[رَذآذ حِبـرٍ]

حذَاءٌ بكَعب ..:
استَيقظْتُ باكِرًا كَعادَتي ، هِي ليسَت عادَتِي في الأصل ، بل عَـادةُ تلكَ الفتَاة الصغِيرة "نجْـلاء" ..
ذَات العَينَين الوَاسعَتينِ والبشرَةِ السمْراء اللامِعة ..
والشّعرِ المُتحلزِن الأسود ، بقَامتهَا القصِيرة ، وابتِسامَتها التِي تُنسِيني خبثهَا الطفُولي ..
أيقظَتنِي وهِي تعلَم أنّي سأستيقِظ ، حِين تنتَعل حذَاء أمهَا ذُو الكعبِ ، وكأنها تَنتعِل قبقَابًا من خَشب ..
فقَط لتُزعجَنِي في نَومتي ، التِي أجِيبُ الليلَ في مُعافرَتها ..
فتَحتُ خِزانَتي ، لتَصفعنِي رائِحة العَفن ، رجَحتُ مصدَرها لقمِيصٍ ارتَديتُه ولَم يُغسَل بعد ذَلك ..
قرَّرَت نفسِي أن أرتَدِي القَمِيص ذُو اللوْن الأخضرِ الفاقِع ..
المَرسُوم على وَجهِه جزِيرةٌ صغِيرة وسطَ بحرٍ ، ونَخلةٌ باسِقَة بُهتت ألوَانهَا ..
أهدَتني إيّـاه جَدتِي ، حِين تفحّصت بعَينيهَا الزائِغتَين خزَانتي السّوداء المُتدرّجة ..
وأضفتُ لذاك القمِيص سرْوالًا رياضِيا أبيَض ، بخَطّين مُتوازِيين أخذَا اللّون الأصفرِ الفاقِع ..
وحِين نَظرْت إلى المِرآة ، لم أجد سِوى مهرجٍ يُحاولُ بائِسًا إضحَاك طفلَين عابِسيْن ..
تَحاملْت على نَفسِي عدِيمة الذّوق هذا اليَوم ..
وخَرجتُ من البَاب الذِي ثُبت إطارُه في الجِدار .. !
اعتَرضتْني نجلاء بقبقَابها كَعادتِها حِين أخرج ، تُلقِي عليّ إحدَى ألغازهَا التافِهة ..
وأبحَث أنا عن الإجابَة بتفَاهة أكبر :"جانَا ضيف وضيّفناه ، من الفرحة كَتّفناه ، مَن هُو هذا الضيْف ..؟" ..
أجبتُها ببَدِيهية :" المَولود الجَدِيد .. "
فحَركَت رأسها رافِضة ، ولمَعت عينَاها بخُبثٍ قائلةً : " هَات النّقُود لأجيبك .. "
لم أجِد في جَيبي سوَى قطعَة نقدِية وحِيدة من فئَة مئتَي دِينار ..
مَنحتُها إياهَا منْزعِجًا ألعنُ فضولِي ، لتُجيبَني بمكرٍ :"إنهُ المَوت .. "
كِدتُ ألعنُها هِي الأخرى ، لكِن بدلا مِن ذلكـ طلَبتُ منهَا شرحًا ..
لكِنها رَفضَت ،وأجفلَت مُهرولةً تجَرُّ قبقَابها ، وخَيبتِي ..»