منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - العاشقةُ الخرساء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-10-18, 11:00   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
علي قسورة الإبراهيمي
مشرف الخيمة والمنتديات الأدبيّة
 
الصورة الرمزية علي قسورة الإبراهيمي
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي

.../ ...

فاطمةُ..
وإن حرمها الله من نعمةِ النطق والكلام حتى لا تبوح لأحدٍ سيل الذكريات الماضية، وأنهار الأحزان الجارية ، ومشاعر الفؤاد الخافية. كان ذلك الصمت الأبدي. ولكن عوّضها بجمالٍ ساحرٍ، و حسنٍ باهر. يقف الناظرُ إليها منبهرًا مشدوهًا. فقد أخذت من الورد نضارتهُ، ومن البياض ملاحتهُ ونصاعتهُ، ومن السماء زرقة عينيها.
ولن أخطئَ إن قلت:
هي الجمال وقد بدأ في التفتّح.
أُتيت من الجمال ما تُغبط عليه حسدًا، وتتأوّه النفوس حرقةً وهياما.
وما من محدّقٍ إليها إلاّ ويراها ساحرة، وبجمالها باهرة . ولا يقع نظره منها على خلق قبيح أو بشعٍ صريح .. حسبها أنها جمال الجمال الذي لا نظير له ولا مثيل.
وأُتيت منَ الحسن كأنها لوحة إبداعٍ وحيدة، وآية للجمال فريدة. أبدعتها قدرة الخلاّق، تستنطق الألسن بالإعجاب..
فتبارك الله أحسن الخالقين.
ولكنّ المقتربَ منها كالمولع بالسراب، أو الماسك بأضغاث أحلام.
إذ كانت لا تتظاهر لمن حولها بالودّ، ولا بالصفاء. حتى لا يطمع الذي في قلبه بعض الزيغ .
تصد الخطر حينما تتوجس خيفة من هذا أو ذاك بقلبٍ كسير.
ولكنّها تصبر وتتصابر في الموجهة ولا تنهزم. يكتنفها نُهىً لا يعرف عبارات الإعجاب ولا المجاملة، لأنها لا تعيها نظرًا لعاهتها، ولا تفقهها لِما أصابها من أهوال.
وتدرك بالحدس المصائد وتحاذر كل من يقترب منها بعقيدة غامضة كالخرافة، ولكنها راسخة في النفس تقيها وتحميها عند كل مبادهة أو مخاطرة، فتثور وتستنفر، وتصارع دون توانٍ أو وجلٍ أو خور.
وهكذا كان دأبها وديدنها.
ورغم مرور الأيام و بعض الأعوام، ومع تقادم العهد لم يُرَ على محياها ابتسامة. لأنّ الجرح لا يزال غائرًا ولم يلتئم بعدُ. ولم تخرج من أحزانها لأنها تتذكر بل تعيش ما حاق بها.
فقد كانت تحيا في بيتٍ كان ميسورًا يتراوح بين الغنى والثراء، والسؤدد والجاه، ينعم أفراده بالهناءة ورغدالعيش والرضا مع الأمان والسكينة.
لكنّ الدهرَ كان بالمرصاد. وما هي إلا هنيهة وذهب كل شيء، وأصبح كل ذلك أثرًا بعد عين.
وها هو القدر قد رمى بها في بلدٍ غريبٍ مع خلائق لم تألف سحنتهم، ولم تتعوّد طبائعهم.
وتلك الأيام وتداولها.
فانقلبتِ الأمور من غنىً يُثير حسد الخانقين، إلى العيش في منزل ٍمهجورٍ مع فقرٍ يشفي صدور الناقمين.
وواهًا ! من ذلٍّ بعد عزٍّ.
ومع ذلك فالعزاء أن هناك حسين الذي يخفّف عنها ما رافقها من الأرزاء.
ومن هنا تبدأُ الحكاية.

... يتبع









رد مع اقتباس