منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-11-20, 04:33   رقم المشاركة : 108
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته



جاءت الشريعة بالأمر بصلة الرحم

وبالعفو عن المسيء

بل وبمقابلة إساءته بالإحسان

قال الله تعالى : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصلت/34 ، 35 .

قال السعدي رحمه الله :

"يقول تعالى: ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ )

أي : لا يستوي فعل الحسنات والطاعات لأجل رضا الله تعالى

ولا فعل السيئات والمعاصي التي تسخطه ولا ترضيه

ولا يستوي الإحسان إلى الخلق ، ولا الإساءة إليهم

لا في ذاتها ، ولا في وصفها

ولا في جزائها (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ) .

ثم أمر بإحسان خاص ، له موقع كبير

وهو الإحسان إلى من أساء إليك

فقال : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

أي : فإذا أساء إليك مسيء من الخلق

خصوصًا من له حق كبير عليك ، كالأقارب ، والأصحاب ، ونحوهم

إساءة بالقول أو بالفعل ، فقابله بالإحسان إليه

فإن قطعك فَصلْهُ ، وإن ظلمك ، فاعف عنه

وإن تكلم فيك ، غائبًا أو حاضرًا ، فلا تقابله ، بل اعف عنه

وعامله بالقول اللين . وإن هجرك ، وترك خطابك ، فَطيِّبْ له الكلام

وابذل له السلام ، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان

حصل فائدة عظيمة .

(فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)

أي : كأنه قريب شفيق .

(وَمَا يُلَقَّاهَا) أي : وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة

(إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا) نفوسهم على ما تكره

وأجبروها على ما يحبه الله


فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته

وعدم العفو عنه، فكيف بالإحسان .


فإذا صبر الإنسان نفسه ، وامتثل أمر ربه

وعرف جزيل الثواب ، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله

لا يفيده شيئًا ، ولا يزيد العداوة إلا شدة

وأن إحسانه إليه

ليس بواضع قدره، بل من تواضع للّه رفعه

هان عليه الأمر ، وفعل ذلك ، متلذذًا مستحليًا له .

(وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)

لكونها من خصال خواص الخلق

التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة

التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق" انتهى .


وفي صحيح مسلم (2558)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ

إِنَّ لِي قَرَابَةً : أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي

وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ ؟!!

فَقَالَ : ( لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ

وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ )


الخلاصة

قال صلى الله عليه وسلم :

- اعْفُ عمَّنْ ظَلَمَكَ ، وصِلْ مَنْ قَطَعَكَ

وأحسنْ إلى مَنْ أساءَ إليكَ

وقُلْ الحقَّ ولَوْ على نفسِكَ


صحيح الترغيب 2467

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ يَحْرِصُ على تَعْريفِ أصْحابِه

طُرُقَ النَّجاةِ وأسْبابَها، وسُبُلَ الفَلاحِ في الدُّنْيا والآخِرةِ

وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ:

"اعْفُ عمَّن ظَلَمَكَ"، أي: اعْفُ عن كلِّ مَن أَوْقَعَ الظُّلْمَ عليكَ

وأنت قادِرٌ على القصاصِ منه وإنْفاذِه عليه

. "وصِلْ مَن قَطَعَكَ"، بأنْ تُحسِنَ إلى مَن هَجَروكَ، وتَرفُقَ بهم

وتُداوِمَ على الاتِّصالِ بهم، بأنْ تَفْعَلَ معَهم ما تُعَدُّ به واصِلًا

فإنِ انْتَهَوْا فذاكَ، وإلَّا فالإثْمُ عليْهم.

"وأَحسِنْ إلى مَن أَساءَ إليْكَ" بِالقَوْلِ أو الفِعْلِ

ومُعامَلَتِه بضِدِّ ما عامَلَكَ به

وتَرْكِ مُؤاخَذَتِه معَ السَّماحةِ عن المُسيءِ

وهذا إنَّما يَكونُ ممَّن تَحَلَّى بالأخْلاقِ الجَميلةِ

وتَخَلَّى عن الأخْلاقِ الرَّذيلةِ، وهذا مِن أجَلِّ أنْواعِ الإحْسانِ

وقد قال تَعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34، 35]

. "وقُلِ الحقَّ ولَوْ على نَفْسِكَ"

كما قالَ تَعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ

شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} الآيةَ [النساء: 135].

وتَقْييدُه بالنَّفْسِ؛ لأنَّ الحقَّ قد يَصْعُبُ إجْراؤُه على النَّفْسِ

فإنَّه إنْ فَعَلَ ذلك كان في أَسْمى مَراتِبِ الخُلُقِ الحَسَنِ

وهذا كلُّه مِن التَّربِيةِ على الإحْسانِ، وحُسْنِ الخُلُقِ

وعدَمِ مُقابَلةِ السَّيِّئةِ بالسَّيِّئةِ.


المصدر

https://dorar.net/hadith/sharh/149896

و لنا عودة إن شاء الله للاستفادة من موضوع اخر