اخوة الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
روى مسلم (2788)
عن عبيد بن مقسم
أنه نظر إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كيف يحكي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( يَأْخُذُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيْهِ
فَيَقُولُ : أَنَا اللهُ - وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا - أَنَا الْمَلِكُ )
حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ
حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ :
أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ .
وروى الإمام أحمد (5414)
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
: قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ :
( وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )
وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَكَذَا بِيَدِهِ
وَيُحَرِّكُهَا، يُقْبِلُ بِهَا وَيُدْبِرُ (
يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ : أَنَا الْجَبَّارُ
أَنَا الْمُتَكَبِّرُ ، أَنَا الْمَلِكُ ، أَنَا الْعَزِيزُ
أَنَا الْكَرِيمُ ) فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا : لَيَخِرَّنَّ بِهِ .
وصححه الشيخ الألباني رحمه الله
في " السلسلة الصحيحة " (7/596) .
فمثل هذه الأحاديث التي فيها تحريك اليد
عند ذكر صفة الرب تعالى ليست للتمثيل والتشبيه
وكيف يُظن ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
ولكن مثل هذه الإشارات إنما هي لتحقيق الصفة
وإثباتها على الحقيقة
ونفي إرادة المجاز عنها
فعند تلك الإشارة
مع استحضار قوله تعالى : ( ليس كمثله شيء )
يفهم السامع أن المراد الصفة الحقيقية لا المجازية
ولا يفهم أن المقصود من ذلك التشبيه والتمثيل
لأنه يعلم أن الله ليس كمثله شيء .
روى أبو داود (4728) :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قرأ هَذِهِ الْآيَةَ :
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) النساء/58 .
قَالَ : ( رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ )
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : ( رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا وَيَضَعُ إِصْبَعَيْهِ)
قَالَ الْمُقْرِئُ [ أحد رواة الحديث ] :
يَعْنِي : إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
يَعْنِي أَنَّ لِلَّهِ سَمْعًا وَبَصَرًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ :
وَهَذَا رَدٌّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ .
وحديث صحيح ، صححه الألباني وغيره .
ورواه البيهقي في " الأسماء والصفات " (1/ 462)
من طريق أبي داود ، ثم قال :
" وَالْمُرَادُ بِالْإِشَارَةِ الْمَرْوِيَّةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ تَحْقِيقُ الْوَصْفِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ ,
فَأَشَارَ إِلَى مَحَلَّيِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنَّا لِإِثْبَاتِ صِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ لِلَّهِ تَعَالَى , كَمَا يُقَالُ :
قَبَضَ فُلَانٌ عَلَى مَالِ فُلَانٍ , وَيُشَارُ بِالْيَدِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ حَازَ مَالَهَ
وَأَفَادَ هَذَا الْخَبَرُ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، لَهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عَلِيمٌ
إِذْ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى الْعِلْمَ لَأَشَارَ فِي تَحْقِيقِهِ إِلَى الْقَلْبِ
لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْعُلُومِ مِنَّا , وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ إِثْبَاتُ الْجَارِحَةِ
تَعَالَى اللَّهُ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًا كَبِيرًا " انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" وقوله : ( يقبض الله سماواته بيده
والأرض باليد الأخرى ثم يهزهن
ثم يقول : أنا الملك ) فهنا هز وقبض وذكر يدين
ولما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
جعل يقبض يديه ويبسطها تحقيقا للصفة لا تشبيها لها
كما قرأ : ( وكان الله سميعا بصيرا )
ووضع يديه على عينيه وأذنيه
تحقيقا لصفة السمع والبصر
وأنهما حقيقة لا مجازا "
انتهى من " مختصر الصواعق المرسلة " (ص 391) .
و لنا عودة للاستفادة من موضوع اخر