منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أسماء الله الحسنى وصفاته
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-02-28, 17:35   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

حكم إطلاق لفظ ( مسؤول ) على الله عز وجل


السؤال

لاحظت في كلام بعض الدعاة عند التحدث عن مسألة الرزق مثلا، أنهم يقولون: الله هو "المسؤول" عن الرزق

والواضح من كلامهم أن القصد هو أن الله تكفل بالرزق فلا ينبغي أن نحمل هذا الهم

وليس القصد أن الله يُسأَل

وسؤالي هو: هل يصح أن ننسب هذا اللفظ إلى الله عز وجل ، بغض النظر عن نية قائله ، وهو سبحانه وتعالى يقول: ( لاً يُسْأًلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون ) ؟


الجواب

الحمد لله


المقرر عند أهل العلم - رحمهم الله تعالى - أن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية

أي لا يثبت منها شيء إلا بالدليل الصحيح من الكتاب والسنة .

فإذا لم يثبت الاسم ، وكان معناه صحيحا فإنه يجوز الإخبار به عن الله تعالى

لأن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات ، لكن لا يعبّد بهذا الاسم ، فلا يقال مثلا : عبد المسئول

وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال القادم

واسم "المسؤول" لم يثبت دليل يدل على أنه من أسماء الله تعالى ، فلا يجوز أن يسمى الله تعالى بهذا الاسم ، ولكن هل يجوز إطلاقه من باب الإخبار ؟ هذا فيه تفصيل:

أولا :

إن كان المقصود به أنه يخبر به عن الله تعالى أنه المسؤول بمعنى أن الخلق يسألونه من فضله ورحمته ورزقه ، ويلجؤون إليه في قضاء مصالحهم وتفريج كروبهم

فهذا معنى صحيح ، وقد أخبر تعالى بما يدل عليه في كتابه العزيز

في مثل قوله تعالى : ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْن )الرحمن/ 29.

قال ابن كثير في تفسيره (7 / 494) :

" وقوله : ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ غِنَاهُ عَمَّا سِوَاهُ ، وَافْتِقَارِ الْخَلَائِقِ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْآنَاتِ، وَأَنَّهُمْ يَسْأَلُونَهُ بِلِسَانِ حَالِهِمْ وَقَالِهِمْ، وَأَنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شأن" انتهى.

وقال القرطبي في تفسيره (17 / 166):

" قوله تعالى: (يسأله من في السماوات والأرض) قيل: المعنى : يسأله من في السموات الرحمة، ومن في الأرض الرزق.

وقال ابن عباس وأبو صالح: أهل السموات يسألونه المغفرة ولا يسألونه الرزق، وأهل الأرض يسألونهما جميعا.

وقال ابن جريج: وتسأل الملائكة الرزق لأهل الأرض، فكانت المسألتان جميعا من أهل السماء وأهل الأرض لأهل الأرض" انتهى.

وقد دأب أهل العلم على استعمال هذا اللفظ في مثل هذه السياقات .

قال ابن كثير في " البداية والنهاية" (14 / 234):

" فالله هو المسؤول أَنْ يُحْسِنَ الْعَاقِبَةَ" انتهى.

وقال الشيخ الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها" (6 / 276):

" والله هو المسؤول أن يحفظ علينا إيماننا، ويطهر قلوبنا من الحسد والغل والكبر، إنه خير مسؤول" انتهى.

ثانيا:

أن يكون المقصود أن الله سبحانه وتعالى هو صاحب السلطة والتدبير للأمور ، فهنا أيضا يصح الإخبار به عنه سبحانه ، في لغة من يستعملونه في مثل هذا المعنى ، ولا يوهم عندهم نقصا

ولا معنى فاسدا . فإنه سبحانه من يدبر الأمر

قال تعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِه ) يونس/ 3

وقال تعالى : ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ . لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) الزمر/ 62، 63

قال البغوي في تفسيره (7 / 130):

" ( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل) أي: الأشياء كلها موكولة إليه ، فهو القائم بحفظها. ( له مقاليد السموات والأرض ) مفاتيح خزائن السموات والأرض" انتهى.

وقال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية :

" يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا، وَرَبُّهَا وَمَلِيكُهَا وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهَا، وَكُلٌّ تَحْتَ تَدْبِيرِهِ وَقَهْرِهِ وكلاءته"

انتهى من "تفسير ابن كثير" (7 / 111).

فإن أوهم في عرف الناس : أنه مسؤول ، كالمسؤولين في الدنيا ، وأن هناك ، ولو من حيث الصورة ، والبروتوكول الشكلي ، من "يسألهم" : يعني : يحاسبهم

ويقتضيهم الحقوق والواجبات ، ويحاسبهم على التقصير ، سواء كان السائل والمحاسب : هو "المسؤول" الأعلى منه رتبة ، أو كان هو الشعب ، في زعمهم وقولهم .

نقول : متى أوهم الاستعمال في حق الله جل جلاله ، شيئا من هذه المعاني الفاسدة

أو غيرها من وجوه النقص ، والجرأة على مقام رب العالمين : لم يحل استعماله في حق الله جل جلاله ، ولا الإخبار به عنه ، ويجب الاقتصار على ما ورد ، وصح معناه من غير شك ، ولا تطرق وهم أو ظن .

وبهذا يتبين أنه متى كان المقصود باستعمال لفظ "المسؤول"

: أن الله تعالى يُسْأل عن شيء من أفعاله أو أقداره

أو ما يحكم به على خلقه على سبيل المؤاخذة أو المحاسبة : فهذا معنى باطل

بلا شك ، ولا يجوز استعمال ذلك اللفظ في حقه سبحانه ، على هذا الوجه الباطل ؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا جل شأنه

قال تعالى : ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)الأنبياء/ 23 .

قال ابن كثير في تفسيره (5 / 337) :

" وَقَوْلُهُ: ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) أَيْ: هُوَ الْحَاكِمُ الَّذِي لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ، وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، لِعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، وَعُلُوِّهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ وَلُطْفِهِ ، ( وَهُمْ يُسْأَلُونَ )

أَيْ: وَهُوَ سَائِلٌ خَلْقَهُ عَمَّا يَعْمَلُونَ، كَقَوْلِهِ: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ( وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ) " انتهى.

وقال السمعاني في تفسيره (3 / 374):

" قوله تعالى: ( لا يسأل عما يفعل وهم يُسْألون ) يعني: لا يسأل عما يحكم على خلقه

والخلق يسألون عن أفعالهم وأعمالهم ، وقيل: لا يسأل عما يفعل؛ لأنه كله حكمة وصواب، وهم يسألون عما يفعلون ، لجواز الخطأ عليهم، وقيل: معنى لا يسأل عما يفعل: لا يقال له: لم؟ ، ولماذا؟ بخلاف الخلق" انتهى.

وقال الطحاوي في "متن الطحاوية بتعليق الألباني" (1 / 50):

" قال الله تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [الْأَنْبِيَاءِ: 23] .

فَمَنْ سَأَلَ لِمَ فَعَلَ؟ فَقَدْ رَدَّ حُكْمَ الْكِتَابِ ، وَمَنْ رَدَّ حُكْمَ الكتاب كان من الكافرين" انتهى.

والله أعلم.