصرار كحالة القتل بدافع الشفقة أو بطلب منه بل إنه يظهر جليا وواضحا وجود تفكير وتنظيم سابق في مثل هذا الفعل.

لذلك فقد قضي بتوافر سبق الإصرار لوجود ضغينة سابقة بين القاتلة والمقتولة، كما حكم بتوافره أيضا من إعداد آلة القتل والسلاح المسبقأيضا ثم إثبات توافره من تدبير الجناة لقتل المجني عليه وذلك باستدراجه للركوب معه في سيارته لتنفيذ ما عقدوا العزم عليه.

- فمتى ثبت توافر سبق الإصرار فعلى المحكمة أن تستظهره بسؤال يشترط أن يكون مستقل ومتميز، وهذا ما قضت به المحكمة العليا في القرار الصادر عن الغرفة الجنائية والذي جاء فيه: "إذ كان السؤال المطروح على المحكمة قد تضمن فعلا رئيسيا وهو القتل العمد وظرفا مشددا، وهو سبق الإصرار، فإن مثل هذا السؤال يعد متشعبا ويؤدي إلى النقض".

كما صدر عنها قرار آخر بتاريخ 6 نوفمبر 1984 في الطعن رقم 506-35 جاء فيه:"كما يشترط أن يكون كل فعل وكل ظرف مشدد محل سؤال مستقل ومتميز حتى يتمكن أعضاء محكمة الجنايات من الإجابة عليه بكل ارتياح واطمئنان".

- ولا يشترط أن يذكر لفظ سبق الإصرار صراحة فيمكن أن يكون السؤال يتضمن العبارات الدالة على قيامه عند المتهم.

فكل متهم متابع بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار فإنه يجب أن يطرح السؤال عن أركان القتل ثم سؤال مستقل ومميز عن الظرف المشدد كما يلي.
السؤال الأول : هل أن المتهم مذنب لإرتكابه بتاريخ ........ومنذ زمن لم يمض عليه أهم التقادم بالمكان......اختصاص......محكمة......بمجلس قضاء.......محكمة الجنايات....جريمة القتل العمد وهي إزهاق روح الضحية الفعل المنصوص والمعاقب عليه بالمادة 254 ق.ع.

السؤال الثاني : هل أن المتهم مذنب لإرتكاب بنفس الظروف الزمانية والمكانية المذكورة فعل القتل العمد مع ظرف سبق الإصرار المنصوص عليه بالمادة 256 ق.ع.
-ومتى انتهت المحكمة إلى توفر سبق الإصرار بأن أجيب عن السؤال المتعلق به بالإيجاب فإنه يتعين عليها ترتيب أثره من حيث تشديد العقاب ورفعه إلى الإعدام طبقا للمادة 261 ق.ع/01. وهذا ما يتضح من مراجعة نص المادة السابقة الذكر باللغة الفرنسية الذي استخدم لفظ « Assassinat » أي القتل اغتيالا والذي يعبر عن ظرفي سبق الإصرار أو الترصد كما جاء في المادة 25 ق.ع.
-وبعدها ليس للمحكمة العليا إذا ما تم الطعن بالنقض في حكم من الأحكام المتعلقة بجريمة القتل مع ظرف سبق الإصرار. إلا مراقبة طريقة طرح السؤال أما ما توصلت إليه المحكمة من اقتناع حول توافر الظرف من عدم توافره فلا رقابة للمحكمة العليا عليه. ذلك أن الأمر يتعلق بمسألة اقتناع شخصي لقضاة محكمة الجنايات طبقا للمادة 307 ق.إ.ج.


المطلب الثاني: القتل مع الترصد.


الترصد حسب ما عرفته المادة 257 ق.ع هو:" انتظار شخص لفترة طالت أو قصرت في مكان أو أكثر وذلك لإزهاق روحه أو الإعتداء عليه".

أول ما يلاحظ أن ظرف الترصد كسبق الإصرار ظرف مشدد ليس خاصا بجريمة القتل العمد فقط بل يطبق على جرائم أخرى التي قرر المشرع تشديد عقوبتها إذا توفر هذا الظرف كجرائم الضرب والجرح العمدي.

وإن العلة من اعتباره ظرفا مشددا في نظر الرأي الغالب في الفقه هو المفاجئة والمباغثة التي تمكن الجاني من الإقتناص من غنيمة دون صعوبة فهو ظرف يبلور لنا خطورة الجاني لما يكنه في نفسه من غدر ونذالة.

الفرع الأول : عناصر الترصد .

قيام الترصد يستلزم توافر عنصرين:

العنصر الزمني : مؤداه أن ينتظر الجاني ضحيته فترة من الزمن طالت أو قصرت قبل أن ينفذ جريمته وهذا ما هو واضح في نص المادة 257 بقولها: "انتظار شخص لفترة طالت أو قصرت....".
العنصر المكاني : مقتضاه انتظار الجاني للمجني عليه في مكان ما يمكنه من تنفيذ جريمته، ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا المكان لا يتطلب شروطا خاصة فقد يكون مكانا عاما مثل مسجد، مستشفى أو محطة الحافلات،...وقد يكون خاصا كمنزل أو سيارة...وقد يكون هذا المكان مملوكا للمجني عليه أو لغيره أو للجاني نفسه، وقد يكون المكان منفردا بعيدا عن العمران وقد لا يكون كذلك.

كما أنه لا يشترط أن يكون الجاني متخفيا ذلك أن الاختفاء ليس شرط من شروط الترصد فالمهم هو عنصر المفاجئة والمباغتة.

العنصر الغائي : لقد جاء في نص المادة 257 العبارة التالية: ".....وذلك لإزهاق روحه". ويتبين من قراءتها أنه يجب لتوافر ظرف الترصد أن يكون الهدف أو الغاية من تواجد الجاني في هذا المكان هو الإعتداء على حياة الغير، وعليه فإنه لا يكفي لتوافر الترصد أن ينتظر الجاني لساعات عديدة أمام منزل المجني عليه في مقهى ولما قدم المجني عليه قتله، لأنه قد يكون جلوس الجاني في هذا المكان عرضا أو بحكم العادة مع أصدقائه دون أن تكون لديه نية القتل، فلما رأى المجني عليه قادما ثارت ثائرته وقتله في الحال.

الفرع الثاني : مقارنة بين ظرف الترصد وظرف سبق الإصرار.

- من تعريف الترصد وسبق الإصرار على النحو الذي سبق، نستنتج وأن كلاهما ظرفا مشددا لجريمة القتل العمد ولكن هناك بعض الاختلاف بينهما، إذ يعد سبق الإصرار من الظروف الشخصية التي تتصل بالركن المعنوي للجريمة في حين الترصد ظرف عيني يتعلق بالركن المادي وبالنظر إلى ذلك فإن أثره ينصرف طبقا للقواعد العامة إلى كل المساهمين في الجريمة فاعلين أصليين أم شركاء، علموا به أم لم يعلموا به وذلك على عكس سبق الإصرار الذي يقتصره أثره على من توافر فيه فقط لأنه ظرف شخصي.

إلا أنه صدر قرار مبدئي عن الغرفة الجنائية للمحكمة العليا بتاريخ 29/04/2003 تحت رقم303401 يقضي بجعل سبق الإصرار والترصد في جريمة القتل العمدي ظرفين مشددين شخصيين يتعلقان بالفاعل الأصلي وحده ولا تجوز معاقبة الشريك بهما.

- والرأي السائد في القضاء الفرنسي وجانب من الفقه أن الترصد نوع من سبق الإصرار لأجل ذلك استقر على أنه لا ترصد دون سبق إصرار. بمعنى أنه حيث يتوافر الترصد يتوافر سبق الإصرار بالضرورة وأن الثاني يحوي الأول.

كنتيجة لذلك فقد رأى الأستاذ بن شيخ لحسين أنه إذا كان تصريح محكمة الجنايات إيجابيا فيما يخص سؤال الترصد و بالنفي حول سؤال سبق الإصرار فإنه يكون متناقضا. إلا أن هذا الرأي انتقد من طرف بعض الفقهاء الذين يرون وأنه من الجائز أن يقترن القتل العمد بترصد دون سبق إصرار كمن ينتظر خصمه عقب مشاجرة بينهما ويقتله وهو في ثورة غضبه فيكون هذا القتل مصحوبا بترصد وحده دون سبق إصرار وذلك كون أهم عناصر سبق الإصرار اختفى في الترصد وهو عنصر هدوء البال، فحسب هذا الرأي أنه لا يصح القول أن الترصد عنصر من سبق الإصرار.

في حين الكل يتفق على إمكانية توفر سبق الإصرار دون أن يصحب ترصد.
وأمام الاختلاف المطروح حول ما إذا كان الترصد عنصر من سبق الإصرار وأمام غياب اجتهاد قضائي صادر عن المحكمة العليا يؤكد وأن الترصد نوع من سبق الإصرار، فإنه حسب رأينا أن كلا من الطرفين مستقلين ولا تداخل بينهما وإن كنا في الغالب والواقع العملي نجد اقتران الترصد بسبق الإصرار إلا أن هذا التلازم ليس حتميا خاصة وأن المشرع نص في المادة 255 ق.ع على القتل يقترن بسبق الإصرار أو الترصد. أي أنه ميز بين الظرفين، وإذا أراد مستقبلا غير ذلك فعلية أن يكتفي في التعديلات اللاحقة بالنص على ظرف سبق الأصرار دون الترصد كما فعله المشرع الفرنسي صراحة في قانون العقوبات الجديد لسنة 1992.

- كما أن ظرف الترصد يتوفر سواء كان القصد محددا أو غير محدد، معلقا على شرط أو موقوف على حدوث أمر أم لا رغم عدم نص المادة 257 صراحة على ذلك، كما لا ينتفي هذا الظرف نتيجة للغلط في الشخص المراد قتله، وهو في ذلك مثله مثل سبق الإصرار التي وردت هذه الأحكام صراحة بشأنه في المادة 256 ق.ع.

الفرع الثالث: إثبات الترصد واستظهاره في الحكم:

الترصد واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات بما في ذلك الإعتراف وشهادة الشهود، ويقع على النيابة العامة عبىء إثبات الترصد. ذلك أن الإثبات من واجبات سلطة الإتهام، ذلك من خلال مرافعاتها في محكمة الجنايات، وتقدير هذه الأدلة يخضع بعد ذلك لسلطة محكمة الموضوع مما دار أمامها من مناقشات وما حصلته من ظروف الدعوى وقرائنها. ومتى ثبت اقتناعها بتوافره أو عدم توفره فلا رقابة للمحكمة العليا في ذلك، بل يكفي أن يطرح رئيس المحكمة السؤال المتعلق بظرف الترصد، ويجيب عليه أعضاء المحكمة بنعم أو لا بالأغلبية حسب ما توصلوا أليه لذلك فإننا نتصور عدم وجود ذلك الظرف ليس لأنه لم يحدث بل لأنه لم يثبت كون المحلفين والقضاة في محكمة الجنايات لم يعترفوا بوجوده.

وتطبيقا لذلك فقد حكمت محكمة الجنايات بمجلس قضاء تبسة بعدم توفر ظرف الترصد في حق المتهم (ص.ع) وذلك بإجابتها عن السؤال المتعلق بهذا الظرف بالنفي.

- إلا أنه وبعد إطلاعنا على قرار الإحالة وكذا المناقشات التي دارت بالجلسة، يتبين لنا وأن كل الظروف والملابسات التي أحاطت بالجريمة توحي بتوفر عنصر الترصد في حق المتهم حسب التعريف الوارد في المادة 257 ق.ع. فضلا عن شهادة الشهود الذين أكدوا واقعة إنتظار المتهم للضحية في مكان الحادث على متن سيارة من نوع بيجو 204. وما أن وصل الضحية حتى تفاجئ بها تسير نحوه ولولا تفطنه لكان قد قضى على حياته، ولذلك كانت المتابعة و كذلك الإحالة على محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد سليمة إلا أن الإجابة عن السؤال المتعلق بظرف الترصد والتي كانت بالنفي ستكون محل تعليق منا بعد أن نسرد المثال الثاني.

- وعلى العكس مما سبق ففي قضية أخرى أين تمت متابعة المدعو(س.س) على أساس تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وكانت الإجابة عن السؤال المتعلق بالترصد بالإيجاب، إلا أنه لا يوجد في وقائع الدعوى ما يفيد وأن المتهم ترصد للضحية، سيما واقعة الإنتظار والتي تشكل أهم عناصر الترصد حسب التعريف الوارد في المادة 257 ق.ع.فقرارالإحالة الصادر عن غرفة الإتهام جاء خاليا من التعليل حول ثبوت هذا الظرف وذلك بعدم ذكره للوقائع والقرائن التي تبعث بالإعتقاد أنه فعلا ترصد للضحية، وحسب رأينا لو كان هذا القرار محلا للطعن لتم نقضه حتما لسوء تطبيق القانون على الوقائع وتشويهها.

- من خلال هذين المثالين ارتأينا أن نقول وإن كان ليس بإمكاننا أن نعقب على ما وصلت إليه محكمة الجنايات ذلك أن الأمر يتعلق بمسألة اقتناع شخصي لا رقابة للمحكمة العليا عليه، إلا أننا بالنظر إلى التعريف الوارد لظرف الترصد في المادة 257 باعتباره مسألة قانونية نعيب على ما توصلت إليه المحكمة. كما رأينا في المثال الأول الظرف كان قائما بكل عناصره ومع ذلك كانت الإجابة بالنفي عكس المثال الثاني والذي لم يكن يوجد ما يدل على توفره إلا أن الإجابة كانت بالإيجاب، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على عدم تحكم قضاة الموضوع في المفهوم القانوني للظرف المشدد وفي العناصر المكونة له حسب التعريف الوارد في المادة 257 ق.ع السابقة الذكر. وإن في ذلك أثر على الحكم الذي سوف يصدر عن المحكمة والذي قد يشكل خطرا على المتهم المحال عليها خاصة إذا علمنا أن محكمة الجنايات هي محكمة اقتناع شخصي وأن الأحكام التي تصدر عنها قد تصل إلى الإعدام كما هو الحال في المثال السابق، إضافة إلى أنها تقضي ابتدائيا ونهائيا في القضايا المحالة أمامها فكل هذه الاعتبارات نرى أنه لا يجب أن تكون مسألة الاقتناع الشخصي سببا للخروج عن التطبيق السليم للمفاهيم القانونية: وإن كانت المحكمة العليا لا تراقب أو لا تناقش قناعة القاضي فيبقى ضمير القاضي الرقيب الأوحد عليه قبل الهيئات القضائية العليا.

ونقترح لتفادي مثل هذه النتائج أن يلتزم قضاة الموضوع عند طرح السؤال المستقل والمتعلق بالظرف المشدد بتبيان وجوبا توافر العناصر القانونية للظرف، ويكون ذلك طبعا بذكر مجموع الوقائع والملابسات التي استشف منها الظرف لا الإكتفاء بذكره بلفظة كما هو ساري عليه العمل حاليا فهذه الطريقة حسب اعتقادنا ناقصة وهي ما أدت إلى ما سبق ذكره.

وبهذا تكون الأحكام التي لا تتضمن بيان الوقائع التي استشف منها الظرف أحكاما قابلة للطعن فيها بالنقض على أساس القصور في التسبيب ذلك أن الأسئلة التي تطرح على مستوى محكمة الجنايات تعد بمثابة تسبيب للحكم الجنائي، وعليه فهي تخضع لرقابة المحكمة العليا باعتبارها مسألة قانونية وعادة ما تكون هي المجال الخصب لنقض أحكام محكمة الجنايات.
وأخيرا إذ ما ثبت توافر ظرف الترصد فعلى المحكمة أن ترتب أثره بأن ترفع العقوبة إلى الإعدام حسب ما هو مقرر في المادة 261 ق.ع على النحو الذي سبق شرحه.

أما إذا استبعدته المحكمة فلا يجوز الحكم على المدان طبقا للمادة 263 ق.ع بعقوبة القتل البسيط وهي السجن المؤبد.

لذلك فقد صدر قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 10/03/199 في الملف رقم 63197 جاء فيه: "إذا كان مؤدى الفقرة الثالثة للمادة 263 ق.ع أنها تعاقب على القتل البسيط بالسجن المؤبد فإن محكمة الجنايات في قضية الحال متى إستبعدت ظرف سبق الإصرار والترصد وأدانت المتهم بالقتل العمد البسيط ومع ذلك طبقت المادة 261 ق.ع والتي تعاقب بالإعدام تكون بقضائها هذا قد أخطأت في تطبيق القانون" .










رد مع اقتباس