منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-03-23, 02:51   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

هل يقتص الكافر المظلوم يوم القيامة من المسلم الظالم له ؟

وهل يقتص الكفار بعضهم من بعض ؟

وهل تقتص البهيمة من الإنسان ؟


الجواب :

الحمد لله

العدل هو ميزان الحكم يوم القيامة ، وقد حرَّم الله الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرما ، وهو يعلم سبحانه أن قيام المظالم كائنٌ ولا شك في الدنيا ، بين الخلق كلهم : مؤمنهم وكافرهم ، إنسهم وجنهم ، عاقلهم وجاهلهم ، ولذلك رصد لهم يوما يُقيم فيه الحقوق بموازين الحق والقسط ، فينتصف فيه للمظلوم ، ويعاقب الظالم .

يقول الله عز وجل : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) الأنبياء/47

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَقْتَصُّ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، حَتَّى الْجَمَّاءُ مِنْ الْقَرْنَاءِ ، وَحَتَّى الذَّرَّةُ مِنْ الذَّرَّةِ ) رواه أحمد (2/363) وصححه محققو المسند ، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (1967)

فهو قصاص شامل وعام بين جميع الخلائق :

1- يقتص المؤمن المظلوم ممن ظلمه من الخلائق ، مؤمنهم وكافرهم ، إنسهم وجنهم .

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ ) رواه البخاري (2440)

2- ويقتص الكافر المظلوم أيضا ممن ظلمه من الخلائق : فيقتص من الكافر الظالم ، ويقتص من المسلم الظالم المعتدي ، لعموم حديث أبي هريرة السابق : ( يقتص الخلق بعضهم من بعض ) .

غير أن المسلم لا يعد ظالما للكافر إذا كان الكافر محاربا معتديا ، أما إذا كان ذميا أو معاهدا أو مؤتمنا ، فلا يجوز للمسلم أن يظلمه ولا أن يعتدي عليه ، بل جاء التشديد في أمره في كثير من الآيات والأحاديث ، يقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة/8

يقول البيضاوي في "تفسيره" (303) :

" لا يحمِلَنَّكم شدة بُغضكم للمشركين على ترك العدل فيهم ، فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحل ، كمُثلةٍ وقذفٍ وقتلِ نساءٍ وصِبيةٍ ونقضِ عهدٍ ، تشفياً مما في قلوبكم " انتهى .

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه أبو داود (3052) وحسنه ابن حجر في "موافقة الخبر" (2/184) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ) رواه البخاري (3166)

وعَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنٍ ، وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ ، وَلَا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ إِذَا أَعْطَوْكُمْ الَّذِي عَلَيْهِمْ ) رواه أبو داود (3050) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (882)

فهذه النصوص تدل على حرمة الاعتداء على الكافر ، وأن ذلك من الظلم الذي حرمه الله تعالى ، وللمظلوم حق عنده سبحانه .

ولذلك كان الصحابة والفقهاء يدركون أن حق الذمي محفوظ عند الله عز وجل ، فلا يجترئ أحد عليه إلا أخذه الله به .

روى القاضي أبو يوسف في "الخراج" (ص/18) أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كتب إلى عُمَّالِه على الخراج :

" إذا قدمت عليهم فلا تبيعن لهم كسوة ، شتاءً ولا صيفاً ، ولا رزقاً يأكلونه ، ولا دابة يعملون عليها ، ولا تضربن أحداً منهم سوطاً واحداً في درهم ، ولا تقمه على رجله في طلب درهم ، ولا تبع لأحد منهم عَرَضاً في شيء من الخراج ، فإنا إنما أَمَرَنا الله أن نأخذ منهم العفو ، فإن أنت خالفت ما أمرتك به يأخذك الله به دوني ، وإن بلغني عنك خلاف ذلك عزلتُك " انتهى .









رد مع اقتباس